+ A
A -
كتب– محمد حمدان
قال مراقبون لأسواق المال ان شركات الوساطة المالية العاملة في السوق المحلي تواجه أزمة تتمثل في تراجع سيولة (قيمة) التداولات في البورصة القطرية الأمر الذي يهدد بتآكل ايراداتها حيث تشير البيانات المتاحة إلى تراجع متوسط منسوب السيولة اليومية المتداولة بواقع 27% في 2016 لتبلغ مستوى 280.3 مليون ريال في 2016 فيما يبلغ عدد البنوك والشركات المالية المدرجة في بورصة قطر 14 من أصل 44 شركة مدرجة حيث يستحوذ هذا القطاع على نحو 40% من إجمالي القيمة الراسمالية للبورصة وبحسب البيانات ذاتها فقد بلغت احجام التداول خلال العام الماضي نحو 1.97 مليار سهم، من خلال 997.5 ألف صفقة، بسيولة بلغت مستوى 68.98 مليار ريال. مقابل تداول نحو 2.3 مليار سهم بقيمة قدرها 96 مليار ريال في 2015.


واوضح المراقبون أن شركات الوساطة المالية تخلت عن دورها المتمثل في تقديم الاستشارات المالية لعملائها نتيجة ارتفاع تكلفة الاستشارات والتوصيات وعزوف المستثمرين عنها في ظل اعتمادهم على خبراتهم الشخصية في التداول من خلال التداول الالكتروني مباشرة الأمر الذي ترك ساحة تقديم الاستشارات المالية والتوصيات لمنتديات وحسابات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» دون ضابط أو رادع تبث الشائعات وتضلل المستثمرين.
وتعمل بالسوق المحلي نحو (11) شركة وساطة مالية وهي QNB FS، المجموعة للاوراق المالية، ودلالة للوساطة، CBQ IS، ومجموعة الاستثمارات الخليجية، وقطر للأوراق المالية، ودلالة للوساطة الإسلامية، والإسلامية للأوراق المالية، والعالمية للأوراق المالية، والأهلي للوساطة، والريان للوساطة المالية ويعتبر الوسيط حلقة الوصل فيما بين المستثمر البائع والمستثمر المشتري، وهو الجهة المخولة قانوناً بتنفيذ عمليات البيع والشراء نيابة عن المستثمرين، حيث لا يجوز للمستثمرين إتمام عمليات البيع والشراء فيما بينهم، وإنما من خلال وسيط معتمد للعمل في البورصة.
وبحسب البورصة فإنه لا بد للمستثمر الجديد أن يتأكد من أن الوسيط مدرج ضمن قائمة الوسطاء المرخص لهم العمل في البورصة، ويمكن للمستثمر التأكد من ذلك عن طريق الاتصال ببورصة قطر أو من خلال الدخول للموقع الإلكتروني للبورصة. ومن بين الأمور التي ينصح بها قيام المستثمر بزيارة الوسيط، إن أمكنه ذلك، وذلك من أجل التعرف على طبيعة المعلومات التي يوفرها، وأنواع الخدمات التي يقدمها للمستثمرين. وإن تعذر على المستثمر ذلك، فإن بإمكانه التعرف على ذلك من خلال الدخول على المواقع الإلكترونية للوسطاء المبينة على الموقع الإلكتروني للبورصة، أو الاتصال بالبورصة للحصول على أي معلومات يمكن أن تفيده في اختيار الوسيط الذي ينشده. ويتقاضى الوسيط من المستثمر عمولة بنسبة 0.00275 (أي ريالين وخمسة وسبعين درهماً لكل ألف ريال من قيمة الصفقة المبرمة)، وذلك نظير قيامه بالتوسط بين أطرافها، ويتم تحصيل هذه النسبة من كل طرف من أطراف الصفقة كل على حدة، وبحد أدنى 30 ريالاً من الطرف البائع و30 ريالاً من الطرف المشتري. ويجوز للوسيط الاتفاق كتابة مع عملائه، على أن يقدم لهم بعض الخدمات الأخرى التي يجيزها البورصة مسبقا، لقاء عمولة مضافة تخضع لاتفاق الطرفين. ويقصد بالخدمات الأخرى، كل خدمة يعرضها الوسيط، أو يطلبها العميل، يكون من شأنها توفير الوقت والجهد للعميل وحصوله على خدمات أكثر تميزا. ولا تمثل هذه الخدمات عنصرا جوهريا من عناصر التوسط بين طرفي عملية التداول.
القرار الاستثماري
وفي التفاصيل يقول المستثمر ورجل الاعمال حمد صمعان الهاجري، أنه يستثمر عن طريق شركات الوساطة المالية، مشيراً إلى ان حساسية الوضع المالي والقرار الاستثماري تجعله يلجأ لشركات الوساطة ومن ثم اتخاذ القرار الاستثماري وشراء الاسهم والقيام بكافة العمليات من بيع وشراء وتداول وغيرها.
واضاف؛ أن اللجوء إلى شركات الوساطة المالية يأتي بغرض تفادي الاخطاء والعواصف المالية والمتغيرات التي تحدث بين الحين والآخر، لذا فإن شركة الوساطة المالية اعمق في قراءتها للسوق والتنبؤ بالمستقبل وكذلك نوعية الاسهم التي يمكن الاستثمار فيها من حيث الجودة وفرص الربحية وغيرها.
وأكد ان التداول الالكتروني يقلص تأثير شركات الوساطة داعياً إلى ضرورة اتساع القاعدة التشريعية التي تتيح للافراد التداول الإلكتروني المباشر، مشيراً إلى أن كافة الـــقرارات الاستثمارية التي يتخذها المستثمر، سواء كان فرداً أو مؤسسة، تعتمد في جزء كبير على تدفق المعلومات والبيانات الواردة إليه من السوق، والتي تقوم بتحليلها ودراستها شركات الوساطة، التي من دورها تقديم كافة البيانات والمعلومات والتقارير المدققة التي قد تساعد المستثمرين على اتخاذ القرارات السليمة.
ويرى الهاجري، أن رأسمال شركات الوساطة المالية يكمن في خبرتها ومعرفتها التي تتمتع بها وتقديمها للاستشارات والتوصيات بدلاً من ترك الحبل على الغارب لمروجي الشائعات ومنتديات التواصل الاجتماعي، مبيناً أهمية حدوث اندماجات بينها وزيادة رأسمالها، لافتاً إلى انها بجانب عملها في الوساطة المالية فإن لها مصادر دخل أخرى من خلال عملها على المضاربات والاستثمار.
واوضح إن شركات الوساطة المالية تواجه العديد من التحديات، أهمها شح السيولة التي اتسمت بها تداولات البورصة خلال العامين الماضيين، مضيفاً أن العديد من هذه الشركات بدأت في التوجه نحو ترشيد النفقات، والبحث عن تقديم خدمات مبتكرة وجديدة، موضحاً أن السوق القطري يحتاج إلى دخول مستـــــثمرين ذوي ملاءة مالية قوية، وهو ما سيساعد السوق بشكل عام، مشيراً إلى أن الاستــثمار المؤسسي ضرورة ملحة خلال المرحلة المقبلة.
عوائق الدفع
من جانبه يقول رجل الأعمال ونائب رئيس الغرفة السابق عبدالعزيز العمادي، أنه سبق وتعامل مع شركات وساطة مالية في العملية الاستثمارية بالبورصة، لافتاً إلى انها تقوم بدور حلقة الوصل الضرورية لتنظيم السوق، بين المستثمر والبورصة كقناة استثمارية، لكنه يؤكد أن المستثمر لن يستفيد من الجوانب الاستشارية لها.
ويرى العمادي، ان نظام الدفع وتسديد الالتزامات المالية تعوق التداول المباشر الفردي، لافتاً إلى انه حال تطور التشريعات ووجود تداول إلكتروني مباشر فإنها تواجه تحدي وجودها كمؤسسات مستقبلاً لجهة أن الدور الاساسي لها سينتهي مما يقلل من فعاليتها وستواجة شبح التلاشي.
واشار إلى أن بعض شركات الوساطة المالية تشكو من أن إعداد وتقديم الدراسات المالية، أصبح مكلفاً وسط اقبال ضعيف للغاية من المستثمرين على هذه الدراسات المالية والتوصيات في ظل اعتماد المستثمرين في البورصة على خبراتهم الشخصية فقط خصوصاً وأن حصة شركات الوساطة من عمولة التداول تبدو ضئيلة، ولذا من المحتمل أن تتجه بعض هذه الشركات إلى تخفيض نفقاتها.
وأكد أن وجود شركات الوساطـة ضروري لتنظيم السوق لافتا إلى ان قطاعا واسعا من المستثمرين مازال يفضل التعامل مع الوسطاء مباشرة رغم صعود التداول الالكتروني إلى المشهد في السنوات الأخيرة.
وأضاف أن شركات الوساطة في قطر، يبدو اهتمامها بتقديم التحليلات المعمقة والتوصيات المالية ضئيلاً حيث أن المستثمر يعتمد على رأيه الشخصي في غالـــب الأحيان.
حلقة وصل
وفي ذات السياق يقول المحلل المالي فواز الهاجري، أن شركات الوساطة المالية أرباحها الاساسية من عمولات الوساطة وبالتالي فإنها منكشفة بشكل كبير على تقلبات مستويات تداولات الأسهم مضيفا لا يوجد تداول مباشر الآن عن طريق شركة الوساطة المالية فهي حلقة الوصل بين المستثمر والمساهم، موضحاً ان الافراد في الغالب يتابعون عمليات التسجيل والرخص والتداول بينما عملية السداد تتم عن طريق شركة الوساطة المالية.
وأكد أهمية دور الوسيط الذي يعمل على تقليل مخاطر الاستثمار للمتداولين بتوفير المعلومات قدر المستطاع ووفق القوانين المتاحة للمستثمرين، بحيث يقلل ذلك من خسائر محتملة تسير بشكل مواز مع أي استثمار، مبيناً ان الاوضاع الماثلة الآن مازالت تشير إلى استمرار دور الوسيط لخلق ربط بين أصحاب الفائض المالي والبائع، كما أن مهنة الوساطة تسمح بنمو علاقة التمويل المباشر بين المقرضين والمقترضين، وتخلق قناة جديدة تمر عبرها الأموال بين أصحاب الثروات والاحتياجات الاستثمارية.
واشار إلى أن دور الوسيط يبدو مقتصرا حاليا على إدخال أوامر خاصة بالعملاء سواء للبائع أو المشتري بأنظمة البورصة وعلى مسؤوليته الكاملة وفق مبدأ التحقق المسبق للأصول والأرصدة، كما أن عملية ضمان الدفع للمشتري تكون تحت معية شركات الوساطة، وأن توفير أرصدة الأسهم محل البيع أيضا تقع ضمن النظام نفسه.
وتابع؛ إنه برغم التحديات التي تواجه شركات الوساطة فإنها طورت طريقة التعامل مع عملائها عبر التداولات الالكترونية على أجهزة المحمول، اضافة إلى الطرق التقليدية السابقة من حضور أو اتصال هاتفي أو رسائل الكترونية أو نصية.
وأشار إلى أن شركات الوساطة لعبت دورا مهما أثناء الأزمة المالية العالمية، حيث حفظت حقوق المتداولين من خلال ضمان الدفع للبائع خاصة مع تلاعب شركات استثمارية وغيرها بالشراء على المكشوف دون الدفع، ما أدى إلى قيام عدد من شركات الوساطة بالسداد نيابة عن هؤلاء العملاء الأمر الذي قلل من مخاطر السوق.
وكانت بورصة قطر قد عقدت في منتصف العام الماضي، لقاء تشاورياً ضم مديري وممثلي شركات الوساطة المعتمدة في السوق، وتم خلاله تبادل الآراء حول التطورات التي طرأت على بورصة قطر أخيرا وتحليل لأوضاع السوق والأمور ذات العلاقة بالتداول والتحديات التي تواجه شركات الوساطة ووسائل تخفيض التكاليف وعوامل النهوض بسوق رأس المال القطري وتطوير أعمال شركات الوساطة من خلال التوسع في الخدمات الموجهة للمستثمرين مثل أنشطة تزويد السيولة والتداول بالهامش وأنشطة البحوث والدخول المكفول إلى السوق.
وحينذاك أكد السيد راشد بن علي المنصوري الرئيس التنفيذي لبورصة قطر خلال اللقاء، على أهمية استمرار عمليات التشاور والنقاش مع الوسطاء المعتمدين في السوق لمناقشة المسائل والمقترحات المهمة في اجتماع طاولة مستديرة كخطوة أولى ومتابعة ومحاولة تفعيل هذه المقترحات كخطوة ثانية.
وفي اللقاء تم التطرق إلى بحث سبل تقليل التكاليف المرتفعة التي تتكبدها شركات الوساطة في مقابل العائدات المنخفضة التي تحققها، حيث أشار السيد المنصوري إلى أن البورصة تعمل على مساعدة شركات الوساطة على تخفيض التكاليف التشغيلية فيما يتعلق بأنظمة تكنولوجيا المعلومات من خلال توحيد الأنظمة المستخدمة من قبل شركات الوساطة واستضافتها في البورصة بحيث تتولى جهة مركزية واحدة مسؤولية الصيانة والتراخيص والتشغيل مقابل رسوم قليلة تتحملها الشركات المستفيدة.
copy short url   نسخ
23/03/2017
3182