+ A
A -
تحقيق- محمد عبدالعزيز
عشق «السدو» وتصاميمه بألوانه وخاماته شعور لا ينقطع بداخل القطري وأي مواطن خليجي يهوى التراث ويحافظ عليه بعاداته وتقاليده وفنونه، صناعة السدو كانت ومازالت من فنون النسيج العربي الأصيل، التي تعبر عن ذوق أجدادنا ومذاقهم للفن وهندسة التصاميم والديكور، فقد حرصوا على تزيين مجالسهم التي اشتهروا بها ونقلتها لنا صفحات التاريخ والأدب، وحافظت عليها الهوية القطرية كما حافظت على كثير من عادات وأيام الأجداد ونواح ودروب حياتهم.
يعتبر المواطنون «السدو» هو الملخص لحالة الضيافة والحفاوة واستقبال الأهل والأقارب والأصدقاء في المجالس، ويعبر «السدو» بصورة خاصة عن فرحة قدوم المناسبات الدينية والوطنية، فتزيد مبيعاته قبيل المواسم والأعياد الوطنية، حيث يحرص المواطنون دائما على تجديد وتطوير فرش مجالسهم، لإدخال حالة البهجة والفرح والكرم على ضيوفها.
الوطن قامت بجولة للتعرف على تفاصيل تلك الصناعة التراثية الأصيلة، الصامدة إلى يومنا هذا أمام الفنون الحديثة، والتي نراها جميعاً في مجالس البعض من صالونات وديكورات متطورة الشكل والمضمون، ولكنها أبعد ما يكون عن التراث الأصيل وفنونه التي لا تنافس.
في مدخل سوق واقف بقلب الدوحة، حيث تلتقي فنون التراث القطري بأنواعه وأشكاله المختلفة، نجد محلات بيع فرش المجالس «السدو» تزين بوابة السوق بألوانه الزاهية وتصميماته المختلفة وقطعه المتنوعة.
تعرفنا على واحدة من مصممات وبائعات «السدو»، السيدة «بيان» والتي وجدناها تفترش قرابة خمسة أمتار مربعة من منتجاتها المختلفة للسدو، بين المساند والمراتب والسجاد.
تقول «بيان»: إن المواطنين من أكثر المشترين للمنتجات بمختلف أشكالها، وهم حريصون جداً على تجديد المجالس، خاصة مع قدوم المواسم والاحتفالات والأعياد الوطنية والدينية.
«بيان» أضافت في حديثها لـ الوطن أن جمال «السدو» وطريقة نسجه وألوانه تجذب أعين المارة وتشوقهم لشرائه، ويقدم البعض على شراء القطع الصغيرة والسجاد على وجه الخصوص ليحتفظوا به ويهدوا به أقاربهم وأحباءهم، وأشارت لولع الزوار والسائحين الأجانب باقتناء قطع مختلفة من السدو، لعلمهم بأنه جزء من التراث القطري ويعكس الفن الخليجي الأصيل، كما أنهم يعشقون المنسوجات المصنعة يدوياً بأياد ماهرة.
وبسؤالنا عن مراحل تصنيع «السدو» قالت: إننا نقوم بشراء الخيوط أولاً لنسج الأقمشة الخاصة بالفرش، إذ إن بعض الزبائن يطلبون «السدو» دون بطانة داخلية، ولذا، نذهب إلى منطقة المعمورة والدوحة القديمة لنشترى خيوط الصوف الطبيعية من المحلات المختصة ببيعها، وننوع ألوانها بين الأحمر والأخضر والأزرق، ولكن نستعمل اللون الأحمر بكثرة لأنه يميز تلك المشغولات منذ عقود.
أما بالنسبة للأسعار، فتقول «بيان»: إن الأسعار لم تزد تقريباً مع مرور الوقت، ونحرص دائما كمنتجين ومصنعين على وضع الأسعار التي تكون في متناسب الجميع، ونحرص أيضاً على تنوع القطع والتجديد والتطوير في طريقة نسجها، ولكن يبقى التصميم واحداً، وأيضاً الوحدات الهندسية في تصاميم النسيج متقاربة إلى حد كبير، وهو ما يجعل «السدو» مشهوراً عربياً وعالمياً.
وفي محل آخر لبيع «السدو» يقول لنا بائع يعمل فيه: إن هناك عروضا ترويجية لفرش المجالس لشهر رمضان المبارك، ونحرص قبيل رمضان من كل عام على إطلاق مجموعة جديدة من مشغولات السدو اليدوية، مثل الوسائد والبسط والرواق إلى جانب القطع الفنية الصغيرة المصنوعة من أصواف الأغنام، والتي تعتبر أقل في خشونتها من أصواف الماعز، وتستعمل الأخيرة غالباً في الستائر الصوفية والمشهورة باسم «بيت الشعر»، ويبلغ تكلفتها 1500 ريال وهي أشبه بالخيمة المغطاة كلياً بالأصواف المصنوعة يدوياً، وتزيد أسعارها بحسب المساحة المطلوبة.
ويقول بائع محل الريان للسدو: إن المسند المصنوع من السدو بأصواف الأغنام يبلغ ثمنه حوالي 300 ريال مضافاً إليه الحشو من الإسفنج أو القش.
وأضاف أن السجادة الصغيرة «البسط» المصنوعة يدوياً من الصوف الطبيعي ثمنها يبدأ من 140 ريالا، أما قطع السدو المختلفة وتتكون من 5 قطع محشوة بالإسنفج المضغوط تبلغ تكلفتها 350 ريالا، أما بدون حشو فسعرها 220 ريالا فقط.
وأشار إلى أن معظم منتجات وقطع السدو المعروضة في سوق واقف يتم تصنيعها داخل المحلات والتي يضم أغلبها ورشاً مخصصة، وهناك فريق عمل مهاري جداً يعمل في ورشة «المشغل» بمهارات التصنيع اليدوي بآلات «النول» و«المنشزة».
ويبقى «السدو» من الصناعات التراثية المعاصرة التي تلامس المناسبات بألوانها وتصميماتها، فهنا في سوق واقف وجدنا مشغولات عصرية حديثة انطلقت في 2016 وقد وضعت عليها بصمات رمضانية جميلة تجذب المارة.
ورصدت كاميرا الوطن مشغولات «السدو» الرمضانية تزين ممرات «واقف» وتأتي هذا العام بتلك التصاميم الجديدة وبأسعار مناسبة، حيث تبدأ من 60 ريالاً للقطعة المنقوشة والمزركشة بالأصواف والأقطان.
وتبدأ حركة البيع والشراء في السوق تنشط خلال الساعات الأخيرة من النهار، حيث يتوافد المواطن والمقيم والزائر على أروقة سوق واقف الدافئة والمعطرة بالتراث والبخور والعطور العربية الأصيلة.
copy short url   نسخ
27/05/2016
15523