+ A
A -
قريباً ينطلق موسم الجمعيات العامة للشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة قطر. حيث يبدأ هذا الموسم بباكورة الجمعيات العامة، وهي الجمعية العامة لـ QNB المقرر انعقادها بتاريخ 05/02/2017. بالتزامن مع ذلك يعود الجدال بشأن أهمية مشاركة المساهمين في اجتماع الجمعيات العامة، وما هو دور الجمعيات العامة. لذا نعود مرة أخرى لإبراز الدور الرقابي للجمعيات العامة في ظل الإطار القانوني، الذي وضعه المشرع لضمان وحماية حقوق المساهمين في الشركات المساهمة المدرجة. ذلك الإطار المكون بالدرجة الأولى، من قانون الشركات رقم (11) لسنة 2015، ونظام الحوكمة الصادر عن هيئة قطر للأسواق المالية. وتتمم هذا الإطار، نظم أخرى منها على سبيل المثال لا الحصر: نظام طرح وإدراج الأوراق المالية، ونظام الاستحواذ والاندماج الصادرين عن الهيئة أيضاً. ويشكل تبني بورصة قطر، توصية الندوة السابعة لعلاقات المستثمرين، تعزيزاً لحماية حقوق المساهمين. تلك التوصية المتعلقة بضرورة تضمين بند خاص بعلاقات المستثمرين على جدول أعمال مجلس إدارة الشركات المدرجة. وضرورة إيجاد إطار تنظيمي لتعزيز الممارسات الخاصة بعلاقات المستثمرين.
لقد أناط المشرع بالجمعيات العامة للشركات المساهمة العامة، دوراً رقابياً، يضمن حماية حقوق المساهمين وحقوق الأقلية. كما يضمن النزاهة في التعامل وحظر تعارض المصالح. حيث لم يجز القانون، على سبيل المثال، لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة منافسة الشركة في أي من فروع النشاط الذي تزاوله الشركة. ولم يجز القانون أيضاً، لأصحاب المصالح المتعارضة حضور جلسات الجمعيات العامة أو مجلس الإدارة، التي يتم التداول فيها حول الموضوع ذي الصلة. ولم يجز القانون كذلك لأصحاب الحصص العينية أن يشاركوا في التصويت على زيادة رأس المال عيناً، حتى لو كانوا أصحاب أسهم نقدية. كما لم يجز القانون لأعضاء مجلس الإدارة الاشتراك في التصويت على إبراء ذمتهم.
ونود أن نستعرض، فيما يلي، ضمانات المشرع لحماية حقوق المساهمين من خلال ممارسة الجمعيات العامة لدورها الرقابي.
فالجمعية العامة هي السلطة العليا في أية شركة. وهي صاحبة القرار سواءً في المسائل الروتينية الاعتيادية، أو في المسائل الجوهرية الاستثنائية. ويتجلى بذلك دورها الرقابي، فيما إذا قامت بأداء مهامها على الوجه الصحيح. وهنا يبرز دور المساهم الفعال في ممارسة حقوقه في الشركة. فمجموع المساهمين هم الجمعية العامة لأية شركة، وعليهم تقع مسؤولية ممارسة الحقوق التي كفلها لهم القانون، بما فيها ممارسة الدور الرقابي على أعمال مجلس الإدارة.
كما نص القانون على حقوق أساسية لجميع المساهمين، منها:
1- الشفافية والمساواة في الفرص: أجاز المشرع للجمعية العامة، إبطال كل قرار يصدر لفئة معينة من المساهمين أو يضر بها، أو يجلب نفعاً خاصاً لأعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم، دون اعتبار لمصلحة الشركة. كما ألزم نظام طرح وإدراج الأوراق المالية الشركات المدرجة بسلسلة من الإفصاحات منها: الإفصاح الفوري، والإفصاح الدوري، والإفصاح المبدئي، والإفصاح المحدود، وتبرير تأخر الإفصاح عن المعلومات بما يضمن تلقي المعلومات من قبل جميع المساهين والمهتمين على حد سواء، بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب وبما يضمن النزاهة في التعامل.
2- الحق في المشاركة في اتخاذ القرار: المتمثل في حق حضور الجمعيات العامة، والحق في مناقشة المسائل المعروضة على الجمعية، والحق في التصويت على قرارات الجمعية العامة، وانتخاب وعزل أعضاء مجلس الإدارة، والحق في التحفظ والاعتراض على قرارات الجمعية العامة، والحق في الموافقة أو حجب الموافقة على مكافأة أعضاء المجلس.
3- الحق في الرقابة على إدارة الشركة: المتمثل في الحق في مناقشة الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وتوجيه الأسئلة إلى أعضاء مجلس الإدارة، وإلى مراقب الحسابات، ومناقشة المسائل غير المدرجة على جدول الأعمال في الوقائع الخطيرة التي تنكشف أثناء الاجتماع، وحق إدراج مسائل معينة على جدول الأعمال من قبل عدد من المساهمين، وحق الاحتكام إلى الجمعية العامة إذا ارتأى المساهم بأن الرد غير كاف، وحق المساهم في الاطلاع على جميع المبالغ التي حصل عليها رئيس مجلس الإدارة، وكل عضو من أعضاء المجلس سواء كانت أجورا أو أتعابا أو مرتبات، والمزايا العينية، والمبالغ المخصصة لكل عضو من أعضاء المجلس كمعاش احتياطي أو تعويض عن انتهاء الخدمة، والعمليات التي يكون فيها تعارض مصالح محتملة. كما أجاز القانون للجمعية العامة عزل رئيس مجلس الإدارة أو أحد الأعضاء بناء على طلب موقع من مساهمين يملكون مايزيد على 25% من رأس المال.
4- حق الشكوى والتقاضي المتمثل في حق المساهمين الحائزين على نسبة معينة من رأس المال بطلب التفتيش على الشركة، أو بحق المساهم أن يرفع الدعوى منفرداً إذا ما أصابه ضرر خاص به كمساهم، أو بحق الجمعية العامة مقاضاة كل من يلحق ضرراً بمصالح الشركة أو يتسبب بضرر لحقوق المساهمين، وطلب التعويض عن المسؤولية عن العمل غير المشروع عملاً بأحكام القانون المدني.
5- حق تمثيل الأقلية، إن من شأن تطبيق مبدأ التصويت التراكمي بناءً على نظام حوكمة الشركات الصادر عن هيئة قطر للأسواق المالية، بعد أن أقره قانون الشركات التجارية الجديد، أن يضمن للأقلية تمثيلاً في مجالس إدارة الشركات المساهمة، وتعزيزاً لدور الجمعية العامة في الرقابة.
6- حق التخارج المتزامن: ألزم نظام الحوكمة، الشركات أن تُضمن نظامها الأساسي أحكاماً تضمن التخارج المتزامن لصغار المساهمين، في حالة حدوث تغيير في ملكية رأس مال الشركة، يتجاوز نسبة مئوية محددة. على أن يكون ذلك التخارج بنفس الشروط والأسعار بما يضمن المساواة في بيع الأسهم.
7- ضمان الاستقلالية: أجاز قانون الشركات التجارية رقم (11) لسنة 2015، أن يكون ثلث أعضاء مجلس الإدارة من الأعضاء المستقلين، من ذوي الخبرة من غير المساهمين. كما أعفى القانون هؤلاء الأعضاء من شرط تملك وإيداع الأسهم المنصوص عليه في النظام الأساسي للشركة المعنية.
بالاضافة لما سبق، منح القانون للمساهمين ضمانات وحقوق أخرى لحماية حقوقهم، منها:
1- أناط المشرع بالوزارة مهمة مراقبة الشركات، للتحقق من قيامها بالالتزام بالقانون والأنظمة الأساسية، وأسبغ على موظفي الإدارة المختصة بمراقبة الشركات، صفة مأموري الضبط القضائي.
2- لم يجز القانون للمساهم توكيل أحد أعضاء مجلس الإدارة نيابة عنه، وأبطل القانون أي شرط في النظام الأساسي يقيد حق المساهم في المناقشة والاستفسار والاعتراض.
3- اشترط القانون نصاباً معيناً لصحة انعقاد الجمعية العامة، واشترط استكمال بعض الإجراءات.
4- ولدعم الجمعية العامة في أداء دورها الرقابي ورفدها بالخبرات المهنية المتميزة، اعتبر القانون مراقب الحسابات وكيلاً عن مجموع المساهمين للتأكد من صحة البيانات الحسابية والمركز المالي للشركة، وعدم مخالفة الشركة لأحكام القانون أو النظام الأساسي.
5- أبطل القانون كل قرار يكون من شأنه المساس بحقوق المساهم المستمدة من نصوص القانون، أو النظام الأساسي، أو زيادة التزاماته.
6- ألزم القانون مجلس الإدارة أن يضع تحت تصرف المساهمين كشفاً تفصيلياً يتضمن أية أجور أو أتعاب أو مرتبات أو مصاريف أو مزايا عينية أو مكافآت، قد يتقاضاها أعضاء مجلس الإدارة.
7- أجاز القانون لعدد من المساهمين، المالكين نسبة معينة من رأس المال، دعوة الجمعية العامة للانعقاد، في حالة عدم دعوة الجمعية من قبل مجلس الإدارة.
مما سبق يتضح، بأن المشرع قد وضع إطاراً قانونياً متكاملاً، يضمن للمساهمين حقوقاً في الجمعيات العمومية، ويضمن لهم عدم الانتقاص من تلك الحقوق، ويؤسس لدور رقابي فعال للجمعية العامة.
لذا فإن المسألة تتعلق بضرورة تعريف أعضاء الجمعيات العامة بحقوقهم، وبممارسة تلك الحقوق كممارسة ديمقراطية سليمة، والاستفادة من الضمانات، التي كفلها المشرع للمساهمين. وليست قصوراً في الإطار القانوني. وهنا تبرز أهمية رفع مستوى الوعي لدى المساهمين وتفعيل مشاركتهم في أعمال الجمعية العامة. فالمسألة ليست مسألة نقص في النصوص والأحكام القانونية، إنما ممارسة الضمانات التي تتيحها تلك النصوص. وفي ذلك الضمانة الأكيدة لتعزيز الشفافية والمساواة في الفرص في الشركات المساهمة العامة.
حيث تستند تلك الحقوق إلى أسس قانونية وعملية وديمقراطية سليمة تعززها مبادئ الدستور القطري، وفي مقدمتها مبدأ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، والقواعد العامة للقانون المدني، وأحكام قانون الشركات التجارية رقم (11) لسنة 2015، والنظم الصادرة عن هيئة قطر للأسواق المالية.
copy short url   نسخ
21/01/2017
2141