+ A
A -
د. فاطمة سعد النعيمي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إن القرآن هو كلام الباري جل في علاه، وأثر من آثار رحمته، وحبل متين ممدود بيننا وبينه سبحانه وتعالى، طرف منه بأيدينا، إذا تمسكنا به تلاوة وتدبراً واستماعاً وحفظاً، جازانا بالطرف الذي بيده سبحانه وتعالى علماً وضياءً ونوراً وشفاءً.
لو تأملنا قوله تعالى: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) جاء في تفسيرها أنّها: الطّمأنينة والوقار. وقيل: هي تثبيتهم على الرّضا والتّسليم.
فهي الطّمأنينة والوقار والسّكون الّذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه، وللسّكينة الّتي تنزل على قلب المؤمن درجات ثلاث الّتي تسمّى سكينة الوقار الأولى: سكينة الخشوع، وهي ثمرة السّكينة الثّانية أي تلك الّتي تنزّل على قلب الرّسول والمؤمنين. الثّانية: السّكينة عند المعاملة بمحاسبة النّفوس، وملاطفة الخلق، ومراقبة الحقّ. الثّالثة: السّكينة الّتي توجب الرّضا بما قسم الله عزّ وجلّ وتمنع من الشّطح الفاحش.
فهي علامة رضا الله عن العبد كما تنصّ عليه الآيات القرآن الكريم، وسمة العلماء وصفة الأولياء، والمتشبّه بهم إن شاء الله في زمرتهم، وعلامة اليقين والثّقة بربّ العالمين فيها طاعة لله وتأسّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهي تثبّت قلوب المؤمنين وتزيدهم ثقة وإيمانا، وتؤدّى إلى الرضا بما قسم الله عزّ وجلّ وتمنع من الشّطط والغلوّ وعند معاملة الخلق تؤدّي إلى اللّطف في هذه المعاملة وهذا يجلب المحبّة ويشيع الألفة.
فهي أيضاً تثمر الخشوع وتجلب الطّمأنينة وتلبس صاحبها ثوب الوقار، وتنطق صاحبها بالصّواب والحكمة وتحول بينه وبين قول الخنا والفحش واللّغو وكلّ باطل فهي من الأمور الّتي تسكّن الخائف وتسلّي الحزين والضّجر.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدّنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة... الحديث وفيه «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلّا نزلت عليهم السّكينة، وغشيتهم الرّحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده». فسبحان من جعل كلامه شفاء لما في الصّدور، ونور في القلب يسكن إليه شاهده ويطمئنّ.
{ أستاذ التفسير وعلوم القرآن
كلية الشريعة جامعة قطر.
copy short url   نسخ
26/03/2020
1071