+ A
A -
لقد نالت عمليات إكساب الطلاب مهارات التفكير العليا وإعمال العقل اهتماما كبيرا لدى التربويين والأكاديميين والمعنيين بتعليم وتعلم لغتنا العربية؛ وذلك بسبب التطور والتقدم الحضاري الكبير للإنسان في العصر الحديث الذي نعيشه، هذا العصر الذي نسميه مجازا بعصر «العولمة»، وهو عصر يُنْظَرُ إلى التفكير فيه على أنه الأداة الرئيسة التي يمكن للإنسان استخدامها لمواجهة تحديات الحياة ومشكلاتها الكثيرة والمتشعبة.
وكذلك اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية تجاه تحديات ومشكلات المستقبل، وهذا هو ما دفع القائمين على التخطيط للتعليم ومتابعته في مختلف أنحاء العالم للاهتمام بعمليات التفكير وتنمية مهاراته لدى جميع الطلبة في جميع المراحل الدراسية المختلفة.
ولا شك أننا أصبحنا بحاجة ماسة لنقل عمليتي تعليم وتعلم اللغة العربية من عالم التعلم السطحي المباشر إلى التعلم العميق من خلال التأكيد على أهمية توظيف الأنشطة العقلية وتطبيق الإستراتيجيات الحديثة مع المتعلمين أثناء تدريس مهارات اللغة العربية كافة.
ولا يخفى علينا الفرق بين التعلم السطحي المباشر الذي يعتمد على مستويات التفكير الدنيا ويفتقد إلى عمليات التأمل والنقد، والتعلم العميق الذي ينتج عن المعالجة الفعالة للمعلومات من خلال استهداف مستويات ومهارات التفكير العليا أثناء تدريس الطلاب دروس اللغة العربية والتي يعد الفهم العميق من أبرزها، وهو هدف رئيس يجب تحقيقه مع الطلبة، وعدم التركيز معهم على امتلاك المعرفة فقط.
وتعد استراتيجية «قبعات التفكير الست» من أروع وأهم الإستراتيجيات التي تركز على تعليم الطلاب مهارات التفكير العليا، ففي هذا الإستراتيجية يتم تفعيل ستة أنماط من التفكير لدى الطلبة في الدرس الواحد، يطلق عليها القبعات؛ بحيث ينتقل الطالب بتفكيره من نمط معين إلى نمط أخر حسب الموقف الذي يتعرض له، وهذه القبعات هي: القبعة البيضاء التي تعبر عن التفكير الحيادي، والتي يسعى الطلاب أثناء ارتدائها للبحث عن المعلومات والمفاهيم والمصطلحات الواردة بالدرس وعرضها بشكل سليم، بينما يسعى الطلاب الذين يرتدون القبعة الصفراء إلى البحث عن النقاط الإيجابية وأوجه القوة والتفاؤل الواردة بالدرس من خلال التزامهم بنمط التفكير الإيجابي، أما الطلاب الذين يرتدون القبعة الحمراء نجدهم يسعون جاهدين لاستخلاص المشاعر والأحاسيس الكامنة وراء النص وضمن سطوره ومعانيه، ويدللون على ذلك، بينما نجد الطلاب الذين يرتدون القبعة الخضراء يغوصون في أعماق الدرس بروح التفكير الإبداعي والابتكاري ويسعون إلى البحث عن معلومات جديدة وغير مألوفة للطلاب العاديين، ذات علاقة بالدرس وموضوع التعلم، أما الطلاب الذين يرتدون القبعة السوداء نجدهم يبحثون عن التحديات ونقاط التشاؤم والمشكلات الكامنة في مضمون الدرس من خلال نظرتهم السلبية التشاؤمية، مع اقتراحهم بعض الحلول لتلك التحديات والمشكلات، وأخيرا يأتي الطلاب الذين يرتدون القبعة الزرقاء ويظهرون ما لديهم من التفكير الشمولي، ويقومون بتلخيص الدرس كاملا في نقاط واضحة وصحيحة وبصورة متسلسلة وفق ما ورد بالدرس.
ولا شك أننا أصبحنا بحاجة ماسة للتفكير خارج الصندوق أثناء تعليم اللغة العربية للطلبة، وأصبح لزاما علينا تعزيز مهارات التفكير العليا لديهم من خلال التزام المعلمين بتطبيق برامج وإستراتيجية التفكير المختلفة، بعيدا عن النمطية والقولبة والمحاضرة التي لا جدوى من ورائها، فقد حان الوقت أن نفكر جميعا خارج الصندوق، ونعزز الجهود المضنية والجادة الرامية إلى تطوير وتعزيز مهارات وقدرات طلابنا اللغوية، حفظ الله لغتنا وبارك في أبنائنا وبناتنا.
معلم لغة عربية ومدرب دوليمحمود إبراهيم سعد
copy short url   نسخ
15/02/2020
1445