+ A
A -
ترجمة-هويدا مجدي

أصدرت مؤسسة «ألبن كابيتال» البحثية تقريرها السنوي حول صناعة الغذاء في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يقدم التقرير نظرة تفصيلية لآليات العرض والطلب الخاصة بالفئات الغذائية المتعددة في دول مجلس التعاون الخليجي. كما يغطى كذلك، التوجهات الحديثة ومحركات النمو والتحديات التي تواجه صناعة الغذاء، إلى جانب النظرة المستقبلية للصناعة حتى عام 2021.
وضع التقرير قطر على رأس دول مجلس التعاون الخليجي من حيث الأمن الغذائي. قائلا: «استنادا إلى القدرة على تحمل التكاليف الغذائية وتوافرها ونوعيتها وسلامتها، احتلت دولة قطر المرتبة الأولى في دول مجلس التعاون الخليجي، والمرتبة الـ20 عالمياًُ من بين 113 دولة خضعت للتحليل في مؤشر الأمن الغذائي العالمي».
وأوضح التقرير أن حكومة قطر تبقى عازمة على تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 40% بحلول عام 2030 كجزء من برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي الذي بدأ في عام 2008.


ويعتزم البرنامج أيضا مضاعفة عدد المزارع في قطر من 1400 إلى 3 آلاف مزرعة. ويركز البرنامج على الاستثمار في الطاقة المتجددة وتحلية المياه وإدارة المياه والإنتاج الزراعي ومعالجة الأغذية وإدارتها لتعزيز المنتجات المحلية. كما اقترحت الحكومة بناء ميناء جديد لتحويل قطر إلى مركز تجاري إقليمي ودولي للمنتجات الغذائية.
ومن بين المشاريع الرئيسية الأخرى التي يرجح أن تعزز الإمدادات الغذائية المحلية، مصنع بدأ بالفعل معالجة وتجهيز لحوم تصل قيمته لـ55 مليون دولار، ومركز بحوث مائية قيد التطوير بقيمة 63.2 مليون دولار، ومجمع مزارع دواجن سيتم إنشاؤه بقيمة 206 ملايين دولار. وبالإضافة إلى تعزيز الإنتاج المحلي، تظل قطر ملتزمة أيضا بالاستثمار في الأراضي الزراعية في الخارج.
قوة شرائية مرتفعة
وجاء في التقرير أن زيادة تدابير تنويع إيرادات الحكومة القطرية والاستثمارات العامة، والعديد من المغتربين من مختلف أنحاء العالم للاستفادة من فرص العمل في قطر. إن القدرة الشرائية المرتفعة، من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد، تسمح لسكان قطر بالانخراط في أنشطة مثل تناول الطعام خارج المنزل والتسوق في محلات السوبر ماركت ومحلات الهايبر ماركت، كما أن هذه الأنماط الاستهلاكية زادت من استهلاك الأغذية.
ومن المرجح أن يزداد تدفق المهاجرين الأجانب والسياح، حيث تستعد البلاد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 من خلال بناء البنية التحتية والفنادق والملاعب ومناطق الجذب السياحي. وهذه العوامل تبشر بالخير لنمو قطاع الأغذية.
وزادت الأراضي المزروعة في السنوات الخمس الأخيرة من 2009 وحتى 2014، وذلك بسبب التوسع في المساحة المستخدمة لزراعة الأعلاف والخضراوات. بينما كانت هناك زيادة في محاصيل التمور والخيار والفلفل الأخضر خلال هذه الفترة، وقد شهدنا أعلى نمو في العلف للماشية.
وفي المقابل، نما إنتاج الألبان في قطر بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 32.1% بين عامي 2009 و2014. وبصورة عامة، نما الغذاء المنتج في قطر بمعدل سنوي متوسط قدره 12.2% ليصل إلى ما يقرب من 0.2 مليون طن متري في عام 2014.
وفي الوقت نفسه، ارتفع استهلاك الأغذية بمعدل سنوي قدره 5.8% ليصل إلى 1.6 مليون طن متري، مما أدى إلى نمو الواردات الصافية بنسبة 5%. ومن حيث معدل النمو السنوي المركب خلال الفترة 2009-2014، نما الطلب على الخضراوات بأسرع وتيرة بنسبة 14.6%، يليه نمو الحبوب والفاكهة بنسبة تزيد عن 7%. وقامت قطر بتلبية 12.7% من احتياجاتها من الاستهلاك الغذائي من خلال الإنتاج المحلي في عام 2014، ارتفاعا من نسبة 9.4% في عام 2009.
وتعد قطر أكثر دول الخليج اكتفاء ذاتيا من منتجات الألبان، حيث ارتفع إنتاج الألبان في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي مركب بلغ حوالي 6% بين عام 2009 و2014، مدفوعا بزيادة قوية في الإنتاج في كل من قطر وعمان.
وشكلت الفواكه 23.1% من إجمالي الإنتاج و12.5% من إجمالي الاستهلاك في منطقة مجلس التعاون الخليجي في عام 2014. أما التمور والعنب والبطيخ والموز فهي الأصناف الرئيسية المنتجة. وقطر ومعظم بلدان مجلس التعاون الخليجي، تتمتع بالاكتفاء الذاتي في مجال التمور، بل وهم أيضا مُصدروها الرئيسيون.
وبلغ إنتاج الخضراوات الرئيسية التي تُزرع في المنطقة وهي الطماطم والباذنجان والملفوف والخيار، 2.5 مليون طن متري في عام 2014، منخفضا بمعدل سنوي مركب بلغ 4.7% منذ عام 2009.
ولقد زاد استهلاك الخضراوات في الفترة من عام 2009 وحتى عام 2014 في كل من قطر والبحرين والكويت من قبل المراهقين وكبار السن. وتشهد المنطقة اكتفاء ذاتيا من الخضراوات.
وسجل الاكتفاء الذاتي من اللحوم انخفاضا في دولتي الإمارات وقطر، وبصورة شاملة، نمت الواردات الصافية من اللحوم في المنطقة بمعدل سنوي متوسط قدره 2.5% بين عامي 2009 و2014 لتصل إلى 1.8 مليون طن متري.
ويكاد كل من قطر والبحرين أن تكونا مكتفيتين ذاتيا من الأسماك والبيض بنسبة تزيد على 80%. وفي حين نما إنتاج الأسماك بمعدل سنوي متوسط قدره 2.6% بين عامي 2009 و2014، ارتفع الاستهلاك بنسبة 5.5% خلال نفس الفترة، مما أدى إلى زيادة سنوية قدرها 11.9% في صافي الواردات في المنطقة.
الاستهلاك الغذائي في الخليج
وألقت «ألبين كابيتال» نظرة عامة عن صناعة الغذاء في منطقة الخليج. حدد التقرير العوامل التي أدت لدفع نمو الاستهلاك الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي، وهي النمو السكاني، وارتفاع الدخل المتاح، وارتفاع عدد الوافدين السياحيين، وأسلوب الحياة الحضري المتزايد، وتفضيلات المستهلكين.
ولفت التقرير إلى زيادة اعتماد دول الخليج على الواردات، بسبب محدودية الأراضي الصالحة للزراعة، والمناخ الحار والجاف، ونقص المياه العذبة. وفي ظل هذه الخلفية، لا يزال الأمن الغذائي يمثل أولوية رئيسية لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، التي اتخذت بالفعل التدابير اللازمة لتعزيز الإنتاج المحلي، ولجأت إلى الاستثمار في الأراضي الزراعية في الخارج.
وفي الوقت الذي تعتمد فيه البلدان على الواردات- كما يوضح التقرير- فإن بعض مدن مجلس التعاون الخليجي تعمل كمراكز رئيسية لإعادة تصدير الأغذية بسبب موقعها الاستراتيجي عند مفترق الطرق بين الشرق والغرب. وفي ضوء التجارة المتنامية، تم إنشاء عدة شركات لتجهيز الأغذية في المنطقة. وعلى الرغم من الانكماش الاقتصادي الحالي، من المرجح أن يستمر الطلب على الغذاء - وهو ضرورة أساسية- في النمو في مواجهة قاعدة المستهلكين الآخذة في الاتساع.
ويقدر أن عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي قد نما بمعدل سنوي قدره 3% منذ عام 2011 حيث بلغ حوالي 54 مليون نسمة في عام 2016. وفي حين يستمر الطلب على المنتجات الغذائية التقليدية، فإن الشباب والطبقة العاملة يقومون بتطوير أذواق وتفضيلات جديدة، فتؤدي إلى زيادة الطلب على الأغذية الدولية والمصنعة.
وعلاوة على ذلك، وبسبب ارتفاع معدل الأمراض المتعلقة بنمط الحياة مثل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم، فقد أصبح الناس على وعي وإدراك بأهمية الحفاظ على الصحة، وتستهلك على نحو متزايد الأطعمة المغذية ويعتمد النظام الغذائي الصحي.
وفي الوقت نفسه، هناك اتجاه متزايد لتناول الطعام في الخارج كجزء من التنشئة الاجتماعية والترفيه. وتتناسب أنماط الاستهلاك الغذائي هذه مع مستوى الثراء العالي في المنطقة. ويقدر دخل الفرد في دول مجلس التعاون الخليجي بمبلغ 60678 دولارا في عام 2016، وهو أعلى بكثير من متوسط الاقتصادات المتقدمة في العالم. هذا الثراء للأفراد شجع الواردات الغذائية العالية والاستثمارات في الخارج لتأمين الإمدادات الغذائية.
وقد استهلكت منطقة دول مجلس التعاون الخليجي 45.8 مليون طن متري من المنتجات الغذائية في عام 2014، مما يشير إلى وجود استهلاك سنوي قدره 892.7 كيلوجرام لكل شخص. وقد ارتفع إجمالي الاستهلاك بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 6% منذ عام 2009، ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى ارتفاع عدد السكان، والسياح الوافدين، ومستويات الدخل.
ويتطابق تكوين الغذاء المستهلك مع تركز السكان في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد مثلت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة (موطنا لـ78.1% من سكان دول مجلس التعاون الخليجي) 81.4% من إجمالي الأغذية المستهلكة في المنطقة.
ومع ذلك، فقد تراجعت حصة كل من هذين البلدين بنسبة 1 نقطة مئوية بين عامي 2009 و2014، في حين أن حصة البلدان الصغيرة مثل الكويت وعمان قد زادت.
وفي عام 2014، سجلت المملكة العربية السعودية أعلى استهلاك للفرد من الأغذية عند 961.6 كيلوغراما، في حين سجلت البحرين أدنى مستوى عند 492.5 كجم.
ويرجع هذا التباين الواسع أساسا إلى ارتفاع نصيب الفرد من استهلاك الحبوب في المملكة العربية السعودية مقارنة ببلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى وقطاعات الأغذية.
وفي الوقت نفسه، فإن نصيب الفرد من الاستهلاك في قطاعات الأغذية في البحرين متوازن تماما. فالناس في المملكة العربية السعودية تستهلك المزيد من الخبز، وهو مصنوع من القمح، أكثر من غيرهم من الناس في العالم. وقد دعم وجود عدد كبير من عمال الأغذية إلى جانب الإعانات الحكومية لقطاع القمح، زيادة استهلاك الخبز.
وباعتبارها غذاء أساسيا في النظم الغذائية للعرب وكذلك للمغتربين الآسيويين، شكلت الحبوب ما يقرب من نصف الأغذية المستهلكة في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014.
وفي الفترة ما بين عامي 2009 و2014، نما استهلاك الحبوب ومنتجات الألبان والبقوليات بوتيرة أسرع مقارنة ببقية القطاعات، مما أدى إلى زيادة نصيبها من إجمالي الاستهلاك الغذائي. ويتم تفضيل الحبوب ومنتجات الألبان، الغنية بالكربوهيدرات والبروتينات على التوالي، في شكل حبوب الإفطار والحليب ذي النكهات ومنتجات الألبان قليلة الدسم من قبل المستهلكين الذين يدركون أهمية الصحة.
هذا الطلب هو أكثر من الاستهلاك التقليدي من الخبز والأرز، الحليب الطازج، والزبادي. ويعتبر الناس الألبان جزءا لا يتجزأ من غذائهم اليومي لأنه يحافظ على جسدهم رطبا وباردا في المناخ الحار والجاف.
الإنتاج المحلي من الغذاء
ومع استمرار نمو الطلب على الغذاء، لا يزال الإنتاج المحلي يشكل تحديا بسبب محدودية نطاق الأنشطة الزراعية في دول مجلس التعاون الخليجي. فهناك أكثر من 90% من الأراضي في المنطقة ليست مناسبة للزراعة.
وقد تقلصت الأراضي الصالحة للزراعة والمتاحة للزراعة نتيجة للتحضر والتصحر والرعي. وفي وقت لاحق، تم زراعة أقل من 2% من إجمالي الأراضي في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014، حيث تمتلك المملكة العربية السعودية أكبر مساحة قابلة للزراعة تبلغ 4.192 هكتارا (94.3% من إجمالي الأراضي المزروعة في دول مجلس التعاون الخليجي).. وبناء على ذلك، شكلت المملكة العربية السعودية ما نسبته 73.4% من إجمالي إنتاج الغذاء في المنطقة بحوالي 10.5 مليون طن متري في عام 2014.
وفي ضوء الموارد المائية الحدودة، اتخذت المملكة العربية السعودية مبادرات لوقف زراعة المحاصيل التي تعتمد على المياه بدرجة عالية مثل القمح والأعلاف الخضراء. وكان القمح أحد المواد الغذائية الرئيسية المنتجة في المنطقة، ومن ثم، أدى تقليصه تدريجيا على مدى العقود الثلاثة الماضية إلى خفض إجمالي إنتاج الغذاء في المنطقة.
وقد استطاع إجمالي إنتاج المنطقة تلبية 22.9% من احتياجاتها من الاستهلاك في عام 2014. وانخفض الاكتفاء الذاتي عموما خلال الفترة من عام 2009 وحتى عام 2014، مع استمرار استهلاك الأغذية في النمو بينما انخفض الإنتاج المحلي. وعلى الرغم من أن الحكومات الإقليمية تتخذ تدابير لتعزيز الإنتاج المحلي، قد يستغرق تنفيذ وتطبيق التقنيات الزراعية الجديدة على نطاق واسع وقتا طويلا.
وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية هيمنت على مشهد إنتاج الغذاء، فقد انخفضت حصة السعودية منذ عام 2009، وذلك نتيجة التخلص التدريجي من محاصيل القمح وتقلص المساحة المخصصة للخضراوات.
تحسين الإنتاجية
في الوقت نفسه، ارتفعت حصة سلطنة عمان والكويت وقطر في الوقت الذي تبذل فيه هذه البلدان جهودا لتحسين الإنتاجية المحلية. وبسبب انخفاض الإنتاج في المملكة العربية السعودية، انخفض إجمالي إنتاج الحبوب والخضراوات في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل سنوي بلغ 12.7% و4.7% على التوالي منذ عام 2009. وقد تم تخفيف أثر ذلك إلى حد ما من خلال زيادة إنتاج فئات الأغذية الأخرى. ونتيجة لذلك، شكلت الخضار والفواكه ومنتجات الألبان 70.4% من إجمالي الأغذية المنتجة في المنطقة.
وبسبب حجم الإنتاج المحدود، فإن بلدان مجلس التعاون الخليجي تقوم بتلبية الطلب على الغذاء من سكانها إلى حد كبير من خلال الواردات. وقد نما حجم الواردات الصافي في المنطقة بمعدل سنوي مركب بلغ 8.7% بين عامي 2009 و2014 ليصل إلى 35.3 مليون طن متري، وهو ما يمثل أكثر من ثلاثة أرباع الاستهلاك الغذائي في المنطقة.
وخلال هذه الفترة، ارتفعت قيمة الواردات الصافية بمعدل سنوي قدره 11.2% لتصل إلى 23.6 مليار دولار. ويشكل الاعتماد الكبير على الواردات تحديا كبيرا لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، بالنظر إلى تباطؤ البيئة الاقتصادية. ولا تزال الدول الخليجية تضع باستمرار استراتيجيات وتتخذ خطوات لتحسين الإنتاج المحلي للحفاظ على إمدادات مستدامة من الأغذية.
وكان أكبر مستهلكين في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، هما المستوردان الرئيسيان، حيث مثلا سويا أكثر من 80% من صافي واردات المنطقة في عام 2014.
ومع ذلك، ارتفع حجم الواردات الصافي من الأغذية في هذه البلدان بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 9.7% و5% على التوالي، بين عامي 2009 و2014، وهو أبطأ من واردات عمان التي بلغت 14.8%، وواردات البحرين التي بلغت 11.2%.
نصف الواردات حبوب.
ومن حيث تركيبة الاستهلاك، ظلت الحبوب هي الفئة الأكثر استهلاكا، حيث شكلت أكثر من نصف الواردات الصافية من الأغذية في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014. وشكلت الألبان ثاني أكبر قطاع غذائي مستورد خلال العام. وارتفعت الواردات الصافية من الحبوب والفواكه والخضر ومنتجات الألبان بنسبة تتراوح بين 8% و10% بين عامي 2009 و2014، من حيث معدل النمو السنوي المركب، في حين نمت واردات اللحوم بوتيرة أبطأ بلغت 2.5%.
ونظرا لزيادة الاعتماد على الواردات، فإن بلدان مجلس التعاون الخليجي معرضة للصدمات العالمية في أسعار الأغذية. وأدى الارتفاع المفاجئ في الأسعار في عام 2008 إلى إثارة مخاوف تتعلق بالأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، بسبب ضيق حالة العرض والطلب. ووضعت عدة بلدان مصدرة للأغذية قيودا على الصادرات لتلبية الطلب المحلي، الذي حذر الاقتصادات التي تعتمد على الواردات، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل توفير إمدادات غذائية أفضل في المستقبل.
وظلت أسعار المواد الغذائية متقلبة منذ ذلك الحين، مع حدوث ارتفاع طفيف خلال الفترة 2011-2014، ولا سيما في الحبوب والألبان واللحوم. ويرجع سبب هذه الزيادة في أسعار المواد الغذائية في المقام الأول إلى سوء الأحوال الجوية والتوترات الجيوسياسية وارتفاع تكاليف النقل والتخزين.
وقد قامت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بدعم وحماية المستهلكين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية من خلال تقديم إعانات مباشرة وغير مباشرة وتحديد أسعار المواد الأساسية.
وعلى الرغم من حدوث حركة تصاعدية في مؤشر أسعار المواد الغذائية منذ شهر مارس 2016 لتصل إلى 173.8 (بزيادة 16.4% على أساس سنوي) في يناير 2017، فإن أسعار الأغذية العالمية قد تراجعت من ذروتها في عام 2011 بسبب ارتفاع المخزونات، وانخفاض أسعار النفط الخام. وهذا يوفر راحة كبيرة لدول مجلس التعاون الخليجي المعتمدة على الواردات في الوقت الذي اتسع فيه عجزها المالي.
تحديات المستقبل
وتطرق تقرير «ألبن كابيتال» إلى التحديات التي تواجه منطقة مجلس التعاون الخليجي في تحقيق الأمن الغذائي. جاء في التقرير أنه نظرا للمناخ الجاف، والأراضي الزراعية المحدودة، والموارد المائية الشحيحة، تواجه منطقة مجلس التعاون الخليجي تحديا خطيرا في تحقيق الأمن الغذائي من خلال الإنتاج الغذائي المحلي.
وتسعى الدول الأعضاء إلى التخفيف من حدة هذه المشكلة عن طريق تشجيع زراعة المحاصيل ذات القيمة العالية والتي تعتمد بشكل أقل على المياه من خلال استخدام تقنيات زراعية جديدة مثل الري بالتنقيط والزراعة المائية.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج المحلي، لا تزال المنطقة تعتمد إلى حد كبير على الواردات لإطعام سكانها المتناميين. وعلاوة على ذلك، فإن الاعتماد الكبير على الواردات يعرض البلدان للصدمات العالمية في أسعار الأغذية وأي مخاطر تتعلق باتفاقات التجارة الخارجية مع الشركاء الرئيسيين في التصدير.
وتنفذ الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مستمر خطط استراتيجية مختلفة لتحسين الأمن الغذائي. ويشمل ذلك شراء الأراضي الزراعية في الخارج، والاستثمار في تربية الماشية المحلية وتربية الأسماك، وتطوير البنية التحتية اللازمة لتعزيز سلسلة الإمدادات الغذائية، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في الزراعة، والاستثمار في البحوث والتكنولوجيا لتعزيز الإنتاجية الزراعية.
من المتوقع أن يرتفع الاستهلاك الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.2% من 48.1 مليون طن متري في عام 2016 إلى 59.2 مليون طن متري في عام 2021.
ويرجع هذا النمو أساسا إلى ارتفاع قاعدة المستهلكين إلى جانب ارتفاع نصيب الفرد من الدخل، فإن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تسجل تعافيا اقتصاديا مستمرا من الانكماش الأخير.
وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يؤدي نمو سوق السياحة، وتغيير العادات الغذائية وزيادة تغلغل التجزئة المنظمة إلى زيادة نمو الاستهلاك. ويتم توجيه استثمارات الحكومة والقطاع الخاص نحو زيادة قدرة الإنتاج الغذائي المحلي والإمداد الغذائي، ولايزال تأمين مصادر الأغذية في البلدان الأخرى الغنية بالموارد ذا أولوية رئيسية.
ومن المتوقع أن يصل استهلاك الأغذية في قطر إلى 2.1 مليون طن متري في عام 2021، مما يعني حدوث نمو سنوي بنسبة 2.3% عن عام 2016. ومن أهم العوامل التي تساعد على النمو في استهلاك الأغذية ارتفاع الدخل المتاح ومعدل التحضر إلى جانب توسع قاعدة المستهلكين.
ومن المرجح أن تؤدي الاستثمارات الحكومية في تطوير مناطق الجذب السياحي والبنية التحتية الأخرى في التجهيز لبطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، إلى زيادة أعداد السياح الوافدين، وبالتالي زيادة الطلب على الغذاء. وخلال فترة التوقعات، من المنتظر أن يزداد عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 1.5% و2.8% على التوالي.
من المتوقع أن ينمو استهلاك اللحوم في قطر بمعدل نمو سنوي مركب قدره 3.7% بين عامي 2016 و2021، يليه استهلاك الفواكه ومنتجات الألبان بنسبة 3% تقريبا. وقد دعمت مستويات الثراء العالية في قطر طلب السكان المحليين على هذه المنتجات ذات القيمة العالية.
copy short url   نسخ
29/03/2017
4400