+ A
A -
قال خبير الشؤون السياسية السوداني، د.عبد الرحمن أبوخريس، في حديث لـ الوطن، إن الإرهاب كظاهرة كان موجودا في المجتمعات الدولية منذ القدم وتم توظيفه سياسيا في فترات متباعدة مثلما وظف في إسرائيل لإنشاء الدولة اليهودية وفي ألمانيا النازية وتم استخدام هذه الوسيلة والعنف المفرط اتجاه المطالبين بالحريات وتحسين الأوضاع، ويعود الإرهاب حسب أبوخريس لعدة أسباب ولم يبدأ بمدخل الدين بل كان سياسياً وتم إقحام الدين مؤخرا وصار المتشددون ومن يكرهون السياسة الأميركية في العالم يوصفون بالإرهابيين، أما في دول العالم الثالث عموماً ظهر الإرهاب نسبة لعدم توفر الحريات العامة والمدنية والتداول السلمي للسلطة والشفافية، وعدم المساواة والعدالة وهي قيم لم تتوفر في العالم الثالث ما أدى إلى انتشار ظاهرة الإرهاب، مضيفاً أن أنظمة الحكم القابضة على مقاليد السلطة والثروة في الدول أحدثت قفزة في عوامل ظهور الإرهاب، بالإضافة إلى ضعف السياسات العامة في الدول حيث لا يوجد تخطيط استراتيجي يلبي احتياجات المواطنين على المدى المتوسط والبعيد فيلجأ المواطن للإرهاب لأنه لا يجد أملاً أو مدخلاً لتلبية حقوقه في المستقبل القريب وهذا النمط افقد البعض الأمل وظهرت الميول لإخراج الغبن والبحث عن وسائل أخرى للحصول على الحقوق.
وأوضح أبوخريس، أن هناك أسبابا طائفية وإثنية وثقافية أدت إلى عدم وجود عدالة وترسيخ للقومية وأزكت الإثنيات ولجأ البعض لممارسة الإرهاب وصراع الهويات، مبينا أن عدم وجود الدولة القومية في العالم الثالث بشكل مدني عزز من ظاهرة الإرهاب، كما أن هناك أسبابا اقتصادية مثل التنمية والحصار على الدول، أو محاصرة الأنظمة لشعوبها. وحذر أبوخريس من أنه إذا لم تحل مشكلة الإرهاب ستكون اهم تداعياته جعل الدولة المعنية بؤرة لتفريخ الجماعات الإرهابية وخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي على المستوى العالمي، لأن ظاهرة الإرهاب حدث لها تشبيك ومتضامون في كل الدول وستتحول إذا لم تعالج إلى تنظيمات سرية وتكون اخطر من الوضع الحالي العلني الذي تتم محاربته، وربما يصبح الإرهابيون مدنيين عاديين ويعملون في السر وداخل الجيوش، لأن الجماعات الحالية في حالة فشلها ستبتكر أساليب أخرى لذلك من المهم معالجة أسباب الإرهاب معالجة جذرية، مؤكداً أن الأمر سيخلق حالة من التأثير والتحول على المنظومة الدولية بقدر كبير ما يتطلب تعديلات على ميثاق الأمم المتحدة التي تنظم العلاقات الدولية، مشيرا إلى أنه حتى بعض المعالجات الحالية للإرهاب تغذيه في الحقيقة بدل القضاء عليه ما يتطلب ابتداع أساليب جديدة لمكافحته.
من جهته، يؤكد أستاذ وخبير علم الاجتماع د.الطاهر عوض الله، لـ الوطن، أن الإرهاب ليس مجرد الصورة التي نراها الآن من تقتيل وتدمير، وإنما هي ظاهرة لها أسس ولها ما وراءها من أهداف ومرامٍ، لأن الناحية المهمة فيها أنها تقوم على الجهل أساساً، لأن الإنسان المدرك لحقائق المجتمع وملم بظواهره لا يفكر أبداً في النيل من المجتمع وإنما تجد العلماء والمفكرين إسلاميين وغير إسلاميين يحرصون على الحفاظ على المجتمع وعلاج المظاهر السلبية، لأن الحل ليس في القضاء على المجتمعات كما يفعل الإرهابيون، وإنما حل مشاكل المجتمعات خاصة الإسلامية وتقوية وتطوير عقائدها وممارسة العقيدة بشكل سليم، مبيناً أن الأعمال العنيفة التي يقوم بها الإرهابيون تنفي عنهم أنهم أصحاب رسالة، وإنما أدوات توظف لخدمة أغراض معينة، وتابع بقوله: «نحن أمام مرحلة من صراع العقائد والكيانات الكبرى يستخدم فيها جهلاء الدين»، ويؤكد عوض الله، أن نتائج الإرهاب والتشدد وخيمة على المجتمعات لأنها عبارة عن تدمير لمقومات الحضارة كما ظهر في سلوك الجماعات المتشددة عند دخول سوريا والعراق وتدميرها لمظاهر الحضارة والتراث الإنساني، وهو مسلك بديل لما كان يفترض بهم فعله من تشييد للمساجد والمؤسسات المعنية بتطوير المجتمعات، مشيرا إلى الإرهابيين يمثلون ظاهرة سلبية وموظفة للقضاء على المجتمعات بعد أن فشل ظاهرة السيطرة على المجتمعات العربية والإسلامية.
copy short url   نسخ
30/05/2016
1296