+ A
A -
شكا عدد من المراجعين، من الارتفاع المستمر في تكاليف العلاج بالمستشفيات والعيادات الخاصة، مشيرين إلى أن الهدف الأساسي الذي أنشئت من أجله هذه المستشفيات والعيادات هو هدف تجاري بحت، كما أوضحوا أن ارتفاع أسعار تلك العيادات أصبح يفوق قدرة العديد من الجمهور، الذي يلجأ إليها نتيجة بُعد مواعيد المستشفيات الحكومية، وساعات الانتظار الطويلة بالمراكز الصحية، علاوة على بعض الخبرات التي قد لا تتوافر في المستشفيات الحكومية.
وقال المراجعون إن ارتفاع أسعار المستشفيات الحكومية قد يرجع إلى عدة أسباب، ولكن من غير المنطقي أن تكون جميع تلك الأسباب وراء مبالغة المستشفيات الخاصة في رفع أسعارها بهذا الشكل الجنوني، وأجمع مراجعون على ضرورة فرض الرقابة الصارمة على أسعار المستشفيات والعيادات الخاصة من قِبل الجهات المعنية، الأمر الذي دعا الوطن إلى طرح هذه القضية على طاولة عدد من المدراء والمسؤولين في مستشفيات القطاع الخاص للرد على هذه الشكاوى.
جودة عالية
بدايةً يقول الدكتور محمد العمادي- المدير الطبي لمستشفى العمادي إن تكاليف العلاج بالمستشفيات الخاصة متدنية جداً، وأنهم لم يقوموا بزيادة الأسعار منذ العام 2005م، رغم الزيادات التي طرأت على واقع الحياة المعيشية مؤخراً. وأضاف: لا أعتقد أن أسعار العلاج في القطاع الخاص بدولة قطر مرتفعة، وإنما هي أسعار طبيعية إذا ما نظرنا إلى نوعية الخدمات الطبية التي تقدم، بالإضافة إلى الرواتب التي ارتفعت من ثمانية إلى أربعين أو خمسين ألفا، وكذلك الأجهزة الطبية التي ارتفعت هي الأخرى إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف، مشيراَ إلى أن البقاء في القطاع الصحي الخاص أصبح للأقوى، ومعنى ذلك أنه لابد من المحافظة على مستوى الجودة في تقديم الخدمات العلاجية، الأمر الذي يجعلنا لا نستجلب أطباء أقل من استشاريين، والأجهزة التي نستوردها من الخارج أجهزة دقيقة جداً وعالية الجودة، وتكاليف العلاج في القطاع الخاص مقارنة بالأجهزة الموجودة ورواتب الأطباء المرتفعة أعتقد أنها طبيعية جداً وليست غالية كما يدعي البعض، فإذا قورنت أسعارنا هذه مع أسعار أوروبا أو حتى دولة تايلاند الآسيوية سنجد أن هنالك فرقا شاسعا في أسعار العلاج في دولة قطر وتلك الدول.
تكلفة معقولة
من جانبه يقول الدكتور فادي زهير مراد- المدير العام لمجموعة الوحدة الطبية، إن القطاع الخاص في كل دول العالم لا يقارن بالقطاع الحكومي، باعتبار أن القطاع الحكومي مدعوم من الدولة واقتصادها، أما القطاع الخاص فله علاقة بالتضخم الاقتصادي في البلد، لكن إذا نظرنا إلى دولة قطر مقارنة بدول الخليج سواء الإمارات أو غيرها سنجد أن تكلفة العلاج معقولة، ولن نقارنها بالطبع مع المملكة مثلاً لأن السعودية بشكل عام تعتبر أرخص بلدان الخليج، وإذا تحدثنا عن خدمات طب الأسنان بدولة قطر في بعض العيادات فإنها تأخذ أسعارا عالية، لكن أغلب العيادات أسعارها منطقية، مقارنة بالأجهزة والأدوات الطبية التي تستخدمها، أو حتى غلاء أسعار العقارات الموجودة في البلد، مثلاً لماذا السعودية أرخص من قطر، لأن العقارات هناك رخيصة وفرق الإيجارات كبير، فإذا أخذت عيادة هنا ودفعت في الإيجارات فوق المليون ريال بالسنة، هذا فقط بالنسبة للعيادة الصغيرة، فما بالك بسكن الموظفين وسكن الأطباء، والطبيب الذي يأتي من الخارج للعمل هنا، يأتي لهدف ويطمح في الحصول على راتب عال، كل هذه العوامل بالطبع تؤثر في أسعار العلاج بالقطاع الصحي، أما بالنسبة لعلاجات الأسنان التجميلية من المنطقي أن تكون أسعارها أعلى لأنها تجميلية أولاً وأخيراً، ولأنها تعتمد على تقنيات معينة وتخصصات محددة على مستوى عال ومؤهل.
تحقيق الربح
بدوره يرى الدكتور عثمان السعيد- المدير العام لمستشفى عيادة الدوحة، أن الأسعار في المستشفيات الخاصة بصورة عامة تستند إلى ضلعين، أولهما أن مستوى المعيشة في قطر عال، وهذا تسبب في زيادة الأسعار بصورة عامة، من بينها المساكن والأطعمة، فلمَ نركز فقط على زيادة الأسعار فقط في القطاع الصحي؟ فالأطباء لابد لهم من رواتب تناسب مستوى المعيشة، ولابد من إحضار أجهزة متميزة توفر خدمة جيدة للمراجعين، ويمكن أن نوفر طبيبا راتبه لا يتعدى 20 ألفا، أو آخر راتبه يتخطى 60 ألف ريال، ولكل منهم خبرته التي تتفاوت بصورة كبيرة، وكذلك الأجهزة، ومعايير الدقة والسلامة لا بد أن تكون عند حدها الأعلى، فيمكن أن نستورد أجهزة عالية الجودة، ولكنها في الوقت نفسه باهظة السعر، ناهيك عن أن المستشفيات الخاصة استثمارية في المقام الأول وتسعى لتحقيق أرباح.
تحرر الأسعار
في مقابل ذلك يقول المواطن محمد المهندي إن ارتفاع أسعار المستشفيات والعيادات الخاصة طال جميعها، المشهور منها وغير المشهور، وهذا ما يؤكد أن هدف افتتاح تلك المستشفيات الخاصة هو هدف مادي بحت، ليس له علاقة بتحقيق رسالة نبيلة بأسعار متوسطة حتى وإن كان بها أطباء جيدون، ونوه المهندي بأن ظاهرة ارتفاع الأسعار ليست موجودة في قطر وحسب، وإنما موجودة بجميع دول العالم، فأي مشروع لا يتمتع بالدعم فلابد من الشعور بارتفاع سعره عن بقية المشاريع المدعومة أو الحكومية، ولكن عدم وجود الدعم لا يعطي الحق لأصحاب تلك المستشفيات الخاصة، والذين يعتبر أغلبهم من رجال الأعمال في المبالغة بأسعارهم، باعتبار أن مسألة توفير العلاج بالسعر الذي يمكن أن يكون في متناول الجميع مسألة مهمة للغاية في دولة مثل قطر، وأضاف قد تتعدد أسباب ارتفاع أسعار المستشفيات والعيادات الخاصة من إيجارات إلى رواتب الطواقم الطبية والموظفين الإداريين علاوةً على الأدوية والأدوات والأجهزة الطبية، وتابع أن تحرر الأسعار أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار المستشفيات والعيادات الخاصة، مما يجعل أسعارها تصل إلى حد المبالغة، مطالباً الجهات المسؤولة بضرورة كبح جماح ارتفاع الأسعار المتزايد بين العيادات والمستشفيات الخاصة.
عُمر افتراضي
أما الدكتور عبدالعظيم عبدالوهاب المدير الطبي ورئيس قسم الجراحة بالمستشفى الأهلي، فقد أرجع ارتفاع تكاليف العلاج بمستشفيات القطاع الخاص، إلى الرواتب العالية جداً للأطباء، بالإضافة إلى السكن والتذاكر، وكذلك الأجهزة الطبية التي أصبحت أسعارها بالملايين، وحتى هذه الأجهزة لديها عُمر افتراضي لا يتجاوز السنوات الخمس، كما أن معظم الأجهزة المستخدمة في القطاع الخاص، نجدها أجهزة على أحدث مستوى، وتستخدم لمرة واحدة فقط، بعكس الأجهزة التي تستخدم في القطاع الحكومي والتي يمكن تعقيمها واستخدامها لأكثر من شخص، عمليات غسيل المعدة على سبيل المثال تستخدم الجهاز لمرة واحدة فقط، وهذه المسألة مكلفة جداً لأنها تتطلب في كل مرة توفير جهاز جديد، كل هذه الأمور تؤدي إلى ارتفاع تكاليف العلاج في القطاع الخاص، لكن من حيث التكاليف الكلية، القطاع الحكومي يعتبر أغلى ويكلف الدولة أكثر بكثير من التكاليف التي يتم دفعها في المستشفيات الخاصة، يعني الرواتب في الحكومة أعلى بكثير وكذلك توفير السكن وغيرها من الامتيازات التي تمنح للأطباء والموظفين في الدولة.
مطلوب رقابة
من جانبه أوضح المواطن خليفة المحاسنة أن هناك فرقاً كبيراً بين المجمعات الطبية والعيادات الخاصة، فالمجمعات الطبية أو المستشفيات الخاصة تتوافر بها عدة تخصصات وهي عادةً ما تكون أعلى تكلفة من العيادات المتفردة بتخصص واحد كالجلدية أو الأسنان، معتبراً أن زيارة العيادات أفضل فهي مخصصة لطبيب واحد، على عكس المجمعات الطبية التي تعتمد على أكثر من طبيب في التخصص الواحد، وأرجع المحاسنة أسباب انطلاق الجمهور للمستشفيات والعيادات الخاصة، إلى عدة أسباب أبرزها المواعيد الطويلة التي تضطر المرضى لتحمل آلامهم حتى تأتي أدوارهم، بالإضافة إلى تجنب الازدحام الكبير في المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية الناتج عن ارتفاع عدد السكان في البلاد، فضلاً عن انتقال العديد من الأطباء الكبار في المستشفيات الحكومية للمستشفيات الخاصة، الأمر الذي يجعل المستشفيات الخاصة بديلاً وحيدا للمرضى، لكسب الزمن والحصول على جودة عالية في العلاج، لكن التكاليف أحياناً تكون فوق عاتق الشخص الذي يرغب في الحصول على العلاج، وهنا من المفترض ان يوجد تدخل من الجهات المعنية، ورقابة على عمل المستشفيات والعيادات الخاصة، فإذا كان هنالك رقابة على القطاع الصحي الخاص فلن ترتفع الأسعار بهذا الشكل.
copy short url   نسخ
22/10/2016
13752