+ A
A -
قال النائب المبعد عن القدس، أحمد محمد عطون «أبومجاهد»، عضو مجلس تشريعي عن محافظة القدس، إن القضية الفلسطينية الآن تمر بأخطر مراحلها التاريخية في ظل الانتهاكات التي تحدث بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس.
وأكد «عطون»: أنه لأول مرة منذ تاريخ وجود منظمة الصليب الأحمر بالأراضي الفلسطينية تستدعي الشرطة الإسرائيلية لقمع وفض الاعتصام في ساحاتها لأهالي الأسرى والمضربين عن الطعام، وكذلك تقليص نقل أهالي الأسرى لزيارة أبنائهم في سجون الاحتلال.وأضاف «عطون»: إن الاستيطان ينتشر كالسرطان في الأراضي الفلسطينية مع أن هذه المستوطنات مخالفة للقرارات الدولية المختلفة التي تجرم الاستيطان وتعتبره غير شرعي.
وأكد عطون أن المقاومة الفلسطينية نجحت في إبقاء شعلة وجذوة القضية الفلسطينية في مواجهة مشاريع الاحتلال ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية.. وإلى نص الحوار:

كيف ترى الوضع الحالي في فلسطين المحتلة؟
- تمر القضية الفلسطينية بأخطر مرحلة من مراحلها التاريخية؛ حيث التفرد الإسرائيلي من خلال ابتلاع الأرض الفلسطينية والاستيطان والتنكر لكل حقوق الشعب الفلسطيني وضربه بعرض الحائط لكل القرارات الدولية والأممية وعدم وجود أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية؛ حيث لم تنجح كل الاتفاقيات لإعادة الحق المغصوب من قبل الاحتلال إلى أصحابه الأصليين، وأيضاً نتيجة انشغال المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية في قضايا كثيرة ومختلفة ومتنوعة؛ حيث لم تعد القضية الفلسطينية على سلم الأولويات لعالمنا العربي والإسلامي وقياداته، واستغل الاحتلال هذا الواقع واستثمر علاقاته الدولية في محاولة منه لطمس معالم هذه القضية وفرض الرواية الإسرائيلية التهويدية بحق الأرض الفلسطينية والقضية بمجملها.
ونحن على أعتاب الانتخابات الفلسطينية.. هل ترى أن سلطات الاحتلال تتدخل في الانتخابات لإفشالها أو فوز كيان على حساب آخر؟
- نعم يتدخل الاحتلال بشكل سافر في الانتخابات الفلسطينية؛ حيث قام باعتقال ممثل حركة حماس في لجنة الانتخابات المركزية وقام باعتقال العديد من قيادات وكوادر الحركة بالضفة الغربية في الآونة الأخيرة وكذلك استدعاء ومقابلات من قبل الاحتلال الإسرائيلي وتهديد بعض الشخصيات التي ستؤيدها وتدعمها حركة حماس مما كان له أثر كبير على انسحاب العديد من القوائم في الضفة الغربية أمام هذه التهديدات وهذا التخويف والاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك تصريحات قادة الاحتلال ووزراء في دولة الاحتلال بشكل صريح وواضح بأنهم لن يسمحوا لحركة حماس بالمشاركة بهذه الانتخابات كإعطاء شرعية جديدة لها من خلال صناديق الاقتراع وسيعملون كل ما بوسعهم من أجل إفشال ذلك.
تم اختطافك عام 2011 واستبعادك عن مدينتك القدس حتى الآن.. ما السبب وراء ذلك؟
- لا يخفى عليكم مسيرة الانتخابات البرلمانية الفلسطينية وما جرى خلال السنوات الماضية من ملاحقة الاحتلال للنواب والوزراء الذين اعتقلوا لسنوات طويلة ومازال بعضهم في سجون الاحتلال حتى الآن، وما لحق بهم من استهداف وتغييب بأشكال مختلفة، فمنهم من استشهد، ومنهم من اعتقل، ومنهم من أُبعِد، ونحن نواب القدس ووزير القدس السابق الذين أُبعدنا عن مدينة القدس واعتقلنا لفترات طويلة ومورس بحقنا كل أشكال الابتزاز والتهديد من قبل الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث قام بسحب ومصادرة كل وثائقنا بعد أن انتخبنا في المجلس التشريعي الفلسطيني لنمثل أهلنا في مدينة القدس وبحجة عدم ولائنا للاحتلال الإسرائيلي قام الاحتلال بإبعادنا عن مدينة القدس؛ حيث اعتصمنا في مقر الصليب الأحمر ضد هذا القرار لأكثر من عام ونصف العام بعد أن كنا معتقلين أصلاً قبل ذلك لسنوات طويلة، وقام الاحتلال باختطافنا بعد اقتحام مقر الصليب الأحمر وإبعادنا عن مدينتنا التي عشنا وترعرعنا فيها ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الدولية لحقوق الإنسان، ولأن الاحتلال يدرك أنه من خلال إبعادنا سيسعى إلى تفريغ المدينة المقدسة من قياداتها ورموزها ولإسكات أي صوت يفضح جرائم الاحتلال وممارساته ليصل بعد ذلك إلى إبعاد من يشاء في مدينة القدس وكيفما يشاء، وما يجري في مدينة القدس الآن خير شاهد على ما نقول.
ونحن مازلنا حتى الآن مبعدين عن مدينتنا التي ولدنا ونشأنا فيها بسبب ممارسات الاحتلال وتم سحب كل وثائقنا المقدسية بعد إبعادنا إلى الضفة الغربية؛ حيث نقيم الآن في مدينة رام الله ولا نستطيع الخروج ولا التنقل حتى في داخل الضفة الغربية لأننا نرفض أن نستلم أي وثيقة تنتقص من حقنا في العودة إلى مدينة القدس لأننا نحن الأصلاء في هذه المدينة والاحتلال هو الدخيل، والدخيل يجب أن يرحل.
هناك تصريح لحركة حماس يقول إنها لن تقدم قوائم للانتخابات.. ما رأيك بهذا القرار وهل أنت معه أم ضده؟
- صحيح أن حركة حماس لم تقدم قوائم باسم الحركة ولكنها أعلنت أنها ستعمل على تشكيل قوائم مهنية لخدمة أبناء شعبها في هذه الانتخابات المحلية ودعم قوائم قد تكون من المستقلين أو المؤيدين للحركة لقناعاتها بضرورة الشراكة من قبل الكل الفلسطيني وتحمل المسؤولية في هذه الانتخابات مع التأكيد أن هذه الانتخابات ليست سياسية بامتياز ولا تعبر عن الواقع السياسي للقوى السياسية في الأراضي الفلسطينية وإن كانت في جزء منها كذلك، لأنها انتخابات خدماتية.
كيف ترى موقف الصليب الأحمر بالقدس من استدعاء الشرطة الإسرائيلية وفض اعتصام المتضامنين مع الأسرى المضربين؟
- وجدت منظمة الصليب الأحمر في الأراضي الفلسطينية بشكل خاص وفكرة إنشائها بشكل عام من أجل حماية المدنيين في زمن الحرب وتحت الاحتلال وتقديم المساعدة لهم، وما قامت به منظمة الصليب الأحمر من إجراءات في الآونة الأخيرة يضع علامة سؤال كبيرة عن مدى جدوى هذه المنظمة وانسجامها مع الأهداف التي أُنشئت من أجلها وإلا أنها ستكون متواطئة مع الاحتلال من خلال هذه الممارسات التي قامت بها ولأول مرة منذ تاريخ وجود هذه المنظمة بالأراضي الفلسطينية تستدعي الشرطة الإسرائيلية لقمع وفض الاعتصام في ساحاتها لأهالي الأسرى والمضربين عن الطعام، وكذلك تقليص نقل أهالي الأسرى لزيارة أبنائهم في سجون الاحتلال.
أيضاً سكوتهم وموقفهم غير الواضح وغير المبرر عندما تم اختطافنا نواب ووزير القدس من داخل الصليب الأحمر بالقدس من قبل الاحتلال الإسرائيلي مع أن مقرات الصليب لها حصانة دولية، وأيضاً عدم متابعة العديد من القضايا الأسرى في سجون الاحتلال وخاصة المضربين منهم، ونشر هذه التقارير لإدانة وتجريم الاحتلال بحق الأسرى وغير ذلك الكثير، مما يضع منظمة الصليب الأحمر الآن محل شك وريبة في انسجامه مع مخططات الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين بشكل خاص والعديد من القضايا المختلفة الأخرى.
هل موقف الشعوب العربية تغير تجاه القضية الفلسطينية؟
- في تقديري أن حضور القضية الفلسطينية لدى شعوب عالمنا العربي والإسلامي لم يتغير، فهذه القضية حاضرة في قلوبهم ووجدانهم ولكنها تغيرت في حضورها أمام هذه الملفات والتحديات والانشغالات التي تعيشها هذه الشعوب في هذه المرحلة ولا يخفى عليكم ما يجري في العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن، وغيرها من الدول العربية والإسلامية، فهذه الشعوب حية ويعول عليها الكثير والكثير ونعتبرها الحاضنة للقضية الفلسطينية ونرى ونشاهد التفاعل مع هذه القضية في الميادين العربية المختلفة.
ما رأيك في تصريحات حركة فتح بأنها تريد إقامة دولة فلسطينية على حدود 67؟
- يجب التأكيد على الحقيقة التالية عند الحديث عن فلسطين، أن ارض فلسطين أرض إسلامية عربية لا يمكن ولا يجوز التنازل أو التفريط في أي جزء منها، فهي وقف إسلامي.. أما بخصوص طرح حركة فتح بإقامة دولة على حدود الرابع من يونيو فقد أجمعت كل القوى الفلسطينية عام 2006، على وثيقة الوفاق الوطني ومن ضمنها إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران ولكن الخلاف ما بين حركة فتح وحركة حماس والفصائل المعارضة أن حركة فتح أقرت واعترفت بما يسمى إسرائيل فأعطته شرعية على كل الأراضي التي احتلت عام 48 وتنازلت عن 78% من الأراضي الفلسطينية بينما حماس إدراكاً منها للواقع وقبولها المرحلي بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو دون الاعتراف بإسرائيل ودون إسقاط حقنا في بقية الأراضي الفلسطينية والتعامل مع هذه القضية كمرحلة تتلوها المراحل للأجيال القادمة.
هل الإعلام العربي يؤدي دوره تجاه القضية الفلسطينية؟
- حقيقة إعلامنا العربي للأسف حتى الآن لم يُعط القضية الفلسطينية بما تمثله من بُعد حضاري وعقائدي وتاريخي كقضية العرب الأولى وبما تمثله من أبعاد مختلفة، الاهتمام المطلوب وليس حاضراً كأولوية في متابعة وتغطية هذه القضية وخاصة أننا نعلم الدور المهم والمميز الذي يملكه الإعلام في الانتصار لأي قضية فهو السلطة الرابعة وله تأثيره الكبير في الدفاع عن القضايا المصيرية وإبرازها في المحافل الدولية المختلفة والتأثير على صناع القرار وعلى وعي الشعوب.
ما الحل في توسع الاستيطان الذي يتباهى الاحتلال الإسرائيلي به؟
- إن الاستيطان أصبح كالسرطان منتشراً في كل الأرض الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية ومدينة القدس مع أن هذه المستوطنات هي مخالفة للقرارات الدولية المختلفة التي تجرم الاستيطان وتعتبره غير شرعي، ومازال الاحتلال يضرب بعرض الحائط لكل هذه القرارات الدولية ويقوم بتغيير الواقع على الأرض الفلسطينية حتى أن التوسع الاستيطاني قضى على حلم إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية.
والحل في تقديري يكمن في إرادة سياسية حقيقية من قيادة السلطة الفلسطينية باتخاذ إجراءات رادعه منها ملاحقة الاحتلال في المحاكم الدولية المختلفة ومحكمة الجنايات الدولية، وأيضاً تبني هذه القضية مع المجموعة العربية وتجريم الاحتلال وإصدار قرارات ضاغطة من قبل المجتمع الدولي لإزالة هذه المستوطنات وأيضاً مواجهة المستوطنين والمستوطنات من قبل السلطة الفلسطينية بأشكال مختلفة على الأرض، ويمكن أيضاً الضغط على الاحتلال من خلال الاتفاقيات الموقعة من قبل السلطة الفلسطينية أو الدول التي لها علاقة مع الاحتلال بالتهديد بتجميدها أو إلغائها إن لم يتم إيقاف هذا الاستيطان.
ما هو حل القضية الفلسطينية برأيك؟
- الوضع الطبيعي أن يتم تحرير الأرض الفلسطينية وأن تعود إلى حاضنتها العربية والإسلامية ولا يكون ذلك إلا بمقاومة الاحتلال كما هو حال كل شعوب الأرض التي وقعت تحت الاحتلال وعدم التسليم للغاصب في ما اغتصب؛ حيث أقرت كل الشرائع السماوية والأرضية بحق الإنسان بالدفاع عن أرضه وتحريرها.
وأيضاً يجب على الدول العربية والإسلامية أن تسعى إلى إعادة الأرض العربية الإسلامية إلى حاضنتها وألا تألو جهداً في ذلك بجميع الوسائل المتاحة والممكنة، هذا هو الوضع الطبيعي ولكن نتيجة الظروف الدولية والإقليمية والضعف الذي يعتري واقعنا العربي والإسلامي أقل القليل في هذه المرحلة أن يتم دعم المقاومة الفلسطينية بكل الوسائل بصفتها رأس حرب متقدمة في الدفاع عن هذا المشروع وفي نفس الوقت المطلوب ضغط سياسي حقيقي فاعل وجاد على المجتمع الدولي وعلى الاحتلال الإسرائيلي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفق القرارات الدولية كمرحلة أولية.
هل ترى أن المصالحة الفلسطينية نجحت أم فشلت؟ وإن فشلت ما السبب؟
- بالنسبة للمصالحة الفلسطينية حتى الآن ما زالت تراوح مكانها رغم كل الاتفاقيات التي وقعت ما بين حركة فتح وحركة حماس سواء كان اتفاق القاهرة أم اتفاق الدوحة أم اتفاق الشاطئ، فنحن اجتزنا الكثير من المعوقات ونجحنا في العديد من هذه الصياغات لإيجاد توافق وطني من خلال هذه الحوارات ووقعنا عليها، لكن للأسف الشديد حتى الآن ما زالت هناك معوقات لتطبيق هذه الاتفاقيات رغم توقيعنا عليها منها عدم توفر إرادة سياسية لدى القيادة الفلسطينية متمثلةً بالرئيس محمود عباس نتيجة ضغوطات خارجية وظروف داخلية أمنية من قبل بعض الأجهزة الفلسطينية وتدخل الاحتلال للضغط بعدم إنجاز هذه المصالحة حتى الآن، ونأمل أن يتم من قبل الأشقاء العرب مزيد من الضغط لإتمام وإنجاح الوحدة الوطنية وإنهاء ملف الانقسام الذي لا يخدم بالمجمل إلا الاحتلال الإسرائيلي.
ما هو تقييمك لدور المقاومة الفلسطينية؟
- لقد نجحت المقاومة الفلسطينية في إبقاء شعلة وجذوة القضية الفلسطينية في مواجهة مشاريع الاحتلال ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية وما جرى في غزة من صمود أسطوري لشعبنا الفلسطيني في التصدي لحروب شنت على قطاع غزة؛ حيث فشلت مخططات الاحتلال واستطاعت المقاومة فرض معادلة جديدة في الردع بينها وبين الاحتلال وفي نفس السياق أيضاً شعبنا الفلسطيني ومقاومته أيضاً بالضفة الغربية نجح في التصدي للاحتلال ومشاريعه وإعادة الحضور للقضية الفلسطينية من خلال انتفاضة القدس وانتفاضة الأقصى وانتفاضة الحجارة، وهذا هو الوضع الطبيعي في العلاقة التي يجب أن تكون ما بين الاحتلال والشعب الذي يقع عليه الاحتلال، ولنا في التاريخ عبرة لأن الحقوق تنتزع ولا تُستجدى.
هل ترى أن إسرائيل ستشن حرباً جديدة على غزة خاصة بعد القصف الأخير؟
- في تقديري أن قضية الحرب القادمة لها حساباتها حتى على جانب الاحتلال الإسرائيلي هم يدركون أن أي شن حرب جديدة على قطاع غزة سيكون له ثمن باهظ جداً وتداعيات على المنطقة بأسرها ولهم تجربة في تصدي المقاومة بكل هذه الترسانة الاحتلالية للجيش الاحتلال العسكري؛ حيث مُرخ أنف الاحتلال في هذه المواجهة وتفاجأ الجميع بالصمود الأسطوري في التصدي لهذا العدوان وأن أي حرب قادمة لن يكون الشعب الفلسطيني فيها هو المتلقي والمدافع عن نفسه فقط من أجل ذلك يُدرك الاحتلال جيداً أن قضية الحرب على قطاع غزة لن تمر هكذا وليس معنى ذلك أنها لن تكون فهم قد يُقدِمون على أي حماقة لكنهم يحسبون ذلك جيداً.
كيف ترى وضع مدينة القدس الآن في ظل الانتهاكات التي تتعرض لها؟ وهل نجح الاحتلال في أسرلة مدينة القدس؟
- تعيش القدس الحبيبة في الوقت الراهن اخطر مراحل في حياتها ومنذ بنائها؛ فالعقلية الصهيونية تعمل جاهدة لإلغاء طابع هذه المدينة وجعلها مدينة يهودية الوجه والقلب واللسان متجاوزة قدسيتها لدى المسلمين والمسيحيين على السواء وطمس معالمها العربية والإسلامية.
إن القدس في خطر أرضاً وسكاناً حاضراً ومستقبلاً، وإسرائيل تسعى لتهويدها حجراً حجراً، ولتهجير سكانها وحصارها اقتصادياً واجتماعياً بعزلهم عن بعدهم وعمقهم الفلسطيني والعربي وممارسة كافة أشكال الإذلال والتضييق والاستفزاز، في هدم للبيوت ومصادرة للممتلكات وسحب للهويات وإقفال المؤسسات الوطنية وشق الطرق وسط التجمعات الفلسطينية وبناء للجدار وعرقلة تحركاتهم والتضييق على عبادتهم والاعتداء على المقدسات .. إلخ، حتى انه لم يسلم من هذه الحملة لا الأحياء ولا الأموات في قبورهم ولا الشجر ولا الحجر من القمع والتنكيل والتنكيد اليومي الذي يعيشه المواطن المقدسي
فكل المعطيات والوقائع تؤكد أن حالة القدس مستعصية على العلاج في الوقت الراهن على الأفل لسبب جوهري يتمثل في عدم وجود خطة مشتركة لعلاجها وإنقاذها، ولا استراتيجيات عربية إسلامية واضحة المعالم لنصرتها.
فالقدس ليست مدينة كالمدن ولا عاصمة كالعواصم، إنها مركز الإشعاع الذي لا يذوي ولا ينطفئ، يتفجر بمعانٍ تاريخية ودينية وحضارية والتفريط فيها يعني تفريطنا في جزء من تاريخنا وجزء من ديننا وجزء من حضارتنا، كما أن التفريط فيها جريمة الجرائم في حق الماضي والحاضر والمستقبل، ورغم كل هذه الإجراءات وهذا الواقع الذي يفرضه الاحتلال على مدينة القدس فإنه لم ينجح في جميع مخططاته وفرض الأسرلة والتهويد على مدينة القدس وأهلها لأن المقدسيين مازالوا يدافعون عن وجودهم وعن صمودهم في مدينتهم المقدسة بكل إمكاناتهم المتاحة، رغم أن هذه المعركة غير متكافئة أمام ممارسات الاحتلال وصمود المقدسيين، فالمقدسيون مازالوا رأس حربة متقدمة يدافعون عن مدينتهم المقدسة ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية وعن هويتهم الوطنية العربية الفلسطينية في هذه المدينة، والمطلوب من الجميع في هذه المرحلة عرباً ومسلمين حكاماً ومحكومين العمل على بذل كل الوسع والجهد من أجل تمكين وتعزيز صمود أهلنا في مدينة القدس.
ما الانتهاكات التي تعرض لها المسجد الأقصى المبارك من قبل قوات الاحتلال الصهيوني ويرى البعض أن زيارة المسلمين للمسجد الأقصى في ظل الاحتلال سيضر بالقضية بينما يرى الآخرون عكس ذلك.. كيف ترى هذا الأمر؟
- إن انتهاكات الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك لها أول وليس لها آخر فقد قال أحد قادة الاحتلال عندما أنشيء هذا الكيان الغاصب إنه لا قيمة بإسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون الهيكل، فطموحهم هو هدم المسجد الأقصى المبارك وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه لا قدر الله، من أجل ذلك نرى هذه الاقتحامات بقطعان المستوطنين بساحات المسجد الأقصى المبارك لفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى المبارك ومحاولة سن قوانين وتشريعات من قبل الاحتلال لاعتبار أن ساحات المسجد الأقصى المبارك تتبع لبلدية الاحتلال وأن المسجد يجب أن يكون تحت رعاية وزارة الشؤون الدينية لدى الاحتلال الإسرائيلي، وحفريات تحت المسجد الأقصى المبارك وأنفاق تُحفَر واعتداءٌ على فضاء المسجد الأقصى المبارك، واعتقال للمرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك، ومنع وإبعاد العشرات عن المسجد الأقصى المبارك، وإبعاد القيادات الوطنية والإسلامية والنخب عن المسجد الأقصى المبارك وعدم السماح لدائرة الأوقاف بالترميم بساحات المسجد الأقصى وأداء الطقوس والشعائر من قبل المستوطنين في أقدس مقدسات الأمة، ومزاحمة المسلمين في أدق تفاصيل حياتهم ومقدساتهم، كل ذلك وغيره الكثير الكثير من محاولة فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك وسحب الوصايا العربية والأردنية عن المسجد الأقصى المبارك، هذا ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك لتحقيق الحُلم النهائي للاحتلال؛ حيث يسابق الزمن لإنجاز هذا الحلم، مستغلاً انشغال العالم العربي والإسلامي في كثير من القضايا ليفرض أكبر كم من الوقائع على السيطرة على المسجد الأقصى المبارك.
أما في ما يتعلق بموضوع الزيارة للمسلمين، فأنا ضد هذه الزيارات خاصة التي لها بُعد رسمي لما تمثله بإقرار ومحاولة التطبيع مع الاحتلال؛ لأن التأشيرة أي كان من الزوار سيأخذها من الاحتلال وهذه الزيارات أيضاً يستغلها الاحتلال للترويج بأنه يسمح للمسلمين في كل العالم العربي والإسلامي بزيارة المسجد الأقصى ومدينة القدس وإنه يمارس الحرية الدينية في ذلك، بينما في الحقيقة يُحرم الفلسطينيون من الضفة ومن قطاع غزة من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك والصلاة فيه، ويُبعد العديد من فلسطينيي 48 وأهل القدس عن مسجدهم ويُضيق عليهم ويُضرب المرابطون والمرابطات والنساء والحرائر بالغاز وبالعصي على أبواب المسجد الأقصى المبارك ويمنعون من الوصول إليه، وما تشاهدونه عبر شاشات التلفزة خير شاهد على ذلك، والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا قدمت هذه الزيارات في الانتصار لمدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك إلا تجميلاً من تجميل وجه الاحتلال القبيح.
ما أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال؟ وما الانتهاكات التي يتعرضون لها؟
- إن أردنا أن نختصر وصف حالة الأسرى في سجون الاحتلال نقول إنهم شهداء مع وقف التنفيذ، وممارسات الاحتلال بحقهم كثيرة ومتنوعة سواء كان من إهمال طبي أو عدم السماح بالزيارات بحجج أمنية وغيرها.. وعدم توفير المستلزمات الحياتية اليومية وقلة مواد الغذاء والإهمال الطبي، والاعتقال الإداري، والاحتجاز بظروف صعبة وقاسية، واستخدام أساليب التعذيب والقمع في التحقيق وغيرها، أو قتل بعض الأسرى بعد اعتقالهم وتصفيتهم جسدياً، كل ذلك وغيره الكثير مما يقوم به الاحتلال بحق أسرانا وأسيراتنا وأطفالنا في سجون الاحتلال، فلا يحترم مواثيق دولية أو قرارات أممية، متعلقة بحماية الأسرى وإعطائهم حقوقهم، وما الإضرابات التي تصل إلى درجة الموت للأسرى في سجون الاحتلال إلا تعبير لرفض أسرانا لحالة الذل التي يحاول الاحتلال فرضها عليهم وكسر إرادتهم، هؤلاء الأسرى هم طليعة متقدمة من شعبنا الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وفي نفس الوقت هم أسرى حرب.
المطلوب من الجميع أن يعمل بكل الوسائل من أجل إطلاق سراحهم وعودتهم إلى أسرهم وذويهم وإلى ذاك الوقت أن يعيشوا بكرامة وأن يُعطوا كل الحقوق التي كفلتها لهم كل الشرائع.
copy short url   نسخ
30/09/2016
1620