+ A
A -
حوار- عبدالعزيز أحمد
قالت بهناز علي محيي الدين القره داغي، الباحثة في مركز الاقتصاد والتمويل الإسلامي بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، إن دولة قطر تمتلك كافة الإمكانات والمقومات التي تؤهلها لتصبح مركزاً مالياً إسلامياً في المنطقة والشرق الأوسط، حيث تمتلك سوقا نشطاً يسجل نموا متواصلا من عام إلى آخر بلغ «8 %» منذ العام 2015 إلى الآن، كما تشهد زيادة في إصدار الصكوك الإسلامية وتشكل صاحبة ثاني أكبر سوق للتأمين التكافلي «الإسلامي» بين دول المنطقة. داعية إلى التعاون بين كافة المؤسسات المالية الإسلامية لتوحيد الجهود لمنع تكرارها، من خلال تكوين استراتيجية عامة للتطوير تشترك فيها كل المؤسسات على حسب تخصص كل واحد. وأكدت بهناز لـ الوطن أن المنتجات في قطاع المالية الإسلامية غير محدودة، نافية القول أن هناك شحاً في ابتكار المزيد من المنتجات المالية الإسلامية، لافتة إلى أن قطر تولي أهمية كبيرة بما يطلق عليه «الاقتصاد الدائري» ووفرت البيئة التشريعية والمقومات اللازمة لتطبيقه. الى تفاصيل الحوار...
{ بداية، كيف ترون واقع الاقتصاد الإسلامي في قطر حالياً، والمراحل التي وصل اليها؟ وحجم قطاع المصرفية الإسلامية والتأمين التكافلي محلياً؟
- واقع الاقتصاد الإسلامي في قطر وصل إلى مراحل متقدمة على مستوى العالم، وقد أكد المشاركون في مؤتمر الاقتصاد الإسلامي والذي عقد مؤخراً في الدوحة، أن إجمالي أصول التمويل الإسلامي في قطر تمثل نسبة 33 % من إجمالي أصول النظام المالي في البلاد، ويعزز ذلك معدل النمو السنوي الإجمالي وهي 8 % منذ عام 2015 وإلى الآن والتي تصل إلى 129 مليار دولار أميركي في النصف الأول من عام 2019.
{ إلى أي مدى قطعت قطر اشواطا نحو تحولها إلى مركز اقليمي للاقتصاد الإسلامي؟
- لقد قطعت دولة قطر أشواطا ممتازة، فلقد أشار تقرير مجموعة أكسفورد بيزنس غروب البريطانية للأبحاث إلى إن قطر تعد مركزاً مالياً إسلامياً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط، كما أشار التقرير إلى أن قطر أصبحت صاحبة ثاني أكبر سوق للتأمين التكافلي (الإسلامي) بين دول مجلس التعاون، وتشكل الصكوك الإسلامية 18 % من أصول المؤسسات الإسلامية بفضل ارتفاع نسبة الصكوك السيادية.
فكل مكونات النجاح موجودة في قطر فهناك خبراء قطريون في مجال التمويل والتأمين التكافلي مشهود لهم على مستوى العالم، وهناك السيولة لتحقيق ذلك، حيث إن البنوك الإسلامية والشركات التأمينية لها الميزانيات الضخمة، وهناك البيئة التشريعية والقانونية المواتية للنمو، وهناك جمهور داعم لهذا المجال، وهناك إعلام واعٍ ومشجع للتمويل والتكافل الإسلامي.
وما ينقص فقط هو القليل من التعاون بين كافة المؤسسات المالية الإسلامية لمنع تكرار الجهود بالإضافة إلى التوجه إلى تكوين استراتيجية عامة للتطوير تشترك فيها كل المؤسسات على حسب تخصص كل واحد، فالمعروف أن تكاتف الجهود والخبرات الجماعية هي التي تحقق القفزات.
{ دائما ما تكون المنتجات في قطاع المالية الإسلامية محدودة، كيف نتغلب على ذلك وما البدائل؟
- على العكس تماما المنتجات في قطاع المالية الإسلامية غير محدودة، فهناك عدد غير محدود من العقود التي يمكن إنشاؤها في ظل المالية الإسلامية، على عكس التمويل التقليدي القائم على القرض بفائدة فقط، فهناك في الإسلام البيع بأنواعه المختلفة، الإجارة أيضا بأنواعها المختلفة، عقود السلم، عقود المشاركة والمضاربة.... إلى آخر قائمة العقود المستعملة في التمويل الإسلامي.
{ هناك موجة جديدة ظهرت مؤخرا في علم الاقتصاد، وهي الاقتصاد الدائري، ماذا يعني وما مدى أهميته وواقع تطبيقه في دولة قطر؟
- الاقتصاد الدائري ظهر في عام 1976 حيث تشير المراجع إلى ذلك ولكن هذا مجاف للحقيقة، لان الاقتصاد الإسلامي فيه من إعادة التدوير الكثير ولقد سبقه قبل أربعة عشر قرنا، فكل ما هناك أنه في التاريخ الحديث نسي الكثير من المسلمين الطرق الإسلامية في إعادة التدوير والمحافظة على البيئة مما جعلهم ينبهرون بالاقتصاد الدائري، ولكن الحقيقة أن الاقتصاد الدائري موجود ومطبق في بلادنا منذ قرون.
وتشير المراجع إلى أن المراد من الاقتصاد الدائري هو إنتاج ما يمكن إعادته، وبالتالي فهو يدخل في إطار التنمية المستدامة، والسعي للحد بقدر المستطاع من الهدر والضياع حفاظاً على الموارد، وحماية للبيئة، فهو على خلاف الاقتصاد الخطي القائم على تكوين النفايات وعدم التدوير،
ودولة قطر وفرت الكثير من الإمكانات لإعادة التدوير وعدم الهدر على خمسة مستويات كالآتي:
- على المستوى الواقعي ومعالجة النفايات: قامت بتخصيص إدارة خاصة في وزارة البلدية والبيئة خاصة بإدارة تدوير ومعالجة النفايات.
- في مجال التوعية وتكوين مجتمع واعٍ: تم إنشاء حديقة كهرماء للترشيد وتوعية الجمهور، كما يأتي مؤتمر الاقتصاد الدائري الذي نظمته كلية الدراسات الإسلامية برعاية مركز قطر للمال في هذا المجال.
- على مستوى الشركات الصغيرة والمتوسطة، فإن الدولة قامت بتوفير قطع أراضٍ للشركات المختصة بإعادة التدوير سواء بمقابل أو بدون مقابل.
- على مستوى المؤسسات المالية في قطر: فإنها توسعت في إصدار الصكوك الخضراء: حيث أكدت وكالة فيتش العالمية زيادة إصدارات الصكوك والسندات الإسلامية في قطر خلال الفترة الماضية، وتركيز البنوك والمصارف الإسلامية في الدولة على إصدار أنواع جديدة منها، وهي ما يطلق عليها الصكوك الخضراء، بهدف تمويل مشاريع البنية التحتية التي تحافظ على البيئة وتخفض من التلوث.
- على مستوى الشركات: فإن بورصة قطر انضمت منذ عام «2016» لمبادرة الأمم المتحدة بخصوص التنمية المستدامة. وقد أخذت البورصة منذ ذلك الحين على عاتقها الترويج لمعايير الاستدامة (ESG) والتي تعنى بالحفاظ على البيئة وتدعم دور الشركات في مجال المسؤولية المجتمعية والحوكمة. وفي عام 2017 قامت بورصة قطر بإطلاق مبادرتها للتنمية المستدامة ESG عن طريق إصدار الدليل الإرشادي لإعداد تقارير الاستدامة، وذلك لمساعدة جميع الشركات المدرجة التي ترغب في إعداد تلك التقارير. في عام 2018 أطلقت البورصة أول منصة للاستدامة في المنطقة وذلك لتشجيع الشركات المدرجة على الإفصاح عن تقاريرها بخصوص التنمية المستدامة (ESG).
{ ما مدى أهمية الدور الذي تلعبه الجهات التعليمية والأكاديمية في تطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي؟
لتطوير أي قطاع لابد لك من 5 أركان أساسية وهي: التوعية والتعليم، والتمويل، والدعاية والإعلام، والعمل والإنتاج، والناحية القانونية والتشريعية، فبدون هذه الأركان لا يمكن تطوير أي قطاع. فالجهات التعليمية والأكاديمية عليها خمس مسؤولية تطوير أي قطاع، وتقوم الجهات التعليمية والأكاديمية بتوعية وتعليم المجتمع وتقديم استراتيجيات قائمة على دراسات أكاديمية وعلمية لخلق مجتمع واعٍ وبناء.
copy short url   نسخ
23/02/2020
927