+ A
A -
«منذ 9 سنوات يتعرض الشعب السوري لمضايقات، ضاقت بنا الأرض والحدود»، هكذا يسرد عمر الحمود، 27 عاماً، رحلة الغياب لمهاجر نيوز، القصة التي بدأت منذ هروبه الأول من قبضة يد «داعش» حتى صراعه الأخير على الحدود التركية اليونانية. لم تكن الحياة سهلة في مدينة الميادين، حيث كان يقطن عمر مع عائلته المكونة من أشقائه الخمسة وشقيقاته الأربع ووالدته، إذ قبع سكان المدينة تحت سيطرة الدولة الإسلامية «داعش»، مطالبة إياهم بالمبايعة وإلا سيواجهون التعذيب، «اعتقلت لأسبوع، تم خلالها جلدي بالسياط، ولهذا قررت الهرب إلى تركيا»، حسبما يروي عمر.
«الحلم الأوروبي»، لم يعد هدفاً عادياً لعمر، بل أصبح مطلباً للاستمرار كما يروي، «شاب في مقتبل العمر، سرقت مني الحرب جامعتي ومستقبلي، وتركيا ليست مكاناً لبنائه»، ولهذا قرر أن يركض خلف أحلامه وأمانيه، «حتى أكمل تعليمي ودراستي».
المحاولة الأولى كانت في عام 2019، «قررت مع شباب آخرين، أن نهرب إلى الاتحاد الأوروبي»، ولكن كان مصير هذه الرحلة أن تموت في مرقدها، بعد أن حصل المهرب على المال وتركهم في نصف الطريق، «دفعنا 200 دولار عن كل شخص، ولكن تعرضنا للاحتيال».
هذه التجربة الأولى لم تمنعه من المحاولة مرة أخرى بعد أسابيع قليلة، لتبدأ قصة «الهرب» التي وصفها بـ «التجربة الأكثر رعباً في حياته»، هذه المرة استطاع عمر ورفاقه الأحد عشر أن يصلوا إلى الجانب اليوناني تحت كنف عاصفة هوجاء، كما ذكر لمهاجر نيوز، كانت ليالٍ طويلة بين الغابات وتحت الأمطار، وظلمة ليلٍ ينيره البرق لا غير، دون ماء والقليل من الطعام، «تربصت بنا حيوانات الغابة في كل مكان، بتنا نحاول الحصول على قطرة ماء من أي نبع قريب، وتنقلنا تحت ستار الظلمة حتى لا يتم اكتشافنا». في نهاية رحلتهم، وصلوا إلى مدينة يونانية، وبعد أيامٍ من الجوع والعطش، تمكنوا من شراء طعام وتوجهوا به إلى مسجد قريب، «أخذنا استراحة داخل المسجد، وحينما ظننا أننا في مأمن، دخل طفل المسجد وغادر، وبعد دقائق قدمت دورية الشرطة».
لم تكتفِ الشرطة اليونانية باعتقالهم وإعادتهم إلى تركيا فقط، إذ يذكر أنه تم «احتجازهم، وتعرضوا للضرب المبرح»، أصيبت يد عمر خلال هذه الفترة، معقباً: «لم تكسر ولكني تألمت جداً حتى اضطررت لربطها».
وفي مشهد «مؤلم» يصف عمر ساعات الاحتجاز، «بكى الشباب من أجل رشفة ماء»، طرقوا قضبان السجن من أجل أن يصمت العطش في حناجرهم، إلا أن قوات مقنعة دخلت عليهم، كما يذكر، «ضربونا بالهراوات يمنة ويسرة»، قبل أن يعيدوننا إلى تركيا.
فور سماع عمر خبر فتح تركيا للحدود وإمكانية المرور بكل سهولة، قرر الشاب السوري خوض التجربة للمرة الثالثة، «حينما ذهبت للحدود كان هناك ما يقارب 15 ألف شخص، أصبحوا خلال ليلة 40 ألف شخص».
خليط جنسيات مختلفة، أطفال ونساء، رجال وشباب، «فوضى عارمة» كما يصفها، الكل يرغب بأن يعبر الحدود إلى مأمنٍ، «كان هناك اشتباكات بين القوات الحدودية اليونانية، واللاجئين القابعين على البوابات»، حسبما يروي عمر.
انتشر الخوف بين الأطفال، المئات من القنابل الغازية سقطت على المتواجدين، كما ذكر عمر، «لا أتمنى هذه الساعات حتى لألد أعدائي، ليكن الله في عون الناس».
ومع هذا حاول عمر ومن معه أن يجدوا سبلاً لتحقيق مبتغاهم، «قررنا أن نعبر الحدود من نقطة أخرى»، مضيفاً أنهم قوبلوا بالرصاص الحي، واستطاعت الشرطة اليونانية إلقاء القبض على المتواجدين، «جردونا من ملابسنا، وضربونا»، على حد تعبيره، مضطرا بعدها للمرة الثالثة أن يعود أدراجه إلى تركيا. لم يفقد عمر الأمل، قائلاً: «في انتظار القرار السياسي، لعلّهم يجدون حلاً لنا، نحن المشردون في أطراف الأرض، وعلى الحدود».
copy short url   نسخ
02/04/2020
455