+ A
A -
في السادس والعشرين من مارس عام 2015م أطلقت المملكة العربية السعودية حملة عسكرية لمساندة الشرعية واستعادتها بعد الانقلاب عليها من قبل مليشيات الحوثي وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بعد يوم واحد فقط من سقوط قاعدة العند الجوية 60كم شمال عدن، واعتقال وزير الدفاع اليمني اللواء محمود احمد سالم الصبيحي وشقيق الرئيس اليمني ناصر منصور هادي وكيل جهاز الأمن السياسي في محافظات عدن ولحج وابين والضالع في منطقة الحسيني شمال عدن خلال مواجهات مع المتمردين الحوثيين والقوات الموالية لصالح، وشاركت في الحملة العسكرية التي أطلق عليها عاصفة الحزم إلى جانب السعودية، قطر،الإمارات، البحرين، الكويت، مصر، المغرب، السودان، الأردن، ومنذ أول وهلة للعاصفة وفي ساعات الفجر الأولى من يوم الخميس السابع والعشرين من مارس من ذلك العام نجحت قوات التحالف العربي في تدمير القدرات الجوية للانقلاب وإعلان التحالف سيطرته على الأجواء الجوية في اليمن.
نجاح عسكري
خلال الأشهر الأربعة الأولى من العاصفة التي تحولت لاحقا لمسمى إعادة الأمل نجحت قوات التحالف العربي في تدمير ترسانة كبيرة من القوة العسكرية للانقلابيين، لاسيما في محافظة عدن جنوب اليمن التي حررت في السابع عشر من يوليو من عام 2015م حيث ساهمت العمليات الجوية للتحالف في إكساب المقاومة الشعبية التي تشكلت في المدينة بعد انهيار منظومة الجيش اليمني وانقسام جزء منه موال للانقلاب ندية في المعارك العسكرية في مدينة عدن التي ظلت خلال أربعة أشهر من المواجهات العسكرية مع الانقلابيين بين كر وفر نظرا لضعف الخبرات العسكرية لدى أفراد المقاومة الشعبية في المدينة التي انضم لها عدد من عناصر الجيش اليمني المعارض للانقلاب، وبعد استعادة عدن منتصف يوليو من ذلك العام تواصلت انهيارات المتمردين في المدن المحيطة بعدن حيث نجح التحالف العربي بإسناد المقاومة الشعبية وكتائب الجيش الوطني آنذاك في استعادة أكبر قاعدة جوية في البلاد قاعدة العند بمحافظة لحج شمال عدن حيث استعيدت في الثالث من أغسطس من ذلك العام لتتوسع الانتصارات باستعادة محافظتي أبين وشبوة شرق عدن وفي الأول من أكتوبر وفي عملية خاطفة استمرت اربع ساعات نجحت قوات التحالف العربي في استعادة مضيق باب المندب وهو من أهم ممرات الملاحة الدولية، ويعد هذا من أهم النجاحات العسكرية التي حققتها الشرعية وبدعم من التحالف العربي، حيث ساهم هذا الانتصار في تحجيم النفوذ الإيراني الذي كان يسعى للسيطرة على ممر الملاحة الدولية، كما حد من عمليات التهريب للسلاح الذي كان يتلقاه المتمردون، وقلل من المخاطر الذي كان يحدق بالقوافل التجارية التي كانت تمر عبر المضيق ولان السيطرة على مضيق باب المندب لم يعد كافيا لتأمين خط الملاحة والحد من عمليات التهريب للمتمردين أطلق التحالف العربي في السابع من يناير المنصرم عملية الرمح الذهبي لاستعادة ما تبقى من شريط الساحل الغربي للبلاد، حيث نجح التحالف العربي حتى اللحظة في الاستعادة الكاملة لميناء المخاء30كم غرب مضيق باب المندب بعد عملية استمرت أسبوعين، وكان الميناء من أكثر الموانئ التي اتخذها الانقلاب لإيصال السلاح إليه، ويسعى الجيش الوطني المدعوم من التحالف العربي لإتمام السيطرة الكاملة على الساحل الغربي واستعادة اهم موانئ البلاد، ميناء الحديدة غرب البلاد والذي لايزال تحت سيطرة المتمردين، وتشير التقديرات إلى جني المتمردين مبالغ طائلة من الضرائب في الميناء أو من خلال الشركات والمراكز الصناعية التي تشتهر بها مدينة تهامة، وفي حال نجحت الشرعية في استعادة ميناء الحديدة يطبق الحصار والخناق الاقتصادي على المتمردين حيث يكون قد خسر آخر منافذه المائية للعالم، ولم يكن العامان من عمر العاصفة مقتصرين على الانتصار العسكري في الجنوب أو في الساحل الغربي حيث وصل التحالف العربي إلى عمق التمرد، وصار على بعد كيلو متر من معقل جماعة الحوثي مدينة صعدة، حيث شهدت الأسابيع الماضية تحقيق الجيش اليمني والمقاومة الشعبية وبإسناد من التحالف العربي تحقيق مزيد من المكاسب في المدينة المقدسة لدى الحوثيين على طريق استعادتها الكاملة للجمهورية كما شهدت مدينة تعز وسط البلاد توسيع رقعة السيطرة على الأرض حيث نجح الجيش الوطني والمقاومة في كسر الحصار الجزئي عن المدينة من منفذها الغربي، وسجلت الشهور الماضية نقلة عسكرية نوعية للجيش اليمني والمقاومة الشعبية في العاصمة صنعاء حيث باتت المعارك على مقربة من مطار صنعاء الدولي وعلى الرغم من النجاحات وتوسيع رقعة السيطرة للشرعية التي باتت تسيطر على ما يربو عن 80 بالمائة من مساحة البلاد بعد أن كانت صفرا قبيل انطلاقة العاصفة، لكنها واجهت خلال عامين من عمر العاصفة معضلة التطرف في أجزاء واسعة من البلاد ومنها محافظة حضرموت كبرى مدن البلاد مساحة والتي تقع شرق البلاد حيث سيطر عليها تنظيم القاعدة في أبريل من عام 2015م، لكن التحالف العربي نجح في طرده واستعادة المدينة النفطية بعد عام واحد من سيطرة التنظيم عليها، كما لم تخلو مناطق عدن ولحج أبين من بعض المواجهات العسكرية مع تنظيمات متطرفة لكنها انتهت في آخرها بانتصار الشرعية.
السلام المتعثر
ليست الحرب وحدها كانت الهدف الرئيس للتحالف العربي والشرعية، بل كان السلام الخيار شريطة أن يزيل آثار الانقلاب ويعيد السلطات الشرعية التي كانت قائمة قبل الانقلاب، لكن مليشيات الحوثي والمخلوع صالح رفضت القرار الأممي 2216م و أفشلت جميع المشاورات الرامية لحلحة الأزمة اليمنية التي عقدها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ لأطراف الأزمة اليمنية سواء في مفاوضات جنيف أو مفاوضات الكويت التي عقدت مرتان، وقد شهدت محادثات الكويت الأخيرة ضجيجا واسعا؛ لاسيما مع تنصل وعدم مبالاة الانقلابيين ببنود الاتفاق الذي تم الاتفاق عليه، كما واصل الانقلابيون استهتارهم بالقرارات الدولية وشكلوا ما أسموه بالمجلس السياسي وهو ما اعتبره المبعوث الأممي آنذاك تعقيدا للمشهد السياسي في البلد، وتماهت الشرعية والتحالف العربي مع جميع النداءات الدولية فيما يخص الجوانب الإنسانية حيث شهدت الحرب اليمنية سبع هدن لم يلتزم الانقلابيون كعادتهم بأي هدنة واخترقوها جميعا، كما استغلوا جميع الهدن السبع بتنظيم صفوفهم المنهارة وتعزيز الجبهات الداخلية، وفي المجمل أفشل الانقلابيون جميع المبادرات التي عقدت لحلحة الملف اليمني وكانوا سببا في حرمان 25مليون يمني يمنون أنفسهم بحلول السلام في بلدهم بعد حرب الانقلابيين التي دمرت جميع مؤسسات الدولة وأحدثت شرخا كبيرا في المجتمع اليمني لم يشهده اليمنيون من قبل.
أوضاع إنسانية مزرية
خلال العامين المنصرمين من عمر الحرب شهدت اليمن ازدياد تدهور الأوضاع الإنسانية فيها، والتي لم تكن قبل اندلاع الحرب احسن حالا، لكن الحرب التي فرضها الانقلابيون زادت الأوضاع قاتمة وعلى الرغم من عدم دقة الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات المحلية والدولية في تقدير الخسائر في صفوف المدنيين، لكن ما يجدر ذكره أن اليمنيين بفضل الانقلاب لا يكاد بيت فيه يخلو من قتيل وجريح لتسهم شهية المتمردين للسلطة في إلباس الحزن في معظم البيوت اليمنية وخلال عامين من الحرب اضطلعت دول التحالف العربي بالدور الأكبر في مواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن والذي نتج عنه تفشي المجاعة في غرب اليمن بالإضافة لنزوح قرابة ثلاثة ملايين نازح يمني شردت بها الحرب ناهيك عن انتشار الأوبئة والأمراض التي فتكت بمئات اليمنيين، وأسهم مركز الملك سلمان بن عبدالعزيز للإغاثة، والهلال الأحمر القطري، والهلال الأحمر الإماراتي، وهيئة الإغاثة الكويتية، في إغاثة مئات الآلاف من الأسر اليمنية في مختلف المدن اليمنية سواء في جوانب الإغاثة الغذائية أو الإغاثة الصحية أو إغاثة النازحين هربا من سعير الحرب التي زادت من ارتفاع البطالة في صفوف اليمنيين مع إغلاق المئات من المصانع والشركات لأبوابها ناهيك عن الدمار الذي لحق ببعض تلك المراكز الصناعية وفي مجمل الحرب كان التحالف العربي بطلا في السلم والحرب وفي مجابهة الظروف الإنسانية الصعبة التي خلفتها الحرب.
copy short url   نسخ
27/03/2017
885