+ A
A -
- أنفاس اِخْتَلَسَها مُحِبُّون في غمرة سَفَر الشوق المجنون
ماذا لو تحرك قلبُك وصَدح بأعذب لَحْن: «أُحِبُّك»؟!
ماذا لو كان قَصْرُ قلبك خاليا، وفجأة من حيث لا تدري أنتَ (ولا يدري هو) سكنَه عصفورُ الحُبّ؟!
ماذا لو...؟!
«ماذا لو؟!» ردِّدْها في قلبك بوشوشة الطيور العاشقة، واهْمسْ بها إلى مَنْ تُبْقيه أميرا على عرش قلبك.
ماذا لو أن قلبَك لم يرتشفْ من كأس الحُبّ المعَتَّقَة جرعَةَ الحياة، أو لنَقُلْ على وجه التدقيق: جرعة الموت في بحر مَنْ تُحبّ؟!
«ماذا لو؟!»..
«ماذا لو؟!» تَرْجِمْها إلى كُلّ اللغات، واطْربْ مع مَن تُحِبّ بأحلى الأوقات..
موعدنا اليوم مع «شيء ما يحدث لي»..
«شيء ما يحدث لي» رائعة من روائع الأغنيات الخالدة في ذاكرة التاريخ العاطفي.
«شيء ما يحدث لي» حروف قليلة تختزل قصة كبيرة أبطالها ثلاثة: رَجُل وامرأتان (واحدة تُحِبُّه، وواحدة يُحِبُّها).
«شيء ما يحدث لي» رائعةٌ تَرْصد تَعَلُّقَ قلبين بقطعة واحدة تسمى الرَّجُل.
«شيء ما يحدث لي» تَجسُّ نبضَ ثلاثة قلوب تصرخ صرخةَ العشق، ويربط بينها خيط الصدق..
ثلاثة قلوب تمتطي صهوة حصان الحُبّ المجنون، لكن لا تعرف أن لحظة وقوعها أرضا في انتظارها ستكون..
تجري رياح الحُبّ بما لا تشتهي سفن القلب. وبعد معاناة وحرمان وتنازلات، يعود قلبُ الرَّجُل المتيم بحب الأولى ليعانق المشاعر الفياضة التي خبأتها الثانية إكراما لاختيارات رَجُل كانت عودتُه إليها مُحَتَّمَة ومُسَطَّرَةً سطورا مضيئة في كتاب القَدَر طال الزمن أم قَصُر.
شاروخ خان وكاجول وراني موخرجي، بأصواتهم الدافئة حققوا «هارمونية» حملتنا إلى عالَم آخَر مَنْسي، عالَم المشاعر الصادقة والعواطف الجَيَّاشة التي يتزوج فيها الإخلاص من البراءة فَيَلِدَان النُّبْلَ بأرقى تجلياته ومضامينه.
مَرَّ زمن طويل على ظهور الأغنية، لكن ميزتَها أنها لم تَمُتْ إلى الآن، وكلما جددتَ الإنصاتَ إليها تشعر بأن الأغنية عندهم مازالت راقية متوهجة كالشمس تتسلل إليك إشراقاتُها لتُعيد إليك النبض مع إقبال الضوء الذي يَزفُّ النشوةَ إلى عينيك، وكذلك للقلب عيون تنتظر خطى ضوء الحُبّ:
«عندما دنوت مني
وبدأتْ ابتسامتك الجميلة
زرعت حلما جميلا بقلبي
أصبح قلبي الآن يعيش بين اليقظة والأحلام
ماذا أفعل الآن؟!
شيء ما يحدث لي..
لا أدري ما هذه التجربة الجديدة!
ما هذا الظمأ الذي لا يريد أبداً أن ينطفئ؟!
يا إلهي! ما سِحْر الحُبّ الْمُذهِل هذا؟!
ذلك الذي يضنيني!
لا أحد يعرف لماذا يفقد المرء راحتَه عند الحُبّ
ما هذا التأثير الغريب؟!
صلواتي قد بدأت..
لا أعرف ماذا أفعل عندما أقع في الحُبّ!
لا أعرف لماذا أشعر بالراحة في عدم الراحة هذه؟!
في وحدتي ذكرياتك رفيقتي
ماذا أفعل الآن؟!
شيء ما يحدث لي..».
نجاح الأغنية، أغنية «شيء ما يحدث لي» (KUTCH KUTCH HOTA HAI كوتشي كوتشي هوتا هي) لم يأتِ من فراغ. فأول شيء يَشدّ قميصَ اهتمامك هو أَلَقُ الحناجر التي أدت الأغنية بكل الحُبّ الكائن والممكن، حتى بصمَتْ بصمتَها في سجلّ التاريخ العاطفي.
هذا الأداء لا مجال فيه للتصنع، فعَنادِله تطير محلقة «مسقسقة» معتمدة على مؤهلاتها الطبيعية بعيدا عن مساحيق تجميل تُذْكَر لِتُلَمِّعَ أوتارَها الصوتية.
أنتَ تَطْرب للأغنية الحالمة (هذه) أينما كنتَ، تَرَنَّمْ بالصوت الذي يُسافر معك كطائر حُرّ لا تَسجنُه قضبان الصورة التي تستدرجك إلى فضائها المغلَق، ولستَ في حاجة إلى أن تربط عينيك بجهازك الناقل للصورة لتنتهي علاقةُ عشقك للأغنية مع نهاية البَثّ كما يحدث للأغنية العربية على نطاق واسع في أيامنا هذه.
ما أن نتجاوز مُكَوِّن الصوت في رائعة «شيء ما يحدث لي»، الصوت الذي لا يخطئه ذوقُ العاطفة، حتى تأسرك رِقَّة وروعة الكلمات التي مِن الْمُخْجِل أن تُقارِنَها بما يتم مَضْغه من كلمات مائعة عائمة للأغاني المتدنية المطروحة على الطريق في زمنك هذا ويقال إنها عربية..
في سماء الأغنية العربية كثيرة هي الكلمات الْمُبْتَذَلَة التي تُشَوِّه كل شيء، حتى العاطفة، فلا تعرف كيف تَنْقُل إحساسَ الحُبّ، وكأنه حُبّ صيني (مغشوش).
كيف تسمح لنفسك أن تُصَفِّقَ لفساد ذوق الآخرين؟!
ألا ترى أن ذلك الذوق يُفْرَض عليك فرضا؟!
لماذا لا تَجِد أنتَ طريقةً تُعفيك من أن تَقبله وتُعبر عن عدم استسلامك له؟!
الكلمات رُقي.. الكلمات حضارة..
فكيف تَقبل أنتَ من نَكِرةٍ أن يُجَرٍّعَك انحدارَه؟!
كيف تَقبل أن يمرِّرَ إليك الآخَر الدخيلُ رسائل عنوانُها السقوط والانحدار والتدني؟!
الكلمات بطاقة هوية بالنسبة للأغنية. وكلمات أغنية راقية بحجم «شيء ما يحدث لي» تُعَلِّمُك فَنَّ الإحساس، وتَرسم لك حدودَ أنفاس اختلسها محبون في غمرة سفر الشوق المجنون الذي يطارد الحُلمَ ويتحمل في سبيل ذلك العتابَ واللومَ..
الأغنية تعبير. وعندما يغني أحدهم فهو يختار طريقته الخاصة لِيُعَبِّر. فكيف لنا أن نُعْجَب بتعبير دون المستوى؟!
علينا أن نُعْجَب بالتعبير الذي يليق بنا ويضيف إلينا ويعبر عما نحن بحاجة إليه.
على مدار الوقت، تعددت أشكال التعبير غناءً، وكل منا يميل إلى حيث يَجِدُ حاجته. فهناك الأغنية العاطفية، كما أن هناك الأغنية الوطنية، وقِسْ على ذلك ما تبقى من الأغاني ذات التوجهات المتنوعة بين المجتمع والسياسة والدين وما إلى ذلك.
الأغنية كانت في زمن الثورات سلاحا، كانت مُطَيِّباً لركبة الجسد العربي، كانت منديلا يلملم دموع القلب الموجوع، كانت تُرَبينا على الحسّ الوطني، كانت وكانت وكانت..
واليوم لِنَنْظُرْ في أيّ مستنقَع سقطت الأغنية العربية!
الأغنية لا يكتبها إلا شاعر يَشْعر ويُحس بما يكتبه قبل أن يكتبه.
أرى أن شِعرَ الأغاني العربية تحول إلى كلام «كما اتفق» و«سلق بيض» وقذارة وطوب وحجارة إلا في ما ندر.
أينكَ يا إحساس وأينكِ يا رِقَّة؟!
هل كل من هبّ ودبّ يعتبر نفسه شاعر أغنية؟!
الأغنية رسالة هادفة، تجسيد لقضية (حتى لو كانت قضية حُبّ) بطريقة راقية كتابةً وأداءً.. الأغنية إحساس، فلا تنزلْ بإحساسك إلى الحضيض.
copy short url   نسخ
14/01/2017
3495