+ A
A -
عام 2011 حصد الفيلم الأميركي كرة المال (موني بول) عدة جوائز عالمية، الفيلم كان يحكي قصة واقعية لفريق بيسبول أميركي اعتمد طريقة فريدة من نوعها في جلب اللاعبين الجدد إلى الفريق، كان المعيار الوحيد الذي اعتمده مدرب أوكلاند بيلي بين هو الأرقام والأرقام فقط، ونجح أوكلاند في تحقيق المفاجأة بلاعبين مغمورين أو قريبين للتقاعد لكن مجموع أرقامهم شكّل فريقاً نجماً حقق بطولة الموسم اللاحق ضد كل التوقعات والتهكمات.
الفيلم الصادر قبل 6 سنوات لفت انتباه عالم كرة القدم جزئياً لفترة من الزمن وبدأت الأسئلة تثار في ما إذا كانت كرة القدم رياضة تقبل تطبيق هذا المفهوم عليها، في عام 2012 تبنى مالك فريق ليفربول الإنجليزي جون هنري هذا المفهوم وسعى لبناء مشروع الفريق الإنجليزي عليه، كان من المفهوم أن يحاول هنري تجربة ذلك كونه يملك الفريق الأميركي التاريخي بوسطن ردسوكس للبيسبول وكون هنري حاول جلب بيلي بين بذاته لفريقه لمحاولة تكرار تجربة أوكلاند ونجح في تحقيق البطولة عامي 2004 و2007 بعد سنوات من الجفاف.
جلب هنري داميان كومولي كمدير الكرة لفريق ليفربول وسعى كومولي جاهداً من أجل تطبيق هذا المفهوم على الفريق وصفقاته الصيفية، لاعبين كخوسيه إنريكي، ستيوارت داونينق، تشاري آدم جلبهم كومولي إلى الفريق بناء على معيار التحليل الإحصائي فقط، خوسيه إنريكي كمثال جلبه كومولي بسبب أنه كان من أكثر مدافعي الدوري الإنجليزي دقة في التمرير وبسبب نسبة تواجده العالية في ملعب الخصم أثناء لعب أسلوب الضغط العالي، الجدير بالذكر أن كومولي أقيل بعد 18 شهرا فقط ولم يبق من الصفقات التي نفذها سوى قلة استحقت مكاناً في الصف الأول للفريق، ومع كومولي رحل مشروع كرة المال الذي أراده جون هنري لليفربول.
ولا أعتقد أن فشل مشروع التحليل الإحصائي كان مفاجأة بالنسبة لي ولكثيرين من متابعي كرة القدم الذين يستوعبون أن كرة القدم هي رياضة تكاملية تحتوي على عناصر عديدة لا يمكن قياسها بالأرقام ولا يمكن للأرقام أن تكشف عن جوهرها، ولست هنا أتجاهل دور التحليل الإحصائي بالكامل في قياس مستوى الأداء في كرة القدم لكنه بالتأكيد لا يكفي لوحده، قد تستطيع الأرقام تحديد مستوى قلب دفاع في عدد الاعتراضات الناجحة التي يحققها بكل مباراة لكنها بالتأكيد لا تستطيع أن تعرف دور المحور الدفاعي للفريق في التضييق على صناع اللعب ومساعدة قلوب الدفاع في تحقيق هذه الاعتراضات أو دور قلب الدفاع نفسه في قراءة لعب وتمريرات الخصم.
لا يمكن للأرقام وأدوات التحليل مهما بلغت دقتها أن تنصف في الحكم على زيدان في كأس العالم 2006 أو على تشافي في كأس العالم 2010، ولا يمكن للأرقام أن تنصف دور ريكيلمي أو فرانشيسكو توتي في قراءتهم العبقرية للعب والتوزيع النادر للكرة، الأمثلة كثيرة ولا يسع المجال لذكرها لكن من المهم أن يدرك الجمهور اليافع لكرة القدم ونحن نعيش حمى الإحصاءات والأرقام القياسية أن هذه الأرقام لا تشكل شيئا من جوهر هذه اللعبة الفريدة.. السلام عليكم.
copy short url   نسخ
23/02/2017
1911