+ A
A -
تقارب العلاقات محير، التصريحات المتبادلة ليست تقليدية، «الغزل» بين ترامب وبوتين يتواصل، لهجة «دافئة» وخطابات «ودودة» ومستقبل يرسم غموضه وتعقيده حول مدى جدية هذا التحول الدبلوماسي الأميركي والروسي، تورط روسيا في الانتخابات لدعم ترامب لا زال يستهوي عشاق المؤامرة العالمية، والحذر الدولي والترقب العالمي يخيم هو الآخر على المشهد، فمع كل خطوة جديدة يطل تشويشا من الشك والاستغراب على العلاقة الإيجابية التي تبدو واضحة بين ترامب وبوتين، خاصة في الأزمة الدبلوماسية الكبرى التي حدثت بعد طرد أميركا لـ 35 دبلوماسيا روسيا.
والإشادات والتهاني المتبادلة بين كل من الرجلين اللذين تجمعهما صفات شخصية بقدر تناقضها ولكنها تتفق في نواحٍ عديدة، ولكن حتى الآن ما زال الجميع يتساءل، ما الذي يحدث بالفعل وما الذي يفكر فيه ترامب تحديدا عبر «تغريداته» التي لا يتوقف فيها عن الثناء ببوتين والتحرك الهادئ من بوتين في المقابل وتعليق عدد من السياسيين الروس آمالا مختلفة على الرئيس الأميركي الجديد، وعلامة استفهام أكبر تظل معلقة في الصورة!
تقارب متبادل
يقول جيمس كوين الكاتب بجريدة واشنطن بوست، في تصريحات لـ الوطن، إنه منذ الحملة الانتخابية لدونالد ترامب وكانت مبادرات التقارب بينه وبين بوتين تزداد، خاصة بعد أن كان يحاول ترامب أن يقحم الموقف مع روسيا في إطار عدائه مع تيارات الحزب الديمقراطي والجماعات الديمقراطية بشكل عام في ظل اشتعال المنافسة الانتخابية، فبادر ترامب بالإشادة ببوتين معتبرا إياه شخصا قويا ويتمتع بقيادة حكيمة ثم توالت الإشادات بالوقف الروسي في سوريا ومجهود القوات الروسية في مكافحة تنظيم داعش وكان ذلك في إطار عداء ترامب مع أوباما وكلينتون، ولكن تعامل بوتين مع تصريحات ترامب كان عجيبا أيضا معتبرا أنه المرشح الأقوى والأوفر حظا بالفوز بالرئاسة وترحيبه بإقامة علاقات مشتركة بين روسيا وأميركا في حالة فوزه، ولم يبالِ بوتين حين إطلاق تلك التصريحات بالهجمات الإعلامية التي سنت أسلحتها في وجه ترامب بعد تصريحاته العنصرية ضد المسلمين ولم يشغل باله أيضا بمدى تأثير ذلك على المسلمين الذين يشكلون قوى انتخابية هامة داخل روسيا أو بعلاقات روسيا الطيبة مع عدد من الحكومات الإسلامية بخصوص عدد من التوجهات الاستراتيجية، ثم ازدادت المبادرات الإيجابية خاصة في جانب ترامب تحديدا عبر عدد من التغريدات التي كان يكيل فيها بالمديح على بوتين ويبدي رغبته بإعادة النظر في ملف العلاقات الأميركية الروسية.
تفاؤل حذر
ويتابع كوين: في المقابل كان بوتين يكرر الإشادة بترامب معتبرا إياه «شخصا لامعا.. وذكيا» وذلك هو الوصف الأخير الذي استخدمه ترامب أيضا في الإشارة إلى رفض بوتين لترحيل دبلوماسيين أميركيين ردا على الخطوة التي قام بها أوباما، بجانب الفرحة الغامرة التي بدت بارزة في تصريحات عدد من المسؤولين الروس في مقدمتهم بوتين بالطبع الذي أبدى ارتياحه لفوز ترامب، ثم التحرك الدبلوماسي بتعليق الرد الروسي على الموقف الأميركي حتى استلام ترامب لحقيبة الرئاسة بعد تنصيبه، ما يبشر بأن العلاقات على هذا النحو ستسير في طرق إيجابية ومختلفة ومن المتوقع زيارة قريبة من بوتين إلى أميركا والتي ستشكل حدثا إعلاميا بارزا، ولكن تلك التوقعات الحذرة والمتفائلة ما زالت ستصطدم بشكل كامل بالتوجهات السياسية في مناقشة الملفات الرئيسية الكبرى، بعض المسؤولين الروس يبدي ارتياحه للرؤية السياسية لترامب والتي تختلف عن توجهات الديمقراطيين في ملف السياسة الخارجية والتي كانت تريد زيادة الدور الأميركي العالمي على العكس من ترامب الذي يريد التخلص من كوارث سياسات أوباما السابقة خاصة في الشرق الأوسط وفي عدد من الملفات الأخرى، والتركيز أكثر على الشأن الداخلي الأميركي وتقدم ملفات التجارة والاستثمار على ملف العلاقات الخارجية في أجندة الرئيس الأميركي المنتخب، ولكن هناك ملفات شائكة ما زالت معلقة في العلاقات بين البلدين وبالتأكيد لن يتنازل ترامب أو حتى «سيُسمح» له من قبل حزبه ومؤيديه بالتخلي عن أي ملفات حساسة تتعلق بالشأن الأميركي.
سياسات مشتركة
وتقول آنا ميشيل الكاتبة بصحيفة شيكاغو تريبيون، في تصريحات لـ الوطن، إنه لا يمكن إغفال أن هناك أشياء كثيرة متقاربة في السمات الشخصية لترامب وبوتين فيما يتعلق بالرؤية السياسية بشكل عام، ترامب معجب بالصورة القوية التي يحققها بوتين في بلاده وعلاقاته الخارجية القوية، ورغم هجوم حزبه عليه بشكل ملحوظ فيما يتعلق بلغته «المتملقة» للرئيس الروسي، فإن اختيارات ترامب السياسية في فريقه الرئاسي أو في اختياراته للحقائب الوزارية تضم عددا من المؤيدين لعلاقات إيجابية مع روسيا، لعل أبرزهم ريكس تيلرسون وزير الخارجية، ولا يجب التغاضي أيضا عن مواقف ستيف بانون كبير مستشاري حملته الانتخابية ومستشار الرئيس الأميركي الجديد وأيضا مايك فيلين مستشار الأمن القومي لترامب ومواقفهم غير العدائية مع روسيا، ولكن الصورة حتى الآن ما زالت غير واضحة ويبدو أن هناك عددا من الملفات على مائدة الحوار بين روسيا وأميركا في ظل إدارة ترامب.
copy short url   نسخ
11/01/2017
650