+ A
A -
حوار– أكرم الفرجابي


دراسته للهندسة بأميركا، لم تنسه أمور دينه، وقضايا وطنه، وهموم أمته، لذلك لم يكن مستغرباً أن يختار طريق الدعوة إلى الله، ويتجه إلى دراسة العلم الشرعي في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة، بعد تخرجه بسنوات في كلية الهندسة الزراعية بالولايات المتحدة الأميركية، ولم يكتف الداعية عبد الله السادة بهذا فحسب من طلب العلم الشرعي، حيث تمكن بإصراره وعزيمته من الحصول على درجة الماجستير، من كلية أصول الدين جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، وكان عنوان الأطروحة جهود الإمام ابن قيم الجوزية في إعلال الحديث، من خلال كتابه تهذيب السنن لأبي داود دراسة موضوعية تحليلية، والآن يعكف على رسالة الدكتواره بذات الجامعة، وموضوع رسالته (غريب الحديث عند الخطابي).. الوطن التقت به في داره العامرة بمنطقة الدحيل وطرحت عليه حزمة من الاستفهامات حول العام والخاص، فإلى مضابط الإجابة عنها.
برأيك هل تمضي قضية التقطير بالنسبة للأئمة والدعاة على قدمٍ وساق؟
- نعم تمضي، ولكن ليس على قدمٍ وساق، لأن الموضوع لايزال يسير ببطء، ويحتاج إلى تشجيع أكثر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
ما تقييمك لتجربة الخطباء القطريين في المنابر الدينية والدعوية؟
- أعتقد أن الخطباء القطريين قدموا تجربة ممتازة للغاية، ولابد أن يأخذ الخطيب القطري فرصته كاملة، لأنه إذا لم يأخذ الفرصة في بلده فأين سيأخذها؟ لذلك على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تتيح الفرصة للخطباء القطريين، وأن تعمل جاهدة على تعليمهم وتدريبهم، حتى يتمكنوا من أداء الخطبة بشكل جيد.
هل تعتقد أن الفرصة التي أخذها الخطباء القطريون في المنابر مناسبة؟
- أطالب بالتسهيل على الخطباء القطريين، واستقطاب المزيد من الشباب الذين يرغبون بالسير في طريق الدعوة إلى الله، لأنه إذا كان الخطيب في صلاة الجمعة قطرياً، يستطيع أن يتحدث في قضايا أمته أكثر من الخطيب الأجنبي، باعتباره صاحب البلد وجزءا لا يتجزأ من واقع هذه القضايا المجتمعية.
هل توجد وظيفة معتمدة للخطيب في وزارة الأوقاف يتقاضى مقابلها راتبا شهريا؟
- في قطر ليس هناك وظيفة للخطيب، ومن هذا المنبر أو الحوار، نطالب بأن تكون هنالك وظيفة للخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، يتقاضى مقابلها راتبا شهريا من الوزارة، مثلما يحدث في وظيفة (الإمام) و(المؤذن)، أسوةً ببعض الدول المجاورة التي تخصص وظيفة للخطيب.
ما النصائح التي تقدمها للخطباء الجدد في طريق الدعوة إلى الله؟
- أولاً الاهتمام بقضية العلم الشرعي وتجويده بالدراسة الأكاديمية، والتغلب على مسألة الرهبة من مواجهة الناس، بالتمرين المتواصل على المواجهة، لأن الخطابة ثمرة علم وموهبة الإثنين معاً، ولا يحل أحدهما مكان الآخر.
* حدثنا قليلاً عن تجربتك الدعوية مع وسائل الإعلام سواء كانت عن طريق القنوات الفضائية أو الصحف اليومية؟
- أكتب منذ أكثر من عشر سنوات، ثلاثين مقالاً صفحياً في جريدة (الراية) خلال شهر رمضان المعظم، ومؤخراً انتقلت إلى الكتابة بجريدة (العرب)، كما قدمت عددا من الحلقات في تليفزيون قطر حول تفسير سورة يوسف، وقدمت في قناة الريان برنامج (المطوع)، وكذلك برنامج (تراحيب).
بعض العلماء انتقدوا مسألة الإفتاء الشرعي على الهواء مباشرة باعتبار أن الفتوى تحتاج إلى تدقيق وتمحيص ومؤسسة ما رأيك في ذلك؟
- نعم هذا صحيح، الفتوى يجب ألا تصدر في التو واللحظة، بل تحتاج إلى دراسة لكل جوانب الموضوع، وأن من يجيب عن سؤال على الهواء من المفترض أن يكون حافظًا للقرآن، ودارسا للسنة النبوية وعلى علم بأقوال الأئمة والمجتهدين.
برأيك ما دور الأئمة والدعاة في التصدي لظاهرة الغلو والتطرف التي بدأت تجتاح العالم العربي والإسلامي مؤخراً؟
- بالتأكيد هو دور كبير ومهم، وأعتقد أن السبب وراء التطرف والتشدد في العالم العربي والإسلامي، يرجع إلى قلة العلم والمعرفة، بالإضافة إلى تغليب الأمة الإسلامية في السنوات الأخيرة للرأي الواحد، دون إتاحة أدنى مساحة للرأي والرأي الآخر، وهو الأمر الذي أدى إلى توسع الفكر الإرهابي في رأيي الشخصي، من خلال الاعتماد على رأي واحد، وعدم قبول الرأي الآخر، على الرغم من أن المسلمين منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يقبلون الخلاف من الطرف الآخر، حيث يوجد في الدين أربعة مذاهب، وهي المذهب الحنفي، والمذهب المالكي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي، لذلك الاختلاف في الإسلام موجود منذ الأزل، وما كان هذا الأمر يفسد للأمر قضية في عهد هؤلاء الأئمة الأربعة، لكن لاحقاً ظهرت الجماعات التكفيرية المتشددة والمتعصبة لرأيها فقط، وتعتقد أن الذين يختليفون معها في الرأي كفار وذلك بسبب قلة العلم، لذلك يجب على الأئمة والدعاة استغلال المنابر الدينية لنشر العلم.
هل تؤيد مسألة الحوار مع الجماعات المتشددة مثل داعش وغيرها؟
- لا شك أن الحوار هو السبيل الصحيح لحل أي أزمة، لكن هل تعتقد يا سيدي الفاضل أن الذين ينظرون إلينا على أننا كفار، يمكن أن يجلسوا معنا على مائدة حوار واحدة، هؤلاء المتشددون عبروا مرحلة الحوار بالكلمة، واختاروا طريق الحوار بالقتل والرصاص، لذلك لا أحد يستطيع أن يحاورهم في الوقت الراهن.
إذن برأيك ما الحل لهذه الأزمة؟
- في خطب الجمعة دائماً أتطرق إلى مثل هذه القضية، كحرمة دم المسلم وغيرها، باعتبار أنه لا يجوز للمسلم قتل أخيه المسلم بأي حال من الأحوال، لكن هؤلاء المتطرفين والمتشددين استباحوا دماء المسلمين، ولم يلتفتوا إلى قوله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، يجب عليهم أن يتدبروا هذه الآيات جيداً.
باعتبارك عضوا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما دور الاتحاد في التصدي لمثل هذه القضايا؟
- مما لا شك فيه أن الاتحاد العالمي يسد فجوة كبيرة، وقبل الاتحاد كان العلماء متفرقين وكلٌ في معزل عن الآخر، لكن جاء الاتحاد وحاول بقدر الإمكان أن يوحد كلمة العلماء، وجمع كثيرا من العلماء والمشايخ في دول كثيرة عربية وغير عربية، وهنالك شبه إجماع على رأي معين وعلى فكرة معينة.
سماحة الشيخ يوسف القرضاوي كان قد أعلن في آخر حوار تليفزيوني معه، أنه يرغب في التنحي عن رئاسة الاتحاد كيف تنظر لهذه الخطوة؟
- طبعاً هذه الخطوة تحسب للشيخ يوسف القرضاوي، وتدل على إخلاصه وعلى نزاهته وحبه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى حبه لهذا الاتحاد أيضاً، بأنه حان الوقت أن يعطي الفرصة لغيره، في إدارة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
برأيك من هو الشخص المناسب لخلافة الشيخ يوسف القرضاوي؟
- من يتفق عليه الأعضاء في الجمعية العمومية، سيكون هو الشخص المناسب لإدارة الاتحاد، وأنا لن أرشح شخصا بعينه لخلافة شيخنا الدكتور يوسف القرضاوي، جزاه الله عنا كل خير.
مؤخراً أثارت قضية بيع أسهم شركة «الاستثمار» القابضة جدلاً فقهياً كبيراً في المجتمع، ما تعليقك على هذه القضية؟
- أحتفظ برأيي في هذه المسألة لنفسي، ولن أتطرق لموضوع بيع أسهم شركة الاستثمار القابضة.. اكتب (امتنع عن الإجابة).
بدايةً نرجو أن توضح لنا كيف توجهت فضيلتكم إلى طريق الدعوة بشكل جاد؟
- أذكر أنني كنت أخطب الجمعة، إبان دراستي للهندسة بالولايات المتحدة الأميركية، وبعد عودتي من رحلتي الدراسية، بدأت المواظبة في الدروس الدينية بمساجد الدولة إلى العام 1999م، علماً بأنني تخرجت في كلية الهندسة الزراعية في 1989، وخلال هذه الفترة كنت قريبا جداً من دور العبادة، إلى أن تقدمت بطلب رسمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لاعتمادي كخطيب، ومنذ ذلك التاريخ قبل أكثر من سبعة عشر عاماً بدأت مشواري في مجال الدعوة إلى الله.
ما الدوافع وراء اختيارك لطريق الدعوة رغم تخرجك في كلية الهندسة؟
- هناك الكثير من الدوافع التي حولت مساري، من المجال الهندسي إلى المجال الدعوي، ومن أهمها حاجة الأمة إلى دعاة إسلاميين، يكونون على علم وبصيرة بالواقع الذي يحيط بهم، وبإمكانك يا عزيزي الفاضل أن تجد العشرات من المهندسين الذين يتقنون عملهم، لكن من النادر أن تجد داعية إسلاميا ناجحا في مجاله، يستطيع أن يقنع الناس في أمور دينهم ودنياهم، لذلك اخترت هذا المجال عن قناعة.
من كان له الأثر في تحفيز الجانب الدعوي عند فضيلتكم؟
- منذ أن كنت طالباً في الجامعة بالولايات المتحدة الأميركية، أستمع إلى محاضرات الشيخ كشك الدينية، بالإضافة إلى محاضرات الشيخين حسن أيوب وأحمد القطان، والأمر الآخر الذي ساهم في اختياري لطريق الدعوة، هو وجودي ضمن أسرة متدينة، وأذكر أن جدي لأمي كان داعية، وكذلك والدي إمام مسجد، هذه البيئة المتدينة شكلت في دواخلي حبا منقطع النظير لطريق الدعوة إلى الله.
هل تذكر أول خطبة ألقيتها في حياتك متى وأين كانت؟
- (اعتدل في جلسته) ثم قال وهو يستعيد ذاكرته إلى الوراء: أول مرة اعتليت فيها المنبر، لأخطب في الناس، كانت في الولايات المتحدة الأميركية، عندما كنت طالباً في كلية الهندسة الزراعية، وأعتقد أن الأمر كان هيناً بعض الشيء، لأن الخطبة الأولى التي ألقيتها في حياتي كانت أمام زملائي الطلاب، أما أول خطبة لي في قطر، فقد كانت بأحد المساجد في مدينة الغرافة، ويومها اعتذر الإمام عن عدم الحضور لظرف ما، وجاء المؤذن وطلب مني إلقاء الخطبة بدلاً عنه، وقد ألقيت الخطبة يوم الجمعة وكنت يوم الأحد مباشرة، خطيباً معتمداً في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
أيهما تفضل في (الخطبة) الارتجالية أم المكتوبة.. ولماذا؟
- أجد نفسي متفقاً مع الأشخاص الذين يعتمدون على الخطبة المكتوبة، وأشجع الخطباء الجدد على هذا الأمر، لأن الخطبة المكتوبة تتيح للخطيب التركيز على موضوع معين، أما الخطبة الارتجالية قد تربك المصلين، باعتبار أن الإمام أو الخطيب ممكن يتعرض لأكثر من موضوع في آن واحد، وهذه المسألة ربما تتسبب في تشتيت الانتباه، والخطبة الناجحة في رأيي تعتمد على عنصرين، إلقاء جيد وتحضير أجود، وإذا كانت الخطبة محضرة تحضيرا ممتازا، وكان الإلقاء يتم بطريقة مميزة من حيث الصوت والنبرة ولغة الجسد، تكون مسألة إيصال الرسالة للمصلين دقيقة ومريحة.
هل تتدخل وزارة الأوقاف في خطب الجمعة أم أن الأمر متروك للخطيب؟
- وزارة الأوقاف لا تتدخل مطلقاً في اختيار موضوع الخطبة، وأنا شخصياً أخطب منذ العام 1999م، ولا يتدخل أي شخص في اختياري لموضوع الخطبة، وأعتقد أن هذا أمر جيد، لكن يوجد خطوط حمراء يجب ألا يتعداها الخطيب.
copy short url   نسخ
17/01/2017
1759