+ A
A -
كتب- جهاد مصطفى
تعد نبتة الخبيزة من النباتات البريّة في فلسطين، تنمو في فصل الشتاء بشكل تلقائي، دون تدخّل زراعي، وتعتبر من النباتات «البعليّة»، أي التي تعتمد على مياه الأمطار في الري، ولا تحتاج أي ري غير الأمطار التي تترعرع مع نزولها، وتُزيد بريق أوراقها لمعاناً ونضوجاً.
وينتظر غالبيّة الفلسطينيين، خاصة سكّان القطاع، نزول أول قطرات الغيث التي تُعلن بدء فصل الشتاء لمراقبة وريقات الخبيزة التي تنمو بجوار المنازل وفي الحدائق، وعلى أطراف الأراضي الزراعيّة الشاسعة، خاصة في المناطق الشرقية لقطاع غزّة.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه الخبيزة الوجبة الأولى المفضّلة لغالبيّة السكّان في فصل الشتاء، بجانب الزيتون الفلسطيني والليمون والمقبّلات، فهي تعد مصدر رزق لعدد كبير من العائلات الفقيرة في قطاع غزّة.
بعض السكّان الذين يملكون أراضي زراعيّة قريبة من منازلهم يقومون بقطف أوراق الخبيزة وطبخها، حيث نمو الخبيزة تلقائياً في أي مكان من غزة، فيما يعتمد آخرون ممن لا يتمكنون الحصول على تلك الأوراق من أراضيهم على شرائها من الأسواق.
السيدة الفلسطينية أم نائل، من مدينة رفح في جنوب القطاع، تستغل عمل زوجها في قطعة أرض تُقدّر بسبعة دونمات يقوم بزراعتها بالبازيلاء والقمح والشعير، وتقوم بقطف أوراق الخبيزة التي تنمو بين المزروعات وعلى أطراف المزرعة.
وتعمل أم نائل على ترتيب أوراق الخبيزة، وفرزها، وتنظيفها، ومن ثم طرحها في الأسواق الغزيّة، مستفيدة من ذلك العمل ببعض المال الذي يعينها على نفقات أسرتهم الكبيرة.
تقول لـ الوطن: «الخبيزة تنبت في كل مكان في غزة، لكن بعض المناطق كالمدن المزدحمة لا توجد فيها أراضٍ زراعية، ويشتهي سكانها الخبيزة بشدة، ويطلبون مني دائماً أن أقطف لهم وأبيعهم الخبيزة، لقاء مبلغ من المال».
وتشير إلى أن سعر الكيلو الواحد من الخبيزة يبلغ في الوقت الحالي حوالي 17 شيقل (الدولار الأميركي يُعادل 3.8 شيقل)، لافتة إلى أن الأسعار متذبذبة حسب الكميات المطروحة في الأسواق.
تؤكد أم نائل أن الخبيزة من الوجبات المفضلة بشدة بالنسبة للفلسطينيين في فصل الشتاء، لافتة إلى أنه يتم إعدادها كطريقة إعداد الملوخية، وتؤكل بجانب الزيتون والفلفل الأحمر والمقبلات الشهيّة.
وتقول إن بعض النسوة يقمن بتخزين أوراق الخبيزة بطريقة خاصة في زجاجات بلاستيكيّة ليتم إعدادها في فصل الصيف، حيث تختفي من البساتين تماماً، بيد أنها تشير إلى أن إعداد الخبيزة طازجة في فصل الشتاء أشهى وأفضل للصحّة.
أما عن فوائد الخبيزة، فتقول إن الأجداد كانوا دائماً ينصحون الأطفال والكبار بأكلة الخبيزة، ويعتبرونها «صيدلية متكاملة»، لاحتوائها على العديد من العناصر المهمّة لجسم الإنسان، وعلاجها الكثير من الأمراض، خاصة أمراض الجهاز التنفسي والهضمي.
ومنذ قديم الزمان استخدم الفراعنة الخبيزة في مجالات الطب، كما تحدّث عن فوائدها الطبيّة الكثير من مشاهير الأطباء العرب مثل العالم ابن سيناء، حيث ذكر فوائد الخبيزة في كتابه «القانون في الطب»، كما تحدث عنها: الترجماني، وداود الأنطاكي.
copy short url   نسخ
21/01/2017
1743