+ A
A -
فلسطين - الوطن - أمين بركة
يعيش الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي مأساة حقيقية، حيث تؤكد معطيات رسمية فلسطينية أن الواقع داخل سجون الاحتلال خلال العام الماضي يعد الأسوأ والأصعب بسبب تعرض الأسرى لسلسلة من الإجراءات التعسفية والانقضاض على حقوقهم الإنسانية والمعيشية. وبحسب تقرير لوزارة الأسرى والمحررين وصل الوطن نسخه عنه، فإن ما يقارب 5700 أسير فلسطيني يتوزعون على 23 سجنا ومعسكرا ومركز توقيف بينهم 220 طفلا، و42 أسيرة يعيشون ظروفا صعبة داخل سجون الاحتلال، ومحرومون من أبسط حقوقهم المشروعة التي نص عليها القانون الدولي، ويتعرضون لعقوبات فردية وجماعية واعتداءات وحرمان من الحقوق الأساسية في ظل نزعة انتقامية وتحريض سياسي ورسمي على المعتقلين من قبل المستوى السياسي في إسرائيل، ومن المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية.
ويؤكد التقرير أن السجون تشهد حالة من الغليان تنذر بالانفجار القريب، فالأوضاع داخلها آخذة منحى التصعيد والأيام القادمة ستكون حاسمة، وستكون هنالك قرارات صادرة عن الحركة الوطنية الأسيرة للمدافعة عن الحقوق والمكتسبات ومواجهة آلة القمع الإسرائيلية.
ويواصل أكثر 140 أسيرا بينهم قيادات، من عدة سجون إسرائيلية، الإضراب المفتوح عن الطعام، احتجاجا على استمرار سلطات الاحتلال تعنتها إزاء تنفيذ مطالب الأسرى، في مقدمتها إزالة أجهزة التشويش المسرطنة.
وزادت حدة التوتر داخل السجون وقام الأسرى بإغلاق معظم الأقسام تضامنا مع الأسرى المضربين لعدم التزام «إدارة السجون» بما تم الاتفاق عليه بعد خوض الأسرى معركة الكرامة 2 والتي انتصر فيها الأسرى بفرض شروط على إدارة السجون وتطبيق جملة من التفاهمات والتي تمثلت بـ: تفعيل الهاتف العمومي لمدة خمسة أيام أسبوعيا، وإزالة أجهزة التشويش، إضافة إلى إعادة المضربين الذين جرى نقلهم من سجن «رامون» إلى سجن «نفحة» وعددهم 23 أسيرا، ووقف حملات التفتيش.
ونبه التقرير إلى أن معركة «التصدي لأجهزة التشويش» بدأت فعليا منذ شهر فبراير 2019، إذ قررت سلطات الاحتلال نصبها لإفشال مساعي المعتقلين التواصل مع العالم الخارجي، عبر التشويش على اتصالات الهواتف المحمولة، في الوقت الذي تمنعهم من التواصل مع ذويهم وأطفالهم، وتحرمهم من زيارات عوائلهم، في أحيان كثير. وسرعان ما أعقب هذا القرار الإسرائيلي خطوات نضالية من الأسرى لمواجهتها، قابلتها سلطات السجون بعمليات قمع وحشية، وصفت بأنها الأعنف منذ سنوات، منها عملية القمع الكبيرة في معتقل «النقب الصحراوي»، في مارس، والتي أصيب فيها العشرات من الأسرى بإصابات بليغة، لا يزال البعض يعاني آثارها حتى اليوم.
أما بخصوص سياسة الإهمال الطبي، فقد تصاعدت بشكل رهيب حيث إن هناك الكثير من الأسرى مصابون بأمراض صعبة وخطيرة، وقد ازداد عدد الأسرى المرضى بسبب سياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال والتي تصاعدت حدتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث إن هناك أكثر من 750 أسيرا مريضا من بينهم 350 أسيرا وأسيرة يعانون من أمراض مزمنة منهم 30 مصابا بالسرطان، و12 مصابا بالشلل النصفي ويستخدمون الكراسي المتحركة، و17 حالة يعانون من بتر أحد الأطراف، و30 أسيرا يعانون من أمراض نفسية وعصبية، و27 يعانون من أمراض القلب، و22 يعانون من أمراض العيون، و15 كلى و87 إصابة بالرصاص الحي، و18 ديسك، و9 كبد، و5 سمع، و5 معدة، و6 سكري، وعدد كبير يعاني من أوجاع في الأسنان وبحاجة إلى علاج. وتمارس قوات الاحتلال جرائم طبية بحق الأسرى من خلال عدم تقديم العلاج لهم وإجراء الفحوصات والعمليات الجراحية، واستمرار زج الأسرى من ذوي الحالات الصعبة في مستشفى الرملة الذي هو أسوأ من السجن، واستمرار نقل الأسرى في سيارات البوسطة بدل الإسعاف، وعدم توفر أطباء مختصين خاصة للحالات المرضية المصابة بأمراض عصبية ونفسية، ونبهت الوزارة إلى أن 221 شهيدا سقطوا بسبب سياسة الإهمال الطبي.
نقل تعسفي واقتحامات
أما فيما يتعلق بالاقتحامات والنقل التعسفي، فإن هناك ما يقارب 180 عملية اقتحام ومداهمة لغرف وأقسام المعتقلين جرت من بداية عام 2019 على يد وحدات قمع خاصة مدججة بوسائل القمع تابعة لإدارة السجون، وما يصاحب ذلك من اعتداء على الأسرى وإذلالهم وتخريب ممتلكاتهم الشخصية والمواد الغذائية، وفرض عقوبات فردية وجماعية عليهم كالحرمان من الزيارات ومن الكنتين ومعاقبة الأسرى في زنازين انفرادية لمدة محدودة، وفرض الغرامات المالية.
وأصبحت عمليات الاقتحام سياسة روتينية وشبه يومية، وتجري في الأغلب في الليل والأسرى نائمين مما يسبب عدم الاستقرار في صفوفهم، كما أن عمليات الاقتحام والمداهمة للأسرى لم تعد لأسباب أمنية كما تدعي سلطات السجون وإنما بهدف الازعاج والإذلال والانتقام وجزء من السيطرة على الأسرى وإخضاعهم. ونوه التقرير إلى أن سياسة نقل الأسرى وتشتيتهم في السجون تصاعدت خلال بشكل كبير خاصة بعد الإعلان عن الخطوات النضالية التي أعلن عنها الأسرى مؤخرا لعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بعد معركة «الكرامة2»، وذلك بهدف عدم الاستقرار في صفوف الأسرى ولقمع أي تحركات احتجاجية للأسرى خلال المطالبة بحقوقهم وبشروط حياة لائقة والتي كان أهم هذه الشروط رفع أجهزة التشويش المسرطنة. وقال وزارة الأسرى إن إحدى الجرائم التي تواصل قوات الاحتلال ارتكابها تتمثل في احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين، حيث وصل عدد الشهداء المحتجزين 253 شهيدا وشهيدة ما زال الاحتلال الإسرائيلي تحتجز جثامينهم في مقابر مجهولة تعرف بمقابر الأرقام، وكان أخرهم احتجاز جثامين الشهداء بسام السايح من محافظة نابلس والأسير الشهيد فارس بارود من قطاع غزة، حيث استخدم الاحتلال ذلك ضمن العقوبات الجماعية على الشعب الفلسطيني كوسيلة عقاب لعوائل الشهداء.
معاناة الأسيرات
وفيما يتعلق بالأسيرات، فإنهن يتعرضن للعديد من الانتهاكات والخروقات في المعاملة، منذ اعتقالهن وإدخالهن لمراكز التوقيف والتحقيق، وخلال عملية النقل إلى السجون، وكذلك في إهمال أوضاعهن الصحية والمحاكمة وإصدار الأحكام العالية والغرامات الباهظة بحقهن، واحتجازهن بظروف صعبة، بصورة تخالف كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية والحقوق وبلغ عدد الأسيرات الفلسطينيات القابعات في معتقلات الاحتلال 42 أسيرة يقبعن في «سجن الدامون»، في قسم يحتوي على 13 غرفة، في كل غرفة توجد ما بين أربع إلى ثماني أسيرات.
كما تعاني الأسيرات بشكل عام من مماطلة بإجراء الفحوصات وتشخيص الأمراض، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور الوضع الصحي للأسيرات، وأخطرهن حالة الأسيرة المقدسية الجريحة إسراء جعابيص، كما تحرم الأسيرات من إدخال الكتب أو توفير غرفة لعمل مكتبة في السجن لمحاربة العملية التعليمية لهن، فضلا عن حرمان العديد منهن من زيارات الأهل والأبناء. وبينت الوزارة أن هناك أربع أسيرات معتقلات إداريا دونما تهمة واضحة توجه لهن وهن: الأسيرة آلاء البشير (23 عاما) من قلقيلية، والأسيرة شروق البدن (25 عاما) من بيت لحم، والأسيرة بشرى الطويل (26 عاما) من رام الله، بالإضافة إلى الأسيرة شذى حسن، وهن معتقلات تحت قانون الاعتقال الإداري ولا توجد تهم توجه إليهن، وهذا المبرر يستخدمه الاحتلال لاستمرار اعتقال أي فلسطيني.
copy short url   نسخ
25/01/2020
102