+ A
A -
تحقيق- محمد الأندلسي
توقع مراقبون لأسواق المال ارتفاعاً في ودائع البنوك المحلية في أعقاب قيام مصرف قطر المركزي برفع أسعار الفائدة، حيث تم رفع سعر فائدة الإقراض من المصرف (QMRL) من 50. 4 بالمائة إلى 75. 4 بالمائة، وأيضاً رفع سعر فائدة الإيداع لدى المصرف (QMRD) من 75.0 بالمائة إلى 1 بالمائة، وتم أيضاً تعديل سعر إعادة شراء أوراق الدين العام (REPO) ليصبح 25. 2 بالمائة، واستحقاق عمليات إعادة الشراء من 14 يوماً إلى 7 أيام.
وبحسب البيانات المتاحة فإن جملة ودائع البنوك لدى مصرف قطر في شهر نوفمبر بلغت مستوى 36.6 مليار ريال وتوزعت كالتالي: 32.3 مليار ريـال، رصيد الاحتياطي الإلزامي ريال، علماً بأن هذا الاحتياطي هو الذي تضعه البنوك لدى المركزي بما نسبته 4.75% من جملة ودائع العملاء لديها، بشكل دائم وبدون فوائد، بالإضافة إلى 9 4.3 مليار ريـال رصيد حسابات البنوك الحرة لدى المركزي.
وأشار المراقبون في حديثهم مع الوطن الاقتصادي، إلى أن رفع الفائدة على الريال يضمن تنافسية العملة الوطنية وجاذبيتها كوعاء للمدخرات غير أنهم قالوا إن تكدس الودائع لدى البنوك المحلية يمثل أزمة حقيقية، وتتمثل هذه الأزمة في أن تكدس الودائع في كونها سيولة غير مستثمرة في أنشطة تشغيلية تعزز الاقتصاد الوطني، كما يؤشر لعدم قدرة قنوات الاستثمار المحلية على استيعاب السيولة الفائضة، غير أن المراقبين قالوا إن الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة وحالة عدم اليقين التي تواجه الاقتصاد العالمي هي السبب الرئيسي وراء تفضيل المستثمرين الاحتفاظ بالسيولة على هيئة ودائع لكون الودائع المصرفية الخيار الأكثر أماناً قياساً على البورصة عالية التقلب والعقار الذي يعانى من الركود أو السبات في الوقت الراهن.
وأوضحوا أن نفسية المستثمر تلعب دوراً مهماً وكبيراً للغاية في السوق القطرية، وفي نفس الوقت زيادة الفائدة على الاقتراض تجعل الأعباء التمويلية في كثير من الأحيان عقبة في وجه الاستثمارات عند مقارنتها بعوائد الاستثمار، مشيرين إلى أن قرار رفع الفائدة لن يترتب عليه انعكاسات سلبية كبيرة، عند مقارنتها بالآثار والانعكاسات الإيجابية.
اتجاه السيولة
وفي التفاصيل يقول أحمد عبدالحكيم، المحلل المالي والرئيس التنفيذي لشركة أرباح للاستشارات المالية،: إن قرار رفع الفائدة يعمل على جعل العائد مغرياً استثمارياً على الإيداع ومن ثم يجذب الكثير من المستثمرين لإيداع أموالهم لدى البنوك، وذلك في ظل غياب فرص عالمية حقيقية، وحالة عدم اليقين العالمية، وهذا في الوقت الذي نرى البورصة متقلبة والركود يسيطر على السوق العقارية، مما يشجع بصورة اكبر لشرائح مختلفة من المستثمرين الإبقاء على السيولة أو «الكاش» لدى البنوك خاصة مع وجود العوائد المستقرة والثابتة ومضمونة.
وأوضح عبدالحكيم قائلاً: «النتيجة الثانية لقرار رفع الفائدة، هي زيادة طموحات المستثمرين، في نسب العوائد على الاستثمار والتي تكون مرضية لهم، ومن ثم إذا كان المستمر يطلب عائداً سنوياً على أمواله في حدود 10 % مثلاً عندما تزيد الفائدة في البنوك فهو يطلب عائداً اكبر على استثماره من الـ 10 %».
وأضاف عبدالحكيم: إن نفسية المستثمر تلعب دوراً مهماً وكبيراً للغاية في السوق القطرية، وفي الوقت نفسه زيادة الفائدة على الاقتراض تجعل الأعباء التمويلية في كثير من الأحيان عقبة في وجه الاستثمارات عند مقارنتها بعوائد الاستثمار، وهذا ما يعمل على تكدس الودائع لدى البنوك المحلية وهو ما يعني أن السيولة غير مستثمرة في أنشطة تشغيلية تعزز الاقتصاد الوطني، كما يؤشر لعدم قدرة قنوات الاستثمار المحلية على استيعاب السيولة الفائضة.
وأشار إلى انه من الناحية العالمية أيضاً احتفاظ المستثمرين القطريين بالسيولة وعدم توظيفها في استثمارات خارجية عالمية ترجع لعدة عوامل أهمها تقلبات أسعار الصرف للعملات سواء كانت أوروبية أو غيرها، وتفضيلهم الإبقاء على السيولة إما بالريال القطري أو بالدولار الأميركي، وهذا خوفاً منهم من تحقيق خسائر ناتجة عن هذه التقلبات، لافتاً إلى أن ضعف اقتصادات بعض الدول العالمية، والتلميح من فترة لأخرى لموضوع الكيان الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي وخروج بريطانيا من هذا الاتحاد، وتعثر بعضها، الأمر الذي أفضى إلى جعل المستثمر أكثر حذراً في انتقاء الفرص الاستثمارية الجيدة، في هذه الدول.
وأكد عبدالحكيم أنه خلال هذه الفترة التي تشهد اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية، تجعل المستثمر يحتفظ بالسيولة وإيداعها في البنوك على شكل ودائع أو اللجوء إلى المعدن الأصفر كمخزن للقيمة، للحفاظ على ثرواته، مشيراً إلى أن الذهب يعتبر سلعة استراتيجية وليست سلعة مضاربية، وهو معدن متناقص خاصة مع محدودية هذا المورد في حين أن الطلب عليه متزايد، ولهذا ترجيح كفة زيادة سعر المعدن الأصفر غالباً ما تكون في محلها من قبل المستثمرين، لذلك يلجأ إليه المستثمر في أوقات الأزمات والاضطرابات، فالذهب يمرض وما يلبث أن يشفى بوتيرة متسارعة، لافتاً إلى أن رفع الفائدة الأميركية يؤثر فقط على الناحية المضاربية للذهب وعلى المدى القصير.

التوجه للودائع
من جانبه قال المستثمر يوسف أبوحليقة: إنه نتيجة لرفع مصرف قطر المركزي سعر فائدة الإيداع من 75 .0 % إلى 1 %، سيعمل هذا على ارتفاع في ودائع البنوك المحلية، والكثير من المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال سيعملون على التوجه إلى ودائع البنوك، لزيادة الأرباح وأيضاً لتدني نسبة المخاطر بها، مشيراً إلى أنها نتيجة طبيعة لقرار رفع الفائدة.
وأضاف: في ظل حالة الضبابية وعدم اليقين التي تواجه الاقتصاد العالمي والتي هي السبب الرئيسي وراء تفضيل المستثمرين الاحتفاظ بالسيولة على هيئة ودائع لكون الودائع المصرفية الخيار الأكثر أماناً قياساً على البورصة عالية التقلب والعقار الذي يعانى من الركود حاليا، والكثير من المستثمرين ينتظرون ما سيؤول إلى الوضع الاقتصادي بعد تولي دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، خاصة بعدما رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة الأميركية بمقدار ربع نقطة مئوية ولمح إلى وتيرة أسرع لزيادات أخرى في 2017 مع تولي إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة بوعود لزيادة النمو من خلال خفض الضرائب وزيادة الإنفاق وتخفيف القيود.
وأضاف أبوحليقة: إن تكدس الودائع يمثل أزمة في كونها سيولة غير مستثمرة في أنشطة تشغيلية تعزز الاقتصاد الوطني، كما يؤشر لعدم قدرة قنوات الاستثمار المحلية على استيعاب السيولة الفائضة، معزياً ذلك إلى الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة وحالة عدم اليقين التي تواجه الاقتصاد العالمي مما يجعل المستثمرين يفضلون الاحتفاظ بالسيولة على هيئة ودائع لكون الودائع المصرفية الخيار الأكثر أماناً قياساً على البورصة عالية التقلب والعقار الذي يعانى من الركود أو السبات في الوقت الراهن.
وتعتبر مشكلة تقلبات أسعار الصرف للعملات والمخاطر المرتبطة بها إحدى أهم المشاكل التي تواجه «الكاش» الباحث عن الاستثمار، لذلك التوجه إلى الودائع المصرفية يعتبر أكثر أماناً بالنسبة لهم، من قنوات استثمارية أخرى، مشيراً إلى أن الاستثمار الآمن في الوقت الحالي هو الاحتفاظ بالسيولة إلى حين اتضاح الرؤية وانبثاق قنوات استثمارية جديدة.

زيادة الإيداعات
من جهته، قال أحمد عقل، المحلل المالي،: إن رفع الفائدة على الريال يضمن تنافسية العملة الوطنية وجاذبيتها كوعاء للمدخرات، لافتاً إلى أن قرار رفع الفائدة على الودائع يختلف من دولة لأخرى، ولكنه بشكل عام القرار يؤدي إلى توجه السيولة إلى البنوك على شكل ودائع مصرفية، والتي تتميز بكونها لا تحمل مخاطر عالية، لافتاً إلى أن رفع مصرف قطر المركزي سعر فائدة الإيداع من 75 .0 % إلى 1 %، هي نسبة قليلة، ولكنها تأتي لمواكبة الاتجاهات العالمية ورفع الفائدة الأميركية أيضاً.
وأشار إلى أن العديد من الدول المختلفة، وخاصة الدول التي تعاني أزمات اقتصادية مرتفعة، تعمل على رفع الفائدة بنسب كبيرة من اجل جذب المزيد من السيولة، ولكن الاقتصاد القطري قوي وينمو بمعدلات جيدة ولا نرى نفس الأسباب التي تدفع الدول التي تعاني من تقلبات اقتصادية موجودة هنا في قطر، خاصة مع البيئة التشغيلية والاستثمارية المتنوعة التي تتميز بها قطر، ويمكن ملاحظة أن النسبة التي تم رفعها هي قليلة ولن يترتب عليها انعكاسات سلبية كبيرة، عند مقارنتها بالآثار والانعكاسات الإيجابية.
وأكد عقل أن هناك العديد من القنوات الاستثمارية التي يمكن ضخ السيولة بها غير الودائع في البنوك وتحصيل نسبة صغيرة وآمنة من العوائد، فهناك الاستثمار في سوق الأسهم أو المشاريع الصغيرة والمتوسطة أو غيرها من أوجه الاستثمار الأخرى، ولكن بشكل عام رفع المصرف المركزي نسبة الفائدة يدعم بشكل أو بآخر عملية زيادة الإيداعات لدى البنوك والادخارات النقدية.
وأشار عقل إلى أن رفع الفائدة سيجذب بعض رؤوس الأموال وتختلف نتائج هذه القرارات من دولة لأخرى، ولكن سيعمل على تحقيق عوائد آمنة للمستثمرين الراغبين في إيداع أموالهم لدى البنوك والاستفادة من رفع نسبة الفائدة، ومن ثم سيزداد عدد المستثمرين الراغبين في وضع الكاش لدى البنوك وهو الأمر الذي يدعم من يريد الادخار وتحقيق نسبة عوائد مالية ثابتة وآمنة.
إلى ذلك ووفق بيانات شهر نوفمبر مقارنة بما كان عليه الحال مع نهاية شهر أكتوبر الماضي فقد بلغت ودائع الحكومة والقطاع العام 177.8 مليار ريال، وقد توزعت هذه الودائع بين 57.5 مليار ريال للحكومة و91.4 مليار ريال للمؤسسات الحكومية، و29 مليار ريال للمؤسسات شبه الحكومية التي تقل حصة الحكومة فيها عن 100% وتزيد على 50%.
من جهة أخرى ارتفعت جملة قروض الحكومة والقطاع العام بنحو 12.1 مليار لتصل إلى 277.2 مليار ريـال توزعت كالتالي: الحكومة: 124.2 مليار ريـال بارتفاع مقداره 13.8 مليار ريال؛ والمؤسسات الحكومية: 140.1 مليار ريـال بانخفاض 1.7 مليار ريال؛ والمؤسسات شبه الحكومية: 12.9 مليار ريـال بدون تغير عن الشهر السابق.
وبالإضافة إلى ما تقدم؛ انخفض رصيد السندات والأذونات الحكومية بنحو 2.3 مليار ريال إلى مستوى 120.9 مليار ريال. وبالمحصلة ارتفع مجمل الدين العام المحلي «حكومي ومؤسسات حكومية وشبه حكومية، وأذونات وسندات وصكوك» بنحو 9.8 مليار ريال إلى مستوى 398.2 مليار ريـال، على النحو المبين.
وارتفعت جملة ودائع القطاع الخاص المحلية لدى البنوك مع نهاية شهر نوفمبر بنحو 5.1 مليار ريـال إلى مستوى 343.7 مليار ريـال، إضافة إلى ودائع بقيمة 9.5 مليار ريـال للمؤسسات المالية غير المصرفية.
copy short url   نسخ
29/12/2016
2005