+ A
A -
بالي- قنا- ترأس سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية وفد دولة قطر المشارك في منتدى بالي التاسع للديمقراطية الذي بدأ أعماله اليوم في مدينة «بالي» باندونيسيا.
وأكد سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية أن دولة قطر تعي تماما أهمية الحوار بين الأديان ويتجلى ذلك في استضافتها لمؤتمر سنوي في هذا الخصوص وإنشاء مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، مشيرا إلى أن المركز يعمل على نشر ثقافة الحوار وقبول الآخر والتعايش السلمي بين أتباع الديانات وصولا إلى عالم خال من الصراعات والنزاعات بين الأديان.
وقال سعادته، في كلمة أمام المنتدى، إن قطر تؤمن بأهمية رعاية الحرية الدينية، وتشجيع التعايش السلمي في الوطن الواحد لمساهمة ذلك في إشاعة روح التسامح الديني واحترام التنوع بين أفراد الشعب بكافة أطيافه.
وأضاف سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية أن دولة قطر تنطلق في معالجة القضايا من رؤيتها الوطنية 2030 التي نصت على الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين بمبادرات سياسية وإنمائية وإنسانية، مشيرا إلى أن الوساطة القطرية نجحت في حل عدد من النزاعات وذلك في إقليم دارفور بالسودان وبين الفرقاء اللبنانيين واليمنيين وبين جيبوتي وأرتيريا إبان الأزمة الحدودية بينهما، كما قدمت دولة قطر مساعدات إنسانية وإنمائية كبيرة إلى أكثر من 100 دولة حول العالم.
وبين سعادته أن الاختلاف والتنوع سنة إلهية، وقال «أكدت الأمم المتحدة على ضرورة التعايش والتسامح بين الأديان كوسيلة لتحقيق السلام والوئام في العالم وتجنيبه ويلات الصراعات الطائفية والنزاعات، وهو الأمر الذي تجلى بوضوح في القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 أكتوبر 2010، حيث نص القرار المذكور على عدم السماح للاختلافات بنشر روح الكراهية والشقاق، وإلى فتح المجال للتنافس في أبواب الخير، واحترام بعضنا البعض ونشر العدل والانصاف والأدب مع بعضنا البعض والعيش في سلام ووئام وحسن نية.
وأضاف أن «العالم اليوم بحاجة ماسة كي يتمكن العقلاء من إدارة الاختلاف وفض النزاعات بروح التسامح والمسؤولية التاريخية ونبذ الكراهية والعنصرية والتخويف من الآخر».
وقال سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي إن الشباب في العالمين العربي والإسلامي يتطلع إلى مستقبل مفعم بالأمل، وألا يكون محصورا فيه بين مطرقة جماعات التطرف العنيف وسندان أنظمة الاستبداد والدكتاتورية، مشددا على أن السبيل الأمثل لمواجهة التطرف العنيف والإرهاب هو معالجة جذوره ومسبباته من عوامل التهميش وإهدار الكرامة الإنسانية وغياب العدالة الاجتماعية وفرص العمل وتفشي الفقر والفساد.
وشدد على ضرورة أن تؤسس العملية الديمقراطية على احترام التعددية والتوافق السياسي وإدارة الاختلاف واحترام التنوع الديني وحقوق الأقليات دون إهدار حقوق الأغلبية من كافة الأطياف والفاعلين السياسيين، في جميع مراحل التحول الديمقراطي وصولا إلى سلاسة التداول السلمي للسلطة من أجل تمكين المجتمعات من العبور إلى المستقبل، كما أكد على أهمية التركيز على تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة تحديات التغير المناخي وإرساء منظومة الحكم الرشيد ومواجهة ظواهر الفساد المالي والإداري.
وأوضح سعادته أن الدين الإسلامي الحنيف أكد على وحدة الأصل البشري في قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقال «لقد تأسس مجتمع المدينة المنورة منذ وصول النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) وصحابته المهاجرين إليها على تجربة تاريخية فريدة تمثلت في وثيقة المدينة التي أرست دعائم احترام الحقوق والتعددية الدينية وحسن التعايش وكيفية إدارة الاختلاف بين الطوائف الدينية وتأسيس العلاقات بين اتباعها على أساس احترام التنوع الديني والعرقي والاجتماعي، حيث كانت تسكن في إقليم المدينة في ذلك الوقت قبائل متنوعة بديانات متعددة، وقد تمكن النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) من إرساء العدل في باب القضاء بين مواطني المدينة المنورة كدعامة متينة مكنت الناس من التعايش المشترك في أمن واستقرار، وفرضت وثيقة المدينة أن يكون جميع المواطنين يدا واحدة مع المظلومين في رد وكف أيدى الظالمين.
وأضاف «جددت وثيقة العهدة العمرية إلى أهل القدس نفس معاني التسامح والتعايش المشترك واحترام التعددية الدينية وأكدت على نفس المبادئ التي وردت في وثيقة المدينة».
وبين سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية أن التاريخ الإسلامي اتسم في حواضره الكبرى مثل: بغداد ودمشق والقدس وسمرقند وقرطبة بسمات التعددية الدينية والتعايش المشترك والتسامح بين المسلمين واليهود والنصارى مع تعددية فقهية مذهبية بين المسلمين أيضا، وذلك في إطار الوطن الواحد يتقاسمون المسؤوليات والواجبات في حماية المصير الواحد.
وأوضح أن ديننا الإسلامي الحنيف قد حث على البر والعدل وحسن المعاملة بين جميع البشر وتجلى ذلك بوضوح في تعامل الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) مع غير المسلمين من يهود ونصارى بالبر والقسط، مشيرا إلى أن هذا الترابط تقرر من خلال الإيمان بوحدة الرسالة إلى كل الأنبياء والإيمان بهم جميعا مما يدل على أن التعايش مع بقية الأديان مسألة مقررة وواضحة في الإسلام دون أدنى شك.
وشكر سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية حكومة جمهورية إندونيسيا على تنظيم هذا الحدث السنوي، الذي يعالج إحدى أهم قضايا الساعة المتعلقة بالدين والتعددية والديمقراطية.
وكان الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو قد افتتح المنتدى اليوم بكلمة أكد فيها على أهمية الديمقراطية في حياة الشعوب والتنمية والتقدم وأن الديمقراطية سبيل نحو رفع مستوى التعليم والعناية بالصحة ومستقبل الأجيال القادمة.
وشارك في المنتدى 95 مسؤولا ومراقبا بينهم عدد من الوزراء والأمين العام السابق للأمم المتحدة.
copy short url   نسخ
09/12/2016
2074