+ A
A -
ترجمة- هشام عبدالرؤوف
سيولة في جميع القطاعات الاقتصادية، مشيراً إلى أن دولة قطر تمكنت على مدى السنوات الخمس الماضية من تحقيق معدلات نمو كبيرة، بفضل عوائد القطاع النفطي، فضلاً عن خطط الدولة الطموح، لتطوير البنية التحتية، والنضج السريع الذي وصل إلى قطاع الخدمات المالية فيها.
واليوم تنطلق قطر في محطة جديدة لتنمية القطاع غير النفطي بسرعة كبيرة أيضاً، وفق الرؤية الوطنية للبلاد 2030.
ووفقاً لوكالة «ستاندارد أند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني فإن الاقتصاد القطري سجل واحداً من أعلى معدلات النمو في العالم؛ حيث حقق معدل نمو بلغ 8.6 في المتوسط، في السنوات الخمس الأخيرة، وهو يتمتع بتصنيف قوي ومستقر مقارنة بالدول الخليجية الأخرى.


وقطر، هي المصدر الأول للغاز المسال في العالم، ولديها ثالث أكبر احتياطي مؤكد من الغاز الطبيعي في العالم، بواقع 872 تريليون قدم مكعب، حسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة.
وبينما تشكل صادرات البترول والغاز المصدر الرئيسي الجزء الأكبر من الدخل القطري، نجد عدداً من القطاعات غير البترولية، قد حققت معدلات نمو كبيرة في السنوات الأخيرة؛ ففي عام 2015، حقق القطاع غير النفطي معدل نمو بلغ 7.8%، بينما حقق القطاع البترولي نمواً قدره 0.1% فقط.
أوقات صعبة
وتواجه قطر حالياً عدداً من التحديات الاقتصادية الصعبة، وأصعب هذه التحديات تقلبات أسعار النفط والذي وصل لمستويات تدور حول الـ50 دولاراً للبرميل، بعدما كان يبلغ مستوى 115 دولاراً للبرميل في يونيو 2014.
وعندما نأخذ في الاعتبار، أن عقود تصدير الغاز القطري ترتبط بأسعار النفط فإن هذا يمثل تحدياً حقيقياً نجح الاقتصاد القطري بتجاوزه عبر تنويع مصادر دخلة والاهتمام بالقطاع غير النفطي، مما يعد مؤشراً يبعث على التفاؤل.
خطة دعم
ورغم تراجع عوائد النفط والغاز، فإن قطر تمثل نموذجاً فريداً في ظل استمرار زخم الإنفاق الحكومي الرأسمالي على المشاريع التنموية الكبرى رغم التراجع القياسي لأسعار النفط.
ومنذ فازت قطر في عام 2010 بحق استضافة بطولة كأس العالم لعام 2022، بدأت حكومتها في ضخ استثمارات ضخمة في مجال البنية التحتية، يتوقع لها أن تصل إلى 220 مليار دولار.
وترى الحكومة القطرية، أن هذه النفقات «ضرورية» ليس فقط لاستضافة كأس العالم وغيره من الأحداث الرياضية، ولكن أيضاً، من أجل دعم معدلات النمو في القطاع غير النفطي، وكما ذكر صندوق النقد الدولي، حققت هذه الجهود نجاحاً كبيراً. وعلى مدار الفترة بين 2012 و2015، كان النمو، الذي تحقق للاقتصاد القطري، يرجع إلى التوسع في القطاعات غير النفطية.
وكانت القطاعات الرئيسية- في هذا الصدد- تشمل: الإنشاء والإعمار والخدمات.
ويأتي هذا التنويع في الاقتصاد القطري، في إطار خطة التطوير طويلة المدى، المعروفة باسم «رؤية قطر الوطنية 2030».
ولما كانت قطر تتمتع بأساسيات اقتصادية صلبة، واحتياطيات ضخمة نقدية وبترولية، يتوقع لها الخبراء المضي في طريق النمو، على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية التي تواجهها.
طريق النمو
وفي ذلك، يقول الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، رئيس مجلس إدارة رابطة رجال الأعمال القطريين،: «إن قطر لم تتأثر كثيراً بانخفاض أسعار البترول، وسار اقتصادها في طريق النمو كما كان متوقعاً».
وأضاف: إن الحكومة القطرية حريصة رغم ذلك على المضي قدماً في تنويع اقتصاد البلاد، وسوف يقوم القطاع الخاص بدور طليعي في ذلك.
واستطرد: «من هنا فإنني على يقين من أن أداء القطاع الخاص في السنوات المقبلة سوف يكون له أثر كبير على أداء الاقتصاد القطري بوجه عام».
ارتفاع سريع
كان إيقاع التوسع الاقتصادي في قطر سريعاً على مدار 25 عاماً مضت؛ فعلى الرغم من أن الاحتياطيات الضخمة من الغاز الطبيعي في حقول الشمال البحرية، تم اكتشافها في مطلع السبعينيات، فقد بدأت الحكومة تسعي إلى تنميتها في مطلع التسعينيات، وبدأت صادراتها الضخمة على الفور بعد ذلك، لتصبح قطر مصدراً رئيسياً لتلبية الاحتياجات المتعاظمة للاقتصادات الناشئة في شرق آسيا- على وجه الخصوص-.
ومنذ ذلك الوقت، خاصة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين وحتى منتصف 2014، كان الاقتصاد القطري ينمو بمعدلات لا يكاد يكون لها مثيل في العالم، ودفع ذلك الحكومة إلى التوسع في مشروعات خاصة بالطاقة، مثل: تطوير مشروعات الغاز المسال،ومنذ تم إطلاق برنامج قطر2030 في عام 2008، خصصت قطر- كما فعلت جاراتها في مجلس التعاون الخليجي- استثمارات ضخمة لتنويع اقتصادها.
وفي عام 2015، حقق الناتج المحلي الإجمالي لقطر نمواً قدره 3.7%، ليصل إلى 600 مليار ريال وسجلت قطر واحداً من أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم. فقد حققت متوسط نمو في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 8.6% خلال الفترة من 2010 إلى 2015، كما بلغ متوسط معدل النمو 8.25 % بين عامي 1984 و2013.
ومع انخفاض أسعار الطاقة في السنوات الأخيرة، ارتفع الإنفاق على تطوير البنية التحتية، مما سبب تحولاً اقتصادياً رئيسياً في قطر؛ فعلى مدى 15 عاماً سابقة لعام 2010، كان قطاع الطاقة هو القطاع الرئيسي المسيطر على الاقتصاد القطري.
وفي عام 2010، زادت عوائد قطر من الطاقة بمقدار 28%، بينما زادت العوائد غير البترولية بمقدار 9% فقط.
وفي الأعوام التالية، وبفضل خطط الحكومة القطرية لتنويع الاقتصاد وتدفق الاستثمارات، استعداداً لكأس العالم والتقلبات في سوق الطاقة العالمية، اتسع نطاق الاقتصاد غير البترولي بشكل كبير وبقوة.
وحسب البيانات، التي نشرها بنك قطر الوطني QNB في أواخر عام 2015، فقد شهد القطاع غير النفطي معدل نمو بلغ 11.2% في عام 2011، وهو أعلى معدل يحققه حتى الآن. وانخفض معدل النمو إلى 10.2% في 2012، ثم عاد إلى الارتفاع، ليصل إلى 10.6% في عامي 2013 و2014.
وفي الوقت نفسه، حقق قطاع الهيدروكربونات نمواً قدره 15% في 2011، حيث تراجع إلى 1.2% فقط، في عام 2012. وتراجع أكثر إلى 0.1% فقط في 2013، ثم 1.5% في 2014.
وتقدر وزارة التخطيط في توقعات إيجابية لمستقبل الاقتصاد القطري، بين عامي 2016 و2018، بعد أن حقق القطاع غير النفطي نمواً قدره 7.8 % في عام 2015. وتوقعت أيضاً زيادة حجم الأنشطة غير البترولية في الاقتصاد القطري بسرعة.
ورغم ما يتبع ذلك من ضغوط على المالية العامة، ترى الحكومة القطرية، أن الحفاظ على معدلات إنفاق مرتفعة على تطوير البنية التحتية، حتى عام 2022 على الأقل، أمر ضروري للاستعداد لاستضافة كأس العالم، ولتحقيق مزيد من النمو في القطاعات غير البترولية.
وتبدو استراتيجية الحكومة وكأنها تسير في طريقها المرسوم؛ ففي فبراير 2016 خفضت «ستاندارد أند بورز» تصنيفها لعدد من دول مجلس التعاون، وهي: البحرين وسلطنة عمان والسعودية، لكنها أبقت على تصنيف قطر على المدي الطويل عند AA، وعلى تصنيفها بشأن العملة المحلية والنقد الأجنبي عند مستوى A+.
وبررت الوكالة الإبقاء على تصنيف قطر، بوجود أسباب تبعث على التفاؤل، تشمل: الاستقرار السياسي، الذي تنعم به البلاد، واعتمادها على عقود طويلة الأجل لتصدير الغاز، تضمن لها دخلاً ثابتاً لسنوات مقبلة.
ولاحظت الوكالة تصاعد أهمية القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي والموقف المالي القوي للحكومة القطرية، وسعيها الجاد لإجراء تغييرات هيكلية في اقتصادها، للتعامل مع تراجع أسعار النفط؛ حيث سعت في السنوات الأخيرة إلى خفض نفقاتها وتعظيم عوائدها، مع الحفاظ على معدلات الإنفاق الرأسمالي على مشاريع البنية التحتية.
استراتيجية مبتكرة
منذ إطلاق برنامج رؤية قطر الوطنية 2030 حققت قطر تقدماً كبيراً في العديد من المجالات، ووفقاً لهذه الرؤية، تعتمد خطة التنمية على أربع دعامات، أو تركز على أربعة عناصر أساسية، وهي: التنمية البشرية.. التنمية الاجتماعية.. التنمية الاقتصادية والتنمية البيئية.
ومن أجل المساعدة في تحقيق هذه الأهداف، أطلقت وزارة التخطيط التنموي والإحصاء في 2011 خطة للتنمية على المدى المتوسط، تحت اسم «الاستراتيجية الوطنية للتنمية»، وتغطي هذه الخطة الفترة من 2011 إلى 2016، وتشمل مجموعة من الأهداف والمبادرات المحددة، التي تدعم رؤية قطر 2030.
وتعاملت الخطة مع عدد من التحديات، التي كان الاقتصاد القطري يواجهها في عام 2011، ومنها: المضي قدماً في طريق التحديث، مع الحفاظ على التقاليد والقيم الثقافية، وتحقيق التوازن بين الوفاء باحتياجات الأجيال الحالية، مع توفير احتياجات الأجيال القادمة، التي لم تر النور بعد.
وتركز الخطة بشكل عام، على بناء دولة متقدمة على أساس مستدام، وهي تركز أيضاً على تحاشي التوسع العشوائي غير المدروس، والمزاوجة بين احتياجات التنمية والمخاوف بشأن حجم العمالة المهاجرة وتنويع الاقتصاد القطري.
وعلى الرغم من أن بعض هذه المخاوف لاتزال قائمة، بالنسبة لخطة التنمية القطرية طويلة المدى، طرأت متغيرات جديدة في عام 2016 وهو العام الأخير للخطة متوسطة المدى.
ومنذ أن وضعت وزارة التخطيط الخطة المتوسطة، قبل خمس سنوات، حدثت تغيرت كثيرة في قطر، فبعد إعلان الخطة، تم إسناد تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم إلى قطر، التي أطلقت بدورها برنامجاً طموحاً لتطوير البنية التحتية. وكان سعر برميل البترول وقتها يتجاوز 100 دولار، وانخفض إلى 48 دولاراً في مايو 2016.
وفي الوقت نفسه، وحسب إحصائيات وزارة التخطيط، زاد عدد سكان قطر بنسبة 40%، بين عامي 2010 و2015.
وكان السبب الرئيسي لهذه الزيادة، هو حركة البناء والتشييد الواسعة، التي شهدتها قطر، واستدعت استقدام المزيد من العمالة الأجنبية.
وتلك هي البيئة التي كانت تعمل فيها وزارة التخطيط ووزارة المالية ومؤسسات الدولة الأخرى لوضع خطط تنمية جديدة متوسطة الأجل، تغطي الفترة بين عامي 2017 و2022. وهذه الخطط لقيت ترحيباً وحماساً من شركات القطاع الخاص الكبري.
وفي ذلك يقول الشيخ فيصل بن قاسم: «قامت حكومتنا بعدة مبادرات في السنوات الأخيرة، لدعم دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية، ويتعين على جميع رجال الأعمال في قطر استغلال الفرص المتنوعة، التي تتيحها خطط تنويع الاقتصاد، والبيئة الصحية الصديقة للاستثمار، التي ساعدت الدولة في إيجادها، وبينما ركزت الخطة المتوسطة 2011-2016 بشكل رئيس وناجح على بناء قدرات مؤسسية في الوزارات والمصالح الحكومية، نتوقع أن الخطة الجديدة، التي يتم وضعها بالتعاون مع عدد كبير من الأطراف المعنية في الداخل والخارج، سوف تركز على مجموعة من القضايا الاجتماعية الرئيسة، مثل: النمو السكاني وحماية البيئة».
تمويل التنمية
ومن التغييرات الرئيسية، التي يمكن أن تطرأ على الخطة الجديدة، ما يتعلق بأسلوب تمويل خطط التنمية المستمرة في قطر؛ ففي خطة 2011-2016، كانت الدولة تتحمل معظم أعباء تمويل الخطة، لكن تراجع عائدات الدولة، يشير إلى تعاظم دور القطاع الخاص في التمويل.
وهذا لا يعني إطلاقاً، أن الدولة لن تقوم بدور رئيسي في خطط التنمية. وسوف يساعدها في ذلك المركز المالي القوي للحكومة، وما تتمتع به الدولة من احتياطيات غاز وفيرة، يمكن أن توفر لها دخلاً ثابتاً لعقود مقبلة، بالإضافة إلى احتياطياتها النقدية الضخمة، التي تديرها هيئة الاستثمار القطرية.
ومع بداية عام 2016، كانت سوق الاقتراض الداخلية القطرية غير متطورة بالمعايير الدولية، وقبل عام 2011، كان عمل أسواق رأس المال القطرية، مقصوراً على الأسهم فقط.
ومع اقتراب نهاية العام، أعلن مصرف قطر المركزي، أنه سوف يبدأ في بيع أذون خزانة في سوق المال القطرية، مما اعتبره المحللون وقتها مقدمة لإطلاق سوق محلية للسندات.
وبين عامي 2011 و2013، كان مصرف قطر المركزي، يبيع ديوناً سيادية قصيرة الأجل بشكل دوري، وكان معظمها من نصيب البنوك ومؤسسات مالية أخرى. واعتباراً من عام 2013، بدأت قطر في توسيع مدة استحقاق أذونات الخزانة، لتصل إلى سبع سنوات، بما يمهد الطريق أمام الشركات والمؤسسات القطرية المختلفة لطرح سندات خاصة بها، وكان من المتوقع صدور قانون يسمح للشركات بطرح السندات الخاصة بها بنهاية العام الماضي.

السياسة النقدية
وكانت هذه التطورات أمراً يبعث على التفاؤل، بالنسبة لقطاع الخدمات المالية في هذه الفترة المليئة بالتحديات؛ فمنذ بداية تراجع أسعار النفط، بدأت البنوك تشكو مشاكل في السيولة النقدية، بعد أن قامت وزارة المالية، وعدد من المصالح الحكومية، بسحب ودائع طويلة الأجل.
ومع نهاية نوفمبر 2015، كانت ودائع القطاعين العام والحكومي، تشكل 38.7%، مقابل 44 % في نهاية 2014، حسب تقديرات «ستاندارد أند بورز».
وعندما نأخذ في الاعتبار معدل النمو المرتفع للقروض، التي تقدمها البنوك للحكومة وشركات القطاع الخاص والعام، سوف يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل القروض إلى الودائع.
وتقول إحصائيات وزارة التخطيط، وتقديرات ستاندارد اند بورز،: إن هذا المعدل كان يبلغ في وضعه الطبيعي 93%، وارتفع إلى 103%، ثم إلى 130% بنهاية أبريل 2016.
ولابد أن نأخذ في الاعتبار أيضاً قوة قاعدة رؤوس الأموال، ومستويات كفاية رأس المال التي تتمتع بها البنوك القطرية؛ حيث وصل متوسط معدل كفاية رأس المال لديها إلى 16%، في نهاية 2015.
وهناك خطط من الحكومة لتحويل نسبة كبيرة من تمويل المشروعات إلى القطاع الخاص في السنوات المقبلة، ورغم ذلك يتبنى اللاعبون الكبار نوعاً من التفاؤل الحذر.
وأعلن مصرف قطر المركزي عن تعزيز جهوده لمراقبة موقف السيولة في البنوك، وأنه مستعد للتدخل وقت اللزوم، ورغم عدم توافر تفاصيل كافية حول هذا الموضوع، كما عبرت معظم البنوك عن ثقتها في قرار الحكومة.

إنتاج الغاز
على الرغم من الانخفاض الأخير في أسعار النفط، لايزال القطاع النفطي هو القطاع الاقتصادي الرئيس في قطر منذ عام 2015. وقد شكلت عوائد الطاقة 49% من عوائد الدولة في 2014، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة.
ويشكل الغاز المكون الرئيسي لصادرات قطر النفطية ويأتي كله تقريباً من حقل غاز الشمال، الذي تبلغ مساحته 6 آلاف كيلومتر مربع، ويقع معظمه داخل مياه الخليج. ويضم هذا الحقل 60% من أكبر مستودع لاحتياطي الغاز في العالم، بينما تقع الـ 40% الأخرى، في حقل جنوب بارس، الذي تسيطر عليه إيران.
في عام 2014، صدرت قطر 4.3 تريليون قدم مكعب من الغاز، لتصبح ثاني أكبر مصدر للغاز في العالم بعد روسيا، وتسيطر على قطاع البترول في قطر شركة قطر للبترول، التي تديرها الدولة، وتسيطر على جميع جوانب صناعة البترول والغاز، سواء التنقيب والإنتاج أو التكرير والتصنيع والتداول. وتعد شركة قطر للبترول، حامل الأسهم الرئيسي في كل من شركة قطر للغاز، وشركة راس غاز، وتغطي الشركتان معاً كل جوانب صناعة الغاز في قطر.
وشركة قطر للغاز، عبارة عن مشروع مشترك بين شركة البترول القطرية وعدد من الشركات العالمية، وهي: توتال واكسون موبيل وميتسوي وماروبيني وكونوكو فيليبس. وتقوم الشركة بتشغيل أربعة مشاريع للغاز في قطر.
أما شركة راس غاز، فهي مشروع مشترك بين شركة الغاز القطرية (70%) واكسون موبيل (30%)، ويبلغ إنتاج الشركة الأولي 42 مليون طن، والثانية 35 مليوناً من الغاز القابل للتصدير.
وإضافة إلى الغاز، كان لدى قطر في مطلع عام 2016 احتياطيات من النفط الخام تبلغ 25.24 مليار برميل، حسب تقديرات مجلة اويل اند غاز OIL& GAS JOURNAL البترولية المتخصصة، هذا بالإضافة إلى صناعة متنامية للمتكثفات والمنتجات الثانوية الأخرى للغاز الطبيعي.
وفي 2014، أنتجت قطر 2.1 مليون برميل يومياً من البترول، تشمل البترول الخام والمتكثفات والسوائل الناتجة عن حقول الغاز، ويعادل هذا الرقم زيادة قدرها 64% عن حجم الإنتاج عام 2005.
وفي 2012، تجاوز إنتاج قطر من المواد البترولية غير المقطرة من البترول الخام NON-CRUDE LIQUIDS إنتاجها من البترول الخام، ويمكن لهذا النوع من المواد البترولية أن يشكل مصدراً جيداً للنمو الاقتصادي في قطر، وفي عام 2014 شكلت هذه المواد 65% من إنتاج قطر البترولي.
ويتركز إنتاج البترول بشكل رئيسي في قطر في ثلاثة حقول بترول، تنتج معاً ما يعادل 85% من إنتاج قطر من البترول الخام. ومن هذه الحقول، حقل الشاهين، الذي تديره شركة «مايرزك أويل» وكان ينتج 300 ألف برميل يومياً في 2015.
وفي العام نفسه، أنتج حقل الدخان، الذي تديره شركة البترول القطرية 225 ألف برميل يومياً، هذا بينما أنتج حقل «أيد الشرقي IDD AL SHARQI»، الذي تديره شركة اوكسيدنتال 100 ألف برميل يومياً.
وبفضل معملي تكرير تصل طاقتهما الإجمالية إلى 338 ألف برميل يومياً، كانت قطر قادرة على تلبية الاحتياجات المحلية من الوقود، وتحقيق فائض كبير في 2015. وتشكل المنتجات البترولية المكررة معظم صادرات البترول القطري، بما يؤدي إلى تعظيم العوائد البترولية لدولة قطر.
البنوك والنمو
أصبح قطاعا البنوك وأسواق المال من المكونات الرئيسة للاقتصاد القطري على مدى العقود القليلة الماضية، ومع نهاية عام 2015، بلغ إجمالي أصول البنوك القطرية 288 مليار دولار، ليكون قطاع البنوك القطري ثالث أكبر قطاع في دول مجلس التعاون الخليجي.
ويوجد في قطر 18 بنكاً، منها 11 بنكاً قطرياً تعمل 4 منها وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وسبعة بنوك أجنبية. وأكبر خمسة بنوك في قطر كلها قطرية، وتملك 75% من أصول البنوك القطرية.
وفي السنوات الخمس السابقة، كان قطاع البنوك يحقق معدل نمو سنوياً قدره 15% في المتوسط، وهو أعلى معدل للنمو بين البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي. وكانت معدلات النمو الكبيرة، التي حققها قطاع البنوك في السنوات الأخيرة، نتيجة لزيادة معدل إقراض القطاعين العام والخاص والودائع، المرتبطة بمشاريع البنية التحتية.
وفي ضوء هذا الموقف، بدأ عدد من البنوك في مطلع 2016 العمل على ضبط نفقاتها لمواجهة التداعيات السلبية لتراجع أسعار النفط
ويعد أكبر البنوك في قطر، هو بنك قطر الوطني QNB، الذي أسسته الدولة في عام 1964، ولا تزال الحكومة القطرية تسيطر عليه.
ويسيطر هذا البنك على أكثر من 40 % من أصول قطاع البنوك في قطر ويعد واحداً من أكبر البنوك في الشرق الأوسط، وفقاً لحجم الأصول والودائع والقروض
وفي السنوات الأخيرة، أدخل مصرف قطر المركزي القطري مجموعة من التنظيمات الجديدة، التي تهدف إلى دعم قطاعات الخدمة المالية في قطر، وإخضاعها لإطار تنظيمي واحد، تحت قيادة البنك المركزي.
وقبل 2012، كانت هناك عدة كيانات يشرف على كل منها قطاع؛ فهناك كيان للبنوك وآخر للتأمين، وثالث لأسواق المال. والآن يتولى مصرف قطر المركزي الرقابة على القطاعات الثلاثة، وهو أمر يمكن أن يساعد في تنظيمها، ورفع درجة المنافسة بها.
وبعد فترة من التوسع، والتنمية في أعوام 2013 و2014 و2015 و2016، شهدت أسواق المال تقلبات متزايدة، وتأثرت الاتجاهات إلى الاستثمار بانخفاض أسعار النفط.
وفي أواخر عام 2015، تم رفع تصنيف بورصة قطر إلى وضع «سوق ثانوية ناشئة SECONDARY EMERGING MARKET» بواسطة شركة المؤشرات العالمية «فوتسي».
وكانت هذه الخطوة بمثابة اعتراف بالأهمية المتنامية لهذه السوق.
وجاء ذلك في أعقاب قيام وكالة التصنيف الائتماني «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال»، برفع تصنيف السوق إلى وضع السوق الناشئة، في مايو 2014.
وجاء ذلك بمثابة اعتراف من جانب كيانات الاستثمار بأهمية هذه السوق، ومن المتوقع أن تجذب إليها المزيد من رؤوس الأموال.
ورغم أداء سوق المال القطرية الضعيف في الفترة الأخيرة، نجد العديد من المستثمرين المحليين يتوقعون لأسواق المال القطرية أن تكون مستفيداً رئيساً من جهود حكومة قطر الحالية، لنقل المزيد من الأعباء المالية لتمويل التنمية إلى القطاع الخاص، خاصة صناعة الخدمات المالية المحلية.

البنية التحتية
ويرجع النمو الذي حققه القطاع غير النفطي في قطر بشكل رئيسي، إلى العدد الكبير من مشاريع البنية التحتية، التي تقوم بها الحكومة القطرية، والتي أصبحت بدورها مصدراً رئيسياً لعمل البنوك وشركات التأمين والمستثمرين وشركات المقاولات.
وحققت معدلات التشييد معدل نمو قدره 17.8% في عام 2015. وهناك مشاريع رئيسية عملاقة قيد الإنجاز حالياً، منها شبكات السكك الحديدية الوطنية والمحلية، التي تقدر بنحو 35 مليار دولار، وعدد من الطرق السريعة، التي تديرها هيئة الأشغال العامة، وفنادق جديدة ومجمعات سكنية لاستضافة بطولة كأس العالم لعام 2022، والأعداد الكبيرة من السائحين المتوقع حضورهم.
وهناك ثمانية ملاعب مقترحة لاستضافة كأس العالم، بدأ إنشاء ستة منها في مطلع عام 2016، وتوضع حالياً اللمسات النهائية لميناء حمد الجديد، الذي بدأ تشغيله جزئياً في ديسمبر عام 2015.
وتنوي قطر إنفاق نحو 220 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية. وتؤكد الحكومة القطرية، أن هذه المشاريع سوف تمضي قدماً في طريقها المرسوم باستثماراتها الضخمة، مهما كانت أسعار النفط.

نظرة عامة
عندما نأخذ في الاعتبار الإصرار الواضح من جانب الحكومة القطرية على الحفاظ على معدلات إنفاقها الحالية في تطوير البنية التحتية لست سنوات مقبلة على الأقل، نجد معظم المستثمرين والمحللين يتفقون على أن قطر مؤهلة على نحو يفوق جيرانها من الدول المصدرة للنفط لتجاوز الآثار السلبية لتراجع أسعار النفط، كما اتخذ عدد من الصناعات والمؤسسات إجراءات تقشفية، للتعامل مع تداعيات هذا الانخفاض.
وفي الوقت نفسه، جاءت التغييرات التنظيمية، التي أجراها مصرف قطر المركزي وجهات الرقابة الأخرى، بمثابة تطورات إيجابية في قطاعي البنوك وأسواق المال، لنجد الأمر يبعث على التفاؤل.
ويزيد من هذا التفاؤل، إعلان الدولة في قطر عزمها الاعتماد بشكل متزايد على القطاع الخاص الوطني في تمويل وتنفيذ خطط التنمية على مدار السنوات المقبلة. وقد أدى ذلك بدوره إلى انتشار الشعور بالتفاؤل إزاء المستقبل - وإن كان حذراً- في قطاعات البنوك المحلية وأسواق المال والمقاولات، كما أدى الوضع المالي القوي لدولة قطر، ونمو القطاع غير النفطي فيها بالسنوات الأخيرة، إلى حماية الدولة من تقلبات الاقتصاد العالمي، ومع خطط الإنفاق الطموح والمستدامة، يصبح الاقتصاد القطري مؤهلاً لمزيد من التوسع.
وفي الوقت نفسه، تظل تقلبات أسعار النفط تحدياً على الاقتصاد القطري تجاوزه.
copy short url   نسخ
27/03/2017
1453