+ A
A -
كتب – محمد الأندلسي
قال مراقبون إنه رغم أن المضاربات في البورصة القطرية تعتبر ملح السوق وفقا للاعتقاد السائد إلا أنها تمنح للتداول في الأسهم «طعما» و«حلى» مشيرين إلى أنها تحتاج إلى آليات وتكتيكات للتحوط من الانكشاف على المخاطر علما أن المضاربة عبارة عن القيام بعمليات دخول وخروج سريع على بعض الأسهم استناداً إلى بعض التوقعات التي يرتكز إليها المضارب والتي تستند إلى كل من التحليلين الفني والأساسي أو وفقا لتسريبات وصلت إلى المضارب تدفعة للدخول بالشراء أو التسييل والتكييش من خلال البيع ولا يلقي المضاربون بالا إلى أداء الشركات ومستقبلها وتوسعاتها المستقبلية وإنما يسعى المضارب إلى استغلال ميزة التسييل والتخارج السريع من الأسهم وبالتالي يستهدف تحقيق مكاسب وقتية من خلال الشراء ثم البيع بعد صعود السعر السوقي مباشرة وبالتالي فإنه لا يشغل باله بتوزيعات الأرباح مثل التوزيعات النقدية وتوزيعات الأسهم المجانية لأن من ينشغل بذلك هم المستثمرون طويلو الأجل فقط.
وقال مراقبون لأسواق المال إنه لا يوجد سوق مالي في العالم خالٍ من المضاربين.. حيث إن المضاربة تعزز مستويات السيولة وتؤدي إلى استقطاب شريحة من المستثمرين المغامرين إلى سوق الأوراق المالية وهو ما يزيد من عمق السوق ويعزز حركة أسعار الأسهم المدرجة فيما يختار المضاربون القيام بعمليات بناء مراكز ثم الدخول والخروج السريع على الأسهم الصغيرة الرخيصة إلى جانب الأسهم التشغيلية الثقيلة وتعمل شريحة المضاربين على المخاطرة والمجازفة للاستفادة من التقلبات اليومية وقصيرة المدى في أسعار الأسهم مشددين على أن الممارسات المضاربية قادرة على تحقيق مكاسب سريعة إلا أنها منكشفة أيضا على تكبد خسائر فادحة.
وفي التفاصيل يقول المستثمر، يوسف أبو حليقة إن المضاربة في سوق الأسهم، تعد من أنواع الاستثمارات قصيرة الأجل، وتعتمد على الدخول والخروج السريع على الأسهم بصورة قصيرة الأجل، ويستفيد المضارب من الفروقات السعرية للأسهم، ويحقق هوامش ربحية نتيجة المضاربات إلا أنها تكون بصورة متكررة، كما يقوم بالتداول في اسهم بعض الشركات التي تتصف بالتذبذب المتواصل وبأحجام تداول مرتفعة وبالأسهم الحرة المطروحة للتداول، كما يقوم المضارب بالمجازفة والمخاطرة بجزء من رأس المال لتحقيق الربح، وبالتالي يعمل على زيادة مستويات السيولة في السوق ويدعم زيادة نشاط الأسهم. متابعا: شريحة المضاربين هي الأكثر شعبية.. لكن شريحة المستثمرين طويلي الأجل هم الأكثر استقرارا بالأرباح.
وأكد أبو حليقة ان المضاربة تعتبر جزءا من طبخة السوق حتى أن البعض يطلق عليها ملح السوق ورغم هذا الملح لكنها تمنح البورصة «حلى» و«طعما» غير أن هذه «الطبخة» تحتاج إلى «ضبط» من قبل الطاهي وهو المضارب لكي لا يتكبد خسائر. مضيفا: «اذا لم تتواجد شريحة المضاربين في السوق، واقتصر الأمر على المستثمرين طويلي الأجل، فسيظل وضع الأسهم ثابتا ولن يتحرك إلا بعد صدور البيانات الفصلية وتقارير الأرباح والخسائر والجمعيات العمومية، وقتها ستكون هناك حركة على الأسهم ومن ثم تعاود الجمود مرة أخرى انتظارا للبيانات التالية، علاوة على أن المضاربة قد تحقق أرباحا خلال شهر واحد لا يستطيع المستثمر طويل الأجل تحقيقها خلال عام، في حال أحسن المضارب قراءة المشهد والتحليل الفني للأسهم بشكل دقيق». ونصح أبو حليقة أن يمتلك المستثمر محفظة استثمارية خاصة بالمضاربة وأخرى للاستثمار طويل الأجل وللشركات ذات الأرباح القوية، بالإضافة إلى القيام بالمضاربة على أساس التحليل الفني والتحليل المالي للمؤشرات الخاصة بكل سهم، واتجاهات السوق اليومية، ومتابعة الأخبار ووسائل الإعلام التي تطرح كل جديد بشأن الشركات المختلفة، لتشكيل صورة متكاملة للسوق برمته، للخروج بقرار استثماري ومضاربي يعود عليه بالنفع والأرباح.
وقال أبو حليقة إن المضاربين مجازفون وقد يخسرون محفظتهم الاستثمارية بأكملها إذا لم يتبعوا تكتيكات استثمارية محترفة حيث يقعون في حزمة من الأخطاء الشائعة وهي: الاحتفاظ بالأسهم الخاسرة على أمل صعودها لاحقا وترك الأسهم الرابحة حتى تخسر وبالتالي فإن عامل التوقيت يعتبر مهما إلى جانب الارتباط العاطفي بالأسهم وغياب استراتيجية استثمارية وعدم تنويع المحفظة الاستثمارية والانضمام إلى «القطيع» في الشراء والبيع بناء على شائعات وتسريبات قد تكون غير صحيحة وعدم القدرة على التعامل مع الأزمات.
ونوّه أبو حليقة بأن البورصة القطرية لديها من الإمكانات والفرص التي تلائم كلا من المضاربين والمستثمرين خاصة أنها تعتبر من أفضل القنوات الاستثمارية التي يهتم بها شريحة واسعة من المستثمرين، لاسيما مع قوة الشركات المدرجة في البورصة القطرية التي ترتكز على الاقتصاد القطري القوي الذي يحقق أفضل نسب النمو بين دول المنطقة، علاوة على تحقيق الشركات المدرجة لأعلى العوائد والتوزيعات السخية الأعلى في المنطقة التي تمنحها الشركات.
وأشار إلى أن على المضاربين الحذر حيث يمكن للمضارب الدخول في أي وقت يشاء غير أنه لا يستطيع الخروج منه وقتما يريد كما أنه على المضارب معرفة قراءة البيانات المالية وعدم الانجرار وراء الشائعات وخصوصا تلك المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي حيث إن معظمها يكون «شرك» من كبار المضاربين للإيقاع بـ«الصغار» الذين يدفعون الثمن دائما كما أن سياسة القطيع والمشي مع التيار في الاستثمارات المضاربية قد لا تفلح وتؤدي في كثير من الأحيان إلى أن يصبح المضارب عالقا في أسهم متكبداً فيها خسائر دفترية كبرى ولأنه لا يرغب في تحويل هذه الخسائر الدفترية إلى خسائر محققة فإنه يرضخ للأمر الواقع ولا يبيع الأمر الذي يجعله محبوسا في سهم ما لمدة تصل إلى سنوات وسنوات!
من جانبه قال المستثمر أحمد حسين: ثمة فروقات أساسية بين كل من المضارب والمستثمر تتعلق بالمدة الزمنية وحجم رأس المال، حيث يدخل المضارب البورصة بسيولة لفترات قصيرة.. بين أيام وأسابيع.. لكونه يرغب في تحقيق الأرباح الرأسمالية السريعة، بينما يقوم المستثمر طويل الأجل بشراء الأسهم بهدف تحقيق عوائد سنوية باعتبار البورصة إحدى القنوات الاستثمارية التي تحقق عوائد من خلال التوزيعات النقدية وتوزيعات المنحة (الأسهم المجانية) ولذلك يساهم المستثمر طويل الأجل بسيولته في البورصة لفترة زمنية تتجاوز العام لرغبته في الحصول على توزيعات الأرباح، كما أن مستوى المخاطرة يكون عادة مرتفعا في حالة المضاربة، بينما في حالة الاستثمار فهو أقل خطورة وطويل الأجل.. ويمكن هنا الإشارة إلى أن معظم الشباب يفضلون المضاربة نتيجة طبيعتهم الأكثر ملاءمة لهذا النشاط.. أما المستثمرون من كبار السن فيفضلون الاستثمار طويل الأجل.
وأشار حسين إلى أن هناك شريحة من المضاربين يعملون على إعادة ضخ الأرباح التي يتم تحقيقها من المضاربة في السوق مرة أخرى، من أجل تعزيز مكاسبهم وأرباحهم على المدى القصير، مما يعني زيادة إضافية في مستويات السيولة وهو ما يساهم في تعميق سيولة السوق.
وأضاف حسين أن تجزئة الأسهم ساهمت في إتاحة الفرصة أكثر لشريحة المضاربين للتوسع في الشراء حيث إنجزت هيئة قطر للأسواق المالية في شهر يوليو 2019، تجزئة أسهم كافة الشركات المدرجة البالغة (46) شركة ووحدات الصندوقين الاستثماريين المدرجين للتداول في بورصة قطر بنجاح لتصبح القيمة الاسمية لكافة الأسهم المدرجة في البورصة ريالا واحدا للسهم متابعا: كانت المستويات السعرية للأسهم قبيل التجزئة مرتفعة.. الآن باتت في متناول الجميع.. ولا شك أن هذا يتيح فرصا مضاربية متنوعة في السوق. وتعني تجزئة الأسهم تقسيم القيمة الاسمية للسهم إلى عدد أكبر دون المساس بالأصول أو رأس المال أو القيمة السوقية للسهم، أو حدوث أي تأثير على حقوق المساهمين أو على إجمالي الأرباح النقدية.
واستهدفت البورصة من تجزئة الأسهم زيادة آفاق الاستثمار في السوق المالي وتوسيع قاعدة المساهمين وجذب المزيد من صغار المستثمرين، فضلا عن تعدد فرص الاختيار أمام كافة المتعاملين في البورصة، وزيادة نسبة السيولة ومعدل دوران التداول على الأسهم المدرجة في السوق.
وأدت تجزئة الأسهم إلى مضاعفة عدد الأسهم المتاحة للتداول بمقدار عشرة أضعاف للشركات، أما القيمة السوقية للشركات المدرجة فهي ثابتة. كما أن الأرباح التي توزعها الشركات على المساهمين لا تتأثر بعملية تجزئة الأسهم، إذ إن ربحية السهم الواحد ستنخفض نتيجة زيادة عدد الأسهم، لكن قيمة صافي الأرباح ستكون هي ذاتها في المحصلة النهائية سواء قبل التجزئة أو بعدها.
وأوضح حسين أنه على الرغم من الانتقادات التي توجه للمضاربة، إلا أنها تعد ركنا أساسيا في التعاملات اليومية في جميع الأسواق والبورصات العالمية، ولا غنى عنها بطبيعة الحال، حيث إذا اختفت المضاربة في السوق فلن تتمتع الأسواق المالية بالجاذبية بشكل عام، كما أنها ستضل طريقها في كونها أحد أبرز القنوات الاستثمارية التي تستقطب شرائح واسعة من المتداولين، وستبقى خاملة بشكل كبير، مشيرا إلى أنه من فوائد وجود المضاربين أنهم يقودون النشاط الكثيف لسوق الأوراق المالية، كما يقومون بضخ المبالغ المالية بصورة يومية والتي تعمل على زيادة مستويات السيولة وتعزز من قوة وعمق السوق، مما يعمل على وجود جاذبية أكبر لسوق الأسهم.
من جهته قال المستثمر، راشد السعيدي، إنه على الرغم من الانتقادات الحادة التي توجه إلى العديد من المضاربين، إلا أن المضاربة تعد ببساطة شكلا من أشكال الاستثمار ولكنه قصيرالأجل ويتسم بالمخاطرة والمجازفة المرتفعة، حيث تعمل على دعم السوق عن طريق السيولة المرتفعة والتي تستهدف أسهما بعينها يعتقد المضارب أنها ستحقق عوائد جيدة على الأجل القصير.
ولفت السعيدي إلى أن قطاعا كبيرا من المضاربين يقومون عادة باستخدام التداول بالهامش الذي أطلقته البورصة القطرية، ويحصل المضارب على حد ائتماني يساوي 66 % من موجوداته في الحساب عند التداول بالهامش فمثلاً اذا كانت قيمة موجودات المستثمر (والتي تشمل النقد والأسهم في حساب الهامش) 100.000 ريال يمكنه إدخال أوامر شراء بقيمة 166.000 ريال ويحصل المستثمر على جميع التوزيعات النقدية والأسهم المجانية للأسهم في حساب الهامش. كذلك له جميع الحقوق الخاص بالأسهم مثل التصويت في الجمعيات العمومية والاكتتاب في أسهم الزيادة وبيع حقوق الاكتتاب.
وأضاف أن المضارب يعد مستثمرا، وليس كل مستثمر يعتبر مضاربا، مؤكدا أن الاستثمار في البورصة القطرية يعد من أفضل الاستثمارات في السوق المحلي من حيث جاذبيتها كقناة استثمارية مفضلة، خاصة أنها تتسم بسهولة التخارج والتسييل وبالمرونة والقدرة الدائمة على التصحيح والمناخ الجيد، كما أنها من الناحية الاستراتيجية للاستثمار تعتبر الأفضل من بين القنوات الاستثمارية الأخرى.
وأفاد السعيدي بأن المضاربة في السوق القطري تكون على الأسهم التي لديها تذبذب دوري وهي الأسهم غير الممسوكة من الملاك، وليس على الاسهم المستقرة (الممسوكة من الملاك) والتي يفضل المضارب الابتعاد عنها لكونها لا تتمتع بدرجة التذبذب الذي يرغب بها، ويتجه إلى أسهم بعينها، لتحقيق أقصى استفادة من التحرك السريع لهذه الأسهم التي تلائم طبيعة المضاربة.
copy short url   نسخ
15/02/2020
2841