+ A
A -
تحقيق– أكرم الفرجابي
دعا أساتذة شريعة وعلماء دين، إلى ضرورة تأهيل كوادر، من الدعاة المنفتحين على ثقافة العصر، وأشاروا إلى أن الداعية مطالب بالاطلاع على الشؤون السياسية والاقتصادية والفكرية والرياضية، والإلمام بالمصطلحات المتداولة في هذه العلوم، حتى لا يكون غريباً على مجتمعه، كما أن عليه الإلمام بثقافة عصره، حتى إذا حضر مجلس به حديث علمي تمكن من إدراك ما يدور به.
وأكد العلماء في حديثهم لـ الوطن أهمية الثقافة المعاصرة للداعية، وضرورة إلمامه بالإشكالات التي تحيط بالعالم الإسلامي، وهذا يتطلب منه أن يكون صاحب رؤية في المسائل التي يتطرق إليها عبر المنبر الديني، من خلال استعراضه ما يحيط بالمسلمين في دولته وزمانه الذي يعيش فيه، وأوضحوا أن الإلمام بالثقافة المعاصرة يتطلب أيضاً الإحاطة بتاريخ الأمة الإسلامية.
إمكانيات خطابية
بدايةً يقول فضيلة الشيخ الدكتور محمد يسري إبراهيم: إن الداعية يجب أن يكون متميزاً بالأداء التعبيري الذي يناسب الواقع، وأن يملك إمكانيات خطابية ووعظية ومدركاً لاستخدام كل منها في المناسبة التي تتطلبها، أي إعطاء كل مناسبة ما يليق بها من خطاب بما في ذلك المناسبات الوطنية، موضحاً أنه يجب على الداعية أن يتحلى بالموضوعية والصفات العلمية، إضافة إلى الصفات الشخصية، التي تجعله يؤثر في الناس، وفضلها في الرحمة والصبر وحسن التعاطي مع الأمور بشكل عام، لافتاً إلى أهمية وسائل الإعلام من فضائيات ومواقع إلكترونية للداعية، إضافة إلى الإعلام الجديد الذي جعل العالم مفتوحاً أمام الجميع، موضحاً أن مواقع التواصل الاجتماعي قدمت رؤية جديدة في الإعلام بكسرها لاحتكار الإعلام الذي كان يتم عبر مؤسسات ضخمة تحتاج لتمويل، مما يتطلب أن تقف خلفها جهات ممولة، ولكن مواقع التواصل الاجتماعي أوجدت منابر إعلامية، بعدد المشتركين في هذه المواقع، وبالتالي يستطيع أي إنسان أن يبلغ رسالته ويقول كلمته لجموع متابعيه، وأوضح فضيلته أن تعدد وسائل التواصل الاجتماعي مكن كل داعية من تبليغ رسالته بالطريقة التي يريدها وفقاً للأسلوب الذي يراه مناسباً في إبلاغ رسالته، وأكد أن هذه المواقع رفعت من مستوى الوعي الفكري والثقافي والعام، لدى الأمة الإسلامية إذ مكنت من إيجاد نوع من أنواع التلاقح الفكري بين أطياف الأمة وأعطت قيمة لكلمة الفرد لم تكن موجودة قبل هذه المواقع، مشيراً إلى أن هذه المواقع أوجدت رموزاً استطاعوا أن يكون لهم أثر في الثقافة المجتمعية والوعي المجتمعي، وبرز عدد كبير من الدعاة من بين هؤلاء يتمتعون بأرقام هائلة من عدد المتابعين وصلت إلى أكثر من (10) ملايين متابع عند بعض الدعاة، مما مكن الدعاة من ارتياد الآفاق بدعوتهم.
العلم الشرعي
من جانبه نصح فضيلة الداعية عبدالله السادة، الخطباء الجدد في طريق الدعوة إلى الله، بالاهتمام بقضية العلم الشرعي، وتجويده بالدراسة الأكاديمية، والتغلب على مسألة الرهبة من مواجهة الناس، بالتمرين المتواصل على المواجهة لاعتلاء المنابر، لأن الخطابة ثمرة علم وموهبة الاثنان معاً، ولا تحل إحداهما مكان الأخرى، ولفت الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى أنه يتفق مع الأشخاص الذين يعتمدون على الخطبة المكتوبة، كما أنه يشجع الخطباء الجدد على هذا الأمر، لأن الخطبة المكتوبة تتيح للخطيب التركيز على موضوع معين، أما الخطبة الارتجالية قد تربك المصلين، باعتبار أن الإمام أو الخطيب ممكن يتعرض لأكثر من موضوع في آن واحد، وهذه المسألة ربما تتسبب في تشتيت الانتباه، وأضاف: الخطبة الناجحة في رأيي تعتمد على عنصرين، إلقاء جيد وتحضير أجود، وإذا كانت الخطبة محضرة تحضيراً ممتازاً، وكان الإلقاء يتم بطريقة مميزة من حيث الصوت والنبرة ولغة الجسد، تكون مسألة إيصال الرسالة للمصلين دقيقة ومريحة، وأشار فضيلته إلى أنه واحدة من الأسباب التي جعلته يحول مجاله من المجال الهندسي إلى الدعوي، هي حاجة الأمة إلى دعاة إسلاميين، يكونون على علم وبصيرة بالواقع الذي يحيط بهم، ومضى السادة في حديثه قائلاً: بإمكانك يا عزيزي الفاضل أن تجد العشرات، من المهندسين الذين يتقنون عملهم، لكن من النادر أن تجد داعية إسلامي ناجحاً في مجاله، يستطيع أن يقنع الناس في أمور دينهم ودنياهم، لذلك اخترت هذا المجال عن قناعة.
بدوره يؤكد فضيلة الداعية عبدالله النعمة، أن الخطيب يخاطب شريحة كبيرة من المجتمع تتفاوت في أعمارها وثقافتها وجنسيتها، فلا يستطيع توجيه الكلام لشريحة ما وإغفال الأخرى، وبالتالي يلجأ الدعاة إلى أسلوب التعميم أكثر من التخصيص، وتابع فضيلته قائلاً: هذا لا يعني أن الخطيب في بعض خطبه، وليس كلها لا يخصص جزءاً من الخطبة الثانية للتطرق إلى مشاكل المجتمع، وهناك توجيه من إدارة شؤون المساجد للخطيب بأن يتناول مواضيع خاصة بالمجتمع والعادات والتقاليد والأمور الدخيلة في الخطبة الثانية، لأن الخطبة الأولى تكون للإرشادات الإسلامية العامة من تذكير ووعظ وإرشاد، أما الثانية تكون لموضوع معين، وهو ما أقوم بمراعاته في خطبتي، مشيداً بالمجهودات التي تقوم بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لإحياء دور المسجد، من خلال حث الأئمة على إقامة الدروس خاصة بعد صلاة العصر والعشاء، وبالفعل تقام الكثير من حلقات التعليم والندوات في المساجد، وقد لا تقام هذه الحلقات في كل المساجد ولكن تقام في الكثير منها، بالإضافة إلى تنظيم إدارة الدعوة والإرشاد الديني لبرنامج لقاء الثلاثاء الدعوي بمساجد الدولة بعد صلاة العشاء، الذي يتم التطرق فيه إلى أهم القضايا التي تهم المسلم، علاوة على عمل العديد من الأنشطة الدعوية بهذه المساجد من مسابقات للأطفال وتوزيع الجوائز عليهم، لتشجيعهم على حفظ المزيد من القرآن الكريم، بالإضافة إلى استدعاء المشايخ من الدول الأخرى لإلقاء المحاضرات في المساجد، مشيراً إلى الازدياد المستمر عدد الأئمة القطريين، مرجعاً ذلك إلى زيادة أعداد خريجي الجامعات الإسلامية وكليات الشريعة، علاوة على التسهيلات التي تقدمها الوزارة، فالمجال مفتوح أمام القطريين، وهناك استثناء خاص بالقطري فقط، فيحق للداعية القطري أن يجمع بين الإمامة وعمله، وكثير من الأئمة يعملون في الجهات الحكومية والبعض الآخر في مؤسسات خاصة.
الدورات التدريبية
في السياق ذاته أشار محمد بن حمد الكواري، مدير إدارة المساجد بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إلى أن إدارته تقوم بعقد العديد من الدورات، لتأهيل الأئمة والدعاة، قائلاً: حالياً توجد لدينا خطة جديدة لتطوير الدورات التدريبية، فيما يتعلق بتأهيل جميع الأئمة والخطباء، والأولوية فيها بالطبع للقطريين، مشيراً إلى أن الوزارة تترك للخطيب حرية اختيار الموضوعات، التي يتناولها في خطبة الجمعة، وتقترح أحياناً عناوين للخطبة، بما يتناسب مع بعض الوقائع والأحداث، ومن ثم يترك الأمر للخطيب لتحديد، ما يتناسب مع أهل منطقته، كما أن فتح المجال للخطيب لصياغة الموضوعات يعطيه مجالاً لإبراز قدراته، لافتاً إلى أنه يتقدم إليهم مجموعة من الشباب القطريين، الراغبين في الإمامة أو الخطابة، تقوم الوزارة بإعداد برنامج متكامل لهم، حيث يكون هنالك برنامج تدريبي عبارة عن ثلاثة أشهر فيها كل ما يحتاجه الإمام والخطيب، وتعتبر كدورة أولية، بعدها يكون في دورات متتابعة، والآن جار العمل على تطوير هذا البرنامج للإمام القطري، بحيث إنه يكون له برنامج متكامل مدته سنة إلى سنة ونصف السنة لدورات متتابعة، لمعرفة جوانب القصور أو الضعف عند الإمام القطري، ويتم بناءً عليها إشراكه في دورات تتناسب مع حاجته.
copy short url   نسخ
30/03/2017
1878