+ A
A -
يشكل كولسترول الدم أكبر المخاطر الصحية التي يعاني منها الكثيرون نتيجة تأثيره المباشر على القلب والشرايين حيث يعرفه العماء والأطباء المتخصصون بالقاتل الصامت الذي يتراكم في جسم الإنسان دون أن يعلم به، وهو ما تسعى وزارة الصحة العامة من خلال جهود العديد من المؤسسات الصحية التابعة لها أن توعي كل من يسكن أرض قطر بمخاطره من خلال حملات توعية مكثفة، وكذلك عبر البرامج العلمية والتعليمية التي تقدمها للمتخصصين في الرعاية الصحية حول التعامل مع ارتفاع الكوليسترول العائلي في الدم. ويؤكد الأطباء المختصون أن الكثيرين ممن عندهم ارتفاع الكولسترول لا يعلمون بوجوده حتى مراحل متقدمة وبعد تأثيره على القلب والشرايين بعمل الترسبات والتضييقات التي تؤدي إلى الجلطة القلبية والدماغية في مراحل متأخرة بدون علاج، موضحين أن الكشف المبكر عن ارتفاع الكولسترول وعلاجه يمنع جميع هذه الأمراض. وحول المخاطر التي يمكن أن يتسبب فيها الكولسترول قال الدكتور عمّار سلام رئيس قسم القلب بمستشفى الخور واستشاري أمراض القلب بمؤسسة حمد الطبية إن الكولسترول يعتبر القاتل الصامت للقرن الواحد والعشرين حيث إن الكثيرين ممن عندهم ارتفاع الكولسترول لا يعلمون بوجوده حتى مراحل متقدمة وبعد تأثيره على القلب والشرايين بعمل الترسبات والتضييقات التي تؤدي إلى الجلطة القلبية والدماغية في مراحل متأخرة بدون علاج. موضحا أن الكشف المبكر عن ارتفاع الكولسترول وعلاجه يمنع جميع هذه الأمراض. وكشف الدكتور عمار عن أن مستشفى الخور عقد بمركز التدريب به ندوة تثقيفية عن ارتفاع الكولسترول وأضراره وآخر المستجدات في علاجه حسب التوصيات العالمية المعتمدة من المجلس الطبي الأوروبي وجمعية القلب الأميركية، بهدف توعية الممارسين بأساليب الكشف الجيد على الكولسترول بالدم.
الكولسترول المفيد والضار
وأوضح الدكتور عمار أن هناك نوعين من الكولسترول نوع مفيد للصحة وآخر ضار. النوع المفيد وهو بروتين دهني مرتفع الكثافة (إتش. دى. إل) ويسمى أحيانا الكوليسترول الجيد ويجب أن تكون نسبته في الدم أعلى من 40 مليجرام/ديسلتر والنوع الضار هو بروتين منخفض الكثافة (إل. دي. إل) ويسمى أحيانا الكوليسترول السيئ ويجب ان تكون نسبتة اقل من 100 مليجرام/ديسلتر وهو يسبب الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين. في حين يجب ألا يتجاوز المستوى الكلي للكولسترول 200 مليجرام/ديسلتر. وتكون زيادة الكولسترول المرتفع الكثافة مفيدة حيث يقوم بنقل النوع المنخفض الكثافة إلى الكبد فيقوم الكبد بتحويل جزء منها إلى عصارة المرارة. هذا يعني أن زيادة نسبة (إتش دي إل) بين 40 و100 مليجرام/ديسيلتر في الدم تعني انخفاض نسبة الإصابة بأمراض القلب. ويجب أيضا عمل فحص للدهون الثلاثية (ثلاثي الغليسريد) والتي تزداد عادة بسبب الخمول وزيادة الوزن كما يمكن أن تزداد بسبب مرض السكري واضطراب الغدة الدرقية وبسبب بعض الأدوية. ويجب أن تكون نسبتها في الدم أقل من 200 مليجرام/ديسيلتر.
وقال الدكتور عمار: يتواجد (إل دي إل) في الدم من مصدرين: من الغذاء مباشرة (فهو موجود بكثرة في صفار البيض والجبن الدسم والجمبري والصدفيات) أو يقوم الجسم بتصنيعه أثناء التمثيل الغذائي، لذلك يزيد وجوده في الدم أحيانا عن الحد اللازم. أما نوع (إتش دي إل) الطيب فلا يمكن للجسم تصنيعه ولا بد من تعاطيه مع الغذاء. يكثر نوع (إتش. دي. إل) في زيت كبد الحوت وفي الأسماك، ويستحسن أخذ ملعقة صغيرة من زيت السمك أو كبسولة منها يوميا، فتحسن من توازن النوعين (إل دي إل) و(إتش دي إل) في الدم، وبذلك يتقي الفرد أضرار تراكم نوع (إل دي إل) في الأوعية الدموية وما لها من أضرار مثل تصلب الشراريين وتكلسها وأمراض القلب.
وسائل خفض الكولسترول
وتابع الدكتور عمار إنه يمكن للناس خفض الكوليسترول بصفة عامة ليتقوا شر ما يتسببه الكوليسترول العالي في الدم من تأثيرات سلبية على الشرايين وبالتالي صحة الجسم. ويمكن عمل ذلك عبر اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين المنتظمة، خفض الدهون المشبعة في الأكل، وزيادة الكمية من الفواكه والخضراوات والألياف. أما المصابون بارتفاع الكولسترول فيجب عليهم بالإضافة إلى ذلك أخذ أدوية الستاتين (أدوية مخفضة للكوليسترول) بإرشاد من الطبيب. وتعتبر الستاتين من المنتجات الصيدلانية الأكثر مبيعا في التاريخ. وتعمل عبر تثبيط الإنزيم المسؤول عن تصنيع الكوليسترول في الكبد، الذي بدوره يصنع ما نسبته 70% من المجموع الكلي للكوليسترول في الجسم. وقد أثبتت الدراسات العالمية الكبيرة أن هذه الأدوية فعالة في الوقاية من أمراض القلب. أما الآثار الجانبية لأدوية الستاتين فتشمل آلام في العضلات، وزيادة خطر داء السكري، وخلل في فحوصات إنزيمات الكبد. بالإضافة إلى ذلك، توجد آثار جانبية شديدة لكنها نادرة على وجه الخصوص تلف وتكسر في خلايا عضلات الجسم. وكشف الدكتور عمار عن أن الأبحاث الأولية لمتوسط الكوليسترول السيئ في مرضى الذبحة الصدرية في مستشفى الخور بلغ 140 مليجرام/ديسيلتر أما الكولسترول النافع 33.6 مليجرام/ديسيلتر.
مشروع القلب السليم
وكشف الدكتور عمار عن إطلاق مشروع– القلب السليم- وهو مشروع بحثي كبير بمشاركة مستشفى القلب بمؤسسة حمد الطبية وبمشاركة معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية بجامعة قطر. والبحث يعتبر أكبر بحث على مستوى الوطن العربي لدراسة العوامل المؤدية لأمراض القلب ودرجة انتشارها وطرق التعامل معها في المجتمع القطري. ويهدف البحث إلى الخروج بتوصيات لتقليل احتمالية الإصابة بأمراض القلب وللتوعية بمخاطر العوامل المؤدية إليه في مجتمعنا. وأشاد الدكتور عمار بتعاون المواطنين لإنجاح هذا البحث وذلك لمكافحة خطر الإصابة بمرض القلب في مجتمعنا القطري.
وقالت الدكتورة نهلة ماهر عفيفي مدير إدارة العلوم والتعليم بقطر بيوبنك نسبة الكولسترول أو ما يعرف بالدهون في الدم بلغت 17% من نسبة عينات التحليل التي أجريت في مركز قطر بيوبنك المعني بالطب التطويري أو الطب الشخصي والتي أجريت على 6500 عينة من التحليلات التي أجريت للمشاركين، وهي نسبة تعد مرتفعة، مشيرة إلى أن الحالات التي يتم اكتشاف أن لديها نسبة عالية منه يتم تحويلها إلى عيادة الأمراض غير الانتقالية الخاصة بهذه العلاجات في مؤسسة حمد الطبية وذلك نتيجة المخاطر الكبيرة للكولسترول.
بينما قال الدكتور نضال أسعد، رئيس قسم كهربائية القلب بمستشفى القلب بمدينة حمد الطبية إن ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم (ارتفاع غير اعتيادي بمستويات الدهون) قد لا يتم تحديده لسنوات حيث لا يظهر على المرضى أية أعراض واضحة، ويتم اكتشافه فقط عندما يقوم المريض بفحص الدم. وحتى بعد الكشف، وعندما يخضع المرضى للعلاج، يتم مراقبتهم وتعديل جرعة الأدوية للتأكد من أن مستويات الدهون تحت السيطرة.
وأوضح أنه في كثير من الحالات، فإن المرضى الذين يخضعون للعلاج لا يحققون مستويات الدهون الموصى بها.
ولذلك، فإنه من الأهمية البحث عن أساليب جديدة في الوقاية والعلاج، لمساعدة المرضى في تحقيق نتائج صحية أفضل، مشيرا إلى أنه من المهم التأكيد على أن أمراض القلب والأوعية الدموية يمكن الوقاية منها إذا أمكن السيطرة على عوامل الخطر المؤدية إليها في مرحلة مبكرة.
وتابع الدكتور نضال أسعد قائلا «إن عوامل الخطر المعروفة للأمراض القلبية الوعائية تتمثل في أسلوب الحياة مثل التدخين ونمط الحياة الخالي من الحركة، واضطرابات التمثيل الغذائي مثل السمنة والسكري واضطراب شحوم الدم.
وقد أثبتت الدراسات أن تعديل عوامل الخطر السابقة، ولا سيما عن طريق خفض مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDLC) تقلل من احتمال الإصابة بالأمراض والوفيات المرتبطة بالأمراض القلبية الوعائية».
من جهته أوضح الدكتور محمود علي زرعي، استشاري أول ورئيس قسم الغدد الصماء والسكري بإدارة الطب الباطني بمؤسسة حمد الطبية، أن استمرار المستويات العالية من الكولسترول في الدم يمكن أن يؤدي إلى تراكم خطير من الكوليسترول أو الدهون على جدار شرايين القلب ويمكن لهذه التراكمات أن تقلل من تدفق الدم عبر الشرايين وتسبب مضاعفات مثل انسداد الشرايين، وآلام في الصدر، أو الإصابة بنوبة قلبية والسكتة الدماغية.
مرتبط بالأمراض المزمنة
وأشار إلى أنه بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حالات مرضية مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري فغالبا ما يكون لديهم ارتفاع في مستوى الكوليسترول في الدم، كما يعاني البالغون أيضا من فرط كوليسترول الدم العائلي «FH» وهي حالة معروفة سببها وراثي ويمكن أن تؤدي إلى إصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية في وقت مبكر، بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من فرط كوليسترول الدم العائلي يكون لديهم خلل في إمداد الجسم بالكميات الطبيعية من الكوليسترول في الكبد، مما يؤدي إلى مستويات عالية جدا من الكوليسترول الضار والتي يمكن أن تسبب سدّ الشرايين «تصلب الشرايين»، مما يؤدي إلى أزمة قلبية أو سكتة دماغية.
ومع تزايد الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التي قد تقود إلى نتائج مميتة، تصبح الحاجة إلى الوقاية ووجودعلاج فعّال وخيارات علاجية مبتكرة حاجة ماسة.
وقال إنه على الصعيد العالمي، يواجه عدد كبير من المرضى تحدياً يتمثل في المحافظة على مستويات الكولسترول الضارLDL المُوصى بها من قبل خبراء الرعاية الصحية.
مشيرا إلى أن الدراسات تؤكد أن العديد من المرضى الذين يتلقون العلاج لا يزالون يعانون من ارتفاع في مستوى الدهون غير الطبيعية مما يعرضهم لمخاطر عالية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وذلك بسبب عدم امتثال المريض للوصول إلى المستوى الآمن من الدهون وعدم التمسك بنظام العلاج الموصى به من قبل الطبيب.
الدرسات العالمية
وتابع الدكتور زرعي إن الدراسات تشير إلى أن حوالي 61.8 % من جميع المرضى و69.5 % من المرضى المعرضين لمخاطر عالية جدا لم يحققوا المستويات المطلوبة للكوليسترول في دول الخليج، ولذا فإن المراقبة الشاملة، والوعي، والالتزام بنظام العلاج، وكذلك تعديل خيارات أسلوب الحياة، تعد أموراً ضرورية لوقف ارتفاع الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية.
كما أن ارتفاع معدل انتشار أمراض ضغط الدم، والسكري، وفرط كوليسترول الدم العائلي (FH) وزواج الأقارب، في منطقة الشرق الأوسط، يؤدي إلى حدوث نمط من اضطراب مستوى الكوليسترول في الدم «كمية عالية من الدهون في الدم» تختلف عن العديد من المناطق الأخرى من العالم.
وهو ما يعني أن الوقاية المبكرة والسيطرة على ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم تحمل أهمية كبيرة للحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى أن هناك نقصا في البيانات المتعلقة بفرط كوليسترول الدم العائلي والمرض في المنطقة نظراً لكونه من الأمراض الصامتة ما لم يتم تشخيصه عن طريق فحص الدم.
copy short url   نسخ
24/12/2016
34346