+ A
A -
لا ثروة ولا ثراء ولا إثراء في حركة المجتمع دون الشريحة الشبابية المتعلمة بطريقة نوعية
لو عاد بي الزمن إلى الوراء سأختار الدراسة في «كلية الهندسة» لأنني أهوى «هندسة الكلمات» في المقالات
أتمنى الحصول على قبول في «كلية الطب» لأكون واحداً من «أطباء الغد» في قطر وأحمل صفة «دختر»
تعجبني «كلية التربية» وتجذبني للدراسة فيها للإسهام في تطوير المناهج في الداخل والخارج

ربما يكون «حقل غاز الشمال» النابض بالطاقة الحيوية، الفائض بالعطاء والديناميكية، الرابض بخيراته الغازية على مساحة (6000) كيلومتر مربع في مياهنا الإقليمية، والذي يضم في أحشائه أكثر من (50) تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المخزون في أعماق البحر، شمال شرقي قطر.
.. أقول ربما يكون ذلك الحقل، الذي يعد الأكبر على الساحة العالمية، هو العنوان البارز في ثروتنا الطبيعية، لكن شبابنا المتعلم هو ثروتنا الحقيقية.
.. فلا ثروة دون تلك الشريحة المثقفة تثقيفا علميا، والمتخصصة تخصصا نوعيا، والمتعلمة تعليماً عالياً من الشباب القطري، ولا ثراء بغيرهم، ولا إثراء في حاضر الوطن ومستقبله دون تحصيلهم العلمــي، وتأهيلهـــم العملــــي لمواجهــــة التحديات المستقبلية.
.. ولهذا تسعى قيادتنا الرشيدة إلى زيادة طاقة البلاد الإنتاجية، من شبابنا المتعلم بطريقة نوعية، ذات جودة عالمية عالية.
.. وهــذا ما جســــدته باختصــــار زيـــارة حضــــرة صـــاحــب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى جامعتنا الوطنية.
.. فهذه الزيارة الأميرية إلى الجامعة القطرية حددت موقع الشباب القطري المتعلم في خريطة العمل الوطني، وأبرزت دورهم في صدارة الأولويات المحلية، كما عكست قيمة العلم والتعليم في بلادنا، وما يعنيه التحصيل العلمي لدولتنا، وماذا يعني لنا شبابنا المتعلم.
.. وعنــــــدما يكتـــب «صاحــــب الســــــمو» خـــلال زيارتــه إلـــى الجامعــــة أن «قطـــر تعلو بشـــبابها المتعلم»، فهذا يعني أن الدولة تنتظر من هذه الشريحة الشبابية بعد تخرجها، وحصولها على شهادات العلم، المساهمة الفعالة في رفعة الوطن، من خلال علمها المكتسب خلال سنوات الدراسة، في إطار تخصصاتها المتنوعة، ومجالاتها المتعددة، في شتى مجالات العلم، وميادين المعرفة، بما يحقق الريادة لدولتنا قطر.
.. وما من شك في أن زيارة الأمير إلى الجامعة تشكل دعماً أميرياً واضحاً، وتقديرا ساميا لافتاً لجامعتنا الوطنية، التي تم تأسيسها عام 1977، بعدما سبقتها في التأسيس «كلية التربية» عام 1973، والتي تعتبر أولى كليات التعليم العالي في قطر.
.. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت الجامعة تؤدي رسالتها، وتقوم بدورها الريادي، في تلبية احتياجات المجتمع، وتحقيق تطلعاته، وتزويده بالعناصر البشرية المؤهلة تأهيلاً علمياً عالياً، للمشاركة في مشاريع التنمية، وفقا لمتطلبات سوق العمل.
.. وكل هذا يعكس مكانتها الأكاديمية، باعتبارها تمثل «الشريان الأساسي» الذي يزود الوطن بالطاقة العلمية، عبر تخريجها أجيالاً من الخريجين، وهي بهذه المكانة المرموقة، لا تقل في قيمتها ،عن ثروات الوطن الأخرى التي تنعم علينا بالخير العميم.
.. ويمكن القول إن زيارة الأمير إلى جامعتنا الوطنية، التي تلعب مخرجاتها دوراً محورياً في (رؤية قطر 2030) يزيدها تصنيفاً رفيعاً في الداخل القطري، إلى جانب تصنيفها الخارجي المميز.
.. كما يزيدها بريقا إلى جانب الدور التنويري البراق الذي تضطلع به داخل الوطن.
.. ويزيدها أيضاً سطوعا إلى جانب مكانتها الأكاديمية الساطعة في المجتمع، باعتبارها منارة من منارات النور في البلاد، ومشعلا من مشاعل الضوء الذي يضيء العتمة في قطر.
.. وعندما يتوقف «صاحب السمو» في رحاب ذلك المعلم العلمي الوضاء، الساطع بأنوار العلم والضياء، بعيداً عن الضوضاء في كليات الهندسة والطب والتربية ومركز الأبحاث ومركز الطفولة المبكرة، فهذا يعني اهتماماً أميرياً مباشراً بهذه التخصصات.
.. ويعني أيضاً تركيزاً وطنياً على تلك الوحدات، وتوجيهاً سامياً لدراسة تلك المجالات، ليكون لها دورها في الخطط الوطنية، ويكون لمخرجاتها شأنها المستقبلي في خدمة الوطن، عبر الطلبة الدارسين فيها، المنتسبين إليها، مما يعني ضرورة توجه شبابنا القطري لدراستها، بعيداً عن التوجيه المباشر !
.. لقد جاء حديث سمو الأمير الودي والأخوي مع الطلبة ليعكس حرصه على تشجيعهم، وإصراره على تحفيزهم، لاستثمار طاقاتهم العلمية، بما يخدم تطلعاتهم العملية، ويعود بالنفع على وطنهم.
.. وعندما كنت أتأمل صور «صاحب السمو» معهم، تمنيت أن يعود بي الزمن إلى الوراء، من عصر إلى عصر، ومن جيل إلى جيل، ومن زمن إلى زمن لأكون طالباً يتلقى تعليمه العالي في جامعتنا الوطنية، فأحظى بهذا الشرف الذي لا يضاهى.
.. وأفوز بهذا التشجيع الذي لا مثيل له، وأشعر بذلك التقدير الأميري الكبير، الذي يحفزني وغيري على التفوق العلمي الكثير، فأرتوي من علوم ذلك الغدير، المسمى «جامعة قطر»، التي تجمع في رحابها شتى التخصصات في مختلف المجالات.
.. ولأننـــي أحـــرص على «هنـــدسة الكلمــات»، وإرساء القواعد، وتثبيت الأساسات، عندما أبدأ في كتابة المقالات، سأختار الدراسة في «كلية الهندسة» بجامعـــة قطـــر، خاصــــة بعد حصولهــــا على الاعتمـــاد الأكاديمي من «الهيئة الأميركية للعلوم الهندسية والتكنولوجيا» (ABET)، لأنها تقدم لطلابها تعليماً هندسياً عصرياً، على أعلى المستويات، يساهم في تزويدهم بالكثير من المهارات، والتقنيات المطلوبة في تلك التخصصات.
.. ولعل ما يميز هذه الكلية المرموقة، تعدد تخصصاتها الهندسية، وتنوعها بين الهندسة المعمارية والمدنية والميكانيكية والكهربائية والصناعية، إلى جانب هندسة الحاسب الآلي.
.. ولأنني لا أعرف شيئاً في المجال الطبي سوى استخدام حبة «البنادول»، عندما أشعر بالصداع، بسبب ضغوط الحياة، فإنني أتمنى لو كنت طالبا من أجل الحصول على قبول في «كلية الطب»، التي انطلقت فيها الدراسة لأول مرة في شهر أغسطس عام 2015، وهي أول كلية وطنية متخصصة في هذا المجال الفعّال، في تاريخ الدولة على مدى سنوات طوال.
.. وسأكون من خلال اختيار هذا التخصص واحداً من «أطباء الغد»، الذين سيشكلون بعد تخرجهم المرتقب عام 2021، الفوج الأول من الأطباء الدارسين في جامعتنا الوطنية، بعد رحلة دراسية تمتد إلى (6) سنوات، وفقاً للنموذج الدراسي الأوروبي، مع الاحتفاظ بالشخصية القطرية والاعتزاز بالهوية الوطنية.
.. وسأحمل بعد تخرجي من كليتنا الطبية صفة «دختر»، لأعالج الناس و«أشنتر»، وأساهم في دعم قطاع الرعاية الصحية، وتحسين الصحة المجتمعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي طبياً وصحياً ووطنياً، مع استمرار «كلية الطب» كمصدر دائم ومنبع مستمر لتخريج وتدريب الأطباء الذين يحتاجهم الوطن، على مستويات عالية من الكفاءة الطبية والمهارة المهنية.
.. وإذا كنت لا أهوى ارتداء زي الأطباء الأبيض، بسبب حرصي على «كشخة» ثوبي الأبيض، وعشقي لألوان «بيرقنا» العنابي والأبيض، فإنني سأتوجه للدراسة في «كلية التربية»، لأنها تساهم في صناعة المستقبل القطري على أساس تربوي.
.. ولأن هذه الكلية تنفرد بتميزها في طرق التدريس، وامتيازها في البحث العلمي، ونظراً للاحتياجات المتزايدة في قطاعنا التعليمي لخريجي هذه الكلية، فإنها تشكل عنصراً جاذباً يدفعني مع غيري للانضمام إليها والدراسة فيها، لدورها في اعداد المعلمين الأكفاء، الفاعلين القادرين على المساهمة بفاعلية في تطوير التعليم في البلاد.
.. وتستحق هذه الكلية التربوية التوجه إليها بكل إيجابية، لمساهمتها في إعـــــداد كـــوادر وطنيــة، مـــزودة بالمعـــارف والاتجاهــــات العلميــــة، لتحقيـق رؤية قطـــر المســـتقبلية في التعليـــم، بشــكل ينعكـــس ايجابيـــاً علـــى تطويـــر العملية التعليمية في الوطن، من خلال تعزيز دور المعلم، وتطوير قدراته الأكاديمية، في ثلاثة مجالات رئيسية هي: المناهج الدراسية، وطرق التدريس ووسائل التقويم.
.. وهكذا تملك جامعتنا الوطنية بنية تحتية قوية، بفضل تاريخها العلمي، ونشاطها البحثي، حيث يرتكز نجاحها على خبراتها ومختبراتها التخصصية، وأبحاثها في مختلف التخصصات الأكاديمية.
.. ولا أنــسى توقف «صاحــب الســــمو» عند «مجمـــع البحوث»، حيـــث يوجـــد معرض للأبحاث التي نفذها طلبة الجامعة وأساتذتها، واســـتفادت منها الدولــــة في بعـــض مشــــروعاتهــــا الحيويــــة، وأذكــــر على ســـبيل المثــــــال لا الحصـــر مشــــروع «الطحالب الدقيقة الموجودة في بيئتنا القطرية، واستخلاصها للاستفادة منها في ملف الأمن الغذائي».
.. وفي سياق «الأمن الأكاديمي» فإنني أكتب ولا أكذب أن «جامعة قطر» وصلت إلى مكانة تضعها في مصاف الجامعات المرموقة والموثوقة، نتيجة للدعم الأميري الذي يحظى به أساتذتها وطلبتها، وخير دليل على ذلك أن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كان رئيساً لمجلس أمنائها، وكان ولا يزال داعماً لتطويرها، والانطلاق بها إلى آفاق العالمية.
.. وفي غمرة آفاق السعادة التي عاشها أساتذة وطلبة الجامعة، احتفاء بالزيارة الأميرية، لم يكن هناك أسعد من سعادة الشيخ الدكتور عبدالله بن علي آل ثاني نائب رئيس مجلس أمناء جامعة قطر، والأخ الدكتور حسن راشد الدرهم رئيس الجامعة.
.. ولهما الحق أن يسعدا بزيارة الأمير، لأن جهودهما المبذولة في التطوير، تحظى بالكثير من التقدير، على أعلى مستويات القيادة، ويكفي زيارة قائد الوطن إلى منارة الوطن، التي تشع بأنوار العلم داخل وخارج الوطن.
.. وتمتاز جامعة قطر التي حظيت بزيارة «صــــاحب الـســـمو» بأنهـــا تقدم نطاقاً واسعاً من البرامج الأكاديمية، وطيفاً واسعاً من التخصصات العلمية، يزيد عددها على (60) تخصصاً، مما يرسخ دورها في خدمة المجتمع، ويجسد حرصها على تأدية رسالتها، باعتبارها منارة الإشعاع العلمي، ودرة التثقيف التعليمي الأولى في البلاد، على مستوى التعليم العالي.
.. ولكل هذا وذاك، استحقت جامعتنا الوطنية وهيئاتها التدريسية، وطلبتها وطالباتها أن تحظى بالزيارة الأميرية، وأن تفوز بحضور حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إحدى محاضراتها الدراسية.
.. وما من شك في أن ذلك الحضور الأميري، يعزز مسيرة العلم والتعليم العالي في البلاد، ويحفز الشباب على التفوق، ويشجع على التألق في مختلف التخصصات.
.. وفي إطار اختصاصي، أستطيع القول، كمراقب متخصص، إن أي دولة مهما كانت مساحتها، تكبر بشبابها المتعلم، وكل خريج من شبابها يضيف بعلمه إلى دخلها القومي ورصيدها الوطني.
.. إذا كان النفـــط والغـــاز يشـــكلان العمـــود الفقـــري لاقتصاد الدولة، فإن شبابنا المتعلم هو العمود الفقري للدولة.
.. ومن المؤكد أن فوائد العلم، وعوائد المتعلمين العالمين بعلوم العالم، لا تقل في مكاسبها عن عائدات «آبار البترول»، بل ربما تزيد !
.. فالعلم بعكس «النفط»، كلما نهلت منه لا ينضب معينه.
.. وكلما زاد مخزونك منه، لا ينقص مخزونه !
.. والتعليم العالي كلما سحبت منه، انسحبت فوائده عليك، وعلى شخصيتك، وعلى ثقافتك، وعلى طريقتك في التعامل مع الآخرين.
.. والشباب المتعلم تعليماً عالياً، كلما شجعته زادت قيمته، التي تعلو في أسواق العمل، ولا تهبط في المحافل العملية، بعكس أسعار «النفط» الهابطة في الأسواق النفطية، التي انقلبت فيها الأمور، لدرجة أن سعر «برميل البترول» صار أرخص من كيلو «الهامور» !
أحمد علي
copy short url   نسخ
24/10/2016
1202