+ A
A -
كتب- طاهر أبوزيد
علمت الوطن أن معهد قطر لبحوث الطب الحيوي يجري حالياً أول دراسة في دولة قطر حول انتشار اضطراب طيف التوحد على مستوى الدولة بهدف تحديد الخدمات التي تحتاجها الدولة بشكل أفضل للتعامل مع زيادة معدلات اكتشاف الحالات.
وكشف مصدر مسؤول بمؤسسة حمد الطبية عن انه يجري الانتهاء حاليا من تجهيزات مبنى متكامل لمتابعة الأطفال الذين يعانون اضطراب طيف التوحد لافتتاحه قريبا، مشيرا إلى ان المبنى سيمثل نقلة كبيرة في استيعاب أعداد الحالات التي يتم اكتشافها وتحويلها من المراكز الصحية أو من القطاع الخاص أو التي يتم اكتشفها من خلال المسح الذي يتم لطلاب المدارس حول اضطراب التوحد الذي تجريه مؤسسة حمد الطبية حاليا.
وأشار المصدر إلى أن مركز تطوير الطفل يستقبل سنويا 200 طفل جديد مصاب بالمرض، منوها إلى أن إجمالي الحالات بلغ مؤخرا ما يزيد على 700 طفل، إلى جانب حالات لم يتم تشخيصها، وبعضها موجود في أماكن أخرى مثل الشفلح أو المدارس أو بالقطاع الخاص.
تكنولوجيات الكشف
ويمثل الكشف والتشخيص المبكر لمرض التوحد ضرورة لضمان استفادة الأطفال من التدخلات المستندة إلى الأدلة والبراهين وتحسين النتائج على المدى البعيد، بالرغم من أن هناك إجماعا متزايدا على انه يمكن اكتشاف الاشارات المبكرة للمرض في مرحلة الطفولة من خلال اجراء الاختبارات باستخدام تكنولوجيات حديثة مثل استجابة الدماغ وتتبع حركة العيين، ومازال الكشف المبكر لأمراض التوحد واضطراب النمو العصبي يشكل تحديا كبيرا على مستوى العالم.
وتنفذ دولة قطر العديد من المبادرات الواعدة لمكافحة مرض التوحد يجري تنفيذها حاليا، حيث شكلت الدولة مؤخرا مجموعة العمل الوطنية للتوحد تحت إشراف وزارة الصحة العامة، وتشمل هذه المجموعة عددا من الأطراف المعنية من جميع أنحاء البلاد من بينهم أطباء يمثلون عدة تخصصات مثل الطب النفسي وطب نمو الأطفال وعلاج النطق والعلاج الوظيفي إلى جانب علماء النفس والتربويين والإداريين، لافتة إلى أن الأكثر أهمية هو وجود أفراد الأسر.
ركائز لخطة وطنية
ووفق وزارة الصحة العامة فقد أسندت إلى المجموعة مهمة وضع خطة وطنية للتوحد تقوم على ست ركائز اساسية على رأسها التوعية والفحص والتعرف المبكر على المرض، والتشخيص والتقييم وإجراء التدخلات والخدمات المدرسية والانتقال إلى مرحلة البلوغ، مشيرة إلى ان منظمة الصحة العالمية تعاونت عن كثب مع المجموعة لوضع اللمسات الأخيرة للخطة الوطنية للتوحد التي من المنتظر ان تطلق قريبا.
جهود حمد الطبية
وقالت مؤسسة حمد الطبية إن مركز تطوير الطفل بمستشفى الرميلة لديه برنامج متطور لأطفال التوحد يتضمن التعامل مع الحالات على عدة مراحل، فالحالات تأتي محولة من مراكز الرعاية الصحية الأولية وأحيانا من أطباء في مستشفيات حمد الطبية، وهناك البعض يأتي من العيادات الخاصة، وعندما يأتي الطفل ندخله برنامجاً تقييمياً لمعرفة تاريخ المرض من الأهل، ويقوم الطبيب بالفحص السريري للطفل، وقد يطلب الطبيب بعض التحاليل المختبرية، وإذا شعر الطبيب أن الكشف المبدئي عن طريق الكشف يقوم بتحويله إلى فريق التوحد.
الأولاد أكثر من البنات
وقالت المؤسسة إن خدمات اضطراب التوحد قائمة على تشخيص الحالات من خلال برنامج التوحد هو اضطراب تطوعي يظهر عادة في الأطفال قبل عمر ثلاث سنوات، ومن سماته الأساسية التأخر أو الاضطراب في اللغة، والتأخر في المهارات الاجتماعية والتخاطب الاجتماعي، والحركات النمطية المتكررة، علاوة على الذين لديهم تأخر في مهارات اللعب الذي يقصد به اللعب الوظيفي أو اللعب التخيلي، وهذه السمات تظهر في معظم أطفال التوحد قبل ثلاث سنوات، موضحة ان نسبة التوحد نسبة في الأولاد إلى البنات 4 إلى 1 وهي نسبة عالمية بمعنى أن الأولاد المصابين به أكثر من البنات، وهذه هي النسب العالمية في أميركا وبريطانيا، حيث كشفت الدراسات التي أجريت هناك في عام 2008 أن كل 88 طفلا بينهم طفل مصاب بالتوحد، ومؤخرا تقول بعض الإحصائيات إن النسبة ارتفعت إلى 1 من كل 55 طفلا ولكنها ليست إحصائيات دقيقة.
وعن الوضع في قطر قالت المؤسسة انه لا توجد إحصائيات حول المرض نتيجة تداخل المؤسسات التي تعمل في المجال في القطاع الخاص، لكنها مؤخرا بدأت في التنسيق مع العديد من الجهات لوضع إطار موحد للتعامل مع زيادة الحالات المكتشفة، مشيرة إلى أنها لاحظت ارتفاع نسبة الإصابة به بين الأطفال في قطر، لافتة إلى ان المعرفة مؤخرا بالمرض زادت وهو ما يمكن أن يسهم في كشف المصابين به، فمثلا قبل 20 سنة لم يكن أحد في الدول العربية يعرف شيئا عن التوحد، لكن الآن كل الناس تعرفه، وهو ما يمكن أن يكون السبب وراء الحديث حول ارتفاع نسبته.
وأشارت إلى أنه أصبح الآن هناك برامج للكشف عنه فضلا عن البرامج التوعوية الخاصة به وكلها ترفع من درجة الوعي لدى المواطنين بمعرفة المرض وهي تزيد أيضا عدد الأطفال، وهناك بعض الأمراض الاضطرابية كان الناس لا يعرفون تشخيصها الحقيقي فالبعض كان يطلق مثلا تعريف التخلف العقلي على بعض أنواع التوحد دون أن يعرفوه بتعريفه الصحيح.
صعوبة الكشف
وقالت المؤسسة إن بعض الأطفال تظهر عليهم الأعراض منذ الولادة لكن الأهل لا يعرفون، فيمكن للأم أن تلاحظ أن الطفل لديه حالة من القلق أكثر من اللازم وكذلك البعض لا يستجيب للنداء له باسمه، فعدد كبير من الأطفال تظهر عليهم سمات الإصابة بالتوحد منذ السنة الثانية، وبعض الأطفال ونسبتهم من 20 إلى 25 % تقول الأم إن الطفل إلى نهاية السنة الأولى كان طبيعيا لكن حدث له تراجع خلال السنة الثانية وهنا يظهر أن لدينا نوعين من الأطفال، فالنوع الأول الذي كانت لديه هذه السمات من البداية لكن الأهل لم يكونوا مدركين لها، والنوع الثاني خاص بالأطفال الذين كانوا طبيعيين في السنة الأولى وبعد ذلك حدث لديهم تراجع في المهارات والسمات التطورية كاللغة والحركات الأخرى.
قوائم الانتظار
وعن قائمة الانتظار قالت مؤسسة حمد الطبية إنها وضعت إجراءات كثيرة للتغلب على قائمة الانتظار من حيث زيادة عدد الفريق وتوسعات أخرى مشيرة إلى أن مركز تطوير الطفل لديه قائمتان للانتظار، الأولى للتشخيص وقد قلت بالفعل، حيث أصبح أكثر انتظار لتشخيص الطفل أقل من شهرين، بينما كانت قبل ذلك تصل المدة إلى 6 شهور، أما بالنسبة لقائمة التدخل العلاجي فهي من 6 شهور إلى عام يتم خلالها التدخل من خلال تدريب الأهالي على التعامل مع الأطفال لتنفيذ خطة علاجية للطفل لحين إتاحة الفرصة له لتلقي الجلسات بالمركز.
ويوصى الخبراء والمختصين في المرض بالدعم الكبير والمتواصل بأسر الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد لافتين إلى أسر المصابين بالتوحد يواجهون الكثير من المصاعب في سبيل دمج أطفالهم في المجتمع، وهو ما يستدعي أهمية التوسع في خدمات رعاية مرضى التوحد صحيا واجتماعيا.
ونوه الخبراء إلى ان الوصمة الاجتماعية لمرض التوحد تعد أبرز العقبات أمام مناقشة نسب الإصابة بالمرض في الدول العربية، مؤكدين ان نسبة الإصابات بالتوحد تتزايد بشكل مستمر، وهو ما يستدعي الكثير من الانتباه من الجهات المعنية لوضع خطط وطنية لمواجهة هذا المرض قبل أن يستفحل، لافتين إلى أن الجانب الوراثي يعد من أبرز الأسباب للإصابة بالمرض، مشيرة إلى أن زواج الأقارب في الوطن العربي يعد من أبرز أسباب ظهور المرض إضافة إلى الكثير من الأسباب الأخرى.
توصيات «ويش»
ونظرا لأهمية المناقشة حول مرض التوحد والبحث عن حلول لمواجهة انتشاره وتزايد حالاته اكد الخبراء بمؤتمر الابتكار في الرعاية الصحية «ويش» إن مرض اضطراب طيف التوحد (ASD) يتشكل من مجموعة من اضطرابات النمو العصبي التي تستمر مدى الحياة، وتنشأ تلك الاضطرابات خلال مرحلة الطفولة المبكرة وتؤثر على قدرة الشخص في التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين.
وذكروا أنه اعتبارا من عام 2010 قدرت أعداد مرضى التوحد في العالم بنحو 52 مليون حالة، وهو ما يمثل زيادة هائلة على مدار أربعين عاما.
وقد طرح منتدى التوحد التابع لمؤتمر «ويش» ثلاث توصيات رئيسية خاصة بالسياسات بما يفضي إلى علاج هذا الاضطراب وسائر اضطرابات النمو العصبي الأخرى حول العالم، مشيرة إلى التوصيات- الموجهة لصناع السياسات في الأساس- تهدف إلى تعزيز الاستجابة لتلك الاضطرابات من جانب مختلف القطاعات، بما في ذلك الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.
وقال التقرير «نحن نعتقد أن مثل هذا التوجيه يمكن أن يساعد الحكومات في تحسين حياة أولئك الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد واضطرابات النمو العصبي الأخرى وكذلك عائلاتهم ومجتمعاتهم».
وقد تركز التوصيات على أهمية إنشاء لجنة تنسيقية مشتركة بين عدد من الهيئات المعنية بهدف معالجة طيف التوحد على الصعيد الوطني، وكذلك إنشاء مراكز ذات تخصصات متعددة تُعنى بالتدريب والبحوث لتحقيق التميز في دراسة أمراض التوحد واضطرابات النمو العصبي على مدى الحياة، بالإضافة إلى إنشاء إطار عمل يقوم على الشراكة العالمية من أجل معالجة أمراض التوحد واضطرابات النمو العصبي على مدار الحياة.
copy short url   نسخ
14/01/2017
8132