+ A
A -
كتب- محمد حمدان




قال مراقبون للسوق العقارية إن رفع سعر الفائدة سيفاقم أزمة القطاع الذي يعاني الركود حالياً بفعل ارتفاع تكلفة الاقتراض وانخفاض عوائد الاستثمار العقاري وزيادة أعباء القروض على شركات التطوير العقاري. وقام مصرف قطر المركزي الخميس الماضي بتعديل في أسعار الفائدة، في أعقاب قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) رفع سعر الفائدة الأساسي؛ حيث تم رفع سعر فائدة الإقراض من المصرف (QMRL) من 4.75 بالمائة إلى 5.00 بالمائة، وأيضاً رفع سعر فائدة الإيداع لدى المصرف (QMRD) من 1 بالمائة، إلى 1.25 بالمائة على أن يسري العمل بهاتين الزيادتين من تاريخه، موضحاً أنه تم أيضاً خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 4.75 بالمائة إلى 4.50 بالمائة، وذلك ابتداء من شهر أبريل 2017.
وأضاف: إن هذه التعديلات تأتي بناء على المعطيات الاقتصادية المحلية والدولية.

وكان مصرف قطر المركزي أعلن خلال ديسمبر الماضي عن رفع لأسعار الفائدة؛ حيث رفع سعر فائدة الإقراض (QMRL) من 4.50 بالمائة إلى 4.75 بالمائة، ورفع سعر فائدة الإيداع لدى المصرف (QMRD) من 0.75 بالمائة إلى 1 بالمائة، فيما عدّل سعر إعادة شراء أوراق الدين العام (REPO) ليصبح 2.25 بالمائة، واستحقاق عمليات إعادة الشراء من 14 يوماً إلى 7 أيام.
وأوضح المراقبون أن المطورين العقاريين سيحملون المستهلك النهائي (العملاء) فاتورة ارتفاع الفائدة وتزايد كلفة التمويل العقاري؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تعميق ركود السوق العقارية وسط مخاوف من استمرار مسلسل رفع الفائدة خصوصاً أن التوقعات تؤشر إلى إمكانية ارتفاع الفائدة مرتين إضافيتين خلال 2017 بخلاف الرفع الأخير في مارس الجاري، لافتين إلى أن الحذر بات يسيطر على المستثمرين في السوق العقارية المحلية مع إمكانية تسرب بعض المستثمرين العقاريين للودائع المصرفية بعد تزايد جاذبيتها كوعاء ادخاري مضمون بمخاطر صفرية في أعقاب رفع الفائدة محلياً.
وقال الخبير والمثمن العقاري خليفة المسلماني،: إن رفع الفائدة سينعكس سلباً على القطاع العقاري نتيجة زيادة كلفة التمويل والاقتراض؛ حيث قامت البنوك المحلية برفع كل العقود الحالية، بما يتناسب مع رفع سعر الفائدة الجديد بواقع ربع نقطة، مما سيزيد أعباء القروض من جهة، ويساهم في ارتفاع حجم الودائع البنكية من الجهة الأخرى، لافتاً إلى أن تأثيرها السلبي على زيادة أعباء القروض سيكون أكثر.
وأكد أن العوامل المحيطة بالقطاع العقاري، بل وحتى بالاقتصاد القطري ككل، تجعل تأثير رفع الفائدة الذي تكرر في الفترة الأخيرة ليس محدوداً، ولذا من المتوقع أن ينعكس على جميع تعاملات السوق العقارية في ما يختص بالقروض سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض وهذا سيحد من تطور ونمو القطاع العقاري لجهة أن أسعار الفائدة المرتفعة تقلل حماس المطورين والشركات العقارية في التوسع خاصة في ظل الركود العقاري آنياً.
ولم يستبعد المسلماني إمكانية تسرب بعض المستثمرين العقاريين للودائع المصرفية بعد تزايد جاذبيتها كوعاء ادخاري مضمون بمخاطر صفرية في أعقاب رفع الفائدة محلياً؛ لافتاً إلى احتمال ارتفاع أسعار العقارات؛ حيث سيلجأ المطورون العقاريون إلى تحميل المستهلك النهائي (العملاء) فاتورة ارتفاع الفائدة وتزايد كلفة التمويل العقاري الأمر الذي سيؤدي إلى تعميق ركود السوق العقارية.
وأضاف انه عند رفع سعر الفائدة، فإن القروض من البنوك ستزيد فوائدها، ما يسبب عبئاً على الشركات والأفراد المقترضين، ونظراً لأن القروض العقارية تعتبر الأكبر والأساسية في تعاملات البنوك فإنها ستتأثر كثيراً وربما تقل بنسبة كبيرة وقد تشهد السوق انحسار الإقبال علي القروض.
ارتباط عكسي
وفي السياق ذاته يرى الخبير العقاري يوسف حمد السويدي، أن هناك حزمة من المخاوف من استمرار وتيرة رفع الفائدة وهو ما بدأ يفكر فيه مستثمرون عقاريون حالياً ودفع السوق العقارية لحالة من الحذر والترقب؛ حيث من المتوقع أن ينخفض هذا العائد مع ارتفاع معدلات الاقتراض، مؤكداً في الوقت ذاته على أن ارتفاع أسعار الفائدة يرتبط ارتباطاً عكسياً بأسعار العقار، لاسيما أن المستثمر يبحث دائماً عن العائد الثابت والمضمون.
وأشار إلى أن السوق العقارية تعيش حالياً حالة من الركود في ظل غياب الطلب القوي، لافتاً إلى أن ذلك قد انعكس على أسعار العقارات الاستثمارية والتجارية التي بدأت تشهد تراجعاً في أسعارها تحت وطأة ضغوط الركود الحالي.
وأضاف: إن ما يحدث في السوق العقارية بين الحين والآخر من صفقات عقارية لا يعدو كونه مجرد عمليات تبادل لا تؤثر على النشاط الفعلي للسوق ولا تغير من وضعها الحالي، فالتداولات الحقيقية التي كان يتم تسجيلها من خلال إدارة التسجيل العقاري تعتبر مؤشراً ودليلاً على الحركة التصحيحية للسوق، مبيناً أن مقارنة تلك التداولات مازالت محدودة مقارنة بفترة الازدهار العقاري خلال السنوات الماضية.
وأكد أن توالي ارتفاع أسعار الفائدة سيؤدي إلى انخفاض الاستثمارات العقارية في قطر وهذا سيؤثر علي مجمل حركة السوق العقارية المحلية، مشدداً على ضرورة وجود منتجات بنكية تسهل للمتعاملين الاستثمار في القطاع العقاري، باعتبار أن البنوك المحلية شريك أساسي وتلعب دوراً مهماً في توجهات ونمو القطاع العقاري محلياً، لافتاً إلى أهمية وجود مرونة في الإجراءات بين الأطراف العاملة في القطاع كافة.
وأضاف: إن المعروض العقاري الذي يدخل السوق تباعاً لايزال يواجه طلباً محدوداً لجهة التراجع الكبير في أسعار العقارات، مبيناً أن الشركات تقدم تسهيلات مالية بالاتفاق مع المؤسسات المالية لمتعامليها من المستثمرين وفقاً لحاجاتهم ونوعية القعارات والمبالغ التي يرغبون في استثمارها، مشيراً إلى أنه وبعد الموافقة على طلب التمويل يتم إجراء كل العمليات العقارية.
وأوضح أن الشركات تساعد المستثمرين والمتعاملين للوصول إلى التمويل المناسب من خلال اتفاقيات مبرمة بين الشركات والبنوك، لافتاً إلى أن الاتفاقيات لا تقدم بالضرورة معدلات فائدة أقل للمتعامل، بل تقديم تسهيلات وسرعة إنجاز المعاملات وتوفير قناة تمويلية لمساعدة المستثمر على اتخاذ القرار.

تأثير محتمل
من جانبه قلل الخبير والمثمن العقاري عدنان إبراهيم من تأثيرات رفع سعر الفائدة محلياً بواقع ربع نقطة متابعاً: «نسبة رفع الفائدة ليست كبيرة، صحيح انه الرفع الثاني للفائدة في 3 أشهر ولكن مستويات الفائدة تبقى في حدود مقبولة وتحت السيطرة»، لكنه أبدى تخوفه من إمكانية استمرار وتيرة رفع الفائدة خلال العام الجاري؛ حيث تشير البيانات المتاحة إلى رفع إضافي لأسعار الفائدة مرتين على الأقل في 2017 بخلاف رفع الفائدة في مارس وإذا افترضنا ارتفاع الفائدة مرتين إضافيتين بواقع ربع نقطة مئوية فإن هذا يعني ببساطة بلوغ سعر الإقراض (QMRL) مستوى 5.5% وسعر الإيداع مستوى 1.75% بنهاية العام الجاري الأمر الذي سيزيد أعباء الاقتراض.
وأضاف: حينها سترتفع أعباء القروض على العقاريين مما يحد من خططهم التوسعية خاصة في ظل نمو القطاع العقاري بالسوق المحلية والبنية التحتية التي تشهدها قطر، مشيراً إلى أن مصرف قطر المركزي اتخذ قراره برفع الفائدة عقب القرار الأميركي بهدف المحافظة على تنافسية وجاذبية العملة المحلية، وهو ما يعطى إشارة للسوق بأن «المركزي» من المرجح أن يستمر في اقتفاء أثر أي رفع أميركي في 2017.
وأشار إلى أن السوق العقارية المحلية كانت تترقب خطوة من هذا النوع، مشيراً إلى أن العقار يعتبر أحد الأصول المهمة بالنسبة لدولة قطر وغيرها من دول الخليج العربي، حيث شهدت هذه الأصول ارتفاعات متواصلة خلال ارتفاع أسعار النفط خصوصاً قبل 2014، إلى أن حلت عمليات الركود العقاري جراء تراجع أسعار النفط عالمياً والتي مازالت تداعياتها مستمرة.
وتابع: إن قرار رفع الفائدة الحالي سيكون له تأثيرات عملية ونفسية، فالتأثيرات العملية ستؤدي إلى تراجع إقبال المطورين العقاريين وضمور الاستثمار العقاري وصولاً لمرحلة التوقف شبه التام عن شراء العقار، كما أن هذا القرار يؤدي إلى تراجع العقاريين عن الاقتراض من البنوك، لأن نسبة الفائدة مرتفعة وسترتفع مستقبلاً في ظل الحديث عن الرفع المتكرر للفائدة، أما على الصعيد النفسي فقد يكون هناك تأثير ملحوظ خلال الفترة المقبلة يتجلى من خلال إحجام المستثمرين عن عمليات البيع والشراء انتظاراً لفرص جديدة قادمة خلال العام الجاري.
وتوقع ابراهيم أن يتبع خطوة رفع الفائدة ربع نقطة مئوية ارتفاعات أخرى وعندها سيكون هناك تأثير ملحوظ على صعيد السوق العقارية المحلية والخليجية على حد سواء.
وأكد إبراهيم أنه ورغم ذلك هناك تسهيلات للمطورين إلا أن تلك التسهيلات تتوقف أيضاً على جوانب أخرى مثل هدف المشتري ونوعية العقار «استثماري أم إداري أم سكني» لافتاً إلى أن بعض المطورين يقومون بعملية إعادة بيع العقار واكتساب عوائد إضافية عليه، كما أن عملية السداد تختلف حال كانت عن طريق القروض البنكية.
ويرى أن هناك العديد من العوامل الاقتصادية والقانونية وغيرها تؤخذ في الحسبان مثل السياسات المالية التي بدورها تتمثل في الظروف المحيطة وتأثيرات تقلبات أسعار النفط، بالإضافة إلى اتجاهات ناتجة عن العرض والطلب، فكلما زاد العرض انخفضت الأسعار، وكلما زاد الطلب ارتفعت الأسعار، وكذلك السياسات النقدية التي تتمثل في أسعار الفائدة لدى البنوك والتي تؤثر على اتجاهات الأثمان صعوداً وهبوطاً، بجانب العوامل القانونية التي تندرج ضمن تلك الاعتبارات والتي تتمثل في سندات الملكية العقارية ووثائق الملكية.
copy short url   نسخ
23/03/2017
3755