+ A
A -
يضم كتاب «الحرية في الفكر العربي المعاصر»، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بحوثًا منتقاة من أعمال المؤتمر السنوي الخامس للعلوم الاجتماعية والإنسانية، الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بين 12 و14 مارس 2016 في الدوحة، تمحورت حول الحرية في الفكر العربي المعاصر الذي يُعدّ موضوعًا رئيسًا لقضايا الفكر العربي المعاصر منذ انطلاقة النهضة العربية وحتى اليوم، ومفهومًا مركّبًا متعددَ الأبعاد تلتقي فيه إشكاليات متعددة يحيل بعضها إلى بعض بطريقة تفاعلية، وتمثّل مقاربته وإعادة صوغه وإنتاجه أساس طرح أسئلة التقدّم والتنمية والحداثة في المجتمعات العربية المعاصرة.
يتألف الكتاب (872 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من مقدمة وافتتاحية و25 فصلًا موزعة في 8 أقسام. في مقدمة الكتاب بعنوان «الحرية في أسئلة»، يُبرز محرر الكتاب مراد دياني أنّ سؤال «الحرية في الفكر العربي المعاصر»، وما يقع في فضائه التداولي من مفاهيم وقضايا، يُعدّ موضوعًا رئيسًا لقضايا الفكر العربي المعاصر وأسئلته، منذ انطلاقة بوادر النهضة العربية وحتى اليوم؛ وأنه بذلك يمثل ما يمكن عدّه مفهومًا مركّبًا متعددَ الأبعاد تلتقي فيه قضايا وإشكاليات متعددة تحيل إلى بعضها بطريقةٍ تفاعلية، وتمثّل مقاربته وإعادة صوغه وإنتاجه أساس طرح أسئلة التقدّم والتنمية والحداثة في المجتمعات العربية المعاصرة.
وفي كلمة افتتاحية عنوانها «أسئلة الحرية: هنا.. الآن»، يطرح فهمي جدعان سؤال الحرية التي تلائمنا وينبغي أن نطلبها، بمعنى الحرية التي تقترن بالعدالة عند توافر الاثنين، ويعرض لقضايا الحرية الدينية وحرية التعبير، كي يخلص إلى الحديث عن التعددية والاعتراف.
في القسم الأول، سؤال الحرية في فكر النهضة وفي الإنتاج الفكري والفلسفي العربي المعاصر، أربعة فصول. يتناول علي مبروك في الفصل الأول، الشريعة أداة للتحرّر وتقييد السلطة عند مفكري النهضة: خير الدين التونسي أنموذجًا، مسألة الشريعة بوصفها إحدى أدوات مفكري النهضة العرب في إحداث تقييد السلطة الحاكمة، منطلقًا من تباين كاشف عن انفتاح التفكير في الشريعة عند آباء النهضة الأوائل، في مقابل ضيقه عند وارثيهم الثوريين.
وفي الفصل الثالث، ماذا يعني أن نفكر عربيًا في الحرية؟ وفي الفصل الرابع، حرية المفهوم الفلسفي في الفكر العربي المعاصر: بحث في شروط إمكان العقل الحر، يقدم عبد الرزاق بلعقروز قراءة فلسفية في مفهوم الحرية، عادًا أن حال الفكر العربي المعاصر لا تتوافر فيها المعيارية الناظمة لفعل العقل وسياسة تدبيره الواقع.
وفي القسم الثاني، حرية الفرد وسياسات الاعتراف في الفكر العربي المعاصر، ثلاثة فصول. في الفصل الخامس، الحرية ومعوقات الفعل: التأسيس لمفهوم ليبرالي للحرية في الفكر العربي، يتناول رجا بهلول بسؤال الفعل ومعوّقات الفعل، قاصدًا المساهمة في التأسيس الليبرالي للحرية في الفكر العربي الإسلامي المعاصر، وعارضًا أهمّ عناصر المفهوم الليبرالي للحرية كما تجلّت في عصر النهضة عند مفكرين عرب مختلفين، ومقارنتها بما يماثلها في الفكر الغربي.
يطرح الباحث الفلسطيني مهنّد مصطفى في الفصل السادس، سياسة الاعتراف والحرية: سجال وإطار نظريّ.
وفي الفصل السابع، الحريات الفردية في عالم متغير: الفرد ضد المجتمع، يروم عبد اللطيف المتدين النظر في التحوُّل النوعي الذي حدث على مستوى علاقة الفرد بالجماعة، ما أدى إلى ارتفاع دعوات الحريات الفردية.
وفي الفصل الثامن، ثمن الحرية: اقتصاديات الحرية والتحرّر في صراعات الحداثة العربية، ينتقد عبد الوهاب الأفندي فرضية أن مفهوم الحرية والممارسات المتعلقة به هو مفهوم حديث مصدره الغرب، وهي الأطروحة التي ذهبت إليها طائفة من المفكرين العرب في أن الإشكالية هي في الفكر الإسلامي والعقل العربي الذي سجن نفسه في قوالب فكرية قديمة تمنعه من التفاعل الإيجابي مع الحداثة.
وفي الفصل التاسع، الحرية في الفكر والممارسة العربيين من المنظور الرولزي للعدالة الاجتماعية كإنصاف، يختار محمد أوريا النظرية الرولزية للعدالة الاجتماعية بوصفها إنصافًا، وينظر من منظورها إلى سؤال الحرية في الفكر والممارسة العربيين.
تؤسس ثناء فؤاد عبد الله بحثها في الفصل العاشر، سؤال الحرية الليبرالية في السياق العربي: تجربة النهضة أنموذجًا، على مسألة البحث في مدى تجذّر فكرة الحرية بالمفهوم الليبرالي في السياق العربي بالتركيز على مثقف النهضة العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين. وتعتبر أن مثقف النهضة توسّع في طرح تساؤلات فكرة الحرية ودلالاتها في سياق حقل متسع من الموضوعات المتصلة بها، وهذا الطرح واكب تحولات مجتمعية سياسية واجتماعية عدة، فضلًا عن انبثاق روح تحررية للخروج من أسر الاستبداد والجمود في المجتمعات العربية، وأخيرًا، أن فكرة الحرية بالمفهوم الليبرالي أمكن استيعابها في مجال الثقافة العربية والإسلامية بدرجات مختلفة.
وفي القسم الرابع، الحرية الدينية وحرية المعتقد، ثلاثة فصول، تَجمَع مقاربة سعيد أقيور لمسألة حرية المعتقد في الفصل الثاني عشر، حرية المعتقد في العالم العربي: من السجال الفكري إلى التنزيل الدستوري، بين الأبعاد المعيارية والتنزيلات الوضعية، ولا سيما التنزيل الدستوري. يقول الباحث إن توطين مفهوم الحرية وتبيئته في مجال التداول العربي والإسلامي اصطدما بجملة معوّقات منهجية ومعرفية، بدءًا من دلالات المفهوم نفسه، وصولًا إلى نظرة العرب والمسلمين الارتيابية للقضايا التي حملها في نسق ولادته، وطبيعة المضامين التي واكبت تطوره.
وفي الفصل الثالث عشر، الحرية في التمثلات الاجتماعية، بين الثقافة العالِمة والثقافة الشعبية وأزمة فكر الحرية في البلاد العربية.
copy short url   نسخ
08/04/2020
2474