+ A
A -
بيروت- ريا شرتوني- الأناضول- يعمد اللبنانيّون إلى التضامن فيما بينهم، لمجابهة وباء كورونا، ومنعه من اختراق مناعة البلاد الضعيفة، لا سيّما وأنّ هذا الضيف الثقيل طغى على مناحي الحياة كافّة وشلّ الحركة الاجتماعية والاقتصادية بشكل كلّي، كاشفًا هشاشة القطاع الطبي في البلاد. ويفاقم من صعوبة الظرف الحالي، الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات شعبية في 17 أكتوبر 2019، تطالب بتغييرات سياسية واقتصادية.
وشدّدت الحكومة اللبنانية نطاق القيود المفروضة منذ الأسبوع الفائت على المواطنين إذ فرضت حظر تجوال ليلي لمدّة 10 ساعات وكلّفت القوى العسكرية والأمنية بتنفيذ هذا القرار، كما أغلقت جميع المرافق البحرية والبرية والجوية حتى 12 أبريل المقبل.
وحتى ظهر الأحد، ارتفع عدد الإصابات في عموم لبنان إلى 438 حالة مع تسجيل 10 حالات وفاة.‎
حملات ومبادرات
مبادرات إنسانية واجتماعية لافتة للبنانيّين، كشفوا فيها عن روح الأخوّة والتكاتف فيما بينهم، في ظلّ تضرّر جميع الطبقات الاجتماعيّة من تداعيات الفيروس وتوقف غالبيّة العمّال عن أعمالهم.
وكانت الفئة الأكثر تضرّرًا «المياومين» أي الذين يعملون بأجر يومي، بسبب اضطرارهم لتطبيق الحجر المنزلي الذي أقرته الحكومة في أعقاب تفشي كورونا.
وتتجلى روح التعاون بوضوح بين جميع الطبقات الاجتماعية من خلال التفاف أصحاب الهمم والأيادي البيضاء، لسد النقص ومساعدة العائلات المتضررة بعد توقف الأعمال، وعدم استطاعة بعضها أن تتدبر قوت يومها.
مبادرة في الشمال اللبناني
في هذا السياق، يقول الناشط الاجتماعي، كفاح الفاضل: «أطلقنا أنا ومجموعة من المتطوعين حملة شعبية لمحاربة كورونا، تهدف إلى مجابهة الوباء من الناحية الصحية والاجتماعية».
ويتابع الفاضل في حديث مع الأناضول: «يشارك في هذه الحملة 200 متطوع، يقدّم كل واحد منهم بحسب طاقته وموقعه المتواجد فيه رؤية علمية ومنهجية لمكافحة الوباء».
ويشرح: «ارتأينا أن يكون هناك دور ومساهمة لمساعدة كل أبناء الشمال اللبناني بما فيه مدينة طرابلس، الضنية، عكار وباقي البلدات، من خلال مد يد العون لمن يحتاجون المساعدة من المرضى أو المواطنين الملتزمين بالحجر الصحي».
ويضيف: «أغلب من تطوع في حملتنا هو ابن هذه المناطق وهو على دراية بالعائلات الأكثر حاجة ولاسيما العائلات التي لم يعد لديها أي مدخول بعد توقف عملها كأصحاب سيارات الأجرة أو الباعة».
ويردف: «كل العالم على دراية بأن الشمال اللبناني مهمش ويرزح تحت خط الفقر».
وتابع الفاضل: «نعمل في هذه الحملة لتأمين ما يلزم من أكل وشرب، ونقوم بتوصيل طلبات للمرضى من أدوية وخبز».
وعن مبادرات التوعية التي تقوم بها الحملة، أجاب: «أنشأنا صفحة على موقع فيسبوك ونقوم بنشر معلومات وفيديوهات لتوعية الناس من خطورة الفيروس بالإضافة إلى جرعة من الإيجابيّة والدعم المعنوي».
لا مكان للمناكفات الطائفية أو السياسية
ويختم قائلا: «المسؤولية الدينية تلزمنا بأن نكون في طليعة المبادرين لمواجهة هذا الوباء، فلا مكان لأي خلاف أو مناكفة سياسية أو تفريق مذهبي في هذا الظرف العصيب».
ويعاني لبنان حاليا، من أزمة مالية واقتصادية حادة، إذ يتراوح سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء (غير الرسمية) بين 2500 إلى 2700 ليرة، بزيادة 47 % عن سعر الصرف الرسمي.
حملة لجمع التبرعات
بدورها، أطلقت جمعية «أجيالنا»، مبادرة إنسانية تساعد من خلالها العائلات المتضررة من فرض حظر التجوال، والتي قدرعدد أفرادها بحوالي 9850 شخصًا، من خلال جمع التبرعات على منصات التواصل الاجتماعي.
وتحدّثت مسؤولة المساعدات، زينة سيف عن المبادرة قائلة: «فيروس كورونا انعكس بشكل سلبي على العائلات اللبنانية التي بالكاد تستطيع تأمين قوتها، لذا أطلقنا منذ أيام معدودة حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات ومساعدتهم».
وتروي سيف للأناضول: «الهدف هو أن نؤمن لهذه العائلات الطعام، وقرّرنا أن نتميز بهذه المبادرة لكي نغطي متطلبات العائلات الأكثر تضررًا».
وتابعت: «طلبنا من المؤثرين والفنانين المشاركة في هذه الحملة لجمع أكبر كمية ممكنة المساعدات».
وتشرح سيف عن طريقة توصيل المساعدات قائلة: «للتأكد من وصول التبرعات إلى من يستحقها، خصصنا فريقا لهذه المهمة من 19 سيدة متطوعة، يعملن كحلقة وصل بين المتبرع والمستفيد».
لكورونا وجه آخر في لبنان
وتقول: «نشعر مع تعاون الناس ومساندتهم لبعضهم البعض، أن لكورونا وجها آخر عنوانه حرص اللبناني على شقيقه، لا سيما وأنّ هذه المبادرة لا تميّز بين عائلة وأخرى، والأهم أنّها تغطي المناطق الأكثر عوزا في بيروت».
والتزمت معظم المدن والقرى اللبنانية، بشكل شبه كامل بحظر التجوال إلا للضرورة، تنفيذا لخطة الطوارئ الصحية التي أقرتها الحكومة، لمكافحة فيروس كورونا والحد من انتشاره.
وحتى صباح الإثنين، تجاوز عدد مصابي كورونا حول العالم 723 ألفا، توفي منهم أكثر من 33 ألفا، في حين تعافى من المرض ما يزيد على 151 ألفا.
copy short url   نسخ
31/03/2020
765