+ A
A -
على هامش القمة العربية الأخيرة في الأردن، والآمال الكبار التي عُقدت عليها، لا يسعني إلا الاعتراف بأن الخلاف العربي العربي لايزال قائماً- ومن أسفٍ- فقد تجذّر بفعل عاصفة ما سُمّي بالربيع العربي، وما حاق جرّاءه بأقطارٍ عربيةٍ من دمارٍ وسفك دماءٍ وتخريبٍ في بناها، وقواعد معيشتها، ومجتمعاتها.
في الغربة، التي أعيشها خارج الوطن، أغني بيني وبين نفسي: حلوين من يومنا والله.. رغم أن هذه الحلاوة تضيع، ونفتقدها بعد حينٍ، فنراها- في أخيلتنا- ماثلةً في الضحكة الجذلى، والقلوب الكويّسة.
نكتفي في الغربة بما يقيم الأوَد، حريصين على وحدة الإنتاج العربي، في وجباتنا الغذائية والنفسية، والإخبارية..
إفطار الغربة: شطيرةٌ بالزيت اللبناني، والزعتر الفلسطيني، واللبنة السورية، وزيتون أسود مغربي، وفلافل صناعة محلية، ومن أصلٍ غزاويٍّ، ونعقد بشوية شاي هندي لترسيخ مفهوم التضامن الآسيوي، حيث تلتقي عند احتسائه معظم الأذواق العربية، ويكون صباحاً، ولا أحلى، ولا أجمل في ظل رجاءٍ بإجماعٍ عربيٍّ، بعد الأحداث الأخيرة التي أسهمت في اتساع الشق العربي، بعد انحسار السُّخام الذي اصطلح على تسميته الربيع العربي.
الغناء كان غائباً، والفرح كان في إجازة، والبحث كان عمن يستطيع أن ينبّه هذا المارد من غفوته.
حين بدأ ماردنا العربي يتثاءب، إيذاناً بانقضاء بياتٍ شتويٍّ طويلٍ، وجدته في خيالي- الشاعر- شهريار المطعون في كبريائه، يعود إلى لياليه وخمره ونسائه، يقتصّ منهنّ، اقتياداً، مما فعلته به الخائنة التي لم تراعِ العيش والملح، فينزوي إلى حكايات شهرزاد (وهي رمزٌ للمقاتلين العرب)، التي تحاول-عبثاً- إيقاظه من غفوته، ولكنه استسلم لليأس والخمول، بعد أن تكاثرت عليه العِلل، فقلت مخاطباً شهرزاد الرمز:
يا شهرزادُ، كفاك قصةَ فارسٍ
فتكت به الأرزاءُ والأدواءُ
ردّي على ذاك العليلِ حكاية
تغنيه عما يرتجيه الداءُ
فهو العليلُ، لا رجاءَ لبُرئهِ
استفحلت في ذاته الأدواءُ
ما دام طرحَ فراشه وهمومه
هل يُرتجى بُرءُ له وشفاءُ؟
واليوم، وأنا أرى بشائرَ العودة إلى قوميتنا، والتوحّد حول هويتنا المشتركة، والإيمان بقدرنا ومصيرنا الواحد، والتزامنا- كما أبتهل إلى الله- بخطابٍ عربيٍّ مشترك، أقول: من حقي وحقنا جميعاً، أن نغني، فقد طال أمد الحزن، وتعبنا من التطلّع لبصيص أملٍ.
copy short url   نسخ
31/03/2017
611