+ A
A -
تصوير - إبراهيم العمري كتب- محمد حمدان
تحت رعاية معالي الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، افتتح أمس سعادة السيد علي بن أحمد الكواري وزير التجارة والصناعة، فعاليات مؤتمر الدوحة السادس للمال الإسلامي الذي يعقد تحت عنوان: «التمويل الإسلامي في عالم متحوّل»، وذلك بفندق شيراتون الدوحة، حيث تعقد نسخة العام الحالي بمشاركات دولية من هيئات حكومية ومنظمات دولية ومؤسسات مالية وأكاديمية في مجال الاقتصاد والمال والرياضة والتكنولوجيا، ومن المتوقع أن تسهم مخرجات المؤتمر في تطوير صناعة التمويل الإسلامي في قطر والعالم.
وأشاد سعادة السيد علي بن أحمد الكواري وزير التجارة والصناع، في كلمته الافتتاحية، بنمو مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي وتوسعه على مستوى السنوات الماضية حتى بات يمثل منصة استراتيجية رفيعة المستوى، تضم جميع المعنيين بقطاع التمويل الإسلامي بما يعزز من تبادل الخبرات والمعارف، ويسمح بإقامة حوارات بناءة حول قضايا التمويل الإسلامي وتوقعات النمو، بالإضافة إلى بحث الفرص والتحديات الناتجة عن تطورات التكنولوجيا الرقمية وأحدث الابتكارات المتعلقة بها.
ونوه بأن المؤتمر يمثل فرصة للتفكير في الخطط التقدمية الواعدة التي تواصل تشكيل وتعزيز رؤية قطر باعتبارها مركزا رائدا للتمويل الإسلامي ذلك أن دولة قطر نجحت في التقدم خطوة تلو الأخرى، حيث باتت واحدة من بين الاقتصاديات الأكثر تنافسية وازدهارا في العالم خاصة مع نجاحها في إرساء الأسس القوية لبيئة أعمال مميزة مواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، كما قدمت مجموعة واسعة من الإصلاحات والحوافز، التي تضمن إقامة الأعمال التجارية بيسر وسهولة.
وأكد أن دولة قطر استطاعت الاستفادة من جميع الموارد المتاحة أمامها ووجهت كامل جهودها لتنويع اقتصادها وألقت الضوء على الفرص الواعدة، التي لا تزال سانحة ضمن العديد من الصناعات الواعدة والقطاعات المزدهرة وفي مقدمتها قطاع التمويل الإسلامي، منوها إلى أنه رغم جميع التحديات لم تحد دولة قطر أبدا عن مسار نموها الواعد، وذلك بفضل رؤيتها المتقدمة وقيادتها الحكيمة التي تؤمن مستقبلا مزدهرا لجميع مواطنيها والمقيمين فيها، مدعومة بالتخطيط الدقيق للحكومة الرشيدة والتنوع الاستثماري في مجالات البنية التحتية والتعليم والخدمات الاجتماعية وكذلك القطاعات الناشئة الجديدة التي تحمل الكثير من إمكانات النمو الواعدة بخلاف النفط والغاز، من أجل تنويع مصادر الإيرادات ودعم الاقتصاد مع الروافد الأخرى غير التقليدية.
وأفاد بأنه مع اتباع استراتيجية التنويع الاقتصادي والانفتاح على الصناعات غير التقليدية يبقى القطاع المالي بشكل عام والتمويل الإسلامي بشكل خاص واحدا من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث لا نزال نشهد اتخاذ إجراءات أساسية لمؤسساتنا المالية مثل مركز قطر للمال بما يتوافق مع التزامنا الراسخ بتعزيز التفوق الاقتصادي للدولة وتعزيز مكانتها كوجهة رئيسية في مجال التمويل الإسلامي.
ونوه بأن هذا يتجلى من خلال تصنيف دولة قطر المتقدم من قبل مؤسسات مالية عالمية عريقة باعتبارها خامس أكبر سوق للتمويل الإسلامي مع أصول مصرفية تصل قيمتها إلى 120 مليار دولار أي بمعدل نمو يزيد عن 10 بالمائة في عام 2018، ومؤخرا صنف مؤشر التنمية المالية الإسلامية الصادر عن تومسون رويترز والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، قطاع التمويل الإسلامي في دولة قطر بحصة 46.31 % مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 10.45 % هذا مع العلم بأنه تم إدراج قطاع التمويل الإسلامي القطري في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي باعتباره واحدا من أقوى قطاعات التمويل الإسلامية عالميا، إلى جانب كل من ماليزيا والكويت وتركيا وإندونيسيا وباكستان.
وشدد على أن قطاع التمويل الإسلامي في دولة قطر يشهد حاليا حالة غير مسبوقة من الانتعاش والازدهار وهو ما يظهر من خلال تقرير التمويل الإسلامي السنوي الصادر حديثا عن مركز قطر للمال فقد نما إجمالي أصول التمويل الإسلامي بمعدل سنوي مركب نسبته 8 % منذ عام 2015 حيث بلغ 129 مليار دولار في النصف الأول من 2019، وهو ما يمثل 33 بالمائة من إجمالي أصول النظام المالي في دولة قطر، كما ألقى التقرير الضوء على المصادر المتنوعة لنمو التمويل الإسلامي ومنها التكنولوجيا المالية التي تمثل عامل تمكين للنمو وتعزيز القدرة التنافسية للتمويل الإسلامي، حيث تساهم في توجيه المزيد من العملاء لمجموعة أوسع من المنتجات والخدمات المالية الإسلامية مع رفع الكفاءة وخفض التكاليف.
وأشار إلى أن البنوك الإسلامية في دولة قطر تواصل بنشاط عملها للاستفادة من هذه التكنولوجيا لتطوير وتوسيع أنشطتها وتعزيز قدراتها على المنافسة في الأسواق المالية العالمية وتحسين آلياتها المعتمدة للمعاملات عبر الحدود، بالإضافة إلى تطوير منتجات سوق المال والصكوك والدعم في تمويل مشاريع البنية التحتية، خاصة أن دولة قطر تدرك أهمية التكنولوجيا المالية باعتبارها أداة استراتيجية قادرة على تغيير المعادلات وتحويل مراكز القوى في الأسواق المالية العالمية لصالح التمويل الإسلامي لاسيما في ضوء الحاجة المتزايدة إلى نظام قادر على موازنة تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة والمتطلبات الإنسانية للاقتصاد العالمي.
وفي ختام كلمته، أكد سعادة الوزير ثقته في أن مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي هذا العام سيغوص عميقا في بحث أهمية وتأثير إدماج التكنولوجيا المالية في فضاء التمويل الإسلامي وأن المناقشات التي سيشهدها المؤتمر ستدعم تشكيل خريطة طريق للمستقبل.
من جانبه، أكد سعادة الشيخ محمد بن حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس إدارة مجموعة بنك بروة والعضو المنتدب، في كلمته بافتتاح مؤتمر الدوحة السادس للمال الإسلامي، أن انعقاد المؤتمر يأتي في وقت تشهد فيه تجربة التمويل الإسلامي تحولات مهمة في إطار مسيرتها المميزة التي أظهرت ثباتا واستقرارا ملحوظين في مواجهة التحديات ومواكبة المستجدات.
وأشار إلى أن مشاركة مجموعة بنك بروة في مؤتمر الدوحة السادس للتمويل الإسلامي، تأتي في إطار تطلع مجموعة بنك بروة دائما إلى الانتقال من إطار المعالجات إلى المبادرات عبر البحث عن الأدوات المواكبة لروح العصر دون انفلات أو نسخ للماضي، في الفكر كما في التطبيق، مشيرا إلى أن موضوعات المؤتمر اختيرت بعناية كبيرة حيث تدور المناقشات حول منصات التداول الإسلامية والأحكام الشرعية والآثار الاقتصادية لها ودور أدوات التمويل الإسلامي في رفع كفاءة الأسواق العالمية وكذلك التوجهات الحديثة للتمويل الإسلامي نحو القطاع الرياضي ومدى توافقها مع المتطلبات الشرعية خاصة مع اقتراب دولة قطر من استضافة مونديال 2022 في منطقة الشرق الأوسط لأول مرة، وكذلك عرض رؤية مستقبلية للذكاء الاصطناعي وفرص الاستثمار فيه وضوابطه الشرعية.
وشدد على أنه مما لا شك فيه أن الالتزام بالقاعدة الصحيحة للمقاصد الشرعية للأعمال المصرفية والمنتجات الإسلامية، له نتائج صحيحة وإيجابية على الأمدين القريب كما البعيد.
ولفت سعادته إلى أن انعقاد المؤتمر يتيح الفرصة المميزة لمناقشة هذه المحاور المهمة مع الخبراء والمشاركين من أجل الخروج بنتائج ورؤى لا تدعم أعمالنا وخططنا المستقبلية فحسب، بل تسمح أيضاً بالوصول إلى مخرجات تدعم مسيرة الصناعة المالية وتدفع عجلة التمويل الإسلامي وأيضاً الاقتصاد القطري بما ينسجم مع ركائز رؤية قطر الوطنية 2030.
وأشار إلى أن هذه التطورات تدفع المؤسسات المصرفية نحو ضرورة توحيد جهودها من أجل توفير كل ما يلزم من خدمات ومنتجات دعما للمناخات الاستثمارية الصحيحة والمتوازنة، بالإضافة إلى ضمان صيانة أموال المساهمين والمودعين وتجديد رؤوس الأموال، والانسجام بين عملية تكوين رأس المال والاحتياجات المجتمعية في ظل هذا العالم المتحوّل، وعن طريق أطروحات عصرية ونقاشات مستفيضة للموضوعات التي تلامس واقعنا وتستشرف مستقبلنا.
بدوره، سلط سعادة السيد جاسم بن راشد البوعينين أمين عام اللجنة الأولمبية القطرية، في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الدوحة السادس للتمويل الإسلامي، الضوء على تجربة دولة قطر الاستثمارية في القطاع الرياضي، أحد ركائز التنمية البشرية التي تدعو لها رؤية قطر الوطنية 2030، ولا شك أن الرياضة وسيلة لتحقيق الصحة والقوة البدنية للأفراد.
وأشار إلى أن دولة قطر تسعى من خلال استثماراتها الرياضية إلى تحقيق طموحها في أن تصبح قبلة الرياضة العالمية، وأن تصبح الدوحة عاصمة الرياضة العالمية، ورؤيتنا في اللجنة الأولمبية القطرية بأن نكون وطنا رائدا يجمع العالم من خلال تنمية رياضية مستدامة.
وأكد أن الاستثمار في الرياضة ساهم أيضا في الترويج لدولة قطر، حيث تقيم العديد من الأندية العالمية مثل بايرن ميونخ وباريس سان جرمان معسكرات تدريبية في مؤسسة اسباير زون، التي تضم 15 ملعبا لكرة القدم، ومضمار جري طوله 14 كيلـو مترا، وصالـة رياضيـة، واستاد خليفة الدولي الذي يتسع لـ 50 ألف متفرج، بالإضافة إلى القبة الرياضية التي تعتبر أكبر صالة متعددة الأغراض في العالم بـ13 ملعبا، فضلا عن استضافة قطر سنويا ما يقارب 35 بطولة دولية من كبرى البطولات العالمية في مختلف الرياضات، وامتلاكها حقوق البث الرياضي لكبرى مباريات الدوريات العالمية في كرة القدم ومختلف الألعاب الرياضية العالمية.
وشدد على أنه مما لا شك فيه أن الاستثمار في العامل البشري في الرياضة لا ينفصل عن الاستثمار المالي، مشيرا إلى سعي اللجنة الأولمبية إلى بذل الجهود لتوظيف الابتكار من أجل دفع عجلة التطور الرياضي، حيث نظمت في هذا الإطار العديد من البرامج والمبادرات والفعاليات التي تعد الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، ومن أهمها الأكاديمية الأولمبية القطرية، والبرنامج الأولمبي المدرسي، ومشروع نموذج مسار بناء الرياضيين القطريين «كن رياضي».
ونوه إلى أن إعداد الرياضيين فرقا وأفرادا يتطلب وجود البنى التحتية الرياضية للنهوض بهذا القطاع الذي تحول مع الوقت، إلى أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني، ودعامة أساسية في التنمية الاجتماعية والبيئية، واللجنة الأولمبية القطرية تبذل قصارى جهدها للوصول إلى هذا التقدم، الذي لا يحدث دون تكاتف جهود مؤسسات الدولة ووعيها بأولوياتها الوطنية، والانفاق على المشاريع والمبادرات الرياضية، وتوفير ما تحتاجه من دعم ورعاية، فإن ما ستحققه من مكاسب ونجاحات سيعود على الدولة وسيشكل جزءا من صورتها ومكانتها بين الدول.
من جانبه، قال الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر ونائب رئيس مجلس إدارة شركة بيت المشورة للاستشارات المالية: «إنه بعد خمسة مؤتمرات ناقشت تطورات وتحديات التمويل الإسلامي، ها نحن نقف في النسخة السادسة من هذا المؤتمر في ظل ما يشهده العالم من تحولات جيوسياسية وتبدلات في المشهد الاقتصادي العالمي، مما ينذر بحالة من الاضطراب وتحول التوازن في القوى والأنظمة الاقتصادية، هذه التغيرات تجعلنا نبحث عن وضع التمويل الإسلامي ومستقبله في ظل هذا العالم المتحول، من خلال أطروحات متميزة ونقاشات مستفيضة في موضوعات تم اختيارها بعناية لتلامس واقعنا وتستشرف مستقبلنا». وأضاف «إننا نؤمن بأن المنهج الإسلامي من خلال تشريعاته الحكيمة كفيل بمعالجة مشكلات الأمة الاقتصادية، وأن الشريعة الإسلامية تتضمن نظاما اقتصاديا عادلا للبشرية، لكن لا بد من نهضة علمية وفكرية لإخراج هذه النظريات للعالم، والسعي لتطوير مؤسسات التمويل الإسلامي وتهيئتها لتكون النموذج الذي يعكس هذه النظريات ويحاكي مقاصد الشريعة».
وشهد المؤتمر انعقاد جلسات نقاشية حول محاوره الأربعة، حيث تم عقد جلسة حول محور استشراف الأزمات المالية والاقتصادية وتأثيرها على التمويل الإسلامي، وتم خلالها استعراض الأدوات العلمية والمنهجية المعتمدة في استشراف الأزمات المالية والاقتصادية والأسباب والتدابير الوقائية لها وما يمكن أن تؤثر به على التمويل الإسلامي وبيان الأحكام الشرعية لاستشراف الأزمات المالية.
وفي الجلسة المتعلقة بمحور التمويل الإسلامي والتوجهات الحديثة نحو القطاع الرياضي، تم استعراض تجربة دولة قطر في هذا الإطار، فضلا عن مناقشة فرص وتحديات التمويل الإسلامي في القطاع الرياضي، وأشار خالد عبدالله المانع المدير التنفيذي لإدارة تمويل المشاريع ببنك قطر للتنمية، إلى أن البنك يركز من خلال الاستثمار بهذا القطاع على تنويع مصادر الدخل بالاقتصاد المحلي، منوها إلى المحافل الرياضية الكبرى التي تحتضنها دولة قطر، تعد خير دليل على الاهتمام بهذا القطاع المهم.
ونوه إلى مجهودات بنك قطر للتنمية المبذولة في سبيل تنمية المشاريع الرياضية في البلاد، من خلال تأسيسه لحاضنة قطر للتكنولوجيا الرياضية، والتي تعنى بالعديد من الأنشطة الاستثمارية بالجانب الرياضي.
كما عقدت جلسة حول منصات التداول الإسلامية، تم خلالها الدعوة إلى إنشاء سوق إسلامية للسلع والمعادن في الشرق الأوسط وذلك في ظل الحاجة الكبيرة لهذه السوق بعد أن وصلت البنوك الإسلامية العاملة في المنطقة إلى المئات والتي تستثمر بدورها أكثر من تريليون دولار، مع التأكيد على ضرورة تعاون المؤسسات بجميع أنواعها لإيجاد سوق إسلامية تقوم على الضوابط الشرعية لتداول السلع والمعادن والأوراق المالية على مستوى العالم الإسلامي.
واستعرضت جلسة الابتكار والذكاء الاصطناعي في التمويل الإسلامي أثر الذكاء الاصطناعي على التنمية المستدامة في ضوء رؤية دولة قطر الوطنية 2030، كما قدمت رؤية استشرافية مستقبلية للذكاء الاصطناعي في المصارف الإسلامية وفرص الاستثمار فيه.
copy short url   نسخ
26/02/2020
1145