+ A
A -
كتبت - ليلى الكرد
يابانيات، بعيونٍ مشدودة، وشعورٍ سوداء حريرّيّة، يلتففنّ حول مائدةٍ من الطعام العربيّ، واحدةٌ تُكوِّر قطعة العجين الصغيرةِ بيدِها وأخرى تقطعها بقالب البسكويت والمعمول بعد أن تحشوها بالتّمر، ثم ثالثة ترصّها في صينيّة مُدوّرة وتضعها في الفرن على نارٍ هادئة، لتخرج شقراء أو مُحمّرة.
ابتسامةٌ عريضةٌ ترتسم على الوجوه المُورِدة بفعلِ حرارة المطبخ، وكلماتُ الشوق للتّذوّق تتناثر في المكان.. يتذوّقْنَها فيشعرنَ بطعمٍ عربيّ خالص، ونكهةٍ فلسطينية فريدة، بينما تنطق اللمسات الدقيقة باليابانية.. يتهافتنَ على تصوير الأطباق قبل أن يتناولنَها بنهم.
من هي فلسطين؟ أين تقع؟ كيف يبدعون في تلك الأكلات؟ عرّفينا على بلادِكم.. يا لها من فرصةٍ مميزة تغتنمها الفلسطينية ابتسام نصّار ذات الثوب الفلسطيني المُطرّز بخيوط الحرير العنّابية للتعريف ببلدِها والحديث عن أصولِها وما آل إليها بفعل الاحتلال الإسرائيليّ، ثم نشر الجميل من ثقافتها العربية عبر اجتماعهنّ على طاولة المطبخ. ونصّار هي امرأة غزيّة تعيش في مدينة طوكيو اليابانية برفقة عائلتها منذ أكثر من عشر سنوات، قرّرت أن تفتح مشروعها الصغير الذي تحقّق من خلاله الهدف الكبير وهو خدمة القضية الفلسطينية ثم تحقيق الاندماج بين ثقافتها الفلسطينية وثقافتهم اليابانيّة عبر الطعام.
تقول لـ الوطن: «تعرّفت على موقع تاداكو الياباني للطبخ بالصدفة، إذ أرسلت لهم رسالة فتواصلوا معي فوراً وطلبوا مني زيارتهم قبل أن يتم اختباري في الطبخ الفلسطيني والخروج بنتيجة ممتازة لطعم مأكولاتي، ثم التسويق لدروسِي عبر موقعِهم الذي تناولت أخبارَه الفضائيات المختلفة».
«يوكو تاكينو» يابانية مشاركة في فقرة الطبخ الذي تقدمه نصّار، عرضت صورتها عبر صفحتها «فيس بوك» وهي ترتدي الحجاب كثقافةٍ أعجبتها، إلى جانب صور أطباق الطعام الشهيّة التي تعلّمتها وصنعتها برفقة زميلاتِها اليابانيات الأخريات.
اليابانية «فومي هاشيدا»، مُشاركةٌ أخرى في درس الطبخ العربي قامت بتشكيل «جبل فوجي» الياباني بقمة المرح بعجينة المعمول الطّرية، ذلك الجبل الذي يقدّسه اليابانيون، ونقشت عليه تضاريسَه بيديها، وحين رشّت الفلسطينية نصّار السكرَ المطحون على وجه العجينةِ الجبلِ، بُهِرت «فومي» وزميلاتُها بالشكل وقالت بسعادة: «لقد اكتمل الجبل حين تناثر الثلج». تقول «هاشيدا» لـ الوطن: «أحب أن أطبخ في بيتي، خاصة الطبخ العربي لأنه صحيّ كونه مليء بالخضار، وطعمه لذيذ للغاية، ناهيك عن أن الشكل النهائي للصنف مُبهِرٌ ويفتح الشهيّة». ومما لفت انتباه «هاشيدا» أيضاً، تلك الفخارة الفلسطينية التي استخدمتها نصّار كنوع من التراث الفلسطيني في تقديم الطعام، أما قالب الفلافل فقالت عنه: «إنه أداة بسيطة لكنها محترِفة وبارعة».
اليابانية «يوكا ماتسودا» شاركت هي الأخرى في الدرس وأبدت إعجابَها بأصناف الطعام العربية، وعن هذا تقول لـ الوطن: «زرتُ لندن، وتناولت طبق الحمص، وحين بحثت عن طريقة صنعه عبر الإنترنت كان صعباً عليّ ذلك حتى تعرفت على موقع «تاداكو» وعلى دروس الطبخ العربية وصنعتُه برفقة الفريق الرائع». وتضيف: «يا له من أمرٍ سهلٍ للغاية، لم أتخيل أن يكون بتلك البساطة واللذة، أشعر بسعادةٍ كبيرة أنني اكتشفت سِرّه العربيّ».
copy short url   نسخ
31/03/2017
977