+ A
A -
أجمع عدد من المفكرين والباحثين في قطر، وسلطنة عُمان، والكويت، على أهمية تقليص الفجوة بين الشباب وصنّاع القرار العربي بشكل عام ومنطقة الخليج بشكل خاص، وإتاحة الفرصة لهم لتبادل وجهات النظر ومناقشة الأفكار وتعزيز الحوار، والتشديد على دور العقلانية، وتمكينهم من المضي قدمًا في مسار التنمية المستدامة، من خلال بناء المجتمعات المدنية، على الرغم من العقبات والأخطار المحدقة المتعلقة بمستقبل المنطقة.
جاءت هذه المخرجات نتيجة لنقاش شهدته مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، في «واحة الحوار»، وهي مساحة للحوار وتبادل الأفكار والأطروحات، نظمها مركز مناظرات قطر، عضو مؤسسة قطر، واستضافها ملتقى (مركز طلاب جامعة حمد بن خليفة) بمشاركة مجموعة من المتحدثين الرئيسيين من دولة الكويت، وسلطنة عُمان، ودولة قطر؛ بحضور السيدة مشاعل النعيمي، رئيس تنمية المجتمع في مؤسسة قطر، والدكتورة حياة عبدالله معرفي، المدير التنفيذي لمركز مناظرات قطر.
قُبيل أيام من استضافة المدينة التعليمية أيضًا سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع، في حوار مرتقب يتناول أمن الدول الصغيرة وتجارب دولة قطر على مدار 1000 يوم من الحصار؛ استضافت «واحة الحوار» الدكتور فيصل أبو صليب أستاذ مشارك في قسم العلوم السياسية بكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت، ومدير برنامج الدراسات العليا في قسم العلوم السياسية بالجامعة؛ والدكتور محجوب الزويري أستاذ تاريخ إيران المعاصر وسياسة الشرق الأوسط المعاصر في جامعة قطر، ومتخصص في قضايا إيران والشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية؛ والدكتور عبدالله باعبود، أكاديمي عُماني مختص في الشؤون الخليجية ومنطقة الشرق الأوسط.
سلّط النقاش الضوء على مستقبل العلاقات الخليجية، من خلال طرح إشكالية مستقبل العلاقات الخليجية، التي شملت مجموعة من المحاور أبرزها الدور المجتمعي للإصلاح، وكيفية تفادي الأزمات، وإدارة الاختلاف في الرؤى والمحاور، ناهيك عن المنافع والأضرار الاقتصادية المرتبطة بمسار العلاقات الخليجية، إلى جانب مناقشة الخريطة الجيوسياسية بالخليج وأثرها على العلاقات، ومنظومة الأمن الخليجي، والإقليمي أيضًا.
خلال «واحة الحوار» التي قدّمتها العنود الكواري، خريجة جامعة جورجتاون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، وأدارها الباحث عبد الرحمن المري، تم عرض آراء بعض المشاركين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لا سيّما من الشباب، الذين تفاعلوا مع الحوار، وتبادلوا آرائهم مع المتحدثين، وهذا ما يأتي منسجمًا مع ما جاء على لسان مقدّمة الجلسة العنود الكواري التي قالت: «هدفنا الجمع بين صناع القرارات والمفكرين والشباب ومناقشة كل ما هو حيّ في عصرنا الحالي، وذلك بعيدًا عن التصنيفات التي تهدم فرص التواصل بين الأفراد، وتبنّي جسر بين النخبة المفكرة والمنتجة للأفكار وبين جميع أفراد المجتمع، بالإضافة إلى غرس الأفكار والحلول العلمية من خلال مخرجات هذا الحوار». في واحة الحوار هذه، شدّد الدكتور فيصل أبو صليب على أهمية تنشئة الشباب الخليجي وتمكينه من المشاركة في صناعة القرار السياسي وتفعيل دوره معتبرًا أن: «الأزمة الخليجية سواء طالت أم قصرت، تبقى مرحلة عابرة في مسار العلاقات الخليجية».
تطرّق الدكتور أبو صليب أيضًا إلى الاختلاف الذي يميّز الأزمة الخليجية الراهنة عن غيرها من الأزمات السابقة قائلًا: «جميع الخلافات السابقة بين دول التعاون كانت تُحلّ ضمن الدوائر المغلقة على مستوى القادة، أما الأزمة الحالية مختلفة لسبب رئيسي، وهي أن بعض دول الخليج حاولت الضغط في جميع الاتجاهات ومن بينها على المستوى الشعبي، من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تم إقحام الشعوب الخليجية في هذه الأزمة».
أضاف:«لأول مرة أُقحمت الشعوب الخليجية في المشاركة بالقرار السياسي ليس في إطار تنموي أو بهدف تحقيق تطلعاتهم، وإنما في خلاف على مستوى القيادات؛ وهذا نتاج للتطور الذي حصل في وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، ودور أيضًا الجيش الإلكتروني. وعليه، من المهم جدًا تعزيز الوعي السياسي بين الشباب، والنتشة السياسية للشباب في دول الخليج، من خلال تفعيل جلسات نقاش بنّاء، وهادفة، كالتي تقوم بها اليوم مؤسسة قطر». من أجل تجاوز الأزمات السياسية في منطقة الخليج، رأى الباحث الكويتي أنه لا بدّ من بلورة تصوّرات شبابية مشتركة بين الشباب الخليجي، لكي تكون بمثابة مدخلات لصنّاع القرار، وذلك على الرغم من العقبات والتحديات، مؤكدًا على دور الحوار والمناظرات البنّاء في ترتيب أفكار الشباب وصقلها وبلورتها بعيدًا بالتعاون مع القيادات النخبوية، خاتمًا:«لا شكّ أنّ هناك أرضية جيّدة للعمل العربي المشترك، هناك عوامل نجاح لضمان استمرارية المنظومة الخليجية».
بدوره، تناول الدكتور محجوب الزويري كيفية تأثير المنطقة الخليجية بقضايا المنطقة الإقليمية، والتحديات التي تفرضها المتغيّرات والتي تنعكس بدورها على الدول الخليجية قائلًا: «إن الأزمة الخليجية ليست نتاجًا محليًا بل هي إحدى المنتجات المرتبطة بالصدى والتفاعلات الخارجية، والتموضع السياسي ذات الصلة بالسياسات الخارجية».
أوضح الدكتور محجوب طبيعة التحديات التي تواجهها المنطقة الخليجية قائلًا: «يعدّ تحدي الاستمرار في بناء الدولة بمنطقة الخليج إحدى التحديات، بالإضافة إلى تحدي العلاقات مع الدول المجاورة على مرّ التاريخ وليس ذلك وليد اليوم؛ إلى جانب التحدي الثالث الذي يكمن في صياغة السياسات الخارجية من خلال الاعتماد على القوى الدولية الكبرى، وهذا ما يفرض عدد من التحديات الأمنية».
ختم الدكتور محجوب بالتأكيد على أهمية ضمان فكرة استدامة التنمية في المنطقة، وذلك بتقليص الهوّة في الفجوة المعرفية، في ظلّ سيل من المعلومات التي يتلقاها الشباب، وهذا ما يعزز من أهمية مواجهة التحدّي المرتبط بالهوية، وما يرتبط بذلك من تعزيز العقد الاجتماعي لمواجهة أي أخطار مستقبلية.
copy short url   نسخ
26/02/2020
964