+ A
A -
الدوحة - قنا - بعد زيارة ناجحة للمملكة الأردنية الهاشمية، بدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أمس، زيارة رسمية للجمهورية التونسية، المحطة الثانية من جولة سموه العربية التي تشمل أيضاً الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
وتأتي زيارة سمو الأمير المفدى لتونس ترجمة للرغبة والحرص المشترك على دفع وتعزيز العلاقات الثنائية، وتطوير التعاون بين البلدين نحو آفاق جديدة بما يخدم الجانبين ومصالح وتطلعات شعبيهما الشقيقين.
وتتسم العلاقات القطرية - التونسية بأنها علاقات عميقة واستثنائية، وتتميز بالنمو المضطرد وتتفرد بوتيرتها العالية في نسق التشاور والتعاون وتبادل الزيارات على جميع المستويات. ومن المؤكد أن زيارة سمو الأمير لتونس ستعزز العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين، وتتيح مزيداً من الفرص للاستفادة من طاقات وإمكانات البلدين والدفع بمستوى التعاون والارتقاء به لأفضل المستويات بما يخدم مصالحهما ويحقق طموحاتهما في إطار التفاهم القائم بينهما، ووحدة رؤاهما إزاء قضاياهما الثنائية المشتركة وقضايا المنطقة العربية والإسلامية والقضايا والملفات الإقليمية. كما ينتظر أن تشكل الزيارة فرصة سانحة لتقييم مختلف أوجه التعاون الثنائي وحصيلة ما أنجز وتحقق على هذا المسار لاسيما بالقطاعات الاقتصادية والتجارية والمالية أو ما يتعلق بمجال الشراكة والاستثمار. وتجمع الدولتين والشعبين أواصر متينة من التعاون البناء والمثمر القائم على علاقات تاريخية عميقة ومتنوعة قوامها الاحترام المتبادل. وتشيد دولة قطر بالنموذج الديمقراطي في تونس وتؤكد دوماً وقوفها إلى جانب الشعب التونسي الشقيق، وتشكل العلاقات الثنائية نموذجا للعلاقات الناجحة والمتطورة على المستوى العربي، وتأتي قطر في المرتبة الأولى عربيا والثانية دوليا من حيث حجم الاستثمار المباشر بتونس، باستثمارات تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار موزعة على قطاعات الاتصالات والبنوك والسياحة. وغيرها، مما يعد دليلاً على عمق العلاقات المتأصلة بين البلدين الشقيقين.
وقد تطورت هذه العلاقات بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وكان لزيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى تونس وحضوره الشخصي للمؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار بتونس الذي انعقد خلال نوفمبر 2016، أثر كبير في إعطاء دفعة جديدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين وخصوصاً في الجانب الاقتصادي والاستثماري. وقد ألقى صاحب السمو أمير البلاد المفدى أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كلمة أعلن فيها عن قيام دولة قطر بتوجيه مبلغ مليار ومائتين وخمسين مليون دولار أميركي، دعماً لاقتصاد تونس وتعزيز مسيرتها التنموية.
وتوطدت العلاقات بين الدولتين على مر السنين من خلال الزيارات المتبادلة التي قام بها كبار المسؤولين في الجانبين، ومن أبرزها وأحدثها زيارتا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لتونس، الأولى خلال أبريل عام 2014، والثانية خلال نوفمبر عام 2016، وزيارة فخامة الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي للدوحة خلال مايو 2016.
ويزيد عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين على أكثر من ثمانين اتفاقاً ومذكرة، تغطي المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية والتجارية، والمصرفية والصحية والزراعية والفنية والإعلامية والثقافية والسياحية والنقل الجوي، ومنع الازدواج الضريبي، وقطاعات القضاء والأوقاف والشؤون الإسلامية، والأشغال العامة وحماية البيئة، ومكافحة التلوث، وتكنولوجيا المعلومات ومجالات التكوين المهني، وتكرير النفط، والاستثمار العقاري، واستخدام العمال التونسيين بدولة قطر.
وتعد اللجنة العليا المشتركة التونسية القطرية أهم الآليات المشتركة التي تتولى تطوير وتنسيق علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين، كما تقوم مؤسسة «صلتك» بتمويل العديد من المشروعات هناك، ويعتبر صندوق الصداقة القطري في تونس والذي تم تأسيسه في العام 2013، إحدى المؤسسات الداعمة للاقتصاد التونسي من خلال قيامه بشراكات مع مؤسسات تونسية بهدف توفير التمويل للشباب التونسي ومساعدته في مختلف مراحل تصميم وإنجاز المشروعات. وهناك أيضا المنتدى التونسي القطري، والملتقى الاقتصادي القطري التونسي، الذي يعكس حرص الطرفين على الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستويات رفيعة تسمح بمزيد من توظيف قدرات البلدين وفتح مجالات جديدة للشراكة بينهما، بما يدعم ويعزز التعاون الثنائي، ويدفع وتيرة التبادل التجاري بين تونس وقطر إلى مستويات طموحة وإمكانيات الدولتين. وتستقطب دولة قطر الآلاف من الكفاءات التونسية وتتيح لهم فرص العمل في كل المجالات الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والرياضية، ويتجاوز عدد أفراد الجالية التونسية بدولة قطر 26 ألفا.
ويشارك القطاع الخاص القطري بدوره الاقتصاد التونسي من خلال الاستثمارات الكبيرة في قطاعات حيوية هناك كالسياحة والمصارف وغيرها. ويعد المنتجع السياحي «بتوزر» الذي تملكه شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري، من المشاريع التنموية الممولة في إطار التعاون المالي والاستثماري التونسي القطري وهو من أفخم وأفضل عشرة منتجعات سياحية عبر العالم، والأول بإفريقيا.
ومن أهم الصادرات التونسية لقطر زيت الزيتون، وغيره من المواد الغذائية والمنتجات الزراعية والحليب والأسماك، والمنتجات البحرية، ومعدات آلات الحفر، والمواد الكيماوية، والكابلات، وأسلاك الكهرباء. بينما تتركز الصادرات القطرية لتونس على المواد الكيماوية، والبتروكيماويات، والألومنيوم.
وتزخر تونس بالفرص الاقتصادية والاستثمارية الواعدة، ولديها كل ما يجذب الاستثمارات الخارجية لتوافر البنية التحتية والتسهيلات الإدارية والإعفاءات الضريبية ودعم الحكومة التونسية للمواد الأساسية مثل الماء والكهرباء والغاز، وتتركز فرص الاستثمار في القطاع الزراعي الذي يستند على مساحات شاسعة من الأراضي الجاهزة للاستغلال، خاصة بمجال الفلاحة البيولوجية، ومن القطاعات الاستثمارية الواعدة هناك، الصناعات الغذائية، وتربية الأحياء المائية وقطاع الطاقة المتجددة، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، والقطاع الصناعي وخاصة الصناعات الميكانيكية التي تشهد نمواً ملحوظاً، وقطاع التعدين حيث تزخر مناطق الشمال والجنوب الغربي التونسي بثروات منجمية هامة من الفوسفات والأحجار الجيرية والرخامية، والقطاع السياحي، ذلك أن تونس غنية بالموارد السياحية كالمناطق الأثرية والمحميات الطبيعية والتراث الثقافي والطبيعة الساحرة والشواطئ الخلابة.
وتنتهج تونس على المسار الاقتصادي دبلوماسية واضحة تقوم على استغلال كل ما تتيحه الدبلوماسية التقليدية من قنوات اتصال وأطر للتعاون مع البلدان الأجنبية خدمة لاقتصاد البلاد، من حيث البحث عن أسواق جديدة للمنتوج التونسي واستقطاب وجلب رجال الأعمال والمؤسسات الأجنبية للاستثمار في تونس، وكذلك الترويج للوجهة السياحية التونسية بكل أنواعها وتفرعاتها.
يذكر أن مساحة الجمهورية التونسية تبلغ 163.610 كم2. ويقدر عدد سكانها حسب إحصائيات عام 2017 ما يقارب 11 مليوناً وخمسمائة ألف نسمة.
copy short url   نسخ
25/02/2020
379