+ A
A -
محمود إبراهيم سعد
لعل الكثيرين يظنون أن فكرة «التعليم عن بعد» فكرة جديدة على السياق التعليمي والتربوي، وهذه بالطبع فكرة غير صحيحة؛ فالتعليم عن بعد ظهر منذ عقود كثيرة من الزمان، وكان أول أشكاله «نظام المراسلة» حيث تم توظيف خدمة البريد كوسيلة لنقل المحتوى المعرفي والعلمي من مواد مطبوعة وغيرها من المعلمين إلى المتعلمين في مختلف أماكن إقامتهم، ثم تطورت هذه الفكرة وتم استخدام الراديو والبث الإذاعي في التعليم، ثم ظهر التلفاز وتلاه ظهور الفيديو، ثم بانتشار الحواسيب الشخصية والمكتبية، وانطلاق العالم نحو الفضاء، واستعمال الأقمار الصناعية في بث قنوات تعليمية وغيرها زادت النهضة التكنولوجية بدائرة التعلم عن بعد، وأصبح واقعا ملموسا في العديد من دول العالم.
وقد ظهرت أولى مدارس التعلم عن بعد في ألمانيا عام 1856، ثم أخذت الولايات المتحدة الأميركية تأسيس نظام التعليم عن بعد وإعداد مناهج التعليم بالمراسلة عام 1874، وبدأ البث التليفزيوني التعليمي في الولايات المتحدة عام 1950، ثم أنشئت أولى الجامعات المفتوحة في بريطانيا عام 1971 وهي جامعة تعتمد على التعليم عن بعد، ومع التطور التكنولوجي الهائل في مجال البنية التعليمية وظهور الوسائط التعليمية والتقنيات المختلفة انتشر التعليم عن بعد في العديد من بلاد العالم ولاسيما أواخر القرن العشرين.
وفي واقع الأمر إن فكرة «التعليم عن بعد» ليست فكرة حديثة أو جديدة على دولة قطر؛ فهي فكرة قد تبنتها دولة قطر، ووضعتها نصب أعينها منذ بضع سنوات، ويتضح لنا ذلك بقوة لو أننا تأملنا جهود وزارة التعليم والتعليم العالي في سبيل ضمان التخطيط السليم لجودة التعليم وتحقيق أعلى مستوى ممكن من جودة الأداء وفق معايير الجودة العالمية، فهناك جهود قوية بذلتها وزارة التعليم والتعليم العالي منذ فترة ليست بالقليلة لتعزيز الواقع التكنولوجي والتقني في العملية التعليمية ضمن ما قامت به من عمليات تطويرية في مختلف أركان العملية التعليمية في مجالي: القدرة المؤسسية والفاعلية التعليمية داخل المؤسسات التعليمية المختلفة، ويبدو ذلك جليا لنا في أكثر من موضع بالخطة الإستراتيجية التي وضعتها وزارة التعليم والتعليم العالي منذ عام 2017، فتوضح لنا تلك الخطة حرص دولة قطر على الريادة في توفير فرص تعلم دائمة ومبتكرة وذات جودة عالية للمجتمع القطري، وكل الغايات والأهداف الواردة في هذه الخطة توضح ذلك وبقوة، ولاسيما من خلال توظيف واستثمار التقنيات البشرية والتكنولوجية على حد سواء، فقد أدركت الوزارة مبكرا مدى أهمية الجانب التكنولوجي في دعم العملية التعليمية، ومدى تأثيره الكبير في إحداث نقلة نوعية في عمليتي التعليم والتعلم، وإكساب المتعلمين دورا مهما في عملية تعلمهم بصورة ذاتية وقدرا كبيرا من مسؤولية تعلمهم بدعم وتعزيز مباشر من معلميهم ومعلماتهم وأولياء الأمور كافة، وهذا بدروه يدعم بصورة رئيسة ركيزة التنمية البشرية برؤية دولة قطر 2030.
وإيمانًا بأهمية العنصر البشري في المجتمع، وضرورة تسليحه بالعلوم والمهارات المختلفة، وضرورة العمل على تعزيز التحصيل الأكاديمي للطلبة باعتباره الغاية الرئيسة التي تُبذل من أجلها كافة الجهود داخل المؤسسات التعليمية ؛ من أجل إعداد الطلبة للعيش في المجتمع والمساهمة في تطويره وتنميته وفقا لمقتضيات رؤية دولة قطر (2030)، فقد حرصت وزارة التعليم والتعليم العالي على تطبيق ومتابعة تنفيذ عملية التعليم عن بعد بعدما أصبح ضرورة حتمية في العالم الآن، وقد وجهت كافةَ الجهود والإمكانات المادية والبشرية وغيرها في سبيل تعزيز قدرات الطلبة الأكاديمية وصقل مهاراتهم ومستوياتهم في الجانب العلمي في مختلف المواد الدراسية من خلال عمليات تعليمهم وتعلمهم عن بعد وفق قنوات وأدوات التعلم التي اعتمدتها الوزارة بما يدعم وبصورة قوية تحقيق رؤية دولة قطر 2030، ورؤية وتوجهات وزارة التعليم والتعليم العالي في هذا الشأن، ومازالت مسيرة التميز قائمة.
معلم ومدرب ومستشار
في التدريب والتطوير وجودة التعليم
copy short url   نسخ
04/04/2020
2406