+ A
A -
مدريد- الوطن- زينب بومديان
أعلن أرنالدو أتيغي، الزعيم الانفصالي في إقليم الباسك الإسباني، عن شروعه مدعوما بالآلاف من أنصاره المطالبين بانفصال الإقليم عن إسبانيا واليساريين الانفصاليين، عن تنظيم تظاهرة حاشدة مصحوبة باعتصام مفتوح بميدان «سباستيان» الكائن بوسط مدينة «سان سباستيان» بإقليم الباسك يوم الثلاثاء أول نوفمبر المقبل، وذلك في تصعيد جديد ضد الحكومة الإسبانية من أجل إتمام إجراءات انفصال الإقليم نهائيا عن السيادة الإسبانية التي وصفها بالاحتلال.
وأشار أتيغي، خلال مؤتمر جماهيري حضره الآلاف من أنصاره بمدينة «سان سباستيان»، الاثنين، إلى أن السلطات الإسبانية تتعمد تعقيد الأمور، باختيارها أسلوب القمع ضد قيادات الإقليم، وزجهم بالسجون بدعاوى واهية مثل إحياء مجموعة سياسية مرتبطة بحركة «ايتا» الانفصالية، مدللا بما حدث معه قبل سبع سنوات عندما حكم عليه بالسجن بهذه التهمة، وقضى بالسجن ست سنوات ونصف السنة، من عام 2010 وحتى مارس الماضي، لكن تهمته الحقيقية التي اعترف بها أمام القضاء هي تزعمه مطالب انفصال الإقليم – الباسك- عن الاحتلال الإسباني، وإعلان الباسك جمهورية منفصلة أسوة بما حدث مع «اسكتلندا».
وأضاف ايغي، أن مناضلي الإقليم المطالبين بالانفصال – أعضاء منظمة ايتا المحظورة- تقطعت أمامهم السبل من أجل الحصول على استقلال الإقليم، حيث سد القصر الملكي جميع أبواب التفاوض، ومن بعده الحكومة المهتزة في الأساس وغير مؤهلة للتفاوض في أي شيء منذ قرابة العام، حتى أن زعماء السياسة المكلفين بالتفاوض معنا فشلوا في تشكيل حكومة خلال أكثر من عشرة أشهر، فكيف لمثل هؤلاء أن يجدوا حلولا لملف في غاية الأهمية، وبالتالي ليس أمام مناضلي الإقليم وجميع المطالبين باستقلال – انفصال- الإقليم سوى التصعيد من خلال سلك كافة السبل السلمية المشروعة.
وفي كلمتها قالت ايناس ديل ريو، الناشطة بحركة «ايتا» الانفصالية – المحظورة- والمفرج عنها مؤخرا بعد قضاء عقوبة الحبس لأكثر من عشرين عاما، بتهمة الاشتراك في تفجيرات مدريد عام 1987، أن السلطات الإسبانية اعتقلت المئات من قيادات تنظيم ايتا المطالب باستقلال – انفصال- إقليم الباسك، بذريعة وهمية وهي تفجيرات مدريد، ومازالت حتى اليوم تعتقل الكثير من القيادات دون وجود دليل واحد، وعلى رأس المعتقلين ظلما سانتي بوتروس، الرئيس السابق لجهاز ايتا الباسكية الانفصالية – المحظورة-، الذي أوقف أيضا بعد اتهامه بالمشاركة في تفجير وقع عام 1987، وما يجب أن تستوعبه المؤسسة الملكية ومختلف السلطات المعنية، هو أن مثل هذه الممارسات التي يمارسونها لأكثر من عشرين عاما لم تؤد إلا للأسوأ، ولن تؤدي إلى حل منطقي للقضية، وبالتالي فإن الجميع في مدريد يجب أن يستوعبوا أبعاد القضية، وأن يستمعوا إلى مطالب 61 بالمائة من سكان الإقليم الذين أعربوا خلال ثلاثة استفتاءات رسمية عن رغبتهم في الانفصال، وإلا فلن يكون أمام مناضلي الإقليم سوى التصعيد بكافة الطرق المتاحة.
منظمة ايتا المسلحة
ومنظمة «ايتا» سعت منذ نهاية الخمسينيات إلى الانفصال بإقليم الباسك عن إسبانيا، وتأسيس دولة مستقلة اشتراكية باسم «جمهورية الباسك الاشتراكية»، حيث تأسست المنظمة في 31 يوليو عام 1959م، على يد مجموعة من الطلاب المتطرفين المنشقين عن جماعة «أكين»، المنشقة أيضا عن الحزب القومي الباسكي - الحاكم للإقليم حاليا- وقد أطلق عليها اسم «أوسكادي تا أسكاتاسونا» وتعني باللغة الباسكية «أرض الباسك والحرية»، وارتكزت عقيدة المنظمة على أعمدة أربعة هي «الدفاع عن اللغة المحلية، العرق الباسكي، معاداة ومقاومة الإسبانية، استقلال بلاد الباسك»، وبلاد الباسك طبقا لإعلان المنظمة تشمل مقاطعات «آلابا، وبيثكايا، وغيبوثكويا، ولابوردي، ونابارا السفلى»، بالإضافة إلى «ثوبيروا».. وبالنسبة لمقاطعة «ثوبيروا» الواقعة تحت السيادة الفرنسية، فإن المنظمة قررت منذ بداية الإعلان عن تأسيسها تأجيل أمر استقلالها عن السيادة الفرنسية وضمها لجمهورية الباسك الاشتراكية بعد استقلالها –انفصالها- عن إسبانيا، لتبدأ مرحلة جديدة من النضال نحو تحرير الأراضي الواقعة تحت السيادة الفرنسية.
وفي مايو من عام 1962، شنت قوات الأمن الإسبانية مجموعة من حملات الملاحقة ضد أعضاء المنظمة، خاصة بعد أن تمكنت في فبراير من عام 1962 من ترسيخ أرضيتها بعد مؤتمرها الأول الذي عقد في مدينة «دير بييوك» بغرب فرنسا، وأعلنت المنظمة نفسها كحركة ثورية باسكية للتحرير القومي، رافضة التعاون مع أي حزب أو منظمة أو جمعية لا قومية – من خارج إقليم الباسك-.. وباشرت حملة قوية تهدف إلى توسيع قاعدتها الشعبية، وفي أوائل عام 1963م، حددت منظمة «ايتا» نفسها كمنظمة سرية ثورية، تشق طريقها عبر الكفاح المسلح بهدف التوصل إلى استقلال بلاد إقليم الباسك، أو جمهورية الباسك الاشتراكية، وهكذا تأسست منظمة «EUSKADI TA ASKATASUNA»، وباتت معروفة اختصارا باسم «إيتا - ETA»، ونتيجة رفض السلطات الإسبانية لتواجد المنظمة ولأنشطتها، اتجهت منظمة «ايتا» إلى الأعمال الدموية على مدار العقود الأربعة الماضية، مما أدى إلى سقوط حوالي ألف قتيل وآلاف الجرحى، ومع بداية عام 1975 دخلت منظمة ايتا والسلطات الإسبانية في مفاوضات لوقف إطلاق النار إلا أنه لم يصمد، كما أن المفاوضات السياسية بينهما من أجل إيجاد حل سلمي للمشكلة لم تصمد حتى الآن، وفي فبراير من عام 2011، بدأت حركة «إيتا» الانفصالية الباسكية بنزع سلاحها بحسب لجنة تحقيق دولية، وتشمل قائمة الأسلحة التي سلمتها الحركة شهر أبريل الماضي أسلحة نارية ومتفجرات، واعتبرت الخطوة إشارة جدية في الحفاظ على وقف إطلاق النار، إلا أن هذا الالتزام لم يخرجها من لوائح المنظمات الإرهابية، سواء لدى أوروبا أو أميركا، لذلك بدأ مواطنو «الباسك» في المطالبة بالانفصال سلميا، عقب إعلان منظمة «إيتا» تركها العمل المسلح نهائيا، ووقفت المنظمة بعيدا في المرحلة الحالية لمتابعة التطورات الجارية بشأن انفصال اسكتلندا وكتالونيا، منذ أن تولى الحزب الوطني الباسكي مقاليد الحكم في 2012، وفي نهاية عام 2015 تجدد الصراع بين المنظمة والسلطات الإسبانية من أجل انفصال الإقليم، بعد انتهاء المهلة المتفق عليها بين منظمة «ايتا» والحكومة الإسبانية.
إقليم الباسك
إقليم الباسك، هو إحدى مناطق الحكم الذاتي في إسبانيا، ويمتد عبر جبال البيرينيه الغربية على الحدود ما بين فرنسا وإسبانيا، وتصل مساحة الإقليم حوالي عشرين ألف كيلومتر مربع، ويمتد الإقليم عبر الحدود الإسبانية شمالا إلى جنوب غرب فرنسا، ويسكن الجانب الإسباني من الإقليم نحو مليوني نسمة في حين يسكن حوالي مليون باسكي في الجانب الفرنسي، ورغم تحدث سكان الإقليم اللغة الإسبانية، إلا أن اللغة الرسمية هي «الباسكية»، ويسود في الوقت الراهن توجه عام نحو الإلغاء التدريجي للغة الإسبانية في الإقليم والاكتفاء باللغة الباسكية، بعد أن أوشكت اللغة الباسكية في وقت من الأوقات على الانقراض في مناطق عدة من الإقليم، فأصبحت اليوم اللغة الإجبارية الأولى في المدارس ولغة الإعلام والصحافة والقضاء والشارع.
وبموجب الدستور الإسباني، فقد احتفظت مدريد في إقليم الباسك بحق إصدار التشريعات الأساسية الخاصة بحماية البيئة والغابات والأخشاب، ومجالات الصيد، وسلطة ضبط المياه مع الأقاليم الأخرى ومصادرها، والطاقة والمعادن، والجبال والزراعة والصيد في المياه الداخلية ومصادرها، في حين يحتفظ الإقليم بمراقبة التخطيط المدني، والأشغال العامة، وبناء الطرق في الإقليم، كما تتميز بلاد الباسك بمعالم سياحية جذابة تستقطب الكثير من السياح إليها ومن أبرز هذه المعالم مدينة بلباو «عاصمة الإقليم»، التي ترتبط شهرتها من ارتباطها بفريق اتليتكو بلباو الذي يعتبر من أهم الأندية الإسبانية، إضافة إلى ما تمتاز به من مذاق لذيذ للأطعمة التي تقدمها في مطاعم ومقاهٍ أنيقة، فضلا عن المهرجانات الثقافية المتنوعة التي تقيمها لزوارها على مدار العام، وأيضا مدينة فيتوريا، التي تتميز عن باقي مدن الباسك بالمعالم الأثرية التي تعود لقرون بعيدة، كالكاتدرائيات المعلقة، والمتاحف الفنية وعشرات المباني الأثرية، ومدينة سان سيبستيان والتي يقطنها سادة المجتمع وأصحاب الدخل المرتفع، ويكمن السر في ذلك إلى أن هذه المدينة تحدها ثلاثة شواطئ ساحلية، فضلا عن احتوائها على جزيرة «سانتا كلارا» التي تمارس بها رياضات السباحة والغوص والصيد بالقوارب الصغيرة، بالإضافة إلى مجموعة من الجبال الشاهقة التي تحيط بها في كل مكان.
copy short url   نسخ
28/10/2016
2542