+ A
A -
رغم العداء المتأصل بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفغيدور ليبرمان، فإن الأخير فاجأ الرأي العام بإسرائيل بموافقته على عرض نتانياهو بشغل منصب وزير الجيش مكان موشي يعلون، الذي أبلغ رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو صباح الجمعة باستقالته من الحكومة ومن «الكنيست»، معللا ذلك بانعدام الثقة بينه وبين نتانياهو.
وتفيد تقارير إخبارية بإسرائيل، بأن مفاوضات متواصلة بين حزبي الليكود و«إسرائيل بيتنا» أفضت إلى الموافقة لضم حزب ليبرمان إلى الائتلاف الحكومي برئاسة نتانياهو، في وقت أعلن زعيم المعارضة بإسرائيل يتسحاق هرتسوغ انسحابه من المفاوضات.
تغيرات واسعة
ويؤكد متابعون للشأن العبري أن انضمام ليبرمان للائتلاف الحكومي، كوزير للأمن بإسرائيل، سيجلب تغييراً كبيراً على تركيبة الحكومة وسياساتها.
ووضع ليبرمان عدة شروط للانضمام لحكومة نتانياهو من بينها الحفاظ على الطابع اليميني لها بعدم إدخال حزب العمل المعارض إليها، إضافة إلى دعم مقترحه بإيقاع عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين.
وصرح مسؤول في حزب «الليكود» بأن انضمام ليبرمان للائتلاف الحكومي سيجلب معه «جولة جديدة وموسعة من التعيينات؛ إذ من المفترض، أن يمنح نتانياهو، وزارة الخارجية لوزير الأمن الحالي، موشيه يعالون، وهي الوزارة التي ظلت شاغرة حتى الآن، منذ إنشاء حكومة اليمين الحالي».
وأفادت مصادر عبرية بأن نتانياهو سوف يعين وزير الهجرة الحالي زئيف إكلاين كوزير للاقتصاد، وسيعين تساحيا هنجفي كوزير للشؤون الاستراتيجية وهي الوزارة التي يعمل بها حالياً وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان.
وتؤكد المصادر أن جلعاد أردان يطالب بوزارة الخارجية كشرط للدخول في الائتلاف.
وقالت المصادر إن الحديث حتى الآن هو بمثابة تقديرات أولية في إطار المفاوضات بين الأحزاب والكتل البرلمانية المختلفة في الكنيست، وهناك توقعات بوجود تغييرات في حين فشلت هذه المفاوضات.
ومن المتوقع أيضاً أن يطلب ليبرمان تعيين عضو الكنيست أورلي ليفي أفيكسيس رئيسة لجنة العمل والرفاه، كما سبق وطالب بذلك في المفاوضات الائتلافية، العام الماضي. وفي مجال التشريع، قد يطالب ليبرمان، بسن قانون الإعدام، القاضي بمنح المحاكم العسكرية الإسرائيلية صلاحية تنفيذ إعدامات بحق الفلسطينيين، وفق القانون العسكري بإسرائيل، بتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين. ويؤيد وزراء من حزب الليكود مشروع قانون الإعدام، إلا أن نتانياهو سبق وأن عارض هذا المشروع، حينما أمر وزراء الليكود الاعتراض على سنه في اللجنة الوزارية للتشريع.
وتنازل ليبرمان عن مطالبه بقضايا الدين والدولة، خضوعاً لشرط نتانياهو في هذا السياق، الذي يريد أن يحافظ على الأحزاب الدينية في الائتلاف، ما اضطر ليبرمان الابتعاد عن موضوعات تجنيد المتدينين التي كان ينوي تناولها.
في المقابل، هاجم رئيس حزب المعسكر الصهيوني «يتسحاق هرتسوغ» الائتلاف الجديد، قائلا: «إن حزبه سيناضل بلا هوادة من اجل إسقاط ما وصفه بحكومة الجنون الإسرائيلية الأخذة بالتبلور».
وشدد هارتسوغ على أن النائبة العمالية شيلي يحيموفيتش تتحمل المسؤولية عن عرقلة انضمام حزب المعسكر الصهيوني إلى الحكومة، وبالتالي تولى رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان حقيبة الجيش.
بدوره، قال وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون: «إن إقالته من منصبه وتعيين ليبرمان بدلاً منه يدلل على أنه يوجد فقدان بوصلة أخلاقية في إسرائيل».
وأضاف يعلون «لو تعين علي إعطاء نصيحة ذهبية، فهي السير بموجب بوصلة وليس وفق دوارة». ونبه يعالون إلى أقوال نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، يائير غولان، والهجوم عليه، من جانب نتانياهو أيضاً، قائلاً: لا يمكنني القول إنني لم أفاجأ من أولئك الذين يتهجمون وبصوت مرتفع على القيم الأساسية.
خطر استراتيجي
في السياق، رأى المحلل السياسي رون بن يشاي أن تعيين ليبرمان وزيراً للجيش قد يشكل خطراً استراتيجياً على إسرائيل بفعل افتقاد الرجل للخبرة العسكرية.
ونبه بن يشاي إلى أن ليبرمان سياسي يميني متطرف، وانتقد الجيش الإسرائيلي كثيراً، ومن شأن تعيينه بالجيش أن يشكل خطراً على الأمن الوطني بإسرائيل، لافتاً إلى أن «عزل وزير حرب ذات خبرة عسكرية واسعة إهانة لشخص يعلون».
واتهم بين يشاي نتانياهو بأنه يقامر بالجيش وتعيين ليبرمان مسؤولا عن الجيش الإسرائيلي يدلل على انعدام المسؤولية عند نتانياهو باستبدال وزير أمن خبير، مزاجه بارد، قادر على ترجيح الرأي ولديه رؤية استراتيجية، بوزير أمن ليس لديه أية خبرة أمنية، وطبيعته غير متوقعة.
وقال: «سيضطر ليبرمان إلى اتخاذ قرارات ربما تحسم مصير الصهاينة جميعا منذ الثانية الأولى التي سيدخل فيها إلى المنصب».
وأشار بن يشاي إلى أن وزير الأمن في إسرائيل لا ينبغي أن يكون عسكريا.. لكنه ملزم بخبرة وفهم لشؤون الأمن بصورة تسمح له باتخاذ قرارات والمصادقة على عمليات عسكرية خلال ساعات معدودة.
وأضاف «سيجلس في مقر وزارة الأمن في تل أبيب الآن الشخص الذي اقترح قصف سد أسوان وتحويل غزة إلى ملعب كرة قدم».
ورأى بن يشاي أنه بتعيين ليبرمان «سيدفع الثمن الفلسطينيون والإسرائيليون؛ لأن يد أحدهم ستكون خفيفة على الزناد».
صدمة وهلع
بدوره، لفت المحلل العسكري عاموس هرئيل إلى وجود صدمة في صفوف قادة الجيش الإسرائيلي منذ الإعلان عن صفقة نتانياهو- ليبرمان، مشيرا إلى أن سبب هذه الصدمة «مواقف ليبرمان الهجومية تجاه قادة الجيش، إضافة إلى أن الرجل يفتقد للقدرة على استيعاب الآخرين».
وشبه هرئيل تعيين ليبرمان بهذا المنصب كفوز «دونالد ترامب» بمنصب رئاسة الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن منصب ليبرمان الجديد سيفرض عليه طريقة تعامل مختلفة أكثر من تلك التي ارتاح عليها وهو في صفوف المعارضة.
وذكر أن هناك سببا آخر لقلق الأمن الإسرائيلي من تعيين ليبرمان بهذا المنصب، ويتمثل في «طريقة تعاطيه مع السلطة الفلسطينية التي يتعامل معها كجسم متخلف سياسيا». ولفت هرئيل إلى أن الخط الذي ينتهجه ليبرمان ضد السلطة الفلسطينية بعيدا كل البعد عن الخط الذي انتهجه يعلون وقيادة الجيش التي ترى في التنسيق الأمني مع السلطة مصلحة إسرائيلية، وكأحد العوامل الرئيسية لضعف موجة العمليات الأخيرة التي أحدثتها انتفاضة القدس، في حين لا يعرف كيفية تعامل ليبرمان مع ظروف مشابهة.
من ناحيته، قال المحلل الإسرائيلي دان مارغليت: «لقد وضع نتانياهو بين يدي ليبرمان أكثر جهاز حساس في الدولة»، مشيرا إلى أن ليبرمان يدرك القلق الكبير الذي ينتاب الجمهور الإسرائيلي بفعل توليه هذا المنصب الحساس».
وأضاف: «ليبرمان يقول في نفسه إنه طالما أنه هو من يدير الدفة فلا يمكن أن تندلع حرب عشوائية؛ إلا أن من يعرف تاريخ إسرائيل الأمني يدرك أن زعماء قبله قالوا شيئا مماثلا، ولكنهم أخطأوا؛ ففي الأوقات الحاسمة لم يكونوا أصحاب السيطرة، ومن قاموا بتوكيله لاستخدام القوة الوطنية قد ورط إسرائيل في مشاكل كبيرة دامت سنوات طويلة».
ولفت إلى أن ليبرمان «كان يعارض مواقف يعلون وقيادة الجيش كثيرا، حين كان عضوا في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة السابقة، وتحديدا فيما يخص آخر حرب مع حماس». يذكر في هذا السياق، أن استطلاعا خاصا للرأي أجراه البروفيسور كميل فوكس لصالح موقع «والا» العبري تبين أن 50 % من الجمهور الإسرائيلي يؤيد يعلون كوزير دفاع و29 % يؤيدون ليبرمان لنفس المنصب و21 % عبروا أنهم لا يعرفون.
وعبرت غالبية الجماهير التي أجري عليها الاستطلاع الأربعاء الماضي أن يعلون هو أنسب لوزارة الدفاع من ليبرمان، وتم إجراء الاستطلاع على 606 مواطنين في إسرائيل 106 منهم يهود، والباقي عرب.
copy short url   نسخ
23/05/2016
1245