+ A
A -
رجب أبو سرية كاتب فلسطيني
أن تذهب إسرائيل إلى انتخابات عامة ثالثة خلال أقل من عام، دون أن ينجح نظامها السياسي في تشكيل حكومة طبيعية ناجمة عن جولتين انتخابيتين سابقتين، ودون حتى أن يكون هناك ما يؤكد بأن الانتخابات الثالثة القادمة، التي ستجرى في الثاني من مارس 2020، ستكون حاسمة، أو أنها ستنجح فيما فشلت فيه الجولتان السابقتان، يعني بكل بساطة أن النظام السياسي الإسرائيلي بات نظاما مأزوما، وبشكل عميق وجدي للغاية.
وقبل الخوض في توقع ما يمكن أن تفضي إليه الجولة الانتخابية القادمة، لا بد من محاولة الوقوف أولا على السبب الذي فشلت معه الجولة السابقة في تشكيل حكومة بنتيجتها، رغم أن القوائم الانتخابية كانت قد ذهبت إليها وكل منها يرفع الشعار الخاص به، أي أنه يعرف ما سيفعله، بعد إجرائها، والأهم أنه يعرف سلفا بأنها لن تكون حاسمة، وستقترب بنتيجتها من سابقتها التي جرت في أبريل الماضي.
منذ البداية كانت الظروف مهيأة أو ضاغطة باتجاه تشكيل ما يسمى في إسرائيل بحكومة الوحدة الوطنية، أي حكومة مشكلة من الحزبين الكبيرين المتخاصمين أو اللذين تنافسا في الانتخابات وسبق أحدهما الآخر بفارق مقعد واحد، وكذلك تفوق بمعسكره الذي يقوده على المعسكر الآخر بفارق مقعدين، فيما كان «بيضة القبان بينهما» أي حزب إسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان، يؤكد ويطالب ليل نهار بتلك الحكومة، أي حكومة الوحدة، لأنه يرفض ببساطة تشكيل حكومة ضيقة لليمين تضم الحريديم، وحكومة ضيقة ليسار الوسط، مدعومة من القائمة العربية.
ورغم أن الرئيس الإسرائيلي رؤفين ريبلين، دفع الأمور وفي محاولة لكسب الوقت ومنذ بداية تكليفه الحزبين على التوالي بتشكيل الحكومة باتجاه هذا الخيار، بل وقدم مبادرته المعروفة، وهي أن يتولى رئاسة حكومة الحزبين زعيما القائمتين بالتناوب، إلا أن إسرائيل لم تنجح بعد مضي ثلاثة أشهر على إجراء الانتخابات السابقة في تشكيل تلك الحكومة.
لماذا لم تنجح؟ برأينا هذا هو السؤال المهم أو السؤال المدخل لمتابعة ما بعد حل الكنيست الثاني والعشرين لنفسه، دون أن يشكل الحكومة الناجمة عن انتخابه، وهنا لا بد من القول بأن الحزبين، أي حزب الليكود وحزب أزرق- أبيض، مارسا تكتيكا سياسيا بعد إعلان نتائج الانتخابات السابقة، استند على أنهما لن يشكلا حكومة الوحدة، لذا فقد كان تركيزهما على من يتحمل وزر إفشال تشكيلها أمام الجمهور، ومن ثم كان سلوكهما إزاء مهمة تشكيل الحكومة بمنزلة دعاية انتخابية متقدمة.
أولا اتبع بنيامين نتانياهو الذي يقود الليكود واليمين بشكل فردي، ناجم عن تولي الرجل رئاسة الحكومة بشكل متواصل منذ عشر سنوات مضت، سياسة تحصين أو تكتيل اليمين حوله، فهو سارع على الفور، لعقد اتفاق مع قوائم اليمين و«الحريديم»، المكون من أربع قوائم وهي الليكود، اتحاد أحزاب اليمين، شاس ويهدوت هتوراه، على أساس التوحد معا في مواجهة مهمة التكليف، والتعامل مع الخصم ككتلة واحدة، ومن ثم الإصرار على أن يكون نتانياهو بالتحديد هو المرشح عن هذا المعسكر أو هذه الكتلة لرئاسة الحكومة، وكذلك الإصرار على أن يتولى هو أولا رئاسة الحكومة في اتفاق التناوب.
{ عن صحيفة (الأيام الفلسطينية)
copy short url   نسخ
15/12/2019
99