+ A
A -
ترجمة- أميرة السلاموني
قال تقرير صادر عن مجموعة اوكسفورد بيزنس غروب البريطانية إن قطاع التأمين في قطر شهد توسعا سريعا خلال السنوات الأخيرة، وجاء ذلك على خلفية الإنفاق الحكومي الضخم والتنمية الاقتصادية والوعي المتزايد، بفوائد التغطية التأمينية بين دولة يتزايد عدد سكانها بشكل متسارع.
وحققت صناعة التأمين القطرية خلال الفترة من 2005 إلى 2015، معدل نمو سنويا مركبا، بلغت نسبته 21%، وفقا لبيانات وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني. وبنهاية 2014، كانت قطر ثالث أكبر أسواق التأمين في المنطقة، بما يمثل حوالي 10% من سوق التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي.
ونظرا لأن نمو أسواق التأمين يأتي بالتزامن مع النمو الاقتصادي الكلي، لذلك فالنشاط الذي يشهده الاقتصاد القطري حالياً، يرجح استمرار القفزة الأخيرة في النشاط التأميني حتى 2022، على الأقل، وهو موعد استضافة قطر نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم.


والحقيقة، وفقا لتوقعات مؤسسة ألبين كابيتال للمال والاستثمار، فالمنتظر أن يزيد حجم السوق بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 17.8% من 2014 وحتى 2020 وهو ما يجعل منه أسرع قطاعات التأمين نموا في مجلس التعاون الخليجي، وفقا للتقديرات الحالية.
وقال إلياس شديد، مدير العمليات ونائب الرئيس التنفيذي لشركة سيب للتأمين وإعادة التأمين، بالدوحة لـ«اوكسفورد بيزنس غروب: «هناك العديد من الفرص في قطاع التأمين لا تزال قائمة عبر عدد من القطاعات، بدءا من الهندسة مرورا بالحريق والسلامة ووصولا إلى مختلف منتجات التجزئة. ونظرا للتغييرات التنظيمية الأخيرة والنمو المستمر في عدد السكان، فنحن متفائلون بالمستقبل».
تحديات مستقبلية
ويتسم قطاع التأمين القطري بالتفرد في المنطقة، حيث أنه مقسم إلى شريحتين منفصلتين. 5 شركات وطنية، تميل إلى تغطية معظم المشاريع الحكومية، وتخضع لنظام مصرف قطر المركزي، في حين أن معظم الشركات المتبقية تعمل تحت إشراف هيئة تنظيم مركز قطر للمال وهي هيئة مستقلة.
والفروق بين القواعد التنظيمية التي تصدرها وتنفذها هاتان الهيئتان هي أحد أسباب المخاوف في هذه الصناعة، وقد عرض مصرف قطر المركزي مؤخرا مسودة إطار عمل جيد لتنظيم سوق التأمين، وكان من المتوقع أن يجعل الشركات الوطنية الخمس التي تقدم الخدمات التأمينية أكثر انسجاما مع قواعد هيئة تنظيم مركز قطر للمال، وإن كان توقيت صدور التشريع لم ينته بعد.
هناك تحد رئيسي آخر ويتمثل في عدم وجود قاعدة بيانات مركزية لإحصاءات التأمين، وهذا يجعل من الصعب بالنسبة للشركات أن تتابع التوجهات على المدى الطويل وتجري التحليلات الخاصة بالتشغيل.
الأكثر أهمية ان معدل انتشار التأمين في قطر لا يزال منخفضا يدور حول 1% حتى أواخر 2015، وفقا لموديز– وهذا يمثل تحديا وفرصة في الوقت نفسه. وهذا يجعل متوسط إنفاق الفرد على قطاع التأمين في قطر يبلغ عند 979 دولارا فقط (3564 ريالا قطريا).
وأضافت موديز في تقريرها أن حساب أقساط التأمين في قطر يمثل 1%من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بينما يبلغ المتوسط العالمي 6%. وقال إلياس شديد «إن العلاقة المتبادلة بين الأقساط المدونة في السوق على مدى السنوات الخمس الماضية بالنسبة للنمو السكاني تمثل مشكلة، نظرا للزيادة الجوهرية في أعداد المقيمين والزيادة المنخفضة نسبيا في نمو الأقساط في صناعة التأمين».
ويعمل مصرف قطر المركزي مع هيئة مركز قطر للمال والشركات التي يتكون منها قطاع التأمين معا لتذليل هذه العقبات وغيرها مما يعترض التوسع الحالي. ويبدي معظم اللاعبين المحليين موقفا إيجابيا إزاء آفاق هذه الصناعة، رغم الظروف الاقتصادية اتي تشهدها قطر والمنطقة نتيجة لهبوط أسعار النفط والغاز.
نظرة تاريخية
وقررت قطر في عام 1971 تأسيس صناعة تأمين مكتملة النضج، وذلك سعيا لحماية أصول الدولة التي تشهد اتساعا متسارعا، وصدر مرسوم ملكي بتأسيس شركة قطر للتأمين QIC وكانت أول شركة للاكتتاب ضد المخاطر في البلاد. الآن يصل حجم حصتها إلى حوالي 40% من السوق، وفقا لألبن كابيتال.
وخلال العقد التالي كانت شركة قطر للتأمين تسيطر على السوق المحلية. وفي 1978 تم إطلاق مجموعة الخليج التكافلي AKTG، وبعدها بعام أنشئت القطرية العامة للتأمين وإعادة التأمينQGIRCO. وهذه الشركات أوجدت المنافسة في السوق لأول مرة.
ومع بداية التسعينيات، دخل السوق عدد كبير من الشركات، وقد جذبها النمو السريع لاقتصاد قطر، وشملت قائمة اللاعبين الرئيسيين الذين فتحوا أبوابهم خلال تلك الفترة الشركة الإسلامية القطرية للتأمين QIIC عام 1995، وشركة الدوحة للتأمين DIC 1999، بينما تأسست شركة سيب للتأمين وإعادة التأمين في 2009 وهي اليوم من كبرى الشركات في هذا المجال.
الإشراف والتنظيم
شهدت شركات التأمين في قطر، وعددها 31 شركة، سلسلة من التغييرات التنظيمية في السنوات الأخيرة. ووفقا للقانون رقم 13 لسنة 1912 والمعروف باسم قانون مصرف قطر المركزي، والذي بموجبه أصبح المصرف المركزي هو المنظم الرئيسي لجميع المؤسسات المالية التي تعمل في البلاد.
وقبل إصدار القانون، كان يقوم بالترخيص للشركات وينظم عملها وزارة الاقتصاد والتجارة، وبصفتها شركات مدرجة في بورصة قطر QSE، كانت تشرف عليها هيئة قطر للأسواق المالية QFMA. اليوم انتقل الإشراف على هذه المجموعة إلى مصرف قطر المركزي.
هناك 17 شركة أخرى من شركات التأمين وإعادة التأمين أصبحت مسجلة في مركز قطر للمال. بالإضافة إلى ذلك، يوجد في قطر عدد قليل من الشركات المستقلة للتأمين وإعادة التأمين وبعض شركات التأمين التابعة، والأخيرة هي تلك التي تكون مرتبطة بالشركات الأم العميلة.
ومنذ 2012 عمل مصرف قطر المركزي كمظلة تنظيمية تغطي القطاع بأكمله، ومع ذلك فإن إشرافه المباشر يقتصر على اللاعبين غير المسجلين في مركز قطر للمال.
وفي أواخر 2015، قال السيد عبدالعزيز ناصر الأنصاري مدير الإشراف والرقابة على التأمين في مصرف قطر المركزي، «إن الوضع التنظيمي في قطاع التأمين لا يزال بحاجة إلى حلول – ولذلك كان هناك بعض الالتباس– منذ صدور قانون 2012. أما المسودة الجديدة لقواعد التأمين فقد تم صياغتها للتغلب على هذا الالتباس».
في 2015 أصدر المصرف المركزي مشروع اللائحة التنفيذية لقطاع التأمين، وهي «تغطي، على نحو فعال، متطلبات الإجراءات الاحترازية والأعمال التجارية لشركات التأمين في قطر (خارج مركز قطر للمال)، وفقا لتقرير أصدرتاه شركة بنسنتمانسون القانونية بالمملكة المتحدة، والتي تدير مكتبا لها في قطر. والتوجيهات الجديدة، المتوقع تطبيقها بصورتها النهائية قبل نهاية 2016، ستوضح مجموعة من القضايا، ومن بينها متطلبات الترخيص لشركات التأمين وإعادة التأمين وغيرها من اللاعبين في هذه الصناعة، وكذلك متطلبات إدارة المخاطر وإعداد التقارير.
المواءمة والانسجام
تمثل القواعد عنصرا مهما في تحرك حديث لتحقيق المواءمة والانسجام في البيئة التنظيمية المالية داخل قطر، والتي شهدت انقساما منذ تأسيس مركز قطر للمال في 2005.
والواقع أن قانون مصرف قطر المركزي ويكمله القانون رقم 8 لعام 2012، (قانون هيئة قطر للأسواق المالية)، الذي يهدف إلى وضع القواعد التنظيمية لأسواق رأس المال تحت الولاية القضائية لمصرف قطر المركزي. وبوجه عام، فالمستهدف من هذه الجهود هو تيسير زيادة التعاون والتنسيق بين الهيئات التنظيمية المالية القائمة في قطر، وتشمل مصرف قطر المركزي وهيئة قطر للأسواق المالية وهيئة تنظيم مركز قطر للمال.
وشهدت شركات التأمين المسجلة في مركز قطر للمال تغييرات تنظيمية في السنوات الأخيرة، وفي أكتوبر 2013 قدمت هيئة تنظيم مركز قطر للمال إطار عمل شاملا، بدأ تطبيقه في بداية 2015.
وسعيا لحشد صناعة التأمين في مركز قطر للمال، شمل التشريع مستلزمات تحسين ممارسات إدارة المخاطر واتباع ضوابط أكثر صرامة في تنفيذ كفاية رأس المال والتقييم، وتحسين إجراءات كتابة التقارير والإبلاغ. وإدخال إطار العمل التنظيمي الجديد الذي أعده مصرف قطر المركزي في 2016، من المحتمل أن يعزز هذه المتطلبات، على نحو أكبر. ويضاف لما سبق، وفقا لمصرف قطر المركزي، أن كتاب القواعد الجديد يمكن أن يؤدي إلى جولة من الاندماجات والاستحواذات في السوق.
وقال الأنصاري: «إن قواعد مصرف قطر المركزي تشبه قواعد مركز قطر للمال في 2013، من حيث أنها تفرض شروطا تتعلق بالإدارة ورأس المال على شركات التأمين. وهذا يمكن أن يفضي إلى التوحيد والاندماج، لأن الشركات الأصغر ستواجه صعوبات في تلبية الشروط والمتطلبات الجديدة».
بالأرقام
ووفقا لتصريحات أدلى بها الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال يوسف الجيدة فقد بلغت أقساط التأمين في قطر 1%من الناتج المحلي الإجمالي، (ما يعادل ملياري دولار). وذهب الجيدة إلى القول إن أقساط التأمين قد نمت بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 7% منذ 2011. هذه الأرقام تختلف، على أية حال، عن تلك التي وردت في تقرير ألبين كابيتال، التي ذكرت أنه في 2014 تمكنت شركات التأمين من تحصيل إجمالي أقساط تأمين مكتتبة، قيمتها 2.2 مليار دولار بزيادة ملياري دولار في 2013، و1.3 مليار دولار في 2012، و1.1 مليار دولار في 2011 وحوالي 900 مليون دولار في 2010، وبلغ إجمالي معدل النمو السنوي المركب في القطاع من 2010 إلى 2014 22.4%.
ورغم هذا النمو السريع، كانت نسبة انتشار التأمين في البلاد 1.01% فقط بنهاية 2014 – أقل معدل في المنطقة– وهي أعلى من نسبة 2013 التي كانت 0.95% ونسبة 2012 التي بلغت 0.67%، وفقا لبيانات ألبين.
ويعتبر انتشار التأمين مقياسا للتقييم الجيد للعمل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة. وبوضع ذلك في الاعتبار، نجد أن انخفاض معدل النسبة المئوية في قطر يمكن أن يعزى جزئيا إلى الصغر التاريخي لحجم القاعدة التأمينية، وفي جزء آخر إلى معدل النمو السريع في الناتج المحلي الإجمالي في البلاد خلال العقد الأخير.
وذكرت موديز في تقريرها، إن «ربحية الاكتتاب لأعلى ستة لاعبين ارتفعت بشكل طفيف عام 2015». وأن متوسط النسبة مجتمعة (قياس تكاليف المطالبات والتكاليف كنسبة من الأقساط) تحسنت إلى 97% في عام 2015، بزيادة 1% عن عام 2014.
وبحسب بيانات «ألبين» فإن القفزة التي تحققت في إجمالي حجم العمل على مدى السنوات الخمس الأخيرة حدثت في خطوط التأمين غير المتعلقة بالحياة، والحقيقة أنه في مجال التأمين غير المتعلق بالحياة في 2014 جلب 2.1 مليار دولار من الاكتتابات، في حين أن أنواع التأمين على الحياة مثلت فقط مليار دولار.
وتناقصت كثافة التأمين على الحياة بشكل طفيف من 37 دولارا في 2010 إلى 29 دولارا في 2014. أما كثافة التأمين غير المتعلق بالحياة، ففي الوقت نفسه، تضاعفت تقريبا خلال الفترة نفسها، من 558 دولارا في 2010 إلى 948 دولارا بنهاية 2014، وفقا لألبين كابيتال.
والشركات الوطنية الخمس في قطر، التي تشكل معا أكثر من 60% من إجمالي حجم العمل في القطاع في 2014، مدرجة في بورصة قطر.
ويتكون مؤشر أسهم قطاع التأمين في بورصة قطر، من جميع الشركات الخمس في السوق، وتبلغ قيمته السوقية 22.1 مليار ريال قطري (6.1 مليار دولار)، بما يعادل 4%من حجم القيمة السوقية للبورصة البالغة نحو 553.2 مليار ريال (151.8 مليار دولار).
وقد نمت شركات التأمين المدرجة في البورصة بشكل معتدل في قيمتها على مدار العام، حيث بدأت برأسمال سوقي في 2015 قدره 9.21 مليار ريال قطري (6 مليارات دولار). وبمعايير النشاط التجاري، فإن شركات التأمين، في الوقت نفسه، تعتبر غير نشطة. ووفقا لبيانات بورصة الأسهم، مثل حجم أسهم التأمين التي تم الاتجار بها 9.1% فقط من إجمالي تدولات الأسهم في بورصة قطر للأسواق المالية.
السياق الإقليمي
تعد قطر حاليا صاحبة أسرع الأسواق التأمينية الوطنية نموا، كما أنها تعد، على نطاق واسع، إحدى أسرع المناطق نموا في أسواق التأمين على مستوى العالم، وهي منطقة مجلس التعاون الخليجي.
وبحسب ألبين كابيتال، فإن ناتج العمل الإجمالي بلغ 22.2 مليار دولار في 2014، وهو ما يمثل معدل نمو سنوي مركب يبلغ 13.8% منذ 2010، حيث وصل حجم الاكتتاب إلى 13.3 مليار دولار. فيما يمثل أكبر سوقين بالمنطقة المملكة العربية السعودية والإمارات – معا ما يصل إلى 70% من إجمالي حجم العمل في 2014.
وعلى أية حال، فقد أدى التوسع السريع في صناعة التأمين داخل قطر، إلى أن يتسع نصيب قطر في السوق الإقليمية، على نحو ثابت، لما يعادل 10% في 2014، حيث كان 7.5%في 2010، على سبيل المثال.
وبالمثل، بلغ معدل انتشار التأمين في قطر 1% في عام 2014، وكان أقل بدرجة طفيفة عن المتوسط في مجلس التعاون الخليجي، حث بلغ 1.4%، وذلك بدوره كان أقل كثيرا من متوسط عالمي بلغ 6.3% ومتوسط نظيره في الأسواق الناشئة الذي بلغ 2.7%، وفقا لألبين. ونظرا لأن نمو سوق التأمين في قطر فاق نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلاد وفي مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الأخيرة، فالمتوقع أن ترتفع معدلات انتشار التأمين بالمنطقة في المستقبل المنظور.
وبأخذ هذه العوامل وغيرها في الحسبان، بلغ الحدان الأقصى والأدنى لمعدل النمو السنوي المركب بدول مجلس التعاون خلال الفترة من 2014-20، وفقا لتقديرات ألبين، 18.7% و14.1% على التوالي.
التركيز على البناء
وفي ضوء اعتماد الاقتصاد المحلي على العوائد المرتبطة بالهيدروكربونات والمشاريع الحكومية، فليس بغريب أن تكون اليد العليا للتأمين على البناء والطاقة في شريحة التأمين غير المتعلق بالحياة وذلك بمعايير ناتج العمل الإجمالي خلال السنوات الأخيرة في قطر. ويخدم هاتين الشريحتين بشكل أساسي الشركات الوطنية الخمس، وهي شركة قطر للتأمين وشركة الدوحة للتأمين ومجموعة الخليج التكافلي والشركة الإسلامية القطرية للتأمين والقطرية العامة للتأمين وإعادة التأمين.
وفي ضوء عملياتها طويلة الأمد بالبلاد، وعدم تبعيتها لمركز قطر للمال، تميل الحكومة لتفضيل التعاقد مع هذه الشركات. هذه الوضعية سببت مخاوف لدى شركات التأمين داخل بيئة تشغيل محدودة نسبيا وبإجراءات مركز قطر للمال.
وقال شديد: «بشكل عام، فإن الشركات التابعة لمركز قطر للمال ظلت خاضعة لقيود أكثر تشددا من غيرها التي تخضع في عملها لأنظمة الدولة الأخرى المتنوعة في التشغيل. وكتاب الإرشادات الجديد لدى مصرف قطر المركزي، يجب أن يضيق الفجوة بين مجموعتي الشركات على مستوى مضمار اللعب، والمؤمل منه أن يقلل من حالة الالتباس حول من هي الشركات المؤهلة للتأمين على مشاريع البناء الكبرى التي تنفذها الدولة، على سبيل المثال».
ونظرا للحجم الصغير نسبيا لهذه الصناعة، فلا توجد أية شركة بمفردها – وطنية كانت أم غير ذلك– لديها القدرة على تغطية مخاطر المشاريع، على نطاق العديد من المشاريع العملاقة في مجال البنية الأساسية التي يجري تنفيذها حاليا في قطر.
اما التأمين على السيارات ضد الغير فهو، مسألة إلزامية في قطر. ولذلك، فإن هذه الشريحة تعد واحدة من أهم الشرائح التي لا علاقة لها بالتأمين على الحياة في البلاد. ووثائق التأمين على السيارات تمثل نسبة مئوية يعتد بها من إجمالي منتجات العمل التأميني في معظم شركات التأمين في البلاد.
ويمكن القول إن معدلات أقساط شركات المسؤولية تجاه الغير تحددها الحكومة، وأن المنافسة شديدة على عملاء التأمين على السيارات. ونظرا لانخفاض الأسعار، فإن هذه الشريحة هي الأكبر خسارة في بعض الشركات. ومعظم شركات التأمين تعمل لمعالجة الخسائر في تغطية المسؤولية تجاه الغير عن طريق إصدار وثائق شاملة للسيارات، وهي ليست إجبارية ولا تتحكم فيها الدولة وبالتالي فهي مربحة.
الصحة والحياة
كما هي الحال في أية دولة خليجية، يمثل التأمين على الحياة نسبة مئوية صغيرة جدا من إجمالي مننتج العمل التأميني في قطر، إذ تدور النسبة حول 0.03% منذ 2011، وفقا لألبين. ونظرا لالتزام الدولة منذ زمن طويل بالإنفاق على الرعاية الاجتماعية، ولحقيقة أنه منذ عام 2014 كانت قطر أغنى دول العالم من حيث متوسط دخل الفرد، حيث وصل المتوسط السنوي لدخل الفرد إلى ما يقرب من 100 ألف دولار، فإن التأمين على الحياة، والذي يتم تسويقه أساسا باعتباره منتجا استثماريا في معظم باقي العالم، لا يزال حتى الآن بحاجة للترويج بين عموم السكان. وحاليا لا يزال تقديم منتجات التأمين على الحياة مقتصرا على الشركات الدولية التي تعمل من خلال مركز قطر للمال.
التكافل الإسلامي
لقد أثرت بعض تعاليم الدين الإسلامي على بعض أنواع من المعاملات المالية التي تعتبرها الشريعة الإسلامية محرمة، مثلما أثرت على أنشطة التأمين على الحياة محليا، ومع ذلك هناك توجه جديد لتقديم منتجات متفقة مع الشريعة، ويمكن أن تحقق قفزة أولية في نشاط هذا القطاع.
وقد انطلق مشروع التأمين التكافلي (التأمين الإسلامي) في قطر خلال السنوات الأخيرة، وكذلك عبر أنحاء المنطقة، والحقيقة، أنه انتشر حول العالم منذ منتصف العقد الأول من هذا القرن. وهناك اثنتان من أكبر خمس شركات للتأمين يتفق عملهما مع الشريعة وهما مجموعة الخليج للتكافل والشركة الإسلامية القطرية للتأمين.
ووفقا لشركة إرنست ويونج، فمنذ عام 2014 كانت قطر ثالث أكبر أسواق التكافل في مجلس التعاون الخليجي، ونصيب الدولة أخذ ينمو خلال السنوات الأخيرة. أما سوق الرعاية الصحية، في الوقت نفسه، فقد مر بعدد من التغييرات الكبرى في السنوات الأخيرة. وتقليديا، قدمت الدولة الخدمات الطبية مجانا بالمستشفيات الحكومية. وفي 2013، أطلقت السلطات القطرية برنامج التأمين الصحي الإجباري تحت مسمى «صحة»، وكان الهدف منه تقديم تأمين صحي إجباري للقطريين والمقيمين من الأجانب أيضا، حيث تقوم الدولة بتحمل تكلفة التأمين على المواطنين. وكان لزاما على أصحاب الأعمال أن يسددوا الأقساط التأمينية لكل من يعملون لديهم من المقيمين الأجانب. وتولى مهام إدارة المشروع الشركة الوطنية للتأمين الصحي، التي تأسست في 2013. وقد أطلقت المرحلتان الأولى والثانية في 2013 و2014، حيث تم التأمين على جميع الموطنين القطريين. وعلى أية حال، فإن المرحلة الثالثة التي كان يفترض تخصيصها للتأمين على الأجانب وإطلاقها في 2016، لم تكتمل. وفي ديسمبر 2015، أعلنت الحكومة تعليق «صحة»، وأن الشركة الوطنية للتأمين الصحي ستوقف عملياتها في نهاية العام.
لم يكن إلغاء البرنامج متوقعا. حيث كان قرار إيقاف برنامج «صحة» قد اتخذه مجلس الوزراء، الذي «قرر بدلا من ذلك، الاعتماد على شركات التأمين الخاصة التي لها خبرة في هذا المجال، لتقديم خدمات التأمين الصحي». والحقيقة أن وزارة الصحة العامة، التي تتولى تنظيم القطاع الصحي، كانت تعمل مع العاملين في صناعة التأمين، لتقدم التأمين الصحي لمن يحملون الهوية القطرية من قبل القطاع الخاص. وإلغاء برنامج صحة – الذي طالما دعا إليه القطاع الخاص– يبشر بنمو ناتج العمل الإجمالي للتأمين في السنوات المقبلة.
إعادة التأمين
كما هو الحال في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، فإن صناعة التأمين القطرية تفقد جزءا لا يستهان به من ناتج العمل الإجمالي لصالح قطاع إعادة التأمين، نتيجة للنقص سواء من ناحية الموارد البشرية أو راس المال.
وبحسب ألبين كابيتال، فالعديد من شركات التأمين المحلية تستحوذ على أقل من 10% من أقساط التأمين المكتتبة، بينما يتناثر الباقي لشركات إعادة التأمين في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا.
وقفزت أسعار التنازلات في السنوات الأخيرة نتيجة لسرعة تركيز صناعة التأمين المشاريع وصناعة البناء. ونظرا لأن المنتجات منخفضة المخاطر مثل وثائق التأمين على السيارات والصحة، يحتفظ العديد من الشركات بارتفاع قدره 50% من ناتج العمل الإجمالي. ولذلك، فزيادة الإقبال على القطاع الطبي في السنوات المقبلة، يمكن أن يرفع معدلات العمل محليا.
وقد دفع الاعتماد المتزايد على إعادة التأمين بعض الشركات المحلية لإنشاء كيانات خاصة بها. في 2009، على سبيل المثال، أطلقت الشركة القطرية للتأمين، قطر لإعادة التأمين، التي فازت بلقب أكبر شركة لإعادة التأمين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من قبل شركة أيه إم بست الدولية للتصنيف. وعلى أية حال، فقد افتتحت قطر لإعادة التأمين فرعا في برمودا في 2015، وبالتالي لم تعد تعتبر شركة قاصرة على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ورغم الأداء الإيجابي للقطاع خلال السنوات الأخيرة، فإن مصرف قطر المركزي سعى لرفع مستوى مجال العمل من خلال ضوابط جديد للإرشادات في مجال التأمين، مع استمرار دور الدولة في تطوير وتنمية البنية التحتية استعدادا لكأس العالم 2022، وبالتالي فمن المتوقع، على نطاق واسع، أن يواصل قطاع التأمين نموه السريع في المستقبل المنظور. ووفقا للنشرة السنوية «مؤشر التأمين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» التي يصدرها مركز قطر للمال، فالمتوقع أن يواصل الاقتصاد القطري نموه بوتيرة سريعة تفوق نظيراتها بجميع دول مجلس التعاون الخليجي حتى 2019، على خلفية حجم الإنفاق الحكومي، والذي يصب في صالح شركات التأمين المحلية، والتي يعتمد معظمها، بدرجة أو بأخرى على الشركات الحكومية، بشكل مباشر أو غير مباشر. وقال الأنصاري: «إن سوق التأمين قوية جدا، ونعتقد بأن إطار العمل التنظيمي الجديد سيجعلها أكثر قوة. هناك فرصة جيدة مع تطور الإدارة والممارسة، لأن يتمكن كثير من الشركات من الإقدام على المخاطرة، وهذا جيد بالنسبة للسوق وللاقتصاد ككل».
copy short url   نسخ
23/03/2017
1590