+ A
A -
ترجمة - محمود الدنعو
على المدى القصير يمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يتغاضى عن الضربة الأميركية على سوريا ولكن على المدى الطويل فإن الإستراتيجية الروسية في سوريا تتعرض للضغط عقب الضربة الأميركية التي استهدفت بشار الأسد حليف روسيا.
نشر رئيس وزراء روسيا ديمتري ميدفيديف على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي صوراً لا تعكس بالفعل ردة الفعل المتوقعة من روسيا على الضربة الأميركية حيث ظهر ميدفيديف في الصور المنشورة مرتاحا وهادئا أمام فيلا توسكان الفخمة حيث إقامته أو في ممرات مبنى الحكومة الاتحادية على كراسنوبريسننسكايا نابيريزنايا على ضفاف نهر موسكو، وهي لا تتناسب مع الرد على الضربات الأميركية فهناك سخط وغضب روسي نعم ولكن هناك تهديد حقيقي وإن شهر العسل بين روسيا وإدارة الرئيس الأميركي ترامب ينتهي في اللحظة إلى بدأ فيها وإن موسكو ليست على استعداد للرد على الهجوم الأميركي على طريقة حافة الهاوية العسكرية بل الرد سيكون تعبيرا إعلاميا عن الغضب الروسي.
الكرملين فهم الرسالة على الوجه الصحيح والمحصلة النهائية للضربة الأميركية هي تخص الشأن الداخلي الأميركي وجهود تثبيت ترامب الأقل شعبية رئيسا للولايات المتحدة فقراره إعلان العمل العسكري ضد بشار الأسد جاء لإظهاره أمام الرأي العام المحلي بأنه ليس مثل أوباما الزعيم المتردد الذي حدد الخط الأحمر منذ العام 2013 ولكنه لم يفعله رغم استخدام الأسد السلاح الكيماوي في أكثر من مناسبة ورسالة ترامب من هذه الضربة معنونة كذلك إلى كوريا الشمالية التي تملك سلاحا كيماويا.
الضربات الجوية الأميركية على حمص بعيدة عن التهديد المباشر للمصالح الروسية في سوريا ولكنها تجعل الرئيس الأسد يفكر أكثر من مرة قبل الإقدام على استخدام السلاح الكيماوي مرة أخرى وفي غياب الهجوم البري الكاسح لن تستطيع واشنطن الإطاحة بنظام بشار الأسد.
الأولوية القصوى للإدارة الأميركية حاليا كما هو الحال في عهد الرئيس أوباما هي محاربة تنظيم الدولة الإسلامية داعش وبالتالي فإن واشنطن ليست مستعدة لصرف الانتباه عن هذه المعركة في شرق سوريا وفى عاصمة داعش بالرقة.
بالنسبة للكثير من المراقبين فإن الأسد قد أحرج الحليف الروسي من خلال الهجوم المتهور على خان شيخون بالكيماوي وظاهريا يبدو الأسد كما لو أنه في جيب بوتين ولكن في الواقع الذيل دائما يتخلف عن الكلب، والمحاولة الشريرة من الأسد لتهدئة غضب الكرملين بإلقاء اللوم على جبهة النصرة وإن السلاح الكيماوي مهرب من مخازنها كانت فاشلة، فالرئيس بوتين الذي تولى الاتفاق الخاص بتسليم سوريا ترسانتها الكيميائية في العام 2013 يشعر حاليا بأنه خدع من قبل الأسد وأصبح أمام الرأي العام العالمي وكأنه متواطئ في جريمة حرب ولكن ما يهم بوتين أنه حتى لو ابتعد عنه الأسد فيجب ألا يرتمى في حضن ترامب.
ومن المؤكد أن موسكو لن تغتنم هذه الفرصة للتخلي عن الأسد، خاصة بعد أن قررت الولايات المتحدة تطبيق القوة العسكرية وهذه الضربات الأميركية ستجعل الكرملين يقبل أكثر على معانقة النظام السوري حتى لو كان لأغراض محلية فقط، ولكن على المدى الطويل يتوقف نجاح الاستراتيجية الروسية في سوريا على إبقاء خياراتها مفتوحة لاحتمال توصل الأطراف السورية إلى اتفاق لتقاسم السلطة عن طريق المفاوضات وبالطبع الفترة الانتقالية لا تعمل إلا إذا قبل الأسد مرغما التنازل عن السلطة وهناك إمكانية التوصل إلى اتفاق منفصل بين روسيا والولايات المتحدة ووضع دمشق والإيرانيين أمام الأمر الواقع وهو خيار يحبه بوتين ويتوقع البدء في ترتيبات من هذا القبيل.
copy short url   نسخ
21/04/2017
1930