+ A
A -
حوار- محمد حربي



أكد سعادة السفير عبدالله بن عبدالعزيز العيفان، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الدوحة، أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، تحظى باهتمام ورعاية كبيرين من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظهما الله، اللذين عملا على رعاية وتطوير هذه العلاقات في مختلف المراحل ومنذ أن كانا يتوليان منصب ولاية العهد في البلدين، موضحا بأنها حميمية، قديمة، وراسخة تقوم في أصلها وجوهرها على ركائز ثابتة، حتى أنها تتجاوز أواصر الجوار والقربى والمصالح المشتركة لتوصف بحق أنها علاقة مصير مشترك، وهناك آفاق واعدة للتعاون بين البلدين على أكثر من صعيد، وهناك تنسيق وثيق للمواقف المشتركة، وأبرزها تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وما يتعلق بالقضية السورية، وبالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار المنشود في أسواق النفط، مشيرا إلى أن حجم التعاون الاستثماري بين الجانبين كبير في مجالات متفرقة، حيث يوجد هناك نحو (315) شركة بملكية كاملة للجانب السعودي تعمل بالسوق القطري، إضافة إلى (303) شركات مشتركة يعمل فيها رأس المال السعودي والقطري برأس مال مشترك يبلغ (1.252) مليار ريال، وذلك وفقاً للبيانات الرسمية، لافتا إلى أن العمل متواصل لمزيد من التعاون بين رجال الأعمال في البلدين ولتذليل أي عقبات قد تواجه استثماراتهم وذلك عبر الاجتماعات المتواصلة لمجلس الأعمال السعودي القطري المشترك، ولعله مما يستحق الذكر في هذا الخصوص أن الرياض ستستضيف في شهر نوفمبر القادم (2016) معرض (صنع في قطر) وكذلك منتدى أعمال سعودي قطري لمناقشة سبل زيادة الاستثمارات بين البلدين.. جاء ذلك في حوار لـ الوطن بمناسبة احتفال المملكة العربية السعودية باليوم الوطني، وفيما يلي نصه:

تعيش المملكة ذكرى ملحمة التحدي والتوحيد.. وبهذه المناسبة، ماذا يستحضر الدبلوماسي خاصة والمواطن السعودي عامة في اليوم الوطني؟
- ذكرى اليوم الوطني هي ذكرى خالدة وعزيزة على قلوبنا، نعيش من خلالها أجواء مناسبة عظيمة نستحضر فيها القصص البطولية التي سطرها مؤسس هذه البلاد الملك عبد العزيز «رحمه الله» ورجالاته الأوفياء، والذي استطاع بفضل الله أن يوحد هذه البلاد الكبيرة الواسعة بإصرار وعقيدة ثابتة وعمل دؤوب قاد من خلاله البلاد والشعب إلى التطور والازدهار في كافة المجالات. نستحضر في هذا اليوم حكمة وحنكة الملك عبد العزيز «رحمه الله» السياسية في سبيل ترسيخ أركان هذا الكيان وتوحيده رغم ما كان يحيط بالمنطقة من أطماع وحروب. نستحضر في هذا اليوم رجالاً حافظوا على العهد، وساهموا في الارتقاء والبناء، في مسيرة على مدى عقود جعلت من المملكة دولة رائدة مُؤثرة ليس فقط في محيطها العربي والإسلامي بل على مستوى العالم.
قضايا مصيرية
حدثنا عن أهم الإنجازات التي حققتها المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؟
- لكل مرحلة في تاريخ المملكة العربية السعودية علاماتها الفارقة وإنجازاتها المشهودة التي تتوافق مع ظروف المرحلة وتتعامل مع تحدياتها، وحين نتحدث عن المرحلة الحالية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله- فإننا نعيش بكل فخر واعتزاز مرحلة تحول استراتيجي هام قوامها قرارات حكيمة تعكس رؤية ثاقبة ومواقف حازمة تتعامل مع قضايا مصيرية على الصعيدين الداخلي والخارجي، أسهمت بوضع مزيد من الأسس الكفيلة بترسيخ الاستقرار والتطور والنماء لبلادنا، وفي تعزيز موقعها الريادي داخل محيطها العربي والإسلامي وداخل المجتمع الدولي على وجه العموم. حقيقة الإنجازات التي تحققت على يده كثيرة ويصعب سردها ولكني سأقدم لك أمثلة تعكس مستواها وأهميتها، فعلى الصعيد الداخلي أصدر حفظه الله، أمراً يهدف إلى تحصين وترسيخ مؤسسة الحكم عبر تعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد ووزيرًا للدفاع، كما أقر خطة تنموية استراتيجية بعيدة المدى لتفعيل كل إمكانات المملكة المادية والبشرية واستغلالها بالصورة المثلى، تمثلت في «رؤية المملكة 2030» التي تستهدف وضع المملكة في المكانة التي تستحقها كقوة اقتصادية كبرى عبر سُبل مختلفة أهمها بناء الإنسان وتطوير التعليم والتدريب، وتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، ودعم الصناعات الوطنية، وتشجيع الاستثمار. أما على الصعيد الخارجي فقد حمل- حفظه الله، لواء الدفاع عن دولنا الخليجية وحماية أمن واستقرار منطقتنا العربية من المخططات والأطماع المعادية.
رؤية «2030»
تعتز المملكة بخدمة الحرمين الشريفين، وقاصديهما من الحجاج والمعتمرين، ونود الوقوف عند العوامل التي أدت إلى نجاح موسم الحج لهذا العام؟
- لقد حبا المولى عز وجل المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً بشرف خدمة الحرمين الشريفين، ورغم ضخامة المسؤولية إلا أن المملكة قد تمكنت بفضل منه سبحانه ثم بما سخرته من إمكانات وموارد هائلة من تحقيق طفرة كبيرة في مجال توسعة وتطوير الحرمين الشريفين ومناطق المشاعر، كما جاءت رؤية المملكة 2030 السابق الإشارة إليها لتقدم استراتيجية متكاملة ترمي لمزيد من التطوير لمنظومة الحج والعمرة والخدمات المقدمة في إطارها، ومما لا شك فيه أن كل هذا الاهتمام والجهد قد أسهم في تحقيق النجاح المُتميز لموسم حج هذا العام والذي شهد به القاصي والداني ولله الحمد. ولعلك توافقني الرأي أن هذا النجاح لم يأت من فراغ بل كان - بعد فضل الله ورعايته- نتاج بذل سخي للتطوير، وعمل متواصل وجهد حثيث لاستنباط العبر والدروس من التجارب في كل عام لمعالجة أي ملاحظات أو أخطاء، وللبناء على ما تحقق من نجاحات وتعزيزها، وهو الأمر الذي تُرجم في موسم حج هذا العام في العديد من الخطوات التطويرية منها تلك الرامية إلى مزيد من الرعاية وتسهيل الإجراءات عبر استخدام تقنية «الإسورة الإليكترونية»، وعبر تفعيل وتنظيم استخدام قطار المشاعر، وكذلك الخطوات الرامية لتوفير السلامة للحجاج عبر إطلاق «مركز التحكم ونظام المراقبة» واعتماد منهجيات جديدة في «إدارة الحشود».
من جهة أخرى أعتقد جازماً أن أحد أهم عناصر نجاح موسم حج هذا العام قد تمثَّل في حرص حكومة المملكة العربية السعودية على أن يبقى الحج عبارة عن رحلة إيمانية عظيمة يستشعر فيها المسلم روح الإسلام والمحبة والإخاء وينقطع فيها للعبادة والتفكر بروحانية طلباً للعفو والمغفرة بعيداً عن المصالح والمواقف والخلافات السياسية بين الدول، الأمر الذي دفع حكومة خادم الحرمين الشريفين لاتخاذ موقف حاسم رافض للمسعى الإيراني نحو تسييس هذا الموسم الديني العظيم عبر تجمعات وشعارات لا تمت بأي صلة لهذه الشعيرة المقدسة وتعكر صفوها، وتعوق حركة الحجاج وسلاسة تنقلاتهم وتهدد سلامتهم. ولعل إصرار النظام الإيراني على هذا النهج الخاطئ، وموقف المملكة الحازم الرافض له، قد أفضى إلى قراره بحرمان مواطنيه من أداء مناسك الحج هذا العام.
مصير مشترك
ما هي السمات التي تميز العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وما هي آفاق التعاون المشترك؟
- لعل أبرز ما يُميز العلاقات الثنائية القائمة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر الشقيقة أنها علاقات قديمة راسخة تقوم في أصلها وجوهرها على ركائز ثابتة، وأنها علاقات تتجاوز أواصر الجوار والقربى والمصالح المشتركة لتوصف بحق أنها علاقة مصير مشترك. وفي المرحلة الراهنة هناك آفاق واعدة للتعاون بين البلدين على أكثر من صعيد، كما نفخر بالمستوى المُتميز الذي بلغته علاقات بلدينا وشعبينا الشقيقين في كافة المجالات وعلى كافة المستويات، ولا شك أن الجميع يرى بوضوح مدى التنسيق الوثيق والمواقف المشتركة للبلدين، ومع أن الدلائل على ذلك كثيرة إلا أن أبرز ما يمكن الإشارة إليه في هذا الإطار هو العمل المشترك من قبل البلدين في إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وتنسيق المواقف في ما يتعلق بالقضية السورية، وبالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار المنشود في أسواق النفط. ختاماً أقول أن هناك مستقبلاً واعداً لهذه العلاقات التي تحظى باهتمام ورعاية كبيرين من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظهما الله، اللذين عملا على رعاية وتطوير هذه العلاقات في مختلف المراحل ومنذ أن كانا يتوليان منصب ولاية العهد في البلدين.
صناعة قطرية
نريد التعرف على حجم الاستثمارات البينية بين المملكة وقطر؟، وهل هناك لجان مشتركة في الفترة القادمة؟
- بحمد الله تزخر دولتينا بالكثير من الموارد المادية والبشرية والخيرات مما يُؤكد توفر الفرص الاستثمارية المتعددة في مجالات متفرقة. لذا يوجد (315) شركة بملكية كاملة للجانب السعودي تعمل بالسوق القطري، إضافة إلى (303) شركات مشتركة يعمل فيها رأس المال السعودي والقطري برأس مال مشترك يبلغ (1.252) مليار ريال، وذلك وفقاً للبيانات الرسمية. ولا شك أن العمل متواصل لمزيد من التعاون بين رجال الأعمال في البلدين ولتذليل أي عقبات قد تواجه استثماراتهم وذلك عبر الاجتماعات المتواصلة لمجلس الأعمال السعودي القطري المشترك، ولعله مما يستحق الذكر في هذا الخصوص أن الرياض ستستضيف في شهر نوفمبر القادم (2016) معرض (صنع في قطر) وكذلك منتدى أعمال سعودي قطري لمناقشة سبل زيادة الاستثمارات بين البلدين.
حدثنا عن جهود المملكة العربية السعودية في حماية المنطقة العربية من الأطماع الإقليمية؟
- للأسف تمر المنطقة العربية حالياً بأزمات خطيرة لعبت الأطماع الإقليمية دوراً كبيراً في تطورها وتداعياتها السلبية، ولا يخفى على أحد الدور المشبوه الذي لعبته وتلعبه إيران في العراق وسوريا واليمن والبحرين وغيرها من الدول. وبعد أن ثبت أن الجهود السياسية والدبلوماسية التي بذلتها المملكة لم تُؤت أكلها بسبب تعنت النظام الإيراني وإصراره على مخططاته العدائية، قامت المملكة العربية السعودية بإنتهاج سياسة الحزم والعزم بقيادة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله، الذي حمل لواء الدفاع عن دولنا ومواجهة هذه المخططات العدوانية حفاظاً على أمن واستقرار منطقتنا العربية.
الاستقرار العالمي
ما هو الدور الذي تقوم به المملكة لمشاركة الأسرة الدولية في دعم مسيرة الاستقرار العالمي، وإشاعة قيم الحوار؟
- تعتز المملكة العربية السعودية بكونها أحد الأعضاء المؤسسين لهيئة الأمم المتحدة في عام 1945م انطلاقاً من ثوابت سياستها الخارجية التي تدعو لتحقيق الاستقرار والسلام العالمي، وأن العدالة في التعامل بين الدول في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها تعتبر السبيل الوحيد إلى الازدهار والرخاء والاستقرار في العالم. وإيماناً من المملكة العربية السعودية بأهمية الدور الذي تلعبه هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية عموماً في سبيل رقي وازدهار المجتمع الدولي في كافة المجالات وفي مقدمتها الأمن والسلم الدوليين، فقد انضمت المملكة إلى كل هذه المنظمات وحرصت على دعم هذه المنظومة الدولية بكل الوسائل والسبل المادية والمعنوية والمشاركة الفاعلة في أنشطتها. أما بشأن استفسارك عن دور المملكة في إشاعة قيم الحوار، فأقول إن المملكة العربية السعودية تحركت على أكثر من صعيد وواصلت جهودها ودعواتها للحوار ونبذ الخلاف على المستويين المحلي والدولي، ولعل أبرز ما يُمكن الإشارة إليه في هذا الإطار هو إنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني عام 2004م هو منظمة مستقلة وطنية تعمل على نشر ثقافة الحوار ويجعل منها معيارا للسلوك العام في المجتمع السعودي على مستوى المواطن والمجتمع بشكل عام. أما على المستوى الدولي فقد بذلت جهوداً حثيثة تُوِّجت ولله الحمد بتأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا عام 2012 تلبية لمبادرة الملك عبدالله- رحمه الله، لنشر السلام والتعايش والاحترام والمحبة والتآلف عبر الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
قضية الأمة
أخيرا حدثنا عن مساهمات المملكة في دعم ومناصرة قضايا الأمة، ومساعدة الأشقاء العرب.
- ليس بخافٍ أن المملكة العربية السعودية قد سخرت كافة امكاناتها وبذلت جهودها الحثيثة المتواصلة لتحقيق كل ما من شأنه خدمة مصالح أمتينا العربية والإسلامية ونصرة قضاياهما على مختلف الصُعُد وفي جميع المجالات حيث قدمت كافة أوجه الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري والإنساني. وحيث يستحيل حصر مساهمات المملكة في هذا الخصوص فسأكتفي بالإشارة إلى ما قدمته حكومة المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، حيث أولت هتماماً خاصاً بهذه القضية التي بات حلها هدفاً رئيسياً لسياستها الخارجية، وحملت على عاتقها منذ عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود لواء الدفاع عن القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية ولم تتخاذل أو تتقاعس يوماً عن نصرتها تحت أي ذريعة بل نذرت نفسها لخدمة القضية وقدمت سياسياً ومادياً كل ما يُسهم في الوصول إلى حل عادل وشامل ويُخفف من معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق. أما بشأن قضايانا العربية الأخرى فلعل كل عربي مخلص ومنصف يُثني على الدور الإيجابي المصيري الذي اضطلعت به المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم خلال المرحلة الراهنة التي تعاني منطقتنا العربية خلالها وللأسف الشديد من أزمات خطيرة كان للنظام الإيراني ومخططاته وأطماعه دور كبير في تطورها وتداعياتها السلبية. فكما سبق الذكر وبعد أن باتت هذه المخططات والسياسات العدوانية الإيرانية تهدد أمن واستقرار دولنا العربية، وبعد أن استنفدت المملكة مختلف الجهود السياسية والدبلوماسية دون أن تُؤتي أكلها بسبب تعنت النظام الإيراني وإصراره على مخططاته العدائية، قامت المملكة العربية السعودية بحمل لواء الدفاع عن دولنا ومواجهة هذه المخططات العدوانية حفاظاً على أمن واستقرار منطقتنا العربية، بمشاركة فاعلة من إخوتنا وأشقائنا وفي مقدمتهم إخوتنا في دولة قطر العزيزة على نفوسنا جميعاً.
copy short url   نسخ
28/09/2016
1501