+ A
A -
حوار- يوسف سعداوي
أكد الدكتور طارق فهمي- أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن مخطط تقسيم المنطقة العربية يجري على قدم وساق، ودليل ذلك ما يحدث في العراق وسوريا وليبيا، موضحا أن الحديث عن الدولة الوطنية يتوارى شيئا فشيئا أمام الجيوش غير النظامية والميليشيات المسلحة.
وقال فهمي في حواره مع الوطن: تنظيم داعش يتمدد ويتنامى بفعل عوامل كثيرة تكمن في اقتصاده المتنوع وعناصره المدربة. وشدد على أن الاتفاق النووي الأميركي الإيراني سيكون له تداعيات وانعكاسات سلبية خطيرة على المنطقة العربية رغم الضمانات التي قدمتها أميركا في هذا الصدد، مشيرا إلى أن إيران لها حلم ومشروع للدولة الفارسية، وهو الأمر الذي تدركه دول المنطقة جيدا في ظل تنامي النفوذ الإيراني في سوريا والعراق واليمن ولبنان. وأوضح أن الأزمة السورية مؤجلة إلى ما بعد الرئيس الأميركي أوباما، ولن يكون هناك تحرك إيجابي نحو التسوية، ولن يكون هناك جنيف 4 أو 5، مؤكدا أن الأزمة السورية ممكن أن تنتهي بحدوث أمرين إما أن يعلن بشار الأسد أنه ليس جزءا من التسوية وهذا لن يحدث أبدا، أو يختفي الأسد وهو أمر مشكوك فيه أيضا، وقد تستمر روسيا في دعم الأسد حتى يستكمل ولايته الثالثة.
وإلى نص الحوار:
بداية.. هل هناك بالفعل مشروع غربي لوضع خريطة جديدة للمنطقة العربية الأمر الذي يمثل سايكس بيكو جديدة؟
- ليس مهما أن يكون هناك سايكس بيكو جديدة ولكن المؤكد أن هناك شكلا من أشكال التقسيم يجري تنفيذه الآن في الدول العربية، ودليل ذلك ما يحدث في العراق وسوريا وليبيا، كما أن الدولة الوطنية بمفهومها المعروف لم يعد واقعا ملموسا حيث نجد الجيوش الخاصة التي تسيطر عليها تنظيمات معينة مثل داعش الذي أصبح يمتلك قوة اقتصادية وقتالية مخيفة، بمعنى أننا بالفعل أمام إعادة فك وتركيب المنطقة وللأسف الدول العربية تكتفي برد الفعل دون تحرك ايجابي لمواجهة ذلك التحدي.
وكيف ترى الأوضاع في ليبيا.. وهل تتوقع تدخلا عسكريا غربيا؟
- الحالة الليبية معقدة ومتشابكة بعد أن تركها الناتو بعد اغتيال القذافي بلا رئيس أو مسؤول فأصبحت في فراغ استغلته التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، وما توصلت إليه ليبيا مؤخرا من تشكيل حكومة وفاق برئاسة فايز السراج يواجه مشكلات كثيرة رغم الدعم الدولي لها فهي غير قادرة على التصدي لأعمال التنظيمات والميليشيات المسلحة التي تعارضها، ومن ناحية أخرى نجد قوات حفتر تواجه صعوبات جمة أيضا حيث الجيش الوطني ليس جيشا كما هو معروف ولكن ينقصه الكثير والكثير خاصة التدريب والتسليح أي إنه يعمل بمفهوم ميليشيا الجيش، ومصر كدولة جوار لا تريد أن تخسر حفتر وفي نفس الوقت تؤيد حكومة الوفاق المدعومة بالشرعية الدولية.
أما عن التدخل العسكري الغربي فلا أتوقع أن يحدث ذلك بسهولة لأن الغرب يؤمن جيدا على مصالحه المتمثلة في النفط وبالتالي فالتدخل المحتمل سيكون من خلال الخطة «ج» والتي لن يكون للأميركان دور فيها ولكن تقوم على اساس دفع قوات فرنسية وايطالية مدعومة بقوات من الناتو وهو ما يعرف بالخيار شمشون.
وما موقف دول الجوار من ذلك التدخل الغربي؟
- أتوقع أن يكون لمصر دور في شكل أمني استخباراتي أو دعم بالطيران، أما تونس فيهمها ضبط الحدود وهو ما تقوم به فعلا، أما الجزائر فموقفها مناقض لموقف مصر.
ما المطلوب لنجاح القمة العربية المزمع عقدها في موريتانيا في ظل الأزمات التي تواجه الكثير من الدول العربية؟
- تعقد القمة العربية القادمة في ظل مخاطر وتحديات معقدة تواجه معظم الدول العربية ومن هنا فهي مطالبة بالتعامل الجاد مع تلك النزاعات والأزمات، ولكي تنجح لابد من طرح رؤية لتطوير آليات العمل العربي المشترك واستحداث مؤسسات جديدة للتعامل مع المشكلات الطارئة، وإحياء كل الأفكار الخاصة بمحكمة العدل العربية والقوة العربية المشتركة والسوق العربية المشتركة، وتغيير آلية التصويت لتصبح بالأغلبية وليس الإجماع، وضرورة تبني تسوية القضية الفلسطينية استنادا على المبادرة العربية والمبادرة الفرنسية.
ونحن هنا نحذر من خطورة ما يعرف بتبادل الأراضي التي تتمسك بها إسرائيل فهي فكرة شيطانية طرحها جولي ايلان عضو مجلس الامن القومي الاسرائيلي ويشوع بن ليهي، وتقوم الفكرة على اقتطاع مساحات من الدول العربية تضاف للأراضي الفلسطينية مثل المقترح الذي كان يطالب بجزء من العريش لإقامة دولة فلسطينية في غزة.
وكيف قرأت ما أقدم عليه نتانياهو باجتماع مجلس الوزراء الاسرائيلي في الجولان وإعلانه التمسك بالجولان إلى الأبد باعتبارها أراضي إسرائيلية حسب زعمه؟
ــ الجولان جزء من اسرائيل بموجب قرار الضم الصادر عام 1981 والذي لم يعترف به، إلا أن الاعلان عن التمسك الاسرائيلي بها في ذلك التوقيت له مغزى اخر حيث جاء بعد الحديث عن تقسيم سوريا والفيدرالية اي ان إسرائيل ارادت ان تؤكد أن الجولان ليست سورية ولا يجب ان يشملها التقسيم السوري.
ظهر تنظيم داعش في ظروف غامضة واختلفت الآراء حول قوته وتعداده وامكانية القضاء عليه ومواجهته.. فما سر قوة داعش وهل اقتربت نهايته؟
ــ اختلفت التقديرات حول عدد افراد داعش فهناك من يقدرهم بـ80 إلى 100 ألف مقاتل، ومنهم من يقدرهم بمليون تقريبا وبغض النظر عن عددهم فإن قوة وتأثير وتمدد داعش أمور ملحوظة فنراه في العراق وسوريا وليبيا ورغم التحالفات التي شكلت لمواجهته إلا انه لايزال يتمدد رغم الهزائم التي مني به في العراق ووصل إلى أعتاب عواصم أوروبية.
ومن الأسباب التي ساعدت داعش في التأثير والتمدد انه تنظيم من الصعب اختراقه من ناحية ولم يتعرض لانشقاقات من ناحية اخرى أي انه تنظيم متماسك بقادته المنظرين والمفكرين وليسوا بالضحالة الفكرية التي يعرف بها قادة التنظيمات الجهادية الاخرى، وداعش ايضا يقوم على البيعة الكبرى الإلكترونية، فالمبايعة تكون عبر الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة، والتجنيد ايضا عبر تلك الوسائل التكنولوجية.. أما العامل الاقتصادي فيظل العامل القوي في دعم داعش فاصبح هناك ما يعرف باقتصاد داعش حيث الاستثمارات الكبرى ولو أن الدول التي تدعي أنها تحارب داعش لديها الرغبة الحقيقية في القضاء عليه لبادرت بتجفيف منابع تلك الاستثمارات وتوقف كل أشكال التمويل البنكية للتنظيم الإرهابي.
وماذا عن الازمة السورية؟
ــ الازمة السورية مؤجلة إلى ما بعد الرئيس الأميركي أوباما، فلن يكون هناك تحرك ايجابي نحو التسوية ولن يكون هناك جنيف 4 او 5 والقرار الاممي صعب التنفيذ، ويمكن أن تنتهي الازمة السورية بحدوث أمرين؛ إما ان يعلن بشار الاسد انه ليس جزءا من التسوية وهذا لن يحدث ابدا، او يختفي الاسد وهو امر مشكوك فيه ايضا، وقد تستمر روسيا في دعم الاسد حتى يستكمل ولايته الثالثة، أما ما يجري في حلب فيأتي تحت ما يعرف باسم سوريا المفيدة التي تتكون من حلب ودمشق واللاذقية وحماة وتمثل 23 % من سوريا وهي الاجزاء التي يسعى الأسد بكل قوة للسيطرة عليها.
إلى أي مدى يمكن أن يؤثر الاتفاق النووي الأميركي الإيراني على دول المنطقة؟
ــ لا شك ان الاتفاق النووي الأميركي الإيراني يحقق مكاسب كثيرة لإيران خاصة بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها فسوف يتزايد النفوذ والتمدد الإيراني في المنطقة وهو ما يقلق دول المنطقة خاصة دول الخليج رغم الضمانات والتطمينات التي قدمها الرئيس أوباما لهم، وما يجري في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ما هو إلا تدخل إيراني في تلك الدول، وستظل لبنان في الصراع الطائفي وبدون رئيس للبلاد إلى ان يتم حسم الملف السوري، ولن يحل النزاع في العراق أيضا إلا بتحجيم الدور الإيراني.
بعد ثماني سنوات في البيت الابيض كيف تقيم سياسة اوباما في الشرق الأوسط؟
ــ الرئيس أوباما من افشل الرؤساء الأميركيين واكثرهم ارتباكا واعترف بنفسه بفشله في القضية الفلسطينية وفي ليبيا، ومن خلال قراءة متانية لسياسة اوباما في الشرق الاوسط سنجد المشكلة الفلسطينية تراجعت وتزايدت عمليات الاستيطان الإسرائيلي في الاراضي الفلسطينية ووزادت اعمال التهويد والاعتداء على المقدسات، وفي الملف الليبي كانت السياسة الأميركية اكثر فشلا وزادت التنظيمات الارهابية فيها، اما في العراق وسوريا فحدث ولا حرج والقتلى والمهجرون في تزايد يوما بعد يوم.
وماذا تتوقع للمبادرة الفرنسية الخاصة بإحياء عملية السلام؟
ــ أتوقع أن تؤدي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام ولكن أميركا لن تسمح بنجاحه وستضع العراقيل أمام فرنسا حتى لا تكون فرنسا قد نجحت في تحريك المفاوضات التي ظلت مجمدة في ظل حكم الرئيس أوباما.
هل صحيح ما يقال بأن الولايات المتحدة تغادر الشرق الاوسط متجهة إلى آسيا؟
ــ أميركا تتجه بالفعل إلى جنوب شرق آسيا لأن هناك صراعا هنديا صينيا أميركيا ولها مصالح عدة في المنطقة، إلا أن ذلك لا يعني انها ستترك الشرق الاوسط فهناك قضايا الشرق الاوسط لاتزال تحتاج إلى أميركا، ومن جهة أخرى فالولايات المتحدة لا يمكن ان تترك الشرق الاوسط لدولة أوروبية.
copy short url   نسخ
28/05/2016
2739