+ A
A -
عن دار فضاءات للنشر والتوزيع- الأردن صدرت للكاتبة الجزائرية وسيلة سناني، رواية حملت عنوان «المغارة الثانية» تفيض بحال بعض االهوامش عن الجزائر المعاصرة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا كما جاء على غلاف الرواية. موضوع الرواية متشعب بين عدة شخصيات فيها تختزله الكاتبة في كونه موضوعا تهكميا لا يعالج قضية بعينها وإنما وقائعا وأحداثا تعيشها الشخصيات ويسيرها بطل الرواية ذو النفسية الخاصة، الذي يرى بنظرته الثاقبة التي أوصلته إلى مرض العصاب كل الأشياء بدقة، بل ويسعى إلى المحافظة على خطها وان كان يحمل شرا ليبرر الأشياء في جوهرها الحقيقي.
ورغم ذلك فإن أحداث هذه الرواية التي ارتأت الكاتبة أن تترك نهايتها مفتوحة، تحكي قصة فتاة ولدت في الجبل في فترة الإرهاب لتشارك حياة ما بعد الإرهاب في الجزائر، ومن خلالها يكشف بطل الرواية عن بعض الأوضاع الثقافية في الجزائر في هذه المرحلة، كما تتخلل الرواية أحداث أخرى توازي القصة الرئيسية وتسيرها نظرة البطل العصابي. الرواية صادرة عن دار فضاءات الأردنية منسجمة من حيث الحجم وطبيعة تناول الموضوع الذي أتى بطريقة غزيرة بالأحداث ومقتضبة الشرح والتعليق.
كما تجدر الإشارة إلى كون هذه الرواية هي العمل الروائي الأول للكاتبة وسيلة سناني، وهي أستاذة محاضرة بجامعة جيجل ولها إسهامات وكتابات نقدية قبل هذه الرواية. وصدر عن نفس الدار مجموعة قصصية بعنوان «نقد العقل المتحجر» للمغربي يوسف كرماح وهي منسوجة بلغة عربية فصيحة بسيطة تكتنز معاني عميقة لتكون قريبة من كافة الشرائح المجتمعية، وأحيانا تدخر بعض المقاطع العامية في الحوار أو في الوصف، لتبرز الأسلوب الرائج في مُعْتَرَك هذا المجتمع. ولأجل تطعيم هذه المقاطع بالسخرية والاستهزاء، حتى تضفي على القصص نكهة المرح والانشراح والإثارة. ومجموعة «نقد العقل المتحجر» مكتوبة بصيغة ما يسمى بالقصة المقالة حيث تتطرق لمواضيع أغلبها تهم المجتمع وتنبش في أغواره السحيقة. أي أنها تفتح مواضيعها من قاع القضايا الاجتماعية والسياسية الشائكة، وتدور معظم أحداثها في حلقة الإشكالات العالقة التي يعاني منها المجتمع، حاملة وعيا حادا برسوباته. مجموعة قصصية تأخذ بأيدينا إلى قعْر مُجْتَمعنا المهيض، لنغوص فيه عَميقا. بتصوير لأبسط الأحداث والحيثيات وكأن الكاتب يحمل كاميرا ويتجول. وغالبية القصص تمس شريحة الشباب، الذين هم في مقتبل العمر، ويعانون من الفراغ القاتل، حيث الجنس والنبيذ والتسكع والسخط على الأوضاع الاجتماعية المزرية وعلى الواقع القاسي. وهذا ليس غريبا، لأن الكاتب هو أيضا في هذه المرحلة العمرية، يُدْرِك خباياها وخفاياها، ويعرف جيدا كيف يطرحها ويعالجها. كما في قصة «فحولة تحت الطلب»، حيث تعري الحكاية واقعا معاشا وظاهرة اكتسحت المجتمع بحيث لم يعد الرجل هو الذي يتصيد النسوة ويستغلهن بل أصبحت حتى النساء الغنيات يتصيدن الشباب العاطل الوسيم ويستغللنهم.
copy short url   نسخ
22/02/2017
1898