+ A
A -
كتب - محمد الربيع وأكرم الفرجابي
اختتمت مساء أمس فعاليات الدورة الثلاثين من معرض الدوحة الدولي للكتاب التي أقيمت تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وحملت شعار «أفلا تتفكرون»، وشارك فيها «335» دار نشر من «31» دولة عربية وأجنبية وذلك على مدى 10 أيام في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات.
وقال سعادة صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة في حواره المفتوح مع جمهور معرض الدوحة الدولي للكتاب في نسخته الثلاثين: إن الحضور الكبير اليوم في ختام معرض الدوحة الدولي للكتاب، هو تتويج لكل الجهود التي بذلت خلال الأيام الماضية، مؤكداً على أهمية المعرض ليس بالنسبة للكُتاب والمفكرين فحسب، وإنما بالنسبة للأجيال القادمة، الذين كان سعيداً برؤيتهم في أروقة المعرض هذا العام.
وأوضح سعادته أن رؤية الوزارة تنطلق من عبارة: «نحو مجتمع واعٍ بوجدان أصيل وجسم سليم»، الوعي بمعنى المعرفة والإدراك، والوجدان بمعنى الضمير القيم الأخلاق التصورات الكبرى في المجتمع الأحاسيس والمشاعر.
وقال: نركز في جميع المشاريع التي تنفذها وزارة الثقافة والرياضة على الأجيال الناشئة، مؤكداً أن الاستثمار دائماً في الجيل الناشئ العائد عليه أكبر بكثير، مشيراً إلى وجود فرق مشتركة بينهم وبين وزارة التعليم والتعليم العالي، التي تعتبر البيت الحاضن للمعرفة، خاصةً في فترة خطيرة جداً من عمر الإنسان هي فترة الطفولة، مبيناً أن النسخة الحالية للمعرض شهدت تبلور الفكرة بشكل أكبر وكانت نتيجتها واضحة أكثر.
ونوه سعادته بأنه درجت العادة على أن تكون المعارض نقاطا لبيع الكتب في بعض الدول بين الناشرين من ناشر إلى ناشر، وفي دول أخرى من ناشر إلى قارئ، نحن في قطر نحتاج إلى محطة تكون أكثر من نقطة بيع وشراء، منوهاً بأن العناوين في النسخة الحالية لمعرض الدوحة للكتاب ودور النشر والأجنحة والدول المشاركة كانت أكثر من كل سنة مضت. وأشار سعادته إلى وضع معايير معينة للمشاركة في المعرض فالأهمية تكمن في الكيف وليس الكم.
وأفاد سعادته بأن هذا المعرض فرصة لنا لكي نجدد علاقتنا بأشياء كثيرة تحت مظلة المعرفة، وإعادة الصلة بين الطفل والكتاب.
وحول شعار النسخة الحالية للمعرض «أفلا تتفكرون» قال سعادته: إن الشعار أدى المطلوب منه كونه أثار الانتباه، مشيراً إلى أننا في عالمنا نحتاج إلى الكثير من التفكر، وهذا المعرض الذي نحن بصدده الآن معرض دولي لا يتحدث عن قطر فحسب، وإنما يخاطب العالم أجمع، مؤكداً أن العالم أجمع بحاجة إلى مزيد من التفكر.
وفيما يخص ضيف الشرف والشراكة الثقافية مع فرنسا، قال سعادة وزير الثقافة والرياضة إنه ستكون هنالك أنشطة ثقافية كثيرة وبيننا وبينهم هذه السنة، ليس على مستوى معرض الكتاب فحسب وإنما على مستوى أنشطة وفعاليات أخرى، قائلاً: ركزنا في الاجتماعات المسبقة للمعرض، على سؤال ما هو أهم شيء يمكن أن نأخذه من التجربة الحضارية الفرنسية، ولا شك أن عصر النهضة هو العنصر الأبرز، حتى الروح التي جسدناها في منتصف المعرض تحاكي الحي اللاتيني الذي انطلق منه مفكرون وشعراء عصر النهضة في فرنسا، مؤكداً أن المعرفة والفكر إرث عالمي العرب والمسلمين كان لهم في يوم من الأيام الفضل الكبير في نقل المعرفة والفكر إلى العالم، اليوم نحن أيضاً نؤثر ونتأثر بما يدور حولنا في العالم وهذه كانت الرسالة بشكل عام بالنسبة للشراكة مع فرنسا.
وبسؤاله عن الخطط المستقبلية للوزارة، قائلاً: نحن كوزارة أكدنا من البداية أن الوزارة ليست وزارة فعاليات، وإنما نقوم ببعض الفعاليات العامة مثل معرض الكتاب، لكن الوزارة ليس دورها القيام بالفعاليات وإنما يكمن دورها في خلق البيئة الفكرية والحرية والقانونية التشريعية على أساس أن المجتمع هو من يقود الحركة الفكرية والأدبية ولذلك أول شيء قمنا به بناءً على مطالبات الشباب إعطاء رخص للناشرين لفتح دور النشر لا تخضع إلا لشروط القانون لا يوجد فيها تفضيل شخص على آخر والسوق هو الذي يحكم والمنافسة بينهم هي التي تحكم، مبيناً أنهم قاموا بإعطاء الترخيص لحوالي 13 دار نشر، والوزارة أصبحت لا تطبع إلا الكتب المتخصصة جداً، أو التي لابد أن تضع الوزارة يدها فيها لأهميتها التاريخية مثل ديوان الشاعر الكبير حمد بن محسن النعيمي، وكذلك ديوان الشاعر سعيد بن سالم البديد.
وأضاف سعادته: بجانب دور النشر لدينا القنوات الإذاعية الخاصة، التي يبلغ عددها اليوم فوق تسع إذاعات، موضحاً أنها رخص لإذاعات بلغات مختلفة ساهمت بشكل كبير خلال الفترة الماضية بإحاطة الناس الذين يعشون معنا في المجتمع، قائلاً: نسعد ونفخر بأن يعيش معنا في مجتمعنا حوالي 200 جنسية تقريباً وهذا مصدر قوة لنا في هذا المجتمع، مبيناً أن دورهم في المستقبل يتركز على تمكين أكثر للمجتمع، لافتاً إلى أن هناك عددا من المراكز الشبابية تحول اختيار الرؤساء فيها من التعيين إلى الانتخاب، وهذا الأمر سيطبق مستقبلاً على جميع المراكز ومن ضمنها المراكز الثقافية، معرباً عن أمله في أن يكون للجمعيات الثقافية دور فاعل.
إحصائيات
وقال حمد الزكيبا مدير إدارة الثقافة والفنون بوزارة الثقافة: هذا اللقاء الثاني لسعادة الوزير بعد اللقاء الأول في 2016 الذي كانت توجيهاته بعده واضحة بتشكيل لجنة لتحويل أهم المقترحات إلى مشاريع، أسفرت عن إطلاق 4 دور نشر خاصة وملتقى للكتاب والمؤلفين وعدد من المراكز الثقافية والفنية والشبابية.
وقدم حمد الزكيبا إحصائيات عن الدورة 30 لمعرض الدوحة للكتاب: متوسط عدد الزوار اليومي للمعرض 31994، والعدد الإجمالي التقريبي للزوار خلال المعرض 319937، وإجمالي الكتب المباعة 215840، وإجمالي عدد التواقيع وتدشين الكتب 534، وعدد الفعاليات التي أقيمت داخل الأجنحة 453، وتقديم 47 فعالية على المسرح الرئيسي للمعرض من ندوة ومحاضرة وأمسية فنية وشعرية، شارك في فعاليات المسرح الرئيسي 74 ضيفا ووصل إجمالي الحضور التقريبي للندوات والمحاضرات 3678، وحضر عروض مسرحية براعم 2700، وعدد الورش التدريبية 29 ورشة، وفاق حضورها نحو 95%، وعدد الفعاليات في «مدرسة قطر» 134، وعدد المدارس الزائرة 685 مدرسة، وعدد الورش في المدرسة 55، وعدد المدارس المشاركو في مسابقة «أفلا تتفكرون» 34 مدرسة و170 طالبا، وعدد فعاليات الصالون الثقافي 33 فعالية (23 توقيعا و11جلسة) ووصل الحضور 1163.
تفاعل مع الأسرة والمجتمع
وتحدث دكتور نزار شقرون وقال: لقد نجحنا في تخطي كل الدورات السابقة ولكن الأهم هو أننا نجحنا أن نجعل المعرض معرضا للأسرة وليس للنخبة فقط، ونجحنا في أن نجعل تفاعل المجتمع والأسرة أكبر من تفاعل النخبة، ونحن بهذا الأمر عالجنا التشخيص الذي شخصناه بعد بحث ودراسة للمجتمعات العربية ووجدنا أنها تعاني من فقر في تفاعل الأسر مع الفعل الثقافي. وهناك عنصر آخر فاعل وهو ما قمنا به من ترجمة عمارة المعرض لأفكارنا لتكون المعرفة هي المتعة والبهجة لنجعل الطفل مستمتعا بالعمارة المحيطة التي تعكس المعرفة في محاولة منا للوصول إلى الجمهور الذي يتلقى المعرفة ويشارك في صناعتها، فالمعرض يؤكد أن كل إنسان له الحق في أن يشارك في الحركة الثقافي، وأشار إلى أن الوزارة تفتح آفاقا لإنماء الثقافة حتى نتنفس معرفة.
وأشار دكتور نزار شقرون إلى أن معرض الكتاب يجمع الناشر والمبدع والجمهور للمشاركة في صنع أرضية مشتركة لإيجاد البيئة الملائمة للنهوض بالمشروع الثقافي الذي تريده الدولة وعلينا أن نستغل هذه الفرصة وأن الجواء مهيأة لأجل ذلك.
زمالة الدوحة للناشرين
من جانبه أوضح السيد إبراهيم عبد الرحيم البوهاشم السيد، مدير عام ملتقى الناشرين والموزعين القطريين، أن النسخة الثلاثين من معرض الكتاب أبرزت الجهود الكبيرة للدولة في المجال الثقافي وخاصة النشر حيث أصدرت إدارة المكتبات العامة أكثر من ألف رقم إيداع منذ عام 2016 وحتى الآن لمؤلفين قطريين وغير قطريين، مشيرا إلى أن ما وصلت إليه حركة النشر في قطر اليوم يؤكد نجاح دولة قطر في الاستثمار في الثقافة وصناعة الكتاب.
وأضاف أن وزارة الثقافة والرياضة قامت بدعم الناشرين والمؤلفين من خلال دعم دور النشر وكذلك دعم حضورهم في المعارض العربية والدولية، مشيرا إلى أن معرض الدوحة الدولي للكتاب الذي يعد أقدم معرض في منطقة الخليج، أصبح علامة فارقة من خلال الحضور القطري أولا وعدد دور النشر الرتي بلغت 9 دور نشر بالإضافة إلى العديد من المكتبات، فضلا عن أن المعرض شهد في هذه النسخة إطلاق برنامج «زمالة الدوحة للناشرين» وهو برنامج متخصص وفر فرصة لقاء الناشرين القطريين مع الناشرين العرب والأجانب، وتكوين علاقات مهنية بين الثقافات وتشكيل أساس معرفي وإطار استرشادي لسوق حقوق النشر بالإضافة إلى تعزيز مفهوم حقوق الملكية الفكرية وتوفير ملتقى لتبادل الخبرات في مجال صناعة النشر.
من جانبه، قال السيد بشار شارو المدير التنفيذي لدار جامعة حمد بن خليفة للنشر، أمين اتحاد الناسشيرن العرب، إن أهم ما ميز النشخة الثلاثين لمعرض الدوحة الدولي للكتاب هو ذلك الجمع بين الحضور الجماهيري في الفعاليات الثقافية والفنية المختلفة وفي ذات الوقت الحضور في أجنحة بيع الكتاب، وأضاف أن برنامج زمالة الدوحة للناشرين الذي تم إطلاقه خلال المعرض شارك فيه حوالي خمسين ناشرا من دول عربية وأجنبية بعضهم لم يشارك في الدوحة من قبل ولكن كان هناك انبهار نتيجة التنظيم والمحتوى الثقافي وكذلك المؤسسات الثقافية التي شهدوها في قطر خلال تواجدهم بالدوحة.
بدورها قالت مريم الحمادي مدير الملتقى القطري للمؤلفين إن ملتقى في 2016 كان فيه مقترحات من الكتاب والمهتمين تفاعل معها سعادة وزير الثقافة والرياضة بإبحابية كبيرة جدا، وكانت النتيجة إنشاء الملتقى القطري للمؤلفين وإطلاق أربع دور نشر.
وأبرزت الحمادي أن الملتقى القطري تلقى 100 طلب للعضوية وأن جناح الملتقى احتضن 109 تدشينات كتب جديدة و34 ندوة ومحاضرة من جهات متعددة و6 ورش 10 فعاليات منوعة، لتشجيع الكتاب المبتدئين، إضافة إلى توطيد العلاقة مع جهات ومؤسسات ثقافية خارجية.
وأكد نبيل مروة عضو الشبكة العربية للناشرين المستقلين أنه يزور معرض الدوحة للكتاب بعد 20 سنة، وأنه مندهش لهذه النقلة النوعية، حيث فتح المعرض هامشا كبيرا من الحرية للقارئ الذي أصبح يجد اختياراته الفكرية والأدبية والثقافية في المعرض.
copy short url   نسخ
19/01/2020
2181