+ A
A -
الخرطوم– الوطن- محمد نجيب
في جلسة مؤانسة أقامها نادي القصة السوداني بقاعة المجلس القومي للآداب والفنون وسط حضور مميز من الكتاب والنقاد والمهتمين بالشأن الثقافي، تناول الكاتب والروائي أمير تاج السر سرد تجربته الإبداعية وأحوال الكتابة لديه منذ بداياتها، يقول أمير إن علاقته بالكتابة بدأت منذ فترة مبكرة حين كان تلميذا في مرحلة التعليم الأولي وأول ما تأثر به كانت القصص البوليسية التي حاول تقليدها ووضع رسومات لها وتوزيعها على زملائه بالمدرسة، وفي المرحلة المتوسطة كتب الأغنية العامية وأن أول كلمات كتبها تغنى بها فنان مشهور، وأضاف بأنه في تلك الفترة عرف كشاعر غنائي في مدينة بورتسودان واستمر يكتب الأغنية حتى العام 1985، حيث ذهب لدراسة الطب بمصر وحدثت الانتفاضة الشعبية في السودان فتحول لكتابة القصيدة الفصيحة وبدأ ينشر نصوصه في مجلات كبيرة كمجلة الإبداع التي كان يرأس تحريرها عبد القادر القط وفي جريدة الشرق الأوسط ويشير إلى أنه كان يتقاضى مكافآت عن نشر قصائده وهو لا يزال طالبا بالجامعة، وفي تلك الفترة على شعراء المقاهي في القاهرة من خلال زياراته المتكررة لها، وفي العام 1987 كتب روايته الأولى بعنوان «كرمكول» وكانت أشبه بالقصيدة الطويلة وهي تعتبر بداية كتاباته السردية وجاء اغترابه إلى دولة قطر عام 1993، وفي عام 1996 كتب روايته الثانية «سماء من لون الياقوت» وشبهها أيضا بالقصيدة الطويلة وفي عام 2000 كتب روايته «مرايا ساحلية» وفي عام 2002 كتب روايته «مهر الصياح» والتي اعتبرها بداية الدخول إلى مشروعه الكتابي ورسمت له أسلوبه الذي قاده إلى إنجاز مجموعة كبيرة من الروايات من خلال القراءة والتجريب ووصلت به إلى صيغة «تآخي الشعر والسرد».
بهارات الكتابة
ويقول أمير تاج السر في سرده لتجربته الإبداعية إن اللغة والصور الشعرية هي أهم متطلبات كتابة الرواية ووصفها بأنها «بهارات الكتابة» وأشار إلى ضرورة أن يجري الكاتب العربي حواراته باللغة الفصحي داخل النص الروائي، وأكد أمير رضاءه عن تجربة 18 عاما من الكتابة الروائية، وذهب إلى أنه في الفترة الأخيرة كان يجرب الكتابة بتقنيات جديدة، وأنه منذ البداية ظل يكتب بصورة منهجية وبأفكار مختلفة، وأن ذلك وضح بصورة جلية في رواياته «مهر الصياح» و«صائد النمل» و«العطر الفرنسي» وفي ما يتعلق بأحوال الكتابة يذهب أمير إلى أنه يأخذ بذرة الكتابة من الواقع ثم بعد ذلك تأتي المزاوجة بين الواقع والخيال فالكاتب لابد له من تمرين الخيال وتمرين الذاكرة. وقال إنه لا يخطط أبدا للكتابة فهو يجلس ليكتب كيفما اتفق، ويكتب يوميا على مدى 4 ساعات حوالي 1000 كلمة ثم يذهب وهو لا يدري ماذا سيكتب غدا. وسرد أمير وقائع روايته «منتجع الساحرات» التي كانت في القائمة الطويلة للبوكر وكيف قرأها الأريتريون وعقدوا محاكمة لها باعتبارها تتجنى على اريتريا وهي في الحقيقة ذات بعد أسطوري وتحكي عن فتاة اريترية مطعونة جاءت للعلاج بالمستشفى. والرواية تعمل على نقل الواقع للخيال ونقل الخيال للواقع، وحول الرواية التي وجدت شهرة عالية على مستوى الوطن العربي ذهب أمير إلى أن رواية «العطر الفرنسي» هي واحدة من الروايات التي وجدت انتشارا واسعا وذلك من خلال ترجمتها إلى عدد كبير من اللغات وهي من الروايات المهمة في تجربته، وأشار أمير إلى أن رواية «مهر الصياح» هي من أكبر أعماله، وفي ذات السياق تحدث عن روايته «توترات القبطي» والتي قال إنه كان يتوقع لها حظا أكبر من التناول والقراءة ولكنها لم تجد ذلك رغم ترجمتها إلى العديد من اللغات وفي خاتمة الندوة ذهب أمير إلى أن لكل كاتب «أعمالا مهملة» يبدؤها ويهمل المواصلة فيها ومن الصعب العودة إليها مرة أخرى وأن له كثيرا من الروايات المهملة التي لم تكتمل.
مداخلات
وفي مداخلات وأسئلة في خاتمة الندوة ذهب الناقد والروائي الدكتور صلاح سر الختم إلى أن أمير يكتب الرواية وهو مدرك لما حوله في محاولته الكتابة لجمهور مختلف وقال إن تأثير مهنة الطب واضح جدا في روايات أمير، بينما تساءل القاص والناقد نبيل غالي عن إهمال أمير لكتابة القصة فقال أمير: إنني لا أعرف كتابة القصة ولم أحاول ذلك رغم أن النقاد ذكروا أنني في روايتي «طقس» كتبت قصصا قصيرة جدا، وفي سؤال من الكاتبة الروائية سارة عبد المنعم حول أثر شخوص الرواية على الكاتب أجاب أمير أن الخروج من هذا الأثر لا يتأتى إلا بكثرة الكتابة وممارستها وذلك فقط يتيح له الخروج من هيمنة شخوص الرواية عليه. وقال الناقد عز الدين ميرغني إن لأمير مقدرة تخيلية كبيرة جدا، وأنه استفاد إلى حد كبير من مهنة الطب في خلق شخوص رواياته وأن اللغة لديه تمتاز بسحرية عالية.
copy short url   نسخ
27/03/2017
1846