+ A
A -
القدس- الوطن
بالتوازي مع تواصل المشاريع الإسرائيلية وضم الكتل الاستيطانية لخلق أغلبية يهودية بالقدس المحتلة، تستعر حملة هدم منازل المقدسيين الهادفة لتهجيرهم.
ويؤكد المقدسيون أن استمرار الاحتلال هجمته الأمنية والتهويدية ضد المدينة المقدسة وأهلها الفلسطينيين يهدف إلى كسب المعركة الجغرافية والديمغرافية في المدينة، لافتين إلى أنه من المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة طرح مشاريع استيطانية ضخمة واستمرار تهجير المقدسيين من أرضهم وهدم منازلهم بحجج متعددة. وبحسب مصادر حقوقية، فإنه ومنذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية في نوفمبر الماضي، فإن عمليات هدم منازل المقدسيين تزايد بوتيرة متسارعة. وحسب معطيات نشرتها جمعية «مدينة الشعوب»، فإن عمليات هدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية يتزايد منذ استبدال الإدارة الأميركية، لا بل تعترف بلدية الاحتلال بالقدس أن استبدال الإدارة بالولايات المتحدة قاد إلى رفع القيود المفروضة على تطبيق أوامر الهدم في المنطقة.
ويتضح من إحصائيات الجمعية أن بلدية الاحتلال قامت منذ بداية العام الحالي 2017، بهدم 42 وحدة سكنية، بينما تزيد في المقابل من العراقيل أمام المصادقة على مخططات تسمح بالبناء القانوني للفلسطينيين في شرقي المدينة.
ولفتت إلى أنه قد تم في عام 2016 هدم 203 مبانٍ في القدس الشرقية، نصفها بعد الانتخابات الأميركية في شهر نوفمبر، بينما تم طوال العام 2015 هدم 73 بناية، لافتةً إلى أنه وفي 22 حالة هدم تمت في العام الماضي، قام أصحاب البيوت بهدم البيوت لتجنب دفع الضرائب المرافقة لعملية الهدم من قبل البلدية.
حالة من الرعب
في السياق، تشير إحصائيات أخرى إلى أن أكثر من عشرين ألف منزل في القدس مهددة بالهدم، وتشكل ثلث المنازل المقدسية المدينة، مشيرة إلى أن ثلث سكان القدس يعيشون حالة من الرعب والخوف بسبب توالي عمليات الهدم.
وفي إحدى الحالات، تم هدم منزل عائلة ترك في بلدة العيسوية، حيث كان رب العائلة صالح ترك، يعرف منذ زمن أنه سيتم هدم منزله، لكنه فوجئ بوصول مفتشي البلدية والجنود لتنفيذ عملية الهدم. وقال: «أعددت القهوة ووضعت الطعام للأولاد، وفجأة رأيت البيت يمتلئ بالجنود، الذين قالوا لي إن يجب مغادرة المنزل خلال عشرة دقائق، وأخذ ما يمكن حمله باليد».
وتابع: «أخذت الأولاد وابتعدت بهم عن المكان، ولما عدت لم أصدق ما شاهدت، حيث إنهم قد هدموا كل شيء».
وحاول غالبية السكان الذين تم هدم بيوتهم الحصول على تراخيص من بلدية الاحتلال بالقدس، ولكن في غياب خريطة هيكلية مصادق عليها في شرقي المدينة، لا يمكن الحصول على تراخيص.
ورغم أن رئيس بلدية الاحتلال بالقدس نير بركات صرح في أكثر من مرة أنه ينوي إعداد خريطة هيكلية وخرائط مفصلة للأحياء الفلسطينية من أجل السماح للسكان بالبناء بشكل قانوني، إلا أنه لم يتم دفع خرائط كهذه في السنوات الأخيرة.
ويتضمن تقرير الجمعية نماذج لخرائط أعدها السكان المقدسيون وتم رفضها أو تأجيل النظر فيها من قبل بلدية الاحتلال، حيث لفتت الجمعية إلى أنه في 2008، قدم سكان حي الطور خريطة أعدوها بأنفسهم لتوسيع الحي.. وقد تلاءمت الخريطة مع متطلبات الخريطة الهيكلية للقدس.
وحظيت الخريطة بترحيب من قبل بركات، لكن البلدية بدأت بعد ذلك، وبالتعاون مع سلطة حماية الطبيعة، بدفع مخطط الإعلان عن الحديقة القومية على منحدرات جبل المكبر، وبذلك ألغت عملياً الخريطة التي قدمها السكان.
كما حاول المقدسيون في حي صور باهر دفع خريطة تسمح لهم بالبناء القانوني، وفي كل مرة كانت بلدية الاحتلال تطالب المخططة بتغيير الخريطة وملاءمتها مع الخريطة البلدية، إلى أن قررت رئيسة لجنة التنظيم والبناء في 2013 رفض الخريطة بادعاء أنه مر وقت طويل على تقديمها. وقال الباحث في جمعية «مدينة الشعوب» افيف تتارسكي: «إن حكومة الاحتلال تضع السكان الفلسطينيين أمام خيار وحشي: أما أن يكونوا مطرودين من مدينتهم أو يقومون بالبناء بدون ترخيص، والمخاطرة بهدم بيوتهم ودفع غرامات».
تفريغ المدينة
بدوره، قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد بالقدس ناصر الهدمي: «إن سلطات الاحتلال لا تأبه بأي حقوق للمقدسيين وتحرمهم من الحق الشرعي في البناء والتوسع ضمن مخطط واستراتيجية واضحة لتفريغ المدينة المقدسية من سكانها وتهويدها بشكل كامل».
وأوضح الهدمي أن أخطر ما تمارسه بلدية الاحتلال بحق المقدسيين إجبارهم على هدم منازلهم، بهدف تقنين الإحصائية لديها، مشيراً إلى أن هناك عدداً قليلاً من المقدسيين يستطيعون التقدم لبلدية الاحتلال للحصول على رخص البناء، في حين أن العدد الأكبر لا يستطيع بسبب تكلفة الترخيص العالية.
ولفت إلى أن البلدية لا تستطيع هدم كل المنازل غير المرخصة سوى 10 % فقط منها، لأن هناك منازل لا تعلم عنها، مؤكداً أنه لا خيار أمام المقدسي سوى البناء والتواجد بالمدينة، وعدم الهجرة خارجها، وعدم الالتزام بالقرارات العنصرية.
وبين أن الاحتلال فرض أمراً واقعاً بالمدينة وعدها عاصمة لكيانه، مما غير الوقائع القانونية، مطالباً المقدسيين بتعزيز الجبهة الداخلية وترتيب صفهم لمواجهة مخططات الاحتلال بما فيها سياسة الهدم.
في سياق متصل، قالت صحيفة «هآرتس» العبرية: إن إسرائيل تنفذ مشاريع تهدف لتحقيق التواصل الفعلي بين القدس المحتلة ومستوطنة «معاليه ادوميم».
ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم تأجيل التصويت في الكنيست على مشروع ضم مستوطنة «معاليه ادوميم» إلى القدس، عدة مرات، إلا أنه تم خلال الأسابيع الأخيرة، دفع مشاريع تهدف إلى تحقيق التواصل الفعلي بينها وبين القدس.
ونبهت إلى أنه ومن شأن هذه المشاريع المساعدة على البناء المستقبلي في منطقة E1، التي يتأخر البناء فيها منذ أكثر من عقد زمني لأسباب سياسية.
وتشير «هآرتس» إلى أن الجرافات الإسرائيلية تعمل في الأسابيع الأخيرة، بالقرب من شارع رقم 1، الذي يربط بين القدس و«معاليه ادوميم»، حيث يجري العمل لبناء مفترق «هزيتيم» الذي سيسهل الحركة بين المدينتين.
وتعليقاً على ذلك، أوضحت جمعية «مدينة الشعوب» أن بناء المفترق الذي سيربط بين الجزء الشمالي من الشارع الالتفافي الشرقي وشارع 417، يعد للبناء المستقبلي في منطقة E1، ويهدف إلى حرف حركة المرور الفلسطينية عن المسار القائم حالياً في المنطقة الفاصلة بين المدينتين.
ولفتت إلى أن الاحتلال شرع ببناء نفق جديد عند مفترق التلة الفرنسية، والذي صادقت بلدية القدس على ميزانيته مؤخرا، منبهة إلى أن شق هذا النفق يهدف لتخفيف الاكتظاظ الكبير في المنطقة، وتسهيل التحرك بين أحياء القدس الشمالية والعاصمة.
بالإضافة إلى ذلك تدفع إسرائيل نحو هدم قرية الخان الأحمر، التي تعتبر رمزا للاستيطان البدوي في المنطقة. كما يجري دفع ضم معاليه أدوميم إلى القدس، بواسطة تعريف المنطقة الواقعة بين المدينتين على أنها «مواقع قومية ومحميات طبيعية». يذكر أنه في يناير الفائت أوصت اللجنة المحلية للتنظيم والبناء في القدس بالمصادقة على الخريطة الهيكلية التي تشكل مرحلة في مخطط تحويل المنطقة إلى حديقة وطنية تحمل اسم «منحدرات جبل المكبر».
ويرى السكان الفلسطينيون في القدس أن الخطة الإسرائيلية تهدف عملياً إلى منع امتداد الأحياء الفلسطينية المجاورة.
copy short url   نسخ
01/04/2017
2052