+ A
A -
وجهت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، مؤخراً ضربة استخباراتية موجعة للجيش الإسرائيلي؛ حيث أقرت مصادر عسكرية وأمنية إسرائيلية، بنجاح «حماس» في التنصت على اتصالات لضباط وجنود إسرائيليين، من خلال اختراق عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». وبحسب شعبة الاستخبارات الإسرائيلية، فإن حركة حماس تمكنت من اختراق عشرات الجنود والضباط في الجيش الإسرائيلي من خلال قيامها بفتح حسابات مزيفة على موقع فيس بوك، والسيطرة على هواتف عشرات الجنود والضباط الإسرائيليين. ونبهت الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن الاختراق يعتبر تطوراً في غاية الخطورة، مشيرة إلى أن الضرر الناتج عن هذا الاختراق «في منتهى الخطورة». وبينت أن حركة «حماس»، حصلت على معلومات حساسة عن طريق حسابات الجنود والضباط الإسرائيليين وتمكنت من التجسس على مناورات وعمليات عسكرية، مضيفة أن حماس «سيطرت على كاميرات الهواتف النقالة وشغلتها ببث مباشر دون علم حامليها، وتنصتت على محادثات لجنود وضباط في الجيش الإسرائيلي».
وأشارت شعبة الاستخبارات إلى أن حماس «سيطرت أيضاً على هواتف جنود في الجيش النظامي وفي الاحتياط وضباط في هيئات الأركان الميدانية وهيئة الأركان العامة». وحسب اعتراف أحد الجنود من الذين تمكنت حماس من اختراق أجهزتهم الخلوية، فقد قال: «لقد أحببت فتاة اعتقدت أنها من البرازيل وبحت لها بأسراري وفي النهاية اكتشفت أن من أتحدث معه عنصر من حماس في غزة». ووصف مراقبون ومحللون إسرائيليون الحادثة بالضربة الأمنية الموجعة لمنظومة الاستخبارات الإسرائيلية، مشددين على أن إسرائيل خائفة من أن تكون «حماس» حصلت على معلومات حساسة عن الجيش الإسرائيلي من خلال عملية الاختراق. وبعيد اكتشاف الحادثة مباشرة، أمر الجيش الإسرائيلي جنود النخبة بعدم نشر صورهم بالزي العسكري على الفيس بوك، كما قرر متابعة جميع اتصالات الجنود وتخصيص عملية فحص دوري لهواتفهم وحواسيبهم ومتابعة صفحاتهم الاجتماعية، حيث يمنع كتابة أي بيانات تتعلق بالرتبة والنشاطات العسكرية ضمن المعلومات الشخصية. وقرر الجيش الإسرائيلي أيضاً العمل على إزالة أي صورة للجنود قد تضر بهم، إضافة إلى نشر توصيات للجنود للاستخدام الآمن للشبكات.
حادثة خطيرة
وتعقيباً على ذلك، قال مصدر عسكري إسرائيلي: «إن معرفة أعضاء حماس لغة الشباب وتركيب فيروسات بإمكانها السيطرة على هواتف عشرات الجنود، جعل مهمة الاختراق سهلة بالنسبة لهم»، موضحاً أن الحسابات الوهمية على موقع فيس بوك «كانت مليئة بصور فتيات جميلات، وأن أعضاء من حماس اتصلوا من خلالها بالجنود وأجروا محادثات مطولة معهم». واستدرك: «التهديد المحتمل الحالي، قد يصبح تهديداً حقيقياً لأمن إسرائيل»، موضحاً أنه سيتم نشر الحسابات الوهمية التابعة لحركة حماس، وسيفرض قواعد أكثر صرامة على الجنود في ما يتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي. بدوره، نبه المحلل العسكري الإسرائيلي يوسي ملمان إلى أن هناك خشية إسرائيلية رسمية من حصول حركة حماس على معلومات سرية من هواتف عشرات الجنود الإسرائيليين التي جرى اختراقها. وقال مليمان: «إن الجيش والأمن الإسرائيلي أصلح الضرر الذي وقع من جراء الاختراق وسدد هجوماً على مصادر الاختراق، في حين تكمن الخطورة في حصول حماس على معلومات سرية لا يعلم بها الأمن الإسرائيلي». وأشار إلى أن «حماس» بحثت عن ضحاياها من الجيش بعد تقمص شخصيات لفتيات جذابات، لافتاً إلى أنه وبعد صيدها للجنود جرى استدراجهم للحديث عن خدمتهم العسكرية وتفاصيل تخصهم وعن الوحدة التي يخدمون فيها وصور لحياته العسكرية. وذكر أن «حماس» نجحت في اختراق غرف الدردشة الخاصة في الجيش على كل المستويات، مشيرًا إلى أن نظام التجسس المضاد الخاص بجهاز الأمن العام الشاباك وجهاز أمان لم يتمكن من منع جميع محاولات الاختراق التي قامت بها حماس مؤخراً. وبيّن أن «حماس» نجحت في زراعة برنامج تجسس داخل أجهزة هواتف تعود للجنود والضباط، وهذا الأمر خطير للغاية، ويجب الأخذ بالحسبان تمكن «حماس» من الحصول على معلومات غاية في الأهمية.
تغيرات هائلة
من جهته، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف زيتون: «إن قضية جاسوسات الإغراء المتعلقة بحماس، التي سمح بنشرها، كشفت عن جزء صغير من نشاطات شعبة أمن المعلومات في قسم الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي»، لافتاً إلى أن «الشعبة تتعامل خلال السنوات الأخيرة مع تغيرات هائلة، في استيعاب وتبادل المعلومات في الجيش الإسرائيلي والعالم، وتحاول التكيف مع واقع جديد». وبيّن أن الجيش الإسرائيلي لا ينوي أن يطلب في الوقت القريب من الجنود بأن يبقوا هواتفهم الذكية مع شرطي الفرقة، مشيراً إلى أن أغلب الجنود في الجيش الإسرائيلي سيسمح لهم بتقديم أنفسهم كجنود على صفحات «فيسبوك» الخاصة بهم. وأوضح أن اكتشاف القضية- التي في إطارها سيطرت حماس على عشرات الهواتف الخاصة بجنود وضباط عن طريق التنكر بنساء فاتنات- عززت الحاجة لإجراء تغييرات ومحاربة صعود هذه الظاهرة. ونبه إلى أنه وبجانب توجيهات أكثر صرامة لجزء كبير من الجنود بخصوص استخدام الشبكات الاجتماعية؛ مازالت شعبة أمن المعلومات تكثف من نشاطاتها للبحث عن أي معلومات حساسة تم تسريبها للشبكات، مثل صور من القواعد العسكرية التي تم رفعها على يد الجنود. وأضاف: «النشاطات تشمل مراقبة صفحات فيسبوك غير المخفية، والكشف السريع، أحياناً في غضون نصف ساعة، عن صور حساسة خاصة بالجيش الإسرائيلي تم رفعها للشبكات الاجتماعية، وتوجه الجيش بطلب إزالتها فور إطلاع قائده. صلاحيات التعامل مع الجندي في هذه الحالات بيد قائده، ما يؤدي لتعامل غير موحد في الجيش ضد الظاهرة، في جزء من الحالات ينتهي الأمر بتحذير فقط، وفي جزء آخر يتم إرسال الجندي لتلقي عقوبة سجن 28 يوماً في السجن العسكري». وأكد أنه وحتى هذه المرحلة لن تتم معاقبة الجنود، وأنه في حالات تسريب معلومات أكثر سرية يتم فتح تحقيقات للشرطة العسكرية وتقديم لوائح اتهام جنائية، لافتاً إلى أن القضية الحالية لم يتم حتى هذه الساعة معاقبة عشرات الجنود الذين وقعوا في الفخ ولم يكونوا يقصدون نقل معلومات لحماس. وقال: «فحصوا في الجيش الإسرائيلي الهواتف النقالة التي تم عليها تنزيل تطبيقات استخراج المعلومات لحماس، واكتشفوا أن المواد التي كانت بها تم تسريبها لجهات عدائية، وأن المعلومات التي وقعت في يد حماس ليس فقط صوراً لغرف الحرب، حيث أن ما كان في الأجهزة دبابات وآليات مراقبة»، لافتاً إلى أنه وحسب التقديرات ليس هناك أي ضرر أمني كبير من وراء ما وقع في يد حماس.
خطة حماية
الجدير ذكره في هذا السياق أنه قبيل حادثة الاختراق بأيام، قال مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي: «إن إسرائيل اتخذت العديد من الخطوات في سبيل حماية المجال الإلكتروني الخاص بها؛ حيث أنشأت المقر الإلكتروني القومي، والسلطة الوطنية لحماية السايبر». وأكد المركز «ضرورة العمل على تشكيل وصياغة خطة استراتيجية قومية للعمل في المجال الإلكتروني، بحيث تضم وثيقة الخطة الاستراتيجية إلى وثائق الدولة الأساسية، وتحدد هذه الخطة الأهداف العليا للدولة في مجال السايبر، وكيفية دمج هذه الأهداف مع الأهداف القومية؛ الأمن والاقتصاد وغيرها». كما أكد ضرورة أن تقوم جميع المؤسسات الإسرائيلية العاملة في مجال السايبر بدمج هذه الخطة الاستراتيجية القومية في المجال الإلكتروني في مجال عملها، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي لهذه الخطة هو استمرارية مؤسسات إسرائيل في القيام بوظائفها؛ وفتح المجال للجهات المرتبطة بالسايبر في إسرائيل لاتخاذ قرارات ضد «الجهات المعادية». وتفرق الخطة القومية بين ثلاثة أنواع من الهجمات على السايبر الإسرائيلي، الأولى: هجمات متقدمة متطورة والتي تصيب نظام الكمبيوتر في المؤسسة. أما الثانية فهي هجمات حجب الخدمة، ويكون تأثيرها ملحوظاً بشكل فوري، كأن تمنع أو تعرقل تصفح الموقع الذي تمت مهاجمته. والنوع الثالث من الهجمات هي هجمات البنية التحتية والتي تتم من خلال الهجوم على الأجهزة. وقال المركز في تقريره: «لا تقتصر الهجمات المؤثرة على الهجمات المتقدمة المتطورة، بل تعد هجمات حجب الخدمة فاعلة بتأثيرها الملموس والفوري، حتى لو لم يكن الهجوم على أهداف ذهبية كالجيش مثلاً». ودعت الخطة إلى استعمال مواقع بديلة للمواقع التي تمت مهاجمتها، وفي حال حدوث هجوم حجب الخدمة يجب «إعادة السيطرة» بأسرع وقت، بمساعدة مزودي الإنترنت في الدولة. كما تتضمن التوصيات جمع معلومات استخباراتية عن المهاجمين، والتعاون مع جهات حماية تجارية وجهات دولية في مجال الحماية الإلكترونية؛ بالإضافة إلى ضرورة مواصلة التعلم والبحث في هذا المجال، وتطوير العلاقات بين المؤسسات المختلفة العاملة في هذا المجال، وغير ذلك من التوصيات. كما أوصت بضرورة بناء وتطوير منظومات «إعادة السيطرة» بعد حصول أي هجوم على السايبر، «ذلك أن المهاجمين المنظمين المحترفين يستطيعون اختراق أمنع أنظمة الدفاع؛ الأمر الذي يدل على أهمية استدخال منظومات إعادة السيطرة في الخطة الاستراتيجية، من أجل حماية المجال الإلكتروني». ونبه المركز الإسرائيلي إلى أنه وبالإضافة للتهديدات الأمنية في المجال الإلكتروني، هناك أيضاً تهديدات جنائية وهي ما تتولى شرطة إسرائيل متابعتها، كما تتابع «السلطة الوطنية لحماية السايبر» جميع العاملين في مجال حماية السايبر، على الصعيدين الأمني والجنائي. وفي هذا السياق، يوصي المركز بإدخال برامج حماية للأنظمة الإلكترونية في المؤسسات، حتى قبل حصولها على رخصة الإنشاء؛ وجعل إدخال بند الحماية في مجال السايبر شرطاً للحصول على رخصة إقامة المؤسسة.
copy short url   نسخ
21/01/2017
2366