+ A
A -
استضاف مجلس أحمد بن يوسف فخرو، الأستاذ سعد الرميحي رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة، في ندوة ثقافية جمعته مع طليعة واعدة من الشباب القطري متعدد التخصصات.
وناقشت الندوة عدة محاور اجتماعية تتعلق بالتنمية الداخلية، وآمال ومطالب الشباب القطري، في ظل حركة التطور التي تشهدها البلاد على الأصعدة الثقافية والاجتماعية.
وقال الرميحي إن الإعلام يشكل جسراً متيناً بمقدرته العبور بالشعوب إلى بر الحضارة التي تجمع الإنسانية ولا تفرقها، فصحيح أن هناك لحظات من التاريخ تفقد الحياة فيها توازنها فتميد الأرض من تحت أقدام المجتمعات، ولكن هذا التوازن يعود مجدداً حينما يتم تغذية عقول الجماهير برسائل تنموية وإصلاحية، تمهد الطريق لتصحيح المسار.
وأثرى الحوار مجموعة واعدة من الشباب ومنهم يوسف الخليفي وإبراهيم الدرويش ومشاري النملان ومحمد عبدالواحد فخرو، وهذا ما قدم دليلاً واضحاً بأن مجالس أهل قطر أصبح منها من يهتم بالثقافة بشكل كبير فتحولت إلى محطات هامة للنقاش تجمع العقول الواعدة برجالات الخبرة في المجتمع.
أخلاقيات الإعلام
ودار نقاش حيوي في الندوة حول أخلاقيات الإعلام، ولماذا تغيب المهنية عن بوصلة الإعلام العربي في أحيان كثيرة كان يفترض بها أن تتمسك بناموس المهنة كي تتلافى كوارث تضع المنطقة بشعوبها في وجه مدفع يدوي.
وشرح الرميحي ذلك في كلمات قليلة قائلاً: الإعلام الجاد مهمته وصف الواقع، ونقله بتفاصيله، وطرح الأسئلة حوله، والاقتراب من الشعوب، وعدم الاقتراب لأي طرف آخر على حساب المجتمع. فالأولية دائماً للشعب المتطلع إلى الحقيقة وليس لغيره.. الأولوية للحقيقة وليس مداهنة وتمييع الواقع.
تلك الكلمات المختصرة رنت جرساً تنبيهياً في الندوة، فاجتذبت السؤال من قبل المهندس محمد عبدالواحد فخرو: إذا كان الحديث عن أخلاقيات الإعلام فكيف نقيم إعلامنا القطري؟
وجاء الرد من قبل الضيف بأن الإعلام القطري استطاع أن يضع بصمات سباقة مثل تجربة الجزيرة التي بدأت عام 1996، فكانت التجربة الرائدة والوحيدة حينها التي تخلق منبراً إعلامياً حراً.
فعلت الجزيرة ذلك وانحازت للمهنية في وقت ظهرت فيه العديد من القنوات وانحسرت آفاق الثقافة العربية.
التجارب الإعلامية
ودار حديث حول التجارب الإعلامية القطرية التي نجحت في لم شمل العرب والاهتمام بقضاياهم ومنحهم فرصة الحديث والتعبير، وتوحيدهم على المحبة والأخوة الإنسانية، فكانت الإشارة إلى عدة تجارب كمجلة «الدوحة» و«الأمة» و«الصقر».
وبخصوص مجلة الصقر، فهي تجربة رياضية ثقافية إنسانية شاملة لم يتسع مقام الندوة بالإلمام بكافة تفاصيلها بسبب ثرائها وعمق أهدافها وتنوع الدروس والعبر المستفادة منها.
وعادة ما يحلو الكلام عن تلك التجربة (القطرية - العربية) الرائدة، وتقليب صفحات تاريخها، كونها المجلة القطرية التي لمت أصوات ومواهب العرب بين أغلفتها. فسافرت بأحلامهم وتطلعاتهم من الدوحة إلى دمشق والرياض والقاهرة والرباط والخرطوم وصنعاء، وجابت الوطن العربي من نواكشوط على ساحل المحيط الأطلسي إلى عمان على شواطئ المحيط الهندي.
فهي كانت لأجيال متعاقبة بمثابة الحب الأول الذي لا يغيب طعمه عن القريحة الأولى.. الحب الذي عرفوا معه قيمة الكلمة العربية الجامعة، والائتلاف المحب، والتضافر البناء، والنقاش الجاد الصريح، فالصقر كانت بمثابة السهم الأول الذي انطلقت من خلفه سهام قطرية كثيرة اخترقت غلاف الإعلام العربي، وتبقى الصقر المنزل الأول، إن تعددت المنازل بعده، فكما يقول أبو تمام الطائي «كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأولِ منزلِ».. والصقر كانت المنزل الثقافي الأول لأجيال السبعينات والثمانينات والتسعينيات. فكانت حالة أكثر من كونها مجلة رياضية، وسرا من أسرار الإبداع الإنساني، وذلك بسبب المبادئ النبيلة التي تبنتها والقيم المشجعة على الوحدة العربية والتفكير النقدي البناء وفتح باب الحوار والتعبير والنقاش الجاد الذي خلقته. الصقر كانت منبراً عربياً لأجيال قتلها الهم على مستقبل وحدتها، فهل تنبت تجربة عربية جديدة في أقفار المشهد الإعلامي العربي توحد ما تشتت وتجمع ما تفرق؟!
أرشفة التاريخ
وتناولت الندوة أيضاً موضوع أرشفة التاريخ القطري، وتحويله من تاريخ شفوي منطوق إلى مستند يصمد أمام العمر والسنوات.
واتجه الحديث كذلك لطبيعة التراث العربي بشكل عام في نقل الموروث عبر الكلام والخبر، وليس بالتدوين، وهو الأمر الذي يضع تاريخنا على حافة المخاطرة، إذ أن أرشفة الماضي تعد من أصعب وأهم العمليات التي تنفق الدول الكبرى ميزانيات ضخمة لتحقيقها، كما هو معمول به في المكتبات العتيدة داخل الدول الكبرى مثل مكتبة بودلي في بريطانيا، ومكتبة بوسطن، ومكتبة مازارين الفرنسية، وغيرها الكثير من مكتبات دول العالم المتقدم معرفياً، إذ تعد الوثائق التاريخية أهم ما يمكن الاحتفاظ به وأرشفته، نظراً لما تمثله من قيمة معرفية وتاريخية ورمزية لامتداد التجربة البشرية في باطن التاريخ.
ودار الحديث حول أهمية التوثيق وضرورة المحافظة عليه، وقد أكد الشباب رغبتهم في الحصول على المعلومة من أجل البحث والدراسة، مؤكدين على أهمية مثل هذه اللقاءات لافتين إلى أن المجالس في قطر أصبحت ملتقى للعديد من الشباب لتدارس الكثير من الآراء والأفكار.
ويعتبر مجلس السيد محمد عبدالواحد فخرو ملتقى أسبوعيا للعديد من الشباب يتم فيه تدارس العديد من الأمور التي تهم الشباب، حيث تطرق الشباب الحضور إلى مناقشة مستقبل الإعلام في ظل ثورة التكنولوجيا التي جعلت الإعلام الورقي يواجه تراجعاً كبيراً، والشيء الذي كان لافتاً للنظر هو الثقافة العامة والرغبة في مناقشة الآراء بكل حرية وموضوعية من قبل الحضور.
وأجمع الحضور على أن المصداقية واحترام الآراء وعدم التعرض للشخصنة هي مقومات نجاح الإعلام.
copy short url   نسخ
19/02/2020
1044