+ A
A -
لقد كانت آخر إبداعات خبراء المحاسبة والمالية للآن أن أوجدوا لنا البيانات المالية والتي هي عبارة عن المركز المالي للشركات وحساب الأرباح والخسائر وقائمة التدفقات المالية ويضاف لهما تقرير مدقق الحسابات الخارجي ومن ثم مجموعة كبيرة من المعايير المالية الدولية والتي توضح لنا كيفية معالجة بعض الحسابات قبل قيدها وإظهارها في القوائم المالية.
وبكل تأكيد فإن هذه البيانات على درجة عالية من الاهمية حتى الآن لأنها هي الوسيلة الوحيدة المتاحة للتعرف على احوال الشركات المالية والتي تهم كلا من المستثمرين في هذه الشركات والمحتملين والبورصة وكذلك دور الرقابة الرسمية ودور البحث والدراسات وكذلك جهات التمويل بمختلف اشكالها وأخيرا الجمهور عامة في تعريف اولئك جميعا على ما حققته الشركات من إيرادات وأرباح وتكاليف وكذلك حجم موجوداتها ومطلوباتها وكذلك قيمة حقوق المساهمين في تاريخ إعداد هذه البيانات ومن ثم الاطلاع على تقرير مدققي الحسابات لما فيه من تعابير فضفاضة حول ان كانت لديه ملاحظات على بعض البنود من عدمه وحول عدالة وموضوعية هذه البيانات التي قام بمراجعتها وبمدى التزام الشركة في المعايير المالية المتعارف عليها وبالأنظمة والقوانين ذات الصلة
ومع تأكيدنا لأهمية تلك البيانات بواقعها الحالي إلا أن هناك العديد من الملاحظات والتساؤلات تدور حولها ومنها على سبيل المثال لا الحصر ان ما هو وارد من ارقام فيها هي مقيدة بالقيمة التاريخية أي اسعار الشراء ونعني الموجودات الثابتة والتي قد تكون قد اشتريت قبل عشرات السنين وبخاصة لجهة قيمة الاصول الثابتة عموما بكل صنوفها من اراض وعقارات ومركبات وما شابه ذلك وهنا نقطتان تثاران حول القيم المشار إليها أولها ان البيانات المالية آنفة الذكر تبقى على قيمتها بعد عشرات السنين بذات القيمة وبخاصة للأراضي لعدم خضوعها للاستهلاك كما هو متعارف عليه محاسبيا وأما باقي الأصول الثابتة الأخرى تسجل قيمتها بعد طرح قيمة استهلاكها السنوي بالنسب المتعارف عليها ودرجة العادة عليها أيضا؟
وثانيا وبرغم ان هذه الاصول قد تكون تضاعفت اسعارها في السوق لعدة مرات أو انها قد انخفضت عدة مرات لاسباب عديدة ومتعددة اقلها نسب التضخم السنوي أو الارتفاعات في الاسعار لعوامل عديدة ومنها زيادة الطلب وقلة العرض أو العكس ولكن البيانات المالية الحالية وخبراءنا يصرون حتى الآن الإبقاء على الحال على حاله وبالتالي فالبيانات المالية لا تعكس القيمة الحقيقية الواقعية بالأسعار الحالية الجارية هذا باختصار شديد مما ينعكس جذريا على قيمة الشركة وسعر سهمها ارتفاعا أو انخفاضا؟
وهناك كذلك موضوع الشهرة والتي تعني القيمة المعنوية للشركة والتي بنتها على مدار سني عمرها والتي في كثير من الشركات لها قيمة تقدر بالمليارات فلا ذكر لها على الاطلاق لا من قريب ولا من بعيد ولا حتى بالاشارة فلو تصورنا احدى الشركات والتي لها شهرة عالية القيمة فهل هي مستعدة لبيع أي سهم من اسهمها بالسعر التي تعكسه هذه البيانات المالية أو حتى بالسعر الوارد في السوق المالي؟ ونفس الشيء ان كانت شركة ما لديها شهرة عالية القيمة وجاء منافس لها وتناقصت قيمة شهرتها؟
ويقر خبراء المالية والمحاسبة بانه ان كانت الشركة تريد ان تدخل شركاء جددا أو بيعها بالكامل أو تقوم بتحويل صيغتها القانونية أو الاندماج في شركة اخرى فإنهم نعم يقرون في هذه الحالات على اعادة تقييم موجودات الشركة ومطلوباتها لكي تعكس القيمة الحالية والحقيقية للشركة وهذا اعتراف لما تم التطرق اليه اعلاه اذن ان قيمة السهم بحسب البيانات المالية الحالية لا تعكس الا القيمة التاريخية لها ولسهمها وهذا ما يعترفون به بانه لابد من اعادة التقييم عند البيع أو الاندماج أو التحول لصيغة قانونية اخرى.
وهناك مسألة اخرى والتي تتعلق بموضوع الديون والقروض والتسهيلات المالية والاستثمارات في اصول اخرى والتي في كثير من الاحيان هي بقيم عالية جدا فمن باب التحوط يتم اخذ مخصصات لمواجهة ما قد يطرأ من عدم تسديد بعضها فالمعالجة الحالية هي دراسة تلك الديون ومن ثم الاتفاق على اخذ مخصصات لمواجهة ما قد لا يسدد منها ولكن السؤال المشروع من يستطيع الاجابة على ان تلك المخصصات كافية حقيقة لان في عدم كفايتها تأثيرا كبيرا على النتائج السنوية للشركة.
وأخيرا هناك تقرير مدققي الحسابات والذي في العادة وقبل اجراء عمليات المراجعة للحسابات يتم اخذ توقيع الشركة على قائمة طويلة عريضة من الشروط والبنود والتي نعتقد بانها تتلخص بتخلي مسؤولية مدقق الحسابات الخارجي بهذا الشكل أو غيره وبان إدارة الشركة هي المسؤولة عن كل شيء تقريبا؟
ومن جانب آخر يتم استخدام تعابير فضفاضة عند الحديث عن العديد من الملاحظات التي قد يشير اليها المدقق في تقريره في حين انه لابد من اعطائنا رأيا صريحا وواضحا وما هي النتيجة المحتملة لملاحظاته وليس تعبيرات لا تغني ولا تسمن من جوع في بعض الاحيان لنا على الاقل؟ وبعد كل ذلك عن اية قيمة للشركة وعن اية عدالة وموضوعية نتحدث وعن أي سعر سهم نتحدث تعكسه هكذا بيانات مالية وتقارير للآن؟ ولهذا فإننا ننصح بضرورة اعادة تقييم لشركاتنا كل فترة زمنية لنرى حقيقة أخرى غير الحقيقة التي بين أيدينا.
copy short url   نسخ
28/02/2017
1950