+ A
A -
منال عمر عبده كاتبة سودانية
إحساس مخيف ان تكتشف موت لسانك عند حاجتك للكلام، موت قلبك عند حاجتك للحب والحياة، جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء.
وقفت نهى على الباب تودع زوجها محمد وهو يغادر المنزل.
كانا زميلين ربط بينهما حب أكبر من الكيمياء...كانت هي حياته.. استعمرته.
الأطفال نقطة حسبت ضد نهى، فكانت والدة محمد الحاجة زينب تضايق نهى دائما بهذا الكلام لكن نهى كانت تحب زوجها وهو يحبها جدا وهذا الموضوع ليس له أهمية كبرى كانت تسامحها لأن.. حبها يسكن قلبه هي شعاع في حياته لا يستغني عنه....
كانت والدة محمد تضيق عليه الخناق مستغلة حبه وتعلقه بها، كانت نهى تتحدى بحبها لمحمد فكانت تدرك انه لن يتخلى عنها.. الحاجة زينب والدة محمد امرأة قوية كلمتها لا تنزل الارض أبدا هكذا تعودت تعلقها بأبيها فقد ورثت منه قوة الشخصية وتمسكها بالعائلة وموروثاتها كانت ترى ان وجود حفيد ذكر ومن الأسرة أهم ما تريده....
كانت تدبر ما هو أصعب لنهى كانت ابنة أخيها شابة جميلة درست في الخارج وتحب محمدا جدا كما ان والدها كان يريد ان يستولي على أموال الأسرة وان وجود بذرة غريبة قد يشتت الأســــــرة....
كانت هناك وظيفة في شركة محمد لـ رندا ابنة خاله.... استلمت عملها في الشركة كانت قريبة من محمد تتقرب منه لكن بحذر حتى لا تلفت انتباه نهى، لكن نهى كانت تشعر بكل ما يدور....
بعض الاشياء لا تتخيلها لكنها تحدث فهناك مدن بداخل البشر يعجز الخيال عن زيارتها ويتحول الواقع فيها بقسوة تامة..
كانت نهى مدركة لكل ما يحدث كانت تحاول بطريقتها ان تنقذ حياتها وحب عمرها...
جاء طبيب من أوروبا حدثتها عنه إحدى صديقاتها فهو مشهور جدا في مجال طب النساء والتوليد فسمعت نهى عنه وذهبت وقامت بكل الفحوصات استغرقت فحوصاتها فترة طويلة لكن ما اكتشفته كان رهيبا فهي مصابة بعجز تام عن الإنجاب نتيجة أخذ حبوب مانعة للحمل أظهرت الفحوصات وجود اللبن مع المادة فأدركت نهى أنها أخذت الحبوب مع اللبن كما اعتادت من يد الخادمة، خرجت وذهبت إلى الخادمة فاعترفت ان الحاجة زينب هي من فعلت بها ذلك... فواجهتها ولم تنكر، وقالت: لقد أخذتِ ولدى غصبا عني وتحديتِني، سوف يتزوج من أريد انا وينجب ولدا من أم من أسرته...
قد ندخل في حالة من الذهول من الضياع من الغربة الداخلية لا يدرك عمقها الا نحن، ففي لحظات الحنين واليأس نكون مرغمين ان نغادر إمكاننا وأمنياتنا واختياراتنا، ان نتحول إلى شخص آخر لا نعرفه.. الإحساس بالخطر والمساس بالمحظورات تنذر بخروج مارد طالما حاولنا السيطرة عليه....هذا ما كان بداخل نهى في هذه اللحظة...
عندما تناولت نهى التحفة الحديدية من على الطاولة وانهالت على رأس الحاجة زينب فأخذت تضرب بكل قوتها بكل حبها الذي فقدته بكل أمومتها التي حرمت منها بكل آمالها لم تتركهـــــا حتى فارقت الحياة مثل مــــــــا فعلت هي بها......
copy short url   نسخ
22/02/2020
472